وموضوعي اليوم يتعلق بأساس مهم وركيزة عظمى من ركائز المجتمع المسلم ؛ وحتى ننتفع بالوقت ونحاول أن نلم بأطراف هذا الموضوع الذي يتشعّب في الحقيقة إلى موضوعات كثيرة جدير بكل منها أن يفرد بحديث مستقل.
ما امر واقسى ان يشعرالمرء فجأة بانه يعيش على سطح كوكب غريب تجتاحه رياح سموم تعبث بمقتنياته، وتعبث فيها فسادا وتنثر في اجوائه غبار اللا معقول الخارج على المألوف المتوارث.
حقا لقد اصبحنا نحس باننا نعيش في زمن لا مكان فيه لذوي المبادىءوالقيم الرفيعة، والمواصفات الحسنة، لقد اكتسح الاستبداد والجبروت الكثير من النفوس المريضة، فبات النزيه مضطهدا، يرجم بوابل من الافتراءات الباطلة والاكاذيب الملفقة،وبالعمل على وضع العراقيل والصعوبات امام مساعيه والحد من نجاحاته.
تبا لهذاالزمن الذي اصبح مشجبا لاخطائنا ومبررا منطقيا او غير منطقي لمساوىء عصرنا.. ولكينواري خلفه عيوبنا ونتجرد شيئا فشيئا من انسانيتنا التي هي بمثابة الوشم المشرق علىجبين ايامنا، والخيط الشفاف بين آدميتنا والتحرر منها.
وليس من الامورالمعقولة والمقبولة ان نسقط في درك الانحطاط ونبني الكثير من احلامنا المنهزمة علىانقاض سعادة الاخرين الشرفاء.
ولا بد ان نقتل بداخلنا اشباح الجشع والانانيةوالتسلق والوصولية، وان نترفع عن اجترار السفاسف والاصطياد في الماءالعكر.
فمن سمة الشرفاء عدم الانتهازية، وعدم التسلل كالسوس الذي ينخر عظامالاشياء.. فالمنافسة شيء رائع، وشرف المنافسة ان تتم تحت شمس الواقع بأساليب ساميةوليس في غياهب الظلام.. وجميل ان يتوالد حب التنافس بين طرف واخر، ولكن يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار بان ذلك ليس من اجل الهدم او تهميش الغير، بل من اجل اثبات الذات والتألق والتميز بين الاخرين.
فالذهب لن يتغير لونه ابدا، ويظل ذهبا في كل زمان ومكان. وكذلك الماس يبقى ماسا لامعا لا يطفأ بريقه حتى وان دفن في التراب، اووضع بين الاحجار، والقافلة تسير طالما هناك شرف الكلمة، وسمو الاخلاق، ونقاءالضمير، وشرعية الاحلام.. فجمالية الاشجار انها تموت واقفة، يتوج جبينها الفخروالكبرياء، ويسري في عروقها الشموخ والاعتداد، حتى وان اجتثتها يد المؤامرة واطاحتبها رياح الغدر وألقت بها بين جمر نيران الحقد والحسد وكما يقول الشاعر:
كن كالنخيل عن الاحقاد مرتفعا
ترمى بصخر فتعطي اطيب الثمر