التقويم المستمر خطوة التصحيح الأولى
محسن علي السُّهيمي - العرضية الشمالية
يطالب الكثير من المنتمين للمجتمع التربوي بالتغيير الدائم في الاستراتيجيات التربوية لمواكبة المستجدات الحادثة في ذات الميدان. واستجابة لرياح التغيير نحو الأفضل قامت وزارة التربية والتعليم قبل عشر سنوات بتطبيق مشروع (التقويم المستمر) في الصفوف الدنيا من المرحلة الابتدائية، وترقى حتى شمل الصف الخامس الابتدائي هذا العام على أن يشمل الصف السادس في السنة القادمة. وقد كثرت الآراء بين مؤيد ومتحفظ على آلية تنفيذ المشروع، إلا أن هناك شبه إجماع على أهميته من حيث المبدأ. هذا المشروع يعتمد على آلية جديدة للتقويم لا تتكئ على الاختبارات التحريرية في نهاية الفصل، وليس المقام مقام تفصيل عن آلية التنفيذ. أستطيع القول إن هذا المشروع أكثر من رائع إذا قام المعلم بتنفيذه على الوجه الصحيح، وهو في الوقت نفسه حمل ثقيل على المعلم. فعند المقارنة بين معلم في نظام التقويم ومعلم في نظام الاختبارات نجد أن الأول في موقف أكثر من محرج إذ ليس بيده أداة صريحة للنجاح أو البقاء يقتنع بها الآباء فهو في موقف الخائف إن صح التعبير، وهذا ما يجعله يبذل الجهد مضاعفًا وهمه الأكبر أن يتقن طلابه جميعهم المهارات المطلوبة وبالتالي الانتقال إلى صف أعلى، أما المعلم في نظام الاختبارات فهو في موقف المطمئن وقد لايبذل الجهد المطلوب لأن بيده أداة صريحة تحميه هي الدرجات التي يحققها الطالب وتعتبر فاصلا بين النجاح أو الرسوب وليس لأحد عليه حجة وبالتالي فرسوب الطلاب لا يضيره، وهنا يتضح الفرق بين المعلمَين. ولعل قائلا يقول إن المعلم في نظام التقويم قد يتراخى في تقديم الدروس وفي النهاية يعطي طلابه إشارة الانتقال وأقول إن الحال نفسها تنطبق على المعلم في نظام الاختبارات فهو قد يتراخى أيضا وفي النهاية يضع أسئلة يحلها الجميع، أو قد يلمح إليها أكثر من مرة، وقد يحدد موضوعات بعينها للاختبار، وقد وقد... والحيل كثيرة. فالاتهام يقع على الاثنين. هذه مسألة، والمسألة الأخرى تتعلق بالأسر، فلقد مضى ردح من الزمن ودورها معطل ولاهم لها إلا كم الدرجات التي يحققها الأبناء ويبقى العبء على المدرسة، هذا في نظام الاختبارات أما مع التقويم فقد أصيبت الأسر بما يشبه الزلزال فليس أمامها معيار واضح من وجهة نظرها تركن إليه لتتعرف على مستوى أبنائها، وهذا يدفعها لبذل الجهد معهم متابعة وتعليمًا وحرصًا، ولو لم يكن من فوائد التقويم إلا إفاقة الأسر من سباتها والتفاتها لأبنائها لكفاه. مسألة أخرى تتعلق بالاختبارات التي يتغنى بها بعض المهووسين بها، ولنا أن نتساءل: هل يحقق المعلم مواصفات الاختبار الجيد عند بنائها؟ وهل تقيس المستوى الحقيقي للطلاب؟ وهل تنمي مهارات الطالب كالبحث والتلخيص؟ وهل تبرز الجوانب الإبداعية لدى الطالب؟ وهل تقيس المستويات المعرفية الستة؟ الواقع أن الاختبارات لا تتضمن ذلك ولا تقيس إلا المستوى الأول وهو التذكر! ومما زاد طينة الاختبارات بِلَّة اعتمادها على الأسئلة الموضوعية، ولا أدري كيف تُختبر المواد العلمية والنحو الأدب بالطريقة الموضوعية؟ لقد تحولت إلى ما يشبه الأحاجي والألغاز! وهذا لا يعني أن الاختبارات المقالية هي البديل الناجع للموضوعية أبدًا فسلبياتها سبق ذكرها.
محسن علي السُّهيمي - العرضية الشمالية
http://www.al-madina.com/node/22174