عمتي .. عمتي ..
يقتحم صوتها الطفولي أذني .. فألتفت إليها باسمة ..
تبدأ بسرد حكاياتها دون مقدمات .. تحكي بكل حماس وبراءة الدنيا .. عن حفلة حضرتها ..
وتعطيني أفكارا لحفلة نعدها ..
جسدها .. وملامح وجهها كلها تتحدث ..
انحني نحوها .. أسند ذقني على كفيّ .. وأتأملها ..
تضحك .. تشير بكلتا يديها .. تصفق .. تقفز ..
أغوص في عينيها .. أبحر في عالم من الأحلام ..
ياااااااااااه .. ما أحلى الطفولة ..
ليتني لم أزل طفلة .. لا أعرف من المشاعر إلا أنقاها و أجملها ..
أسرتي هم عالمي .. وأحضان أبي و أمي هي مملكتي ..
أقفز هنا وهناك .. أحلق عاليا مع أسراب الحمام ..
ألامس قوس المطر .. أجمع من ألوانه بكفيّ الصغيرتين .. وأنثرها في عالمي ..
فتتلون بألوان الفرح .. تدب الحياة .. وتنمو الأزهار على جانبي الطريق ..
أعدو بينها باسطة ذراعيّ .. فتلامسا الورود .. فتتفتح .. وتنشر عبقها ..
أقفز لأتعلق بخيوط الشمس .. أصنع منها أرجوحة .. أتأرجح بها في قلب الضياء ..
أعلو بها لألامس السحاب .. وألثم خد الأفق ..
ثم أهبط حتى ألامس الأرض بقدمي .. فتخضر ..
أعدو فوق الخضرة .. أنشر الفرح في عالمي .. أتعثر .. أسقط .. أتألم و أبكي ..
تتهافت الأيدي لتلتقطني من سقطتي .. وتنفض الغبار عن ملابسي ..
أبحث بين كل الممالك عن مملكتي .. فأراها تقترب مني بلهفة .. أمي حبيبتي ..
تحتضنني فأنسى البكاء .. تقبل خدي فأنسى الألم .. وأضحك ..
أنتقل إلى حضن أبي .. أغوص فيه .. مع قبلته .. أشعر بأمان الدنيا .. فيداعب النوم جفوني .. و .....
عمتي .. عمتي ..
كف صغيرة تربت على خدي .. توقظني من خيالاتي ..
.. طيب ؟؟
أجيبها : طيب ..
تعقد حاجبيها .. وبغضب طفولي لذيذ : أصلا سمعتيني ؟؟
أومئ برأسي بتردد أن : نعم ..
فتضحك بفرح .. وتهم بالذهاب ..
أمسك بها .. وأجذبها إلى حضني .. أطبع قبلة على خدها .. فتميل رأسها وهي تضحك ..
تسحب نفسها من بين ذراعيّ .. وتجري لتكمل لعبها ..
أراقبها تبتعد .. بينما أعود إلى واقعي .. عالم الكبار ..
وهذه حكاية أخرى ..
.
.
.
وجـه القمر