خلال زيارتي الى تركيا ( اسطمبول ) الشهر الماضي زرت عدة أماكن لكن ما اعجبني جامع مذهل حيث أنه يعتبر آية في الفن المعماري الإسلامي وهو مسجد السلطان أحمد أو المسجد الازرق كما يسميه الاتراك ويقع في ميدان السلطان احمد، مقابل متحف "آيا صوفيا"
ويعتبر مسجد السلطان أحمد أبرز وأكبر مساجد تركيا فمساحته شاسعة لذلك يطلق عليه «المسجد الكبير» لأن المصلين يدخلونه من خمسة أبواب فهو يشغل أربعة شوارع رئيسة بمدينة أسطنبول ويتميز بالتحف المعمارية والفنية وبالزخارف والآيات القرآنية المنقوشة على جدرانه بالإضافة إلى حوالي 150 نجفة معلقة بجميع جنباته وسقفه.
لكل خليفة مسجد يخلده:
بعد وفاة السلطان العثماني مراد الثالث عام 1603م، تولى السلطنة من بعده السلطان أحمد الأول ( 1603 ـ 1617 م) وكأسالفة الذين سبقوه فقد أمر ببناء مسجد يضم مجمعاً كبيراً للخدمات المدنية والعلمية والاجتماعية في عاصمته، يُجمع فيه أقصى ما يمكن من الفخامة الخارجية والداخلية، بحيث ينافس آيا صوفيا ويزيد عليها. فاشترى قطعة أرض كبيرة بمبلغ ضخم من صاحبها، بعد أن أعجبه فيها قربها من قصر الخلافة ( طوب قباي ) وإشرافها الرائع على البحر، وكلف أشهر مهندس عصره المهندس محمد آغا، الذي تلقى تدريبه على يد أكبر بناء في التاريخ الإسلامي العثماني ( سنان باشا ) وعلى يد المهندس الكبير ( داود آغا ) وأمره أن يضع بين يديه تصوراته الفنية الممكنة لهذا العمل الفريد المتميز...
وكان المهندس محمد آغا قبل ذلك قد بدأ هواياته بتعلم الموسيقى فأتقتها، وأتقن معها فن التطعيم بالصدف، وبلغ فيه درجة عالية من المهارة، مما كان له أثر واضح في رقة أعماله وجمالها وتناسقها.
ست مآذن شاهقة... ومئذنة للحرم:
وأراد اسلطان أحمد أن يبالغ في تعظيم شأن مسجده فأمر ببناء ست مآذن له تناطح السحاب، وكإشارة منه على تواضعه أمام بيت الله الحرام في مكة المكرمة ـ الذي كانت فيه ست مآذن حينذاك ـ ورغبة منه في أن تتميز الكعبة الشريفة وحدها دون سواها على مسجده، فقد أمر أن يضاف إلى مآذن المسجد الحرام البديعة مئذنة سابعة هدية منه لبيت الله المعظم، كما أمر بكسوة الكعبة بصفائح من الذهب، وركب لسطح الكعبة ميزاباً من الذهب وأحاط أعمدة الحرم بحلقات مذهبة، ورمم جميع قباب المسجد الحرام وعددها آنذاك 260 قبة.
وبعد سبع سنين من العمل المتواصل:
بدأ العمل في مسجد السلطان أحمد في استنابول عام 1609م، واستمر طيلة سبع سنين إلى أن انتهى وافتتح عام 1616م، قبيل وفاة السلطان أحمد بعام واحد، وأصبح معلماً من معالم العمارة الإسلامية، يلوح في الأفق بمآذنه الرشيقة للناظرين من بعيد، خاصة القادمين على سطح بحر مرمرة أو مضيق البوسفور كأوسع مجمعات استنابول الإسلامية، وأرحب ما انشئ من المساجد السلطانية وأكثرها مآذنا،