قـصّـة عـاطـفـيـّة / الــوفــاء Oo ღ♥ღ
حُبٌ للأبد
القصــّـه
مثل أيّ شاب يطمح في تكوين أسرة
سعيدة , قرّر صاحبنا الزّواج وطلب من أهله البحث عن فتاة مناسبة ذات خلق ودين , وكما جرت العادات والتقاليد ( العاهات والتجاليد كما اسمّيها انا ) فوجدوا إحدى قريباته وشعروا بأنّها تناسبه
ذهبوا لخطبتها ولم يتردّد أهل البنت في الموافقة لما كان يتحلّى به صاحبنا من مقوّمات
تُغْري أيّ أسرة بمصاهرته
وسارت الأمور كما يجب وأتمّ الله فرحتهم , وفي عرس جميل متواضع اجتمع الأهل والأصحاب للتهنئة ، وشيئا فشيئا بعد الزّواج وبمرور الأيّام لاحظ المحيطين بصاحبنا هيامه وغرامه الجارف بزوجته وتعلّقه بها ، وبالمقابل أهل البنت استغربوا عدم مفارقة ذكر زوجها عن لسانها !! أيْ نعم همْ يؤمنون بالحب ويعلمون إنّه يزداد بالعشره ولكن الّذي لا يعلمونه أو لم يخطر لهم ببال أنّهما سيتعلّقان ببعضهما إلى هذه الدرجه
وبعد مرور ثلاث سنوات على زواجهم بدءوا يواجهون الضغوط من أهاليهم في مسألة الإنجاب , لأنّ الآخرين ممّن تزوّجوا معهم في ذلك التاريخ أصبح لديهم طفل أو اثنين وهم مازالوا كما هم , وأخذت الزوجة تلح على زوجها أن يكشفوا عند الطبيب علّ وعسى أن يكون أمر بسيط ينتهي بعلاج أو توجيهات طبيّه ، ... وهنا وقع ما لم يكن بالحسبان حيث اكتشفوا أنّ الزوجة (عقيم) 0
وبدأت التلميحات من أهل صاحبنا تكثر والغمز واللمز يزداد , إلى أنْ صارحته والدته وطلبت منه أن يتزوّج بثانية ، ويطلّق زوجته أو يبقيها على ذمّته بغرض الإنجاب من الأخرى , فطفح كيل صاحبنا الّذي جمع أهله وقال لهم بلهجة الواثق منْ نفسه : تظنّون أنّ زوجتي عقيم ؟
ترى العقم الحقيقي ما يتعلّق بالإنجاب , أشوفه أنا في المشاعر الصادقة والحب الطّاهر العفيف ومن ناحيتي ولله الحمد تنجب لي زوجتي في اليوم الواحد أكثر من مائة مولود وراضي بها وهيّ راضيه فيني و لا عاد تجيبون لهالموضوع البايخ طاري أبدْ
وأصبح العقم الذي كانوا يتوقّعون وقوع فراقهم به , سبباً اكتشفت به الزّوجة مدى التضحية والحبّ الّذي يكنّه صاحبنا لها
وبعد مرور أكثر من تسع سنوات قضاها الزّوجان على أروع ما يكون من الحبّ والرومانسيّة بدأت تهاجم الزوجة أعراض مرض غريبة اضطرّتهم إلى الكشف عليها بقلق في أحد المستشفيات , الذي حوّلهم إلى (المستشفى التخصّصي) وهنالك زاد القلق لمعرفة الزّوج وعلمه أنّ المحوّلين إلى هذا المستشفى عادةً ما يكونون مصابين بأمراض خطيرة
وبعد تشخيص الحالة وإجراء اللاّزم من تحاليل وكشف طبي , صارح الأطباء زوجها بأنها مريضة بداء عضال حجم المصابين به معدود على الأصابع في منطقتنا العربيّة , وأنّها لن تعيش كحد أقصى أكثر من خمس سنوات بأيّ حال من الأحوال
- والأعمار بيد الله سبحانه وتعالى -
ولكنّ الذي يزيد الألم والحسرة أنّ حالتها ستسوء في كلّ سنة أكثر من سابقتها , وأنّ الأفضل إبقائها في المستشفى لتلقى الرعاية الطبيّة اللاّزمة إلى أنْ يأخذ الله أمانته
ولم يخضع الزّوج لصدمة الأطبّاء ورفض إبقائها لديهم وقاوم أعصابه كي لا تنهار وعزم على تجهيز شقّته بالمعدّات الطبيّة اللاّزمة لتهيئة الجوّ المناسب كيْ تتلقّى زوجته به الرعاية .. فابتاع ما تجاوزت قيمته الـ (260,000) ريال
من أجهزة ومعدّات طبيّة
جهّز بها شقّته لتستقبل زوجته بعد الخروج من المستشفى وكان أغلب المبلغ المذكور قد استدانه بالإضافة إلى سلفة اقترضها من البنك .. واسْتقدم لزوجته ممرّضة متفرّغة
كي تعاونه في القيام على حالتها
وتقدم بطلب لإدارته ليأخذ اجازة من دون راتب , ولكن مديره رفض لعلمه بمقدار الدّيون الّتي تكبّدها , فهو في أشدّ الحاجة لكلّ ريال من الراتب , فكان أثناء دوامه يكلّفه بأشياء بسيطة ما أن ينتهي منها حتّى يأذنَ له رئيسه بالخروج , وكان أحياناً لا يتجاوز وجوده في العمل السّاعتين ويقضي باقي ساعات يومه عند زوجته يُلْقمُها الطعامَ بيده , ويضمّها إلى صدره ويحكي لها القصص والرّوايات ليسلّيها
وكلّما تقدّمت الأيّام زادت الآلام , والزّوج يحاول جاهداً التخفيف عنها
وكانت قد أعطت ممرّضتها صندوق صغير طلبت منها الحفاظ عليه وعدم تقديمه لأيّ كائن كان 00
إلاّ لزوجها إذا
وافتها المنية
وفي يوم الاثنين مساءً بعد صلاة العشاء كان الجو ممطراً وصوت زخّات المطر حين ترتطم بنوافذ الغرفة يرقص له القلب فرحا ... أخذ صاحبنا ينشد الشّعر على حبيبته ويتغزّل في عينيها , فنظرت له نظرة المودّع وهي مبتسمة له ... فنزلت الدمعة من عينه لإدراكه بحلول ساعة الصفر ... وشهقت بعد ابتسامتها شهقةً خرجت معها روحها الطاهرة
وكادت تأخذ من هول الموقف روح زوجها معها
ولا أرغب في تقطيع قلبي وقلوبكم بذكر ما فعله حين توفّاها الله
ولكن بعد الصلاة عليها ودفنها بيومين جاءت الممرّضة الّتي كانت تتابع حالة زوجته فوجدته كالخرقة البالية فواسته وقدّمت له صندوقاً صغيراً قالت له بأنّ زوجته طلبت منها تقديمه له بعد أن يتوفّاها اللهتعالى .. فماذا وجد بالصندوق؟
زجاجة عطر فارغة , وهي أوّل هديّة قدّمها لها بعد الزواج … وصورة لهما في ليلة زفافهما
وكلمة أحبّك في الله منقوشة على قطعة مستطيلة من الفضة
وأعظم أنواع الحبّ هو الّذي يكون في الله
ورسالة قصيرة سأنقلها كما جاء في نصّها تقريباً مع مراعاة حذف الأسماء واستبدالها بصلة القرابة
الرّسالة
لا تحزن على فراقي فوالله لو كُتبَ لي عمرٌ ثاني لاخْترت أن أبدأه معك ولكن أنت تريد وأنا أريد والله فعّال لما يريد
أخي فلان : كنت أتمنّى أن أراك عريساً قبل وفاتي .. أختي فلانه : لا تقسي على أبنائك بضربهم فهم أحباب الله , ولا يحسّ بالنعمة غير فاقدها... عمتي فلانه ( أم ّزوجها ) : أحسنتي التصرّف حين طلبتي من إبنك أنْ يتزوّج من غيري ، لأنّه جدير بمن يحمل إسمه من صالح الذريّة بإذن الله تعالى
كلمتي الأخيرة لك يا زوجي الحبيب أن تتزوّج بعد وفاتي حيث لم يبقَ لك عذر , وأرجو أن تسمّى أوّل بناتك بإسمي , واعلم أنّي سأغارُ من زوجتك الجديدة حتّى وأنا في قبري