أنا فتاة زوجني والدي وعمري 13سنة من شخص لا تربطني به علاقة قرابة بعد أن امتدحه كثيرون لكنني فوجئت بعد مرور شهرين من زواجنا أنه مدمن مخدرات يتعاطاها هو وأصدقائه في بيتنا وكثيرا ما تعرضت للخوف والهلع وهم يطرقون باب غرفتي كي أفتح الباب فكنت أموت من الرعب وأسهر طوال الليل في بكاء دائم. لم أتحمل هذا الوضع فأخبرت أهلي وحصلت على الطلاق منه دون أن أنجب منه ذرية.
وبعد سنة من طلاقي تقدم لخطبتي شخص آخر يقيم في مدينة بعيدة عن مدينة أهلي وبالفعل ذقت طعم السعادة معه حتى أنجبت طفلتي الأولى فأصبت بعد الانجاب بحالة اكتئاب شديدة لأنني بقيت في منزل زوجي الذي رفض أن أذهب لأقيم فترة النفاس مع أهلي. هذا الاكتئاب أفقدني القدرة على التركيز وأصبحت أسمع أصوات مزعجة ولم أعد أدرك أن من أمامي هو زوجي أو غيره. وحتى ابنتي لم أهتم بها لعدم شعوري بها وهي تبكي. كما أنني لم أعد أدرك أن زوجي يتحدث معي وهو يظن أن ذلك عدم مبالاة مني بأوامره مما جعله يتغير في معاملته معي وتسلل الشك إلى نفسه بأنني أحب أحدا غيره وأنني أكرهه فأخذ يضربني ضربا مبرحا ومع ذلك صبرت وتحملت ولكن الحالة ظلت تلازمني إلى أن أنجبت طفلي الثاني. إستمر زوجي في الضرب المبرح الذي لا يتحمله إنسان وبعد فطامي لإبني طردني من المنزل وسفرني إلى أهلي وحيدة مكسورة الخاطر. وهاأنذا الآن أعيش في عذاب بين بعد أولادي عني وقسوة أهلي. والآن وبعد مرور سنتين من بقائي في منزل أهلي أفكر جديا في الانتحار للتخلص من معاناتي ولكنني قررت أخذ مشورتك قبل الإقدام على هذه الخطوة. أرجوك ثم أرجوك أن تساعدني فأنا يقتلني الإكتئاب وسواد الليالي والأيام.
الرد:
بداية لا أدري ما هي مبررات تزويج والدك لك وأنت في سن صغيرة لم تكتمل خبرتك في الحياة بعد. ومع ذلك يقع اللوم على والدك الذي تسرع في تزويجك وأنت في هذه السن المبكرة رغم أن الزواج مسؤولية ويحتاج إلى نضج الطرفين. ثم ليته تأكد من أخلاق وسلوكيات زوجك الأول ولكنها غطرسة بعض الآباء للأسف والذين ينقصهم الوعي والإدراك لمعنى الزواج ومسؤولياته فيتخذون قرارات مصيرية بحق بناتهم فتكون النتيجة مأساوية وهذا ما حصل معك بالفعل في زواجك الأول.
وبالنسبة لزواجك الثاني فإنه كان ضرورة وشعرت فيه بالحب مع زوجك
الذي بادلك نفس المشاعر إلى أن أصبت بحالة الإكتئاب بعد الولادة. وهذه للأسف قضية لا يدركها بعض الأزواج، حيث تبين أن 2% من الأمهات يصبن بحالة
اكتئاب مزمنة بعد الولادة ويتصرفن بطريقة لا شعورية إزاء المولود ومن يحيط بهن. وربما أن الخطأ الذي ارتكبه زوجك بسبب نقص خبرته أنه رفض أن تقضين مدة النفاس عند والدتك وأبقاك وحيدة في بيته. فالأم بعد الولادة تحتاج في الغالب إلى من يرعاها ويقوم على شؤونها ويشعرها بالأمان. لذلك ربما شعرت بحكم أنها الولادة الأولى وبعيدا عن والدتك بخوف شديد أثناء غياب زوجك عن المنزل. وفي مثل هذه الحالة تكثر الوساوس والتخيلات التي تؤدي إلى مخاوف كثيرة يمكن أن تقود بدورها إلى الإصابة بحالة الإكتئاب.
كان ينبغي على زوجك أن لا يستمع للأصوات الناعقة من غير علم والتي قدمت له تفسيرات غير علمية وغير منطقية من أنك لست مريضة وإنما تتظاهرين بالمرض للتخلص منه لأنك ربما تحبين أحدا غيره أو لأنك تكرهينه.
ما تعانين منه هي حالة إكتئاب شديدة تتعرض لها بعض الأمهات بعد الولادة تسمى " اكتئاب ما بعد الولادة " وكان ينبغي أن تذهبي إلى طبيب نفساني يساعدك على تجاوزها بالأدوية العلاجية إضافة إلى الإرشاد والتوجيه النفسي ولكن لا أعلم السبب في عدم مراجعة مثل هذا الطبيب.
نعم الوضع الذي أنت فيه صعب الإحتمال بين فقدان الزوج والأبناء من جهة وبين معاملة أهلك القاسية من جهة أخرى. فالكل لم يدرك بعد أنك مريضة نفسيا في الأساس وأنه ينبغي الوقوف إلى جانبك في هذه الحالة ومساعدتك في العلاج بدلا من معاقبتك ولكنه الجهل يا أختاه من الجميع.
أرجوك ثم أرجوك يا أختاه أن تطرحي فكرة الإنتحار جانبا ... فأنت إنسانه مؤمنة ... والمؤمن مطالب بأن يؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره. واعلمي أن المؤمن مبتلى وفي حالة من الكبد في هذه الدنيا ولكنه مأجور على صبره وتحمله. ثم عليك بالدعاء في الثلث الأخير من الليل بأن يخرجك الله مما أنت فيه، فلا خاب من توكل على الله ورفع يديه تضرعا إليه.
لابد أن تعلمي أن قضيتك ذات أولويات، والخطوة الأولى بعد التوجه إلى الله أن تعالجي نفسك لدى طبيب نفسي. إذ لابد من التخلص من حالة الإكتئاب التي إن ظلت باقية فسوف تفسد عليك علاقاتك بمن حولك الذين لا يدركون خطورة هذه الحالة بسبب جهلهم. وعندما تتحسن حالتك النفسية فبالإمكان أن يتدخل المعالج النفسي أو أي شخص عاقل من أهلك للتفاهم مع زوجك بخصوص عودتك إليه ولم الشمل مع طفلتك وطفلك من جديد.
أسأل الله لك الشفاء العاجل وأن يخرجك مما أنت فيه إنه على كل شيء قدير.