السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين - وبعد :
أولاً : كل عام وأنت بخير يا غاليتي ، وجميع من بغرابيل والأمة المسلمة بكل خير وسلام ..
ثانياً : أبدأ حديثي متوكلة على الله سبحانه وتعالى ..
إن الكاذب هو من يتسم بسمة اللف والدوران والدهاء على الذين يمتلكون صفة الخيرة ونقاء السريرة فيحسنون الظن بهم ويكملون معهم خط الصداقة بعلاقة من طرفين طرف يحمل حسد وغيرة مبطنة غير ظاهرة وطرف آخر شفاف طيب كاللؤلؤة في وسط المحارة وسط صراع أمواج العلاقة التي تحمل شخصية نقية تطفو على سطحها بعدما تشربت كمية الماء المالح وغرست القروش ضروسها الحادة على لحمها وشخصية أخرى تسبح بمهارة حتى تصل إلى شاطئ البحر فرحة مستبشرة بتدمير حياة هذه الشخصية ببغضها وحسدها الفتاك ..
الكذب آية من ثلاث آيات المنافق " إذا حدث كذب " والكذب هو واحد وليس متعدد كما يعتقده البعض بمسمى " الكذب الأبيض " و " الكذب الأسود " ..
وحبل الكذب قصير جداً جداً ، والشخصية الكذابة سهلة الكشف عنها جداً لمن يفطن لذلك ، ويلاحظ ذلك من خلال حديث الكذاب ، وتناقض حديثه ، ومعايشته ، وسؤاله ببعض الأسئلة تكشف كذبه على الفور ، وأهم صفة للكاذب هو تناقض حديثه ..
ومن الكلام والحديث عن التناقض سنفرق بين الكاذب المتناقض وبين الذي ينسى حديث قاله ويتناقض بدافع النسيان وهو بريء من خصلة الكذب تماماً ..
ولدي نقطة أخرى وسأقول قبلها : " الله أكبر " " الله أكبر " " الله أكبر " ثلاث مرات ثم أقول لا يتوقف الكذب على كذب القول بل القسم بالله والحلف بالله كذباً ، ما شاء الله تبارك الله ، يا كثر ما شاهدت من هذه الشخصيات بواقعنا وشاهدها غيري ، هذه النقطة عليها مليون خط أحمر عريض ..
إن الكاذب يعيش عالماً مختلفاً عن الآخرين يحسب أنه يصنع لنفسه نجاحاً وهو في الحقيقة فشلاً ذريعاً وأول الفشل هو جمع الذنوب ، وثانيه خسارة العلاقات ومحبة الناس ..
والكذاب يعيش شخصيتين في روح واحدة شخصية ظاهرة بالمثالية وشخصية كامنة بالشخصية الحقيقية المنافقة ..
وللكذب درجات لدى الأشخاص الكذابين ، فأسوأ درجة للكذب هو قناع التمثيل على رؤوس البشر بتمثيل تفوق وتميز واحترافي بشكل خيالي ورهيب يفوق الوصف ، يصدق الكذبة ويعيشها بروحه وكيانه وشعوره وحالما يغيب عنه الشخص الذي يكذب عليه ينسحب ويتجرد من تلك الشخصية الممثلة ويبدأ بشق ابتسامة لئيمة سوداء تظهر خفايا المدسوس ..
الكذب أنشأ الكثير من الصراعات بين كثير من الأسر ، وولد العداوة بين الكثير من العلاقات الاجتماعية بمختلف أشكالها سواء قرابة أو صداقة أو حياة زوجية وما إلى ذلك ..
وللكذب وظائف ومهمات ودرجات وأهداف يخطط لها ويضعها الفرد الكذاب لينال ما يصبو إليه ..
فلا تأتي إليه لحظة يقف بها وقفة مع نفسه لمدة دقيقة ويقشع قناع الكذب من وجهه ، وينظر أمام المرآة ويتلمس جلده ويشعر بنعمة اللسان التي حرمها من غيره لفئة البكم ووهبها الله إياه ليقول القول الصادق وينفع به الناس ، هو لم يصدق مع نفسه ليصدق مع الآخرين ، لم يعرف ولم يفهم ولم يحترم ولم يقدر ولم يحب نفسه وقبل ذلك كله لم يراقب ربه ومن هو فوقه ، بل هو في غابة ودوامة بلا مخرج ، وطغت أنانيته وتعبه النفسي ودينه المهزوز والضعيف على مراقبة الله له ثم على حبه لنفسه لأن من يحب نفسه يكون راضياً عنها وسيحبه الناس ومن يحبه الناس يكون الله راضياً عنه ويكون والديه راضيين عنه ، هي هكذا سلسلة مترابطة لمعنى المحبة شيء ينطبق عليه شيء آخر من الأساس والجذور صحيح ومستقيم ..
من يملك خصلة الكذب في التمثيل على الآخرين لا أعتبره قناعاً بقدر ما أعتبره ابتلاء ومرض نفسي بشخصية الانسان يحتاج لعلاج نفسي ليتم تشخيصه ليظهر بشخصية واحدة لا أن تكون شخصيتين مركبة على روح واحدة ..
في مرة من المرات كانت توجد زميلة في الجامعة عندما كنت أدرس ، وهي من قروب القاعة ببعض المحاضرات ، كانت هذه الانسانة لديها فن عجيب غريب في إقناع الآخرين بأنها شخصية رائعة متعاونة لا غيورة ولا حسودة ولا حقودة ولا تريد أن تحصل على أعلى الدرجات تحلف بالله وتقسم به في مواقف كثيرة تدّعي صدقها وظلمها ، وحديثها يتميز بكريزما التسلسل العجيب بمنطقها فلا تقع بفخ الكذب مطلقاً ونظرة عينيها توحي بصدقها فعلاً فهي لديها لغة الجسد ولغة الكلام وتلفيقه بطريقة ماهرة وساحرة وسريعة وتسحب الآخرين إليها وتجذبهم بأنها متعاونة وتساعد فعلاً بتصوير الملازم ولكن كان ذلك بغرض وهدف بداخلها واستطعت أنا وصديقتي كشفها بعد حيرة طويلة ودراسة الموقفين موقف الانسانة الصادقة وموقفها هي وبعد الربط والاستنتاج من بعد الذهول والدهشة والصدمة عرفناها فاكتشفنا ذلك بعد مدة من سنوات الدراسة وكنا مخدوعين بها جداً , واكتشفنا ذلك لأنها كانت تجمع علاقات كثيرة فدخل القيل والقال ومع الأستاذات وانفضح أمرها ولكن لنتخيل إذا مثلت على واحدة بعيدة عن علاقات هذه الكاذبة ستكون مستترة شخصيتها لسنوات ثم تكتشف ذلك هذا إن اكتشفت ذلك من الأساس !!
هذه حالة أعتبرها من قائمة الحالات التي تحتاج لعلاج نفسي لأنها تتصرف دون أن تشعر وتعيش الكذبة معايشة فعلية واقعية و كأنها صادقة ..
،
لذا مادام الانسان حيا يتنفس فالفرص كثيرة وأمامه لإصلاح نفسه والتوبة هي انطلاقة الشجاعة الحقيقية وبداية نبتتة الخير ، وإصلاح النفس ، وإخراجها من وحل الأكاذيب ، ومن قاع التلفيق ، فالذنوب تملؤنا ، فكل دقيقة وكل ساعة وكل يوم يمر علينا ماذا عملنا بها ؟!
ولنكن على الصدق والشفافية سائرين ، وللتوبة مصافحين ، فعندما نموت إما يصافحنا العذاب أو تصافحنا رحمة رب العباد ..
ونسأل الله أن يصلح ويهدي جميع المسلمين والمسلمات ، وألا يطمس أبصارهم عن الحق ، وأن يزيل المصائب والشرور عن حياتنا ، وأن يمنحنا الخير في طاعته ، والرحمة بمغفرته ـ
/
جزاكِ الله خيراً أختي اذكر الله
ولا تعجبي فهذه الدنيا صعيبة وعلينا توقع كل ما فيها ، وأن نكون يقظين وأيضاً متفائلين بحال أفضل ..
وبمناسبة العام الجديد :
كل عام والكاذب يكذب مثل كل عام [ لا جديد إلا في حالة التغيير ]
وكل عام والصادق يصدق مثل كل الأعوام [ الصادق يعيش ويموت صادقاً لأن الصادق لا يتحول إلى كاذب ]
وكل عام وأنت ترفلين بالصحة والعافية والسعادة وراحة البال
وافر ودي وتقديري