الـريـشـة
"حمامة.."
" حمامة.."
تناقلت الأفواه العبارة .. ورويدا رويدا بلغت مسامعها.. هبت واقفة من بين لعبها الكثيرة..
تجري وتجري لتلحق بها الحمامة..
وقبل أن تصلها بشبر طارت.. حلقت بأجنحتها البيضاء وتركتها تبتلع الحسرة
طأطأت رأسها حزينة.. التفتت آخر لفتة للسماء والتواري الحتمي فتفاجأت بريشة بيضاء تتمايل في الهواء
تهللت الأسارير وراحت تركض هنا وهناك بخطواتها الصغيرة لمواجهة السقوط الناعم فتظفر بها الريشة رأسا من السماء
يا الله.. تمكنت منها.. ارتاحت عذبة.. خفيفة بين كفيها ومن فرحتها الغامرة بالهدية غير المتوقعة
أخفتها بحنو في جيبها على جهة صدرها.. حيث قلبها وراحت تقفز فرحة.. خطوة برجل يمنى.. وأخرى بيسرى وضحكاتها تعلوا وتتعالى
++++++++
بعيدا عن زخم الطفلة.. تهاوت ريشة ملونة على الرصيف أمام قدميها..
بحركة لا إرادية وجهت ملامحها للأفق.. تتأمل الطيران الصعب.. ثم عادت لتلتقط الريشة من على الأرض
رغبة عارمة اجتاحتها لاجترار الفرحة على شكل طفولة سهلة.. قفز .. جري.. وتلويح باليدين بالسعادة
لكن الرصيف حال دون ذلك.. اكتفت بابتسامة تملأ الثغر والقلب.. وواصلت المسير
في خلوتها المحببة.. بين كتبها العتيقة.. حملت الريشة القديمة .. والجديدة.. غاصت بالأولى أعماق شريانها.. وبالثانية قاع المحبرة..
أخرجتهما معا.. وبدأت ترسم خطواتها على الصفحة البيضاء بشوق ونشوة
فرسمت أنثى اخترقها المداد
واغتالتها الريشة من جل الأطراف.. والأبعاد.......
أنثى المداد
من مذكراتي المغلقة
,
,