التخطيط للتعليم والاقتصاد.. وجهان لعملة واحدة
د. محمد عثمان الثبيتي
يرتبط التخطيط بالاقتصاد ارتباطاً وثيقاً خاصة في ظل الظروف الجديدة التي اتجه فيها الاقتصاد العالمي إلى مرحلة تحرير التجارة الدولية من القيود والاشتراطات التي تعمل على إيجاد عالم بلا حدود، أو إلى العولمة الاقتصادية. ويأتي التخطيط للتعليم أحد أبرز الجوانب التي يجب أخذها في الاعتبار على أساس أن التعليم موجه لكافة شرائح المجتمع، وهو السبيل الأمثل لإعداد القوى البشرية المؤهلة لتنفيذ السياسات والخطط التي ترسمها الحكومات بكل اقتدار متسلحة بالمهارات اللازمة للتطبيق المتوائم مع متطلبات العصر، ولقوة الإمكانيات الاقتصادية التي تلعب دوراً مهماً في النظام التعليمي من حيث إيجاد فرص عمل للمتعلمين، وتحسين نوعيته، فمتى ما وجهت هذه الإمكانيات التوجيه السليم فإنها ستعود بالمنفعة والفائدة على المجتمع. وأثبتت الدراسات عمق العلاقة بين التعليم والاقتصاد، إذ يقوم كل منهما بمهامه المناطة به في إطار عملية تكاملية متميزة، فالاقتصاد يدعم التعليم مادياً، والتعليم يدعم الاقتصاد بالقوة البشرية المؤهلة تأهيلاً علمياً للقيام، وبناءً على هذه العلاقة التبادلية فقد تحول التعليم من تحقيق حاجات الفرد ومطالبه الشخصية، إلي حاجات المجتمع ومطالبه المختلفة. لذا يمكن تحديد أبرز العوامل التي أدت إلي تنمية دور التعليم في المجال الاقتصادي في ازدياد مطالب النمو الاقتصادي، ورغبة الدول النامية والمتقدمة في إحداث مزيد من التنمية الثقافية والاجتماعية، وإيجاد معادلة تربط بين حاجة النمو الاقتصادي إلي الأعداد الكافية من الأفراد المؤهلين وبين النمو التعليمي من ناحية، وبين المهارات والمعارف اللازمة لمجالات التنمية المختلفة، وبين مستويات التعليم وأنواعه من ناحية أخرى؛ مما يؤكد أهمية ربط السياسة التعليمية بحاجات السوق الاقتصادية، الأمر الذي يتطلب ضرورة تغيير محتوى التعليم بحيث يتلاءم مع متطلبات العصر، ويحقق الاستفادة الكاملة من الطاقات والقدرات التي يمتلكها الأفراد. إلا أن هناك تحديات تواجه الأنظمة التعليمية في علاقتها بالواقع الاقتصادي تتمثل في ضعف تطابق مخرجاتها مع متطلبات سوق العمل، وافتقارها للمرونة للتكيّف مع احتياجاته المتغيّرة، ونمطية التعليم الثانوي، وعدم اهتمامه بالبرامج التقنية والتطبيقية؛ نظراً لعدم قيام خططها المنفذة على أسس علمية مرتكزة على التخطيط التربوي محوراً للتخطيط الشامل؛ مما انعكس سلباً على عدم إحداث أثر عملي للتعليم في تحسين النمو الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل في ظل إيماننا بوجود العولمة على أرض الواقع كمؤثر يضاف إلى جملة المؤثرات على مستقبل العالم، وعدم قدرة الدول على مقاطعتها، والسير في تيارات مضادة لها، لتفادي آثارها. ولمواجهة العولمة وجب على المخططين للتعليم إعادة صياغة مفهومه، وتنظيمه لتحقيق الاستغلال السليم للموارد المتاحة، وإيجاد موارد جديدة، وتحسين خدماته المرتبطة به وتنويعها لشحذ همم العاملين فيه، وتنمية روح النقد الهادف، وإكسابهم القدرة على الإبداع والابتكار. وهذا يعني أن العولمة التي يشهدها المجتمع الدولي تخلق تحديات جسيمة أمام الدول العربية في عملية التكيف مع المتغيرات الهيكلية، أو في تحقيق القدرة التنافسية العالمية، أو في إمكانية التفاعل مع المتغيرات الجديدة؛ بشرط ألاّ تخل هذه المتطلبات بثوابت المجتمع المرتكز عليها؛ لأن العولمة ستخلق شكوكاً للأجيال القادمة، نظراً لعدم استجابة النظام التعليمي لسرعة التغيرات من أجل توجيه الموارد البشرية نحو الفرص المستحدثة، وعدم توافر رأس المال البشري المتمكن من المهارات والاتجاهات التي يتطلبها سوق العمل، من أجل التحول إلى مجتمع مستقبلي يؤمن بأن التعليم عملية مستمرة في عالم متغيّر. لذا قامت مراكز البحوث في العالم باستشراف المستقبل للبحث عن بدائل تؤدى إلى استثمار الوقت وتوظيف قدرات الطاقات البشرية، والاستخدام الأمثل للموارد المادية منها: ضرورة وجود آلية محددة وواضحة لتفعيل العلاقة المتنامية بين التعليم والاقتصاد بصفتهما وجهين لعملة واحدة، والنظر بموضوعية إلى محتوى التعليم بصورة مستمرة وتطويره لمواكبة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتلاحقة، والتأكيد على دور التعليم المؤثر في تنمية الوعي الاقتصادي، والمحاولة الجادة لتغيير النظرة الدونية لمزاولة بعض الأعمال الحرفية والمهنية لحاجة المجتمع الملحة لها، والتركيز على تدريب وتأهيل الموارد البشرية من الناحية النوعية، وفق مفاهيم ووسائل حديثة ترتكز على الأساليب التقنية، وتفعيل دور التعليم الخاص للقيام بدوره المناط به مشاركة مع التعليم الحكومي، ورسم استراتيجية لتنمية الموارد البشرية يتم من خلالها تحقيق التوافق بين سياسات وخطط التعليم والتدريب من جهة، ومتطلبات سوق العمل من جهة أخرى، والاتجاه نحو اللامركزية في تفويض المسؤوليات الإدارية بهدف تقليل التكاليف التعليمية، والتعامل مع العولمة على أنها أمر واقع ومحاولتنا الجادة صبغها بطابعنا العربي الإسلامي لا السير وفق إطارها الغربي عند رسم السياسات التعليمية لمسايرة متطلباتها وتحدياتها.
ط§ظ„طھط®ط·ظٹط· ظ„ظ„طھط¹ظ„ظٹظ… ظˆط§ظ„ط§ظ‚طھطµط§ط¯.. ظˆط¬ظ‡ط§ظ† ظ„ط¹ظ…ظ„ط© ظˆط§ط****ط¯ط© | ط¬ط±ظٹط¯ط© ط§ظ„ظ…ط¯ظٹظ†ط©