[align=center](من صبر ظَفِر)[/align]
أيها المذنب : إذا أحسست نفحات الجزاء فلا تكثرن الضجيج , ولا تقولن قد تبت وندمت , فهلا زال عني من الجزاء ما أكره !فلعل توبتك ماتحققت . وإن للمجازاة زماناً يمتد امتداد المرض الطويل . فلا تنجع فيه الحيل حتى ينقضي أوانه . وإن من زمان : {وعصى} إلى إبان : {فتلقى} مدة مديدة(1) . فاصبر أيها الخاطئ حتى يتخلل ماء عينيك خلال ثوب القلب المتنجس . فإذا عصرته كف الأسى , ثم تكررت دفع الغسلات حكم بالطهارة . بقي آدم يبكي على زلـلـه ثلاثمائة سنة . ومكث أيوب-عليه السلام-في بلائه ثمانى عشرة سنة . وأقام يعقوب يبكي على يوسف-عليهما السلام-ثمانين سنة . وللبلايا أوقات ثم تنصرم , ورب عقوبة امتدت إلى زمان الموت . فاللازم لك أن تلازم محراب الإنابة , وتجلس جلسة المستجدي . وتجعل طعامك القلق , وشرابك البكاء , فربما قدم بشير القبول فارتد يعقوب الحزن بصيرا . وإن مت في سجنك فربما ناب حزن الدنيا عن حزن الآخرة , وفي ذلك ربح عظيم .
ــــــــــــــــــــــــ
(1) إشارة إلى المدة بين معصية آدم-عليه السلام- وتوبة الله عليه .
صيد الخاطر لابن الجوزي