استراتيجية التعلم الذاتي
مقدمة
إن التطور العلمي والتكنولوجي الآن أصبح سريع ومتلاحق وكثيف ، حتى أن العصر الذي نعيشه أصبح يطلق عليه عصر المعرفة الكثيفة ، وهو بلا أدنى شك عصر يتطلب وجود أفراد من نوع خاص يستطيعون مواكبة وملاحقة هذا التطور والتغير السريع فى شتى المجالات والتوافق معه ، بل وحتى يستطيعون التميز فيه ومن خلاله ، أى أفراد قادرين على الحصول على المعارف والمعلومات وتحليلها والتأكد من مدى صحتها ومعقوليتها من خلال تقييمها ، ثم تقدير مدى قابليتها للتطبيق ومدى الاستفادة منها ، وهذا من خلال فكر ناقد يتميز بالتفرد والقدرة على النقد والتحليل ،
من هنا نشأت فكرة التعلم الذاتي باعتباره أسلوب من أساليب التعلم المتطورة التي تمكن الفرد من أن يعلم نفسه بنفسه وفقاً لقدراته ولسرعته في التعلم ، وبما يتوافق مع ميوله واهتماماته ، أي أن أسلوب التعلم الذاتي يقوم على أساس المتعلم ، فهو الذي يختار المادة الدراسية التي يريد دراستها ، وهو الذي يحدد نقطة البداية ونقطة النهاية ، وهو الذي يحدد سرعة التعلم في ضوء سرعته الخاصة في التعلم وفى ضوء امكاناته وقدراته ، كما أنه يحدد أسلوب التقويم الذي يتم تقويمه من خلاله نتناول من خلال هذا البحث المتواضع التعلم الذاتي من خلال الحديث حول مفهوم التعلم الذاتي من خلال الرؤى المختلفة ، والتي نحاول من خلالها وضع تعريف اجرائى يعبر عن التعلم الذاتي كأسلوب من أساليب التعلم ، ثم نتحدث حول الخلط بين مفهوم التعلم الذاتي وبعض المفاهيم الأخرى مثل تفريد التعليم ، ثم ننتقل إلى أهم الطرق والأساليب المستخدمة ومنها استخدام الكتاب المقرر بمصاحبة مواد مطبوعة من إعداد المعلم ، استخدام كتيب أو دليل لدراسة المتعلم لموضوع معين ، التعليم البرنامج ، الرزم أو الحقائب التعليمية ، التعلم التعاقدي ، التعلم بالمراسلة ، والمشروعات التعليمية ، ثم نتطرق إلى سمات أسلوب التعلم الذاتي وخصائص برامجه وطبيعة طرقه ، وبالتأكيد فمن الأمر يتطلب الحديث حول طبيعة المتعلم الذاتي ، ثم المردود التربوي لأساليب التعلم الذاتي ، ثم مبررات استخدامه ، ثم ننتقل إلى نقطة هامة وجوهرية في الموضوع ، ألا وهى دور المعلم في نظام التعلم الذاتي والخطوات التي يقوم بها ، ثم ننتقل إلى الحديث حول العناصر الأساسية في تصميم برامج التعلم الذاتي ، ثم العوامل المؤثرة في عملية التعلم الذاتي ، وأهم الأسس النفسية والتربوية التي يقوم عليها نظام التعلم الذاتي ، ثم نتطرق إلى مجالات التعلم الذاتي ، وأهم المشكلات التي تواجه تطبيق التعلم الذاتي في مدارسنا التقليدية ، ثم نقوم بالتعقيب على الموضوع من خلال الخاتمة 0
في النهاية أتمنى أن يكون هذا الجهد المتواضع ذو قيمة علمية ، نظراً لأهمية الموضوع الذي يتناوله ، كما أحب التأكيد على أنني من خلال هذا البحث ، وإن كنت أدعو للتعلم الذاتي كمتطلب أساسي من متطلبات العصر، إلا أنني لن أطالب باللامدرسية ، ولكن أدعو إلى البحث عن إيجاد التوازن والتكامل بين مؤسسات التعليم النظامية واللانظامية ، وبين كل من المعلم والمتعلم لتحقيق هذه المعادلة ، التي وإن كانت تبدو لأول وهلة صعبة التحقيق ، ولكنها ليست بالمعادلة الصعبة إذا طبقناها بالتدريج وعلى مراحل ، فالحياة نفسها مراحل يجب أن يسير الإنسان فيها بتوازن منذ البداية وحتى النهاية 0
إن طريقة التدريس تعتمد في أدائها على مجموعة مهارات ينبغي أن يتقنها المعلم لكي ينفذ الطريقة بصورة جيدة تحقق الأهداف وبالمثل نقول إن كل إستراتيجية من إستراتيجيات التدريس تتضمن عدداً من طرق التدريس وإتقان المعلم لأداء تلك الطرق وفهمه لأساليب تنفيذها ومقومات نجاحها يضمن نجاح الإستراتيجية المختارة في موقف تعليمي معين بهدف تحقيق أهداف تعليمية محددة .( مرجع 4 – 301 )
واستراتيجية التدريس هي أول خطوة عملية يوضع فيها المنهج موضع التنفيذ وهي دور أساسي من أدوار المعلم إذ يتم من خلالها اتصال المتعلم بمادة المنهج بعد أن يتم إختيارها من قبل المتعلم وفق فلسفة معينة وبناءاً على قواعد ومعايير معينة وتحقيقاً لأهداف منشودة من هذا التعلم .
واستراتيجيات التدريس كثيرة من حيث عددها ومتنوعة من حيث طبيعتها وتؤدي هذه الإختلافات إلى إختلاف النظريات الفلسفية والنفسية والتربوية التي تقوم عليها وإختلاف المواقف التعليمية وتنوعها بحيث يصبح لكل موقف طريقة أو استراتيجية تناسبه . ( مرجع 22 - 141 )
تعريف الاستراتيجية : .
وقد تعددت محاولات تعريف مصطلح ( استراتيجية ) وفي جملتها تشير إلي أن الاستراتيجية هي خطة عمل عامة توضع لتحقيق أهدافاً معينة . ولتمنع تحقيق مخرجات غير مرغوب فيها وتصمم الاستراتيجية في صورة خطوات إجرائية ويوضع لكل خطوة بدائل تسمح بالمرونة عند تنفيذ الاستراتيجية وتتحول كل خطوة من خطوات الاستراتيجية إلي تكتيكات . أي أساليب جزئية تفصيلية تتم في تتابع مقصود ومخطط في سبيل تحقيق الأهداف المحددة .( مرجع 4 – 301 )
وعى إعتبار أن التدريس نشاط مقصود يهدف إلى ترجمة الهدف التعليمى إلى موقف وإلى خبرة يتفاعل معها التلميذ ويكتسب من نتائجها السلوك المنشود وحتى يتم ربط التلميذ بالخبرة التعليمية ( محتوى المنهج ) يتوصل المعلم بطرق واستراتيجيات تدريس ويستخدم وسائل تعليمية تزيد من فاعلية تلك الطرق والاستراتيجيات وهناك عدة خطوات يجب أن يقوم بها المعلم قبل البدء في التدريس .
- تحديد الأهداف التي ينشدها من تدريس هذا المقرر .
- إختيار أساليب العلم والمحتوى والطرق التي تناسب الأهداف والتي تدفع المتعلم للتفاعل مع المادة الدراسية بما يتفق مع مبادىء التعلم .
- أن يقيس ويقوم اداء التلميذ وفقا للأهداف التي إنتقاها في البداية ولذلك فإن المعلم اليوم بإعتبارة مثيراً للتعلم ومنظماً وموجهاً له ، أي أنه مديراً للموقف التعليمي وعملية التعلم كما يتضح من الشكل التالي( مرجع22 – 141 ،142)
تصنف استراتيجيات التدريس حسب المرجعية لها إلى عدة تصنيفات منها :
أولاً : استراتيجيات حسب محور عملية التعلم :
1 – أساليب تدريس يكون المعلم هو محور العملية التعليمية مثل( المحاضرة ، الأسئلة ، العرض العملي ،......)
2 – أساليب محورها المتعلم مثل : ( الدراسة العملية ، الطرق البحثية ، التعلم المبرمج ، التعلم الذاتي )
3 – أساليب محورها المعلم + المتعلم مثل : ( المناقشة ، المناظرات ، الحوار ،...)
ثانياً : استراتيجيات حسب طريقة تعلم المتعلم للحقائق والمعلومات :
التدريس المباشر ( الاتجاه الاستقرائي الاستدلالي ) .
يقوم المعلم باستقراء الجزئية للتوصل منها إلى المفاهيم أو المبادىء الرئيسية من خلال التعاون مع المعلم .
التدريس المباشر وغير المباشر : ( يقوم المعلم باستخدام الاستراتيجيتين معاً أي يستدعي الاتجاهين الاستقرائي والاستنباطي في عملية التعلم .
ثالثاً : استراتيجيات التدريس عن طريق النشاط من قبل المتعلم :
وتتضمن هذه الاستراتيجية (طريقة المشروع ، وطريقة دالتن ) وغيرهما وتتميز هذه المجموعة بإشباع ميول التلاميذ وحاجاتهم إلى تنمية إهتماماتهم الخاصة وبمشاركة المتعلم في اكتساب المعرفة وممارسة الأنشطة المتضمنة في المواقف التعليمية .
رابعاً : استراتيجيات التدريس المتوازنة :
وتتميز هذه الطرق بأنها طرق متوازنة من حيث مراعاتها للتلميذ المتعلم في حاجاته واهتماماته الحاضرة ومن حيث مراعاتها في الوقت نفسه للمادة الدراسية أو للحقائق والمعلومات ولمشكلات المجتمع وقضاياه . ( مرجع 22 – 143 ،144 )
كيفية اختيار طريقة التدريس أو استراتيجية التعلم :
نظراً لكثرة عدد طرق التدريس واستراتيجياته هناك عدة عوامل تتدخل في عملية الاختيار مثل :
نوع المادة الدراسية
الفروق الفردية بين المتعلمين
الجو والبيئة الاجتماعية والمدرسية وما يتوفر فيها من امكانيات .( مرجع 22 – 147 )
مميزات استراتجية ( طريقة ) التدريس الجيدة :
تعتمد الطريقة التي يدرس بها المعلم على بعض الأسس العامة التي تجعل منها طريقة ناجحة :
- أن تكون مناسبة لمستوى المتعلمين ومراحل نموهم العقلي وظروفهم الإجتماعية والأسرية والإقتصادية .
- أن تراعى الترتيب المنطقي في عرض المادة حسب ما تتطلبه القواعد المنطقية العقلية مثل التدرج من المركب إلى المعقد ومن المباشر إلى غير المباشر .
- أن تراعى الأساس السيكولوجي في عرض المادة مراعاة إلى ميول ورغبات وقدرات المتعلم .
- أن تراعى الفروق الفردية بين التلاميذ في الفصل الواحد .
- توفير فترات منتظمة للعمل يشعر التلاميذ فيها بالنجاح ويتمكنون خلالها أن يتقدموا تقدماً مجدياً يوماً بعد يوم .
- أن تثير تفكير المتعلم من خلال مشاركته الإيجابية وخلق المواقف والمشكلات التي تدفعه لحلها وعلاجها بجهده وتفكيره ونشاطه .
- أن تحقق أهداف التعليم الموضوعة لهذا الدرس .
- أن تنمي في المتعلم القدرة على المبادرة والاكتشاف والابتكار .
- أن تبعث على السرور والانتباه لتنشيط عقولهم .
- أن تثير التفكير الجيد وتحمل المتعلم على استمرارية التعلم خارج حجرة الصف عن طريق التعامل الفردي أو الذاتي .
- أن تنظم خطواتها حسب الوقت المخصص للحصة .
- أن تنمى الاتجاهات السليمة والقيم الجيدة كالتعاون والمشاركة في الرأي واحترام الآخرين .
- أن تراعى صحة المتعلم النفسية والعقلية .
- أن تستند على طرق التعلم وتستفيد من نظرياته وقوانينه مثل التعلم بالعمل ، التجارب والملاحظة والمشاهدة ، التعلم بالخبرة ، الأثر والنتيجة ، التدريب ، الاستعداد ، ........ الخ .
- أن تشتمل على وسائل تعليمية تساعد المتعلمين على الفهم وتجدد فيهم النشاط .
- أن تناسب قدرات المعلم في تنفيذها .
- أن تشتمل على خطوات متنوعة ولا تستمر على وتيرة واحدة .
( مرجع 22 – 148 ، 149)