(1)
هُدى
طِفْـلٌ أنا يُريدُ أنْ يكْبرَ بِكْ ؛ وَ يسمعَ دَسَاتِيرَ الحَيَاةِ مِنْ بينِ طَيِ صَوْتكِ الحَنونْ ،
فقد تخطتني التجاربُ و مَا تركتْ خلفها خِبْرَةً تُجدي مع حزنٍ أكبر ، أحتاجُكِ بالقرْبِ مِنْ حُزْنِي _ الهالكِ بوعودِ الرَّواء _حتى تَأخُذِيْنَ بِهِ إلَى نهارٍ قريبٍ يعُبّ منه ماءِ النـَّورْ .
أفتقدُ النَّهارْ .. عتمةٌ تكتنفُ أضوائي المشردةَ بَيْنَ ثُقُوبِ ذاتي السقيمة بي ..!
و لا سواكِ مبعثاً للنورِ أهتدي بهِ حينَ أنوي لثماري _ العالقة فوقَ أسوارِ قيدي _ بعضَ النضوج ، تحتاج جذوري لحضوركِ الماطر بالضوءِ و الندى .. و لا تسرفي بالظنِّ أنَّ جذري يغطيهِ الترابُ .. فليست تلكَ سوى أغشيةَ السوادِّ الرديئة .
نالَ مني الضياعُ غايته، و تسابقت إليّ أظفارُ الفجيعة ؛ و ما اعتدتُ يا حبيبتي بعدَ كلِّ هذا الحزنُ أنْ أبوحَ بأسرارِ دمي _ الثاكلِ بفقدِ الحنانْ _ ..
إنما اشتقتُ الهدى .. و نُعْمَى الأمَانْ ! و لديكِ كلاها ..
أترَى هيَ من تصاريفِ القدرِ التي تستحضِرُ التسْبيْحَ أنْ كانَ اسمكِ : هُــدَى ؟
[line]
(2)
إلى هُدى .. مرةً أشقى ... !
هذا الشتاءُ أرْعنُ التفكيرِ .. لا يكتفي بوخزاتِ بردِه القارص ، فيفيض بالذكرى دفقةً واحدة في صدري فلا أتنفسُ إلاكِ
.. و أنتِ شحيحةُ العطرِ ، شذاكِ البخيلُ لا يـُشبعُ جُوع َ الشَّهيقْ !
[line]
أفتقدُ النهارَ
لا أفتقده
أفتقده
لا ..
و أسْتمرُّ فِي لُعْبةِ الضَوْءِ و الظَّلامِ حَتى تَئنّ مَفاصِلِي مِنْ طَرْقِ لَيلِ انتظارِكْ .
فمَتى تأتيْنَ بِكُلِّ حَنانِ هَذا العَالَمُ ، و بِكُلِّ دَهْشَتِه ؛ و تَقُوْلِيْنَ : غَفَرْتُ لَك !
أعْرِفُ أنَّ جَرْحَ الْوَرْدَةِ لا يَكفيْهِ اعْتِذارٌ بحَجمِ الأرضِ و بوفْرَةِ رَمْلِها المجدولِ تْحتَ كَتْفِ اخضرارِها و غاباتِها .. لكنّي أحبكِ .. أحبكِ .. و أشْعُرُ فيْ داخِلي بِمعْجِزَةِ العَواطِفِ و نبوّاتِ الشُعُورْ ! ِهَذا الْحُبُّ أزْجيِه في سَلامِيْ لكِ عنْدَما ألامسُ صوتَكِ الحنونْ ، فاقطفي منهُ حبّاتَ اعتذاري .. و قوليها مرّةً أخرى : غَفَرْتُ لَك !
[line]
هامش : كُتِبَتْ هذه الرسائل ليلةَ بردٍ من الشتاء الفائت ..
.... وميض في العتمة