بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إحدى عادات المجتمع السائدة وأهم أسباب نقل العدوى
قبلات «السمو» و»الوجنتين» عند السلام خطر محتدم تقدم لممارسيها الأمراض على طبق من ذهب!
تحقيـق- منيـرة السليـمان
العناق والقبلات..على اختلاف أنواعها وتعدد أشكالها واحدة من عادات المجتمع الدارجة بين الأقارب والأصدقاء والزملاء ذكوراً وإناثاً، ارتبطت في أعيادهم ومناسباتهم العامة والخاصة، بهدف التعبير عن الوئام والود والتقدير والاحترام المتبادل بحميمية بين البادئ بالسلام والطرف الآخر المتلقي له.
أمراض معدية
وما زالت ممارسة تلك الظاهرة قائمة حتى الوقت الراهن في أوساط مجتمعنا، بالرغم من أن الكثير يرفضها ويفضل الاكتفاء بالمصافحة، خشية أن يصاب بالفيروسات وأن تنتقل إليه بعض الأمراض المعدية، إلى جانب عدم اقتناع آخرين في قرارة أنفسهم بها جملةً وتفصيلاً، واضطرارهم إلى ممارستها من باب المجاملة.
ورصدت (الرياض) وجهات نظر متباينة ما بين مؤيد بقوة، ورافض بشدة، وثالثة تفضل الوسطية وممارستها في أوقات والاكتفاء بالمصافحة في أخرى.
في البداية، قال د.سلطان بن عبد الرحمن الدهام – استشاري "مكروب ولجي" في مستشفي قوى الأمن-، بالرغم من أن تبادل العناق والقبلات الخاصة بين الأصدقاء والأقارب تعبر عن حجم التآلف والوئام بين الجميع، إلا أنه يجب التعامل معها بحذر، مرجعاً ذلك إلى خطورتها الشديدة في نقل عدوى بعض أمراض الجلدية، والجهاز التنفسي (بكتيريا, وفيروسات) من شخص لآخر، خصوصاً مع قرب دخول موسم الشتاء.
وفي الوقت الذي تفرض فيه بعض الدول غرامات مالية على من يقوم بتقبيل الأطفال وخصوصاً حديثي الولادة لسرعة استجابتهم للعدوى، أكد د.الدهام على أنه لا يمانع من تقبيل الطفل، شريطةً أن تكون تلك القبلات بحذر ومع الجبين.
"أتكيت" السلام
ويرجع أسباب ممارسة هذه العادة إلى أن مجتمعنا يزخر بعاطفة قوية، ومرتبط بعادات وتقاليد لا يمكن أن يتخلص منها مهما كانت المحاولات، مبيناً أنه درج على استخدمها من مبدأ (أتيكيت) عدم الإساءة والإحراج لمن يبادرنه بالسلام والتقبيل أثناء الالتقاء بالأهل والأصدقاء"، وأنه يستحسن الاكتفاء بمصافحة الغرباء دون عناق أو تقبيل للتعبير عن المشاعر.
وأكد على ضرورة احتواء الأبناء وضمهم وتقبيلهم من الجبين، مشيراً إلى أن ذلك يضفي المودة والألفة بين الأسرة الواحدة.
ويوافقه الرأي، الدكتور عبدالله الحقيل -استشاري الأمراض المعدية في مستشفى الملك فيصل التخصصي-، مؤكداً مساهمة القبل والعناق في العدوى ونقل الأمراض من شخص لآخر، موضحاً أن تقبيل الوجنات والخدود تلعب دوراً في نقل أمراض الجهاز التنفسي كالأنفلونزا بجميع أنواعها، والدرن الرئوي المفتوح، والتهاب السحايا، وفيروسات أخرى، سواءً عبر الرذاذ أو الهواء، إضافة إلى بعض الأمراض الجلدية المعدية كفيروس "الهربس" الشفوي.
ولفت إلى أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين أكثر عرضة للإصابة بالعدوى نظراً لعدم اكتمال الجهاز المناعي لديهم، مشيراً إلى أن هناك أهدافاً تشريعية مختلفة لدى بعض الدول تدفعها إلى فرض عقوبات مالية على من يقوم بتقبيل الأطفال، مضيفاً: "وأنا لست من المتخصصين في علم الاجتماع والنفس إلا أنني أؤمن بأن الموروث الاجتماعي من العادات والتقاليد يحتاج إلى إعادة صياغة فكرية وثقافية لتغيير أنماطه".
قبلات متنوعة!
وتشاطرهما الرأي، منار عبد الرحمن -أخصائية أمراض وراثية-، وقالت: القبلة عند السلام إحدى عادات المجتمع، وأنا لا أحبذها خصوصاً مع الغرباء، وإنما اكتفي بالمصافحة باليد، مؤكدةً أنها لا تكترث لما يعتقده البعض من تصرفها، وأن الأهم اقتناعها بقرارها.
وأشارت إلى أنه من خلال عملها في المختبرات، اكتشفت أن هناك العديد من الدراسات العلمية تؤكد على أن ممارسة القبلات بين الناس تنقل الكثير من الأمراض ومنها الأنفلونزا بأنواعها، والتهاب الحمى الشوكية، وغيرها.
ونوهت بأن هناك أنواعاً متعددة للقبل تعبر عن حجم ما يكنه الشخص البادئ بالسلام للطرف الآخر منها قبلة ترمز للسمو وتكون على الجبين، وأخرى على الوجنتين والخدود للتعبير عن الحنان والحب، وثالثة على الأيدي دلالة للتقدير والاحترام، وأخيرة على العين رمز للود والرفق، متمنية بحرارة أن تنقرض هذه العادة وأن يتم استبدالها بالمصافحة.
"فوبياء" الخوف!
وتخالفهم الرأي الطالبة رميس بنت نايف، وقالت: "لا يمكن أبداً أن أرفض جميع من يبادرني بالسلام والقبلات خصوصاً في المناسبات"، مؤكدةً شعورها بالراحة النفسية عند ممارسة هذه العادة، معتبرةً أنها من أجمل العادات التي توطد علاقاتها بين الناس سواءً ممن تعرفهم أو الغرباء. ووصفت من يستنكر تلك العادة بالمصاب ب"فوبياء الخوف"، مضيفةً: "وكل واحد وحسب مزاجه من العادات والتقاليد الموجودة في المجتمع".
وتوافقها الرأي، طرفة عبدالعزيز، مضيفة: "ولكن لا أحبذ السلام بهذه الطريقة خصوصاً من الأقارب والأشخاص الذين ألتقي فيهم لأول مرة"، مشيرةً إلى أن الكثيرين لا يدركون خطورة تلك القبل والتي قد تكون سبباً رئيسياً في نقل الأمراض.
عادات وتقاليد
وتشاطرهما الرأي سماح سليمان، مؤكدة تقيد المجتمع بعادات وتقاليد الآباء والأجداد، ومن المحال الاستغناء عنها، مبينةً أنها في كثير من الأحيان تكتفي بالمصافحة ولكن سرعان ما يبادر الطرف الآخر بالضم والتقبيل، مضيفةً: "ومن المفروض أن يعرف الناس أن المصافحة تدل على الرضا والود".