الهمة طريق يمتطيه أهل العزيمة الصلبة ، ويعتليه أصحاب الهمة الثاقبة ، كأنهم قد وجدوا كونهم الذي لايطربون إلا فيه ، فإذا هم يترنمون فيه بأناشيد الجِد ، ويشدون فيه بألحانِ الكفاح ، حتى تسلمهم الحياة إلى يد الموت ..
همم كأن الشمس تخطب ودها *** والبدر يرسم في سناه أحرفا
هاهو هذا الطريق لايسمح بالدخول إلى عالمه إلا بعد أن يستلم ممن يريد الدخول بطاقة الهمة الموثقة الصادقة ، فإذا تقدم إليه أحد بهذه البطاقة فتح أبوابه وقال :
أهلا وسهلا والسلام عليكم *** وتحية منّا تزف إليكم
أحبابنا ما أجمل الدنيا بكم *** لاتقبح الدنيا وفيها أنتم
ثم يدخل أهل الهمم من ذلك الباب ، وهم في غاية السعادة والأنس ، ثم إذا بهم يتفرقون في هذا الطريق ، فمنهم من ذهب في طريق ( المعرفة الدينية ) ومنهم من ذهب في طريق ( المعرفة الأدبية) ومنهم من ذهب في طريق ( المعرفة السياسية ) ومنهم من ذهب في طريق ( المعرفة التجارية ) ومنهم من ذهب في طريق ( المعرفة الطبية ) ومنهم من ذهب في طريق ( معرفة أخرى مختلفة ) ، ثم إذا بهذه الطرق تسلمهم جميعاً إلى قصر يسمى ( العلم والخبرة ) وهذا القصر له قيمته المتميزة ، وقدره الرفيع في أذهان الناس ، فإذا دخلوا هذا القصر تفرقوا إلى الجلوس على الأرائك التي أعدها ( القدر ) لهم ، فمنهم من يجلس على أريكة ( الغنى ) ومنهم من يجلس على أريكة ( عدم الغنى ) ، ومنهم من يجلس على أريكة ( الشهرة ) ومنهم من يجلس على أريكة ( عدم الشهرة ) ، ثم يأخذون في جلوسهم هذا أجلا مسمى ، حتى يناديهم منادي الموت ، فيقومون له جميعاً ، ثم يذهبون إليه ، وقد أعدّ لهم كؤوسه التي فيها نهاية حياتهم الدنيا ، فيسقيهم إياها ..
هو الموت مامنه ملاذ ومهرب *** متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
ثم ينتقل بهم الموت من حياة إلى حياة أخرى ، يكون فيه الحساب والجزاء على كل صغيرة وكبيرة ، بدرت منهم في ذلك الطريق ( ووجدوا ماعملوا حاضرا ولايظلم ربك أحدا )
بدر العضياني
(بدر بن نداء العتيبي)