أبها: تغريد العلكمي
يلجأ عدد من الفتيات السعوديات غير المتزوجات إلى اتخاذ العديد من السبل التي تقيهن حديث الناس عن السبب في تأخر زواجهن، وذلك بما يوائم محيط الفتاة الاجتماعي، كإكمال الدراسة أو التوظف في الوظائف المؤقتة التي يوفرها القطاع الخاص، أو بعض الجمعيات الخيرية.
وعلى الرغم من أن من هؤلاء الفتيات من لم يفتها قطار الزواج، ولم تبلغ سن العنوسة بعد، في حين كانت نظرة المجتمع السلبية تجاه التأخر لو لسنوات بسيطة عن الزواج دافعا للجوئهن لسبل يتذرعن بها لتأخير زواجهن الذي كان السبب في تأخيره عائدا لمحيط الفتيات الاجتماعي، أو لبعض قناعات الفتيات، أو وضعهن الاجتماعي.
تقول هبة سليمان (طالبة بجامعة الملك خالد) "لم يكن ببالي إكمال المرحلة الجامعية بعد تخرجي في الثانوية العامة، في حين بعد تخرجي مكثت سنتين في المنزل بلا دراسة أو عمل، وكنت كلما ازدادت فترة مكوثي في المنزل كلما أصبح المجتمع يؤذيني بسؤال متكرر عن تأخر زواجي، على الرغم من أن سني لم تتجاوز الــ21 بعد، وهذا ما دعاني إلى العودة إلى إكمال المرحلة الجامعية التي كانت سببا يغض أنظار الناس عن تأخر زواجي"، مؤكدة أنها تعتقد أن عمر الزواج المفترض لم يحن بعد، وأنها غير متأخرة عن الزواج أو عانس حتى يُنظر لها بنظرة سلبية.
وتضيف نجود القحطاني (مندوبة مبيعات بشركة للماكياج) أن العمل أسكت الكثير من حديث المجتمع عن تأخر زواجها، وأصبح الناس يظنون أن العمل هو السبب في ذلك، مشيرة إلى أنها بسبب عدم مجيء الشخص المناسب حتى الآن تأخرت عن الزواج، في حين قد يفسر المجتمع تأخر الزواج بتفسيرات مختلفة، لا تمت للحقيقة بصلة.
وأشارت نجود أن المجتمع يكثر التحدث على الفتاة التي تتزوج صغيرة. بل ويعاتب والديها في كثير من الأحيان، في حين يضمر الناس إعجابهم بقدرتها على اجتذاب الخُطاب بأخلاقها وجمالها وتربيتها ـ كما يعتقدون ـ، ناسين أن هذه المسألة مسألة متعلقة بالأرزاق والنصيب، كما يظل المجتمع يتساءل ولو عن بعد عن الأسباب التي تسببت في تأخر زواج فلانة، وينظرون لها نظرة سلبية.
ويرى فيصل عسيري (موظف بجامعة الملك خالد) أن في لجوء بعض الفتيات التي شاءت أقدراهن أن يتأخر زواجهن إلى سد هذه الثغرة الاجتماعية بإكمال الدراسة أو التوظف، أو القيام بأي عمل يعد مؤشرا إيجابيا، في حين ما يُخشى منه هو لجوء البعض من هؤلاء الفتيات إلى سد هذه الثغرة الاجتماعية، وربما العاطفية والنفسية بجانب سلبي كالارتماء في أحضان المعاكسات الهاتفية، أو الإعجاب بين الفتيات، أو ربما يكون هنالك ردة فعل سلبية كالانطواء على الذات لضمان عدم الاحتكاك بعينات اجتماعية تنظر نظرة سلبية تجاهها.
وكشف الأخصائي الاجتماعي بمديرية الشؤون الصحية في عسير خالد حسن آل سليم عن أن نسبة توزيع الذكور على الإناث في المملكة تُقدر بــ102 ذكرا لكل 100 أنثى، وهي نسبة طبيعية وتنفي ما يتردد عن ارتفاع عدد الإناث على الذكور، وتنفي ضرورة حل مشكلة العنوسة بتعدد الزوجات، إذ كشف تقرير إحصائي صادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات يفيد بأن توزيع الإناث والذكور حسب الحالة الاجتماعية لمن هم فوق سن 15 سنة لعام 2007، كان بحوالي 32.1% من غير المتزوجات على 40.1% من العزاب، وكان عدد المتزوجين 58.7% متزوج، و60.2% متزوجة، فيما بلغ عدد المطلقات 2.4%، و0،8% من المطلقين، و5،4% أرملة، إلى جانب 0.4% من الرجال الأرامل، كما صنّفت النتائج على أن سن الـ30 بالنسبة للفتاة السعودية هو سن العنوسة الذي يصبح احتمال الزواج بعده ضئيلا جدا بأقل من 3- 2.6%.
وأضاف أن عدد النساء غير المتزوجات فوق 15 سنة في المملكة بلغ 1745677، فيما بلغ عدد غير المتزوجات فوق الـ30 عاما 108412، وعليه فإن عدد السعوديات المصنفات عوانس وفقا لأسس المسح 2.6%.
وأكد آل سليم أن بعض الفتيات العوانس أو حتى من تأخر زواجهن لسنوات معدودة يضطررن إلى الهرب بطريقة ما من نظرة المجتمع لهن كعانسات، لأن المجتمع مجتمع ذكوري ينظر إلى الفتاة التي تتعدى سن الـ30 عاماً على اعتبار أنها أنثى لم تلحق بقطار العمر، وأصبحت عانسا لا تملك حولا ولا قوة على عكس الذكور الذين لا يعرفون العنوسة.وأشار إلى أن المجتمع تحكمه عادات وتقاليد معينة مثل الطبقات الاجتماعية من انتماء إلى قبيلة وعدم انتماء إلى أخرى، وكذلك نظرة المجتمع إلى الوظيفة التي تملكها الفتاة بحيث تكون الوظيفة عاملاً مهماً، فنرى أغلب العاملات في سلك التعليم متزوجات بنسبة عالية عكس العاملات في سلك الصحة من ممرضات وطبيبات فنسبة الزواج لديهن متوسطة. حيث تذكر إحدى الممرضات أن عملها في وزارة الصحة حال دون زواجها، وهي تحاول بقدر المستطاع العمل لضمان مستقبلها عوضاً عمّا فقدته من زواج كان بمثابة حلم لها، كذلك الغلاء المبالغ فيه في المهور، بالإضافة إلى كثرة الشروط التي يفرضها الوالدان فرضا على المتقدم للزواج، وهي بالطبع عامل مهم في رفض أحد التقدم للفتاة،وتخوف بعض الفتيات من الزواج وذلك بسبب تجارب الأخريات من صديقاتهن ونصائحهن التي في غير محلها، والتي قد تخلق لديهن فكرة عن أن الزواج ارتباط وقتل للحرية، أو أن الرجال متسلطون.:مزون:
وعن السبب الذي تغطي به الفتيات تأخر زواجهن بين آل سليم أن هناك سبلا إيجابية تضطر العانس إلى الهروب من خلالها كملجأ من نظرة المجتمع إليها كعانس. من أهمها مواصلة التعليم، والعمل، والانخراط في الأعمال والجمعيات الخيرية، وكذلك العمل في حلقات تحفيظ القرآن الكريم، وكذلك التعمق والإبحار في شبكة الإنترنت العالمية، وعلى النقيض هناك نوع آخر سلبي يرى أن العنوسة غلطة مجتمعها وتتحملها وحدها فتراها تارة تجنح إلى أصدقاء السوء والمخدرات وبعض السلوكيات المنحرفة، بحجة العنوسة، وتارة تنعكس على نفسيتها فتنظر إلى المجتمع على أنه هو السبب في عنوستها وحرمانها من حقها الشرعي في الارتباط وتكوين أسرة وأطفال وحياة زوجية مستقلة.دئلت
وبين آل سليم أن منطقة عسير كانت الرابعة على مستوى المملكة في ارتفاع نسبة العانسات بعد مكة المكرمة التي كانت الأولى، والرياض الثانية، والمنطقة الشرقية التي كانت الثالثة للعام الماضي، مشددا على أن ذلك عائد إلى أن مجتمعنا في منطقة عسير ينظر إلى من تأخر زواجها نظرة سلبية، وأن لديها عيبا لا تود الإفصاح عنه إما في جمالها أو أي شيء يتعلق بما تملكه الأنثى من عوامل جذب للرجل، وذلك يعود بكل تأكيد إلى تعود المجتمع على أن تتزوج الأنثى منذ سن مبكر، ويُنظر إلى أن المقياس الحقيقي في العنوسة هو تجاوز الـ30 عاماً، بل ولا يقبل بها أحد إلا كزوجة ثانية أو رجل كبير، فالسن إضافة إلى الطبقات الاجتماعية أضحت أعرافا تحظر الزواج أو تيسره، فالرجل القبيلي لابد وأن يتزوج بفتاة قبلية، وهو سائد في مجتمعنا في الوقت الذي يُسمح للرجل الزواج من الأجنبية دون الرجوع إلى أصلها، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" رواه الترمذي وغيره.
وأكد أن هنالك فتيات يتعمدن عدم الزواج وذلك يعود إلى أمراض نفسية وخوف من الذكور بشكل عام نتيجة لظروف لحقت بهن منذ الطفولة، أو ما يشاهدنه من تعامل من قبل آبائهن لأمهاتهن من عنف أسري فهن يفضلن عدم الزواج، وهنالك عوانس بسبب عدم موافقة آبائهن طمعا في الراتب.:icon_evil
وشدد الأخصائي الاجتماعي على أن الواجب على المجتمع توفير مؤسسات اجتماعية تهتم بتوعية المجتمع بهذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة التي بدأت تتفشى بشكل واضح وملحوظ، من خلال الحد من المهور العالية، وتذكير الشباب بقيمة وقدسية الزواج، مقترحا أن يتم توفير بند صرف معونة شهرية أو مقطوعة للعوانس في السعودية عن طريق الضمان الاجتماعي، لضمان عدم احتياج هذه الفئة من الفتيات خاصة غير الموظفات، إلى سلوك سبل منحرفة لتأكيد عدم الاحتياج للأهل، أو عدم وجود نقص في شخصياتهن وثقتهن في أنفسهن.
اتمنى ان نرى وجهة نظركم التي لطالما استفدنا منها يا اعضاء غرابيل الكرام بما نقلته لكم