أذهاننا تنشغل بأحوالنا وفقط ,وبالساعات الفارغه كيف نقضيها بأمتع الطرق
قد يُشغل الفكر لكن غالباً يكون في معية "الأنا".. قد تتسع هذه المملكة"أنا" لتضم من نحب ونعرف, ولكن مخيلتها محدوده ,وأفقها لا يتسع لغير نمط حياتنا..فيتبادر الى اذهاننا دائما من يعيش كما نحن ,و من هم أفضل..
وربما نواسي انفسنا بذكر من هم أقل.. ولكن لن يتعدى ذكرهم شعور"التعزيه" لأوقاتنا العصيبه..
وليتها عصيبة بالفعل.. بل قد تسمى لحظة أمل في أعين بشر يتقاسمون معنا الارض ولكن في بقعةٍ يابسه ..
\
/
/
المكان:
..كافتيريا الجامعه..
قررنا اليوم ان نحتفل بغياب د. زكيه الذي يحدث ولاول مره في تاريخ مجموعتنا
لقد كانت د. زكيه شبح الجامعه الذي لا يتركها ..
أنا وأربع من صديقاتي أمام شباك يقف خلفه وجه يتأمل في ملامح وجهونا أو ربما ينصت لـ ثرثرتنا
كل صوت يقول انا المضيفه اليوم..
وبعد مداولات وافقن جميعا ان أكون مضيفة الحفل..
....:"هيا اخترن ماتشتهين..فأنا كريمه وانتم تستحقون"
أُجبر فلانه ان تطلب أكثر
وأطلب من الأخرى ان تنسى ريجيمها اليوم ..فنحن نحتفل
ألتفت إلى الشباك لأملي طلباتنا.. تقف خلفه عجوز تقارب الستين سارحة الفكر وعينيها توقفت في جهة واحده..جهتنا
قلت في نفسي..ربما ذكرناها بأيام الصبا هذا عادةً مايفعلنه الكبيرات في السن..واخذتها الحسرة على الماضي
وكعادتي في مواقف حرجه كهذه..أفتعل الإبتسامه واقطع حبل افكار الآخر بلطافه..
.....:"مرحبا..نحن هنا.."
****: نعم يابناتي
.......:هداك الله ياخاله أين ذهبتي
****: الله يازمن الآن أصبحن البنات الصغيرات يدعون لامرأه بعمر امهاتهن بالهدايه..
لم أقف عند جملتها واكتفيت بابتسامه..
.......:نريد هذا وهذا وهذا..
انتهى الحدث ولم تنتهي الصدف التي جمعتني بالخاله..
.
.
المكان:
..مكتب الشؤون الإجتماعية..
ذهبت لأجدد إشتراك خزانتي..
"للمكتب وظائف عده..إيجار للأدراج"الخزانات الخاصه".. وتسجيل حضور الموظفات.وإعانات إجتماعيه وأشياء أخرى.."
نسمع بالأخيره فقط ونشكك في مصداقيتها كأي جمعية أخرى..
وجدت الخاله العجوز تقف هناك أمام مسؤولة الحضور
وتعتذر عن غياب يومين وتأخير يوم ثالث..وتطلب مساعده ماليه
******:أنت تعرفين يا أبنتي..أني المعيل الوحيد للبيت.. لقد ولدت أبنتي قبل يومين, و زوجها لا يُعتمد عليه , تركها عندي ولم يسأل
وابني الكبير"عوض" لم أره منذ اسبوع إلا بالأمس دخل علينا يبحث عن نقود.. وافرغ شحنة غضبه في الأبواب وخرج..الله يرزقك الجنه اريد مساعده ..إلخ..
تسمرت جوارحي .. ولم تستطع أذني ان تسمع المزيد
أي صبا وأي أيام تذكرتها في وجوهنا ذلك اليوم
نعم مخيلتي لم تتعدى حدود الأنا.. حتى احكمت تلك الأنا تحليلاتها بمنطوق تفكيرها
وبمنطقة أرضها اللينه بكل ماحبت الدنيا من وسائل الرفاهيه
كاني بها تبكي دنيا فيها من لا يرضى الا بشئ كبير ليحتفل لشئ تافه
وفيها من يرضى بأي شئ تافه ليحتفل لشئ كبير ..
تناقض لا يراه إلا من عاش في البقعة اليابسه من الأرض
تافه وكبير كلمتين تختلفان في المعنى في كلٍ من البقعتين
فقد يكون بل أجزم ان التافه في عالمنا كبير في عالم ام عوض
كأني بها تبكي دنيا فيها الإرداه تُطبّق الحرمان لتجيع جسد
و فيها الحرمان يمارس جبروته على الإرداه ليجيع أيضا جسد
الجوع واحد لكن الإراده والحرمان تختلف سيطرة كلٍ منهما على الأخرى بأختلاف البقعتين
كأني بها تتحسر على دنيا فيها من أخذ القسمه الأكبر ولا يزال يطمع بالكثير
وفيها من أخذ الأقل ويأمل في أن يحافظ على ذاك القليل..
قليل وكثير كميات يختلف مدلولها بحسب نوع البقعة التي نسكنها
..
انتهى الحدث ولم تنتهي الصدف التي جمعتني بالخاله أم عوض..
.
.
المكان:
..الحياة ..
أم عوض صورة تتكرر في أغلبية شبابيك الحياة:الإشارات , الأسواق, المساجد, وأيضا بيوت تعف فيها أنفس عن السؤال
قد تختلف الصور في السن واللون لكن
الوجع واحد
والبقعة واحده..
بقعة يابسه في جزء من الأرض..
.
.
لاأدري
أهذا البوح هو محاولة فلتره لروح انسانه
أم فقط
محاوله بائسه من نوع أضعف الإيمان
.
.
هداني الله ياأم عوض
.
.
أجمل المُنى