يقف المرء حائرا أمام تلك الشكاوى المتكررة للكثير من الزوجات بسبب سوء العشرة الزوجية لأزواجهن. فبدلا من أن يكون الزواج مبنيا على المودة والرحمة بين الزوجين أصبح اليوم للأسف مصدرا للشقاق والألم والبؤس والعذاب في كثير من الحالات. ومع إدراكي بأن الزوجة قد تكون هي سبب المشاجرات والمشاحنات التي تعتري العلاقة الزوجية أحيانا إلا أن الواقع يكشف أن الزوج هو السبب في غالب الأحيان.
ترى ما ذنب زوجة يتقدم لها زوجها وهو يخفي عيوبه فتوافق على الزواج منه إلا أنها تكتشف أنه يعاني من ضعف جنسي شديد لا يمكنه من القيام بدوره في المعاشرة الجنسية لتبدأ رحلتها مع العذاب وهي التي كانت تطمع بزوج يحصنها وتحظى منه بالذرية؟ أليس في مثل هذا التصرف غشا للفتاة وأهلها وغررا لا يقبله الشرع ولا الأعراف؟ إذن لماذا يلجأ هذا الزوج وأمثاله إلى توريط بنات المسلمين في علاقة زوجية فاشلة من الأساس؟ ألا يعبر ذلك عن أنانية مفرطة بغض النظر عما يحدث للفتاة من إنكسارات وإحباطات تدمر مستقبلها وتدخلها في دائرة المطلقات والقيل والقال دون ذنب اقترفته سوى أنها وثقت بكلامه المعسول قبل الزواج؟ أين الضمير من مثل هذا الزوج وهو يقذف بفتاة بريئة إلى عالم المجهول لمجرد إسكات تساؤلات الآخرين له عن سبب عدم إقدامه على الزواج؟ ياله من واقع مؤلم تعيشه كثير من الزوجات عند اكتشاف خداع الزوج وكذبه حول قضية كهذه تشكل العمود الفقري للحياة الزوجية ويتوقف عليها الإنجاب.
وما ذنب تلك الزوجة التي تقدم لها من شهد له الكثيرون بالصلاح والتقوى لأنه يصلي الصلوات جماعة في المسجد فإذا بها تتفاجأ بسلاطة لسانه وسوء عشرته وبذاءة ألفاظه وشدة بخله؟ أليس الصلاح يقتضي أن يكون المرء ودودا ومحبا لمن حوله وأولهم زوجته؟ إذن ماذا ينفع الصلاح إذا لم ينهى صاحبه عن الفحشاء والمنكر في القول والفعل؟ فكم من الزوجات اللاتي خدعن بأشخاص لديهم من العقد النفسية الشيء الكثير رغم الظن الحسن بهم من قبل الآخرين لتصبح الحياة معهم شقاء في شقاء وبؤس في بؤس بسبب الشكوك غير المبررة والشماتة بهن والتحقير لآرائهن وحرمانهن من حقوقهن في زيارة الأهل والأقارب واستهجان مشاعرهن وإلغاء إرادتهن.
أيضا ما ذنب تلك الزوجة التي يتقدم لها مدمن كحول أو مخدرات ومع ذلك يجد من يزكيه من أهله ومعارفه وأصدقائه ويحلفون الأيمان الغلاظ على صلاحه فتقبل به بناء على تلك التزكيات والأيمان غير الصادقة وغير الأمينة وغير المخلصة لتجد نفسها رهينة لزوج فاقد الوعي عديم الإحساس دائم السهر سليط اللسان متقلب المزاج؟ أين الإيمان من قلوب أولئك الذين شهدوا زورا وبهتانا على صلاحه فيغررون بفتاة بريئة كانت الآمال والأحلام تراودها في حياة زوجية سعيدة وهانئة إلا أن أحلامها وآمالها تلك تتبخر وتذروها الرياح بمجرد أن ترتبط بهكذا زوج؟ ففي بداية الحياة الزوجية تجد هذه الزوجة نفسها أمام سب وشتم ولعن وتوبيخ، ومع استمرارها ضرب وشك وطرد وتطليق. إنها حياة بؤس وشقاء لا تعرف فيها الزوجة طعما للزواج ولا لذة للحياة. فالبكاء والآهات والآلام والأحزان والذلة والقسوة والإهمال والحرمان هي النتائج الطبيعية التي تعاني منها زوجات المدمنين على الخمر أو المخدرات.
ولا تقل حال زوجة المريض نفسيا عن حال بقية الزوجات أعلاه، فالبخل العاطفي والشك المرضي والضرب المبرح والتقلب المزاجي والعزلة التامة والتحلل من المسؤوليات كلها سلبيات تواجهها زوجة المريض نفسيا وتقف أمامها حائرة باكية. فما أصعبه من موقف حين تجد الزوجة نفسها في ذمة زوج مليء بالعقد النفسية لا يعجبه العجب كثير اللوم قليل الاقتناع متقلب المزاج والآراء.
أما عن الخيانة الزوجية فحدث ولا حرج ... زوجات مخلصات عفيفات محافظات يتفاجأن بخيانات زوجية من قبل أزواجهن لتبدأ رحلة العذاب مع البكاء والشك وفقدان الثقة بالزوج والشعور بخيبة الأمل والرغبة في الإنتقام.
تلك هي للأسف بعض صور الحياة الزوجية للكثير من الزوجات تكشفها الرسائل البريدية والمكالمات الهاتفية والزيارات العيادية التي أتلقاها يوميا ... فما أحوجنا إلى مناقشة هذه القضايا الواقعية أملا في تلافيها مستقبلا ... فهل نفعل؟ أتمنى ذلك وللجميع أطيب تحياتي.
الدكتور/ عبد الله محمد الفوزان
[email protected]