[align=right]
صَبَاح
مَرّ الآنْ عَلَى رحِيلُكِ عامان ونيف..
أتذكرين آخر مرّة تقابلنا فِيها ، كنتُ يومها قد أستغنيتُ عن أهمّ الحُصص فِي الثانوية العامة..
علم الإجتِماع ، النحو و التاريِخ وهذا الأخير جداً أحبه..!
رغم أن مُدرستهُ قامت بِتوبيخِي فِي أول حُصة لها لأننِي أبتسمت وخرقتُ قوانينها
أتذكرين حيِن أعترفت لِي ذات يوم وبعد أن أعطتنِي رقم هاتفها وأمطرتنِي بِ رسائل
حِين قالت خُلُودْ : أتعلمين لِمَ.. وبختُُّكِِ
حِين أبتسمتِ فِي الحصة الأولى؟
همهمتُ أنا أي : أخبرينِي
قالت : لأن إبتسامتكِ رائعة وكأنها خيط من نور أُسدل علينا ذات صباح
غاليتِي
كنتُ خائِفة ولا أعلم لِم..؟ حين طرقتُ الباب وأردفتُ و الموت بدا لِي أفضل حالاً
من أن أقف أمام أربعين طالبة وأقول : أتسمحِين لِي بِالدخول ..!
وتقفين لِتقولِي : أأنتِ هُنا؟ فِي هذا الفصل؟ سامحننِي ياطالِبات لم أتعرف على أسماؤكن بعد ..!
رغم أن أسبوعين مرّت على بدء الدراسة
أردفتُ قائلة : لا يا مُعلمتِي أنا طالِبة جديدة ومن اليوم سأستأنفُ الدراسة ، أذكر يومها كان شعري طويلاً معقوصاً لِلخلف
بِخلاف بعض خصلات تمردت وداعبت رموشَ عينيّ شوقاً
فماكان منكِ : إلا أن قلتِ ياااه بعد أسبوعين مِن الدراسة تأتِي طالبة لِلفصل وعلى إستحياء أنا أدرسُ هُنا
هل تُريدين هذا الفصل ؟ وأين سَتجلسين؟ أختاري مكاناً مًعيناً تُحبين الجُلُوسَ فيه..!
أخبرتكِ أن المُديرة أختارت لِي 3/3 لأنهُ الفصل الوحيد الذي يكون مجموع طالباته أربعونَ أمّا البقية فتُشغل أثنان وأربعون
وأن أيّ مكان فِي الفصل يُناسبنِي المهم أن أرى المُدّرسة جيداً
يالله ، ماأجمل ابتسامتكِ حين قُلتِ : ومن أين أنتِ يبدو من لهجتكِ أنكِ لاتقطنينَ هذهِ المنطقة رغم أن وجهكِ مألوفُ جداً لديّ
أخبرتكِ أننِي آتيه من مكان بعيد وجئتُ أدرس هُنا
وكأنهُ ماكان فِي الفصل غيرنا بدأتُ أردُ على إجاباتكِ والطالبات مُستمتعات
أتذكرين حين قالت فاطِمة لاأُريدها هُنا يبدو أنها لاتضحك كثيراً ، كانت مُعتادة على الضحك كثيراً حتى أن أبلة هيا ماعاد يعنيها أن أبتسمت فاطمة وخرقت القانون أم لا
آه لِذكراكِ ، حين مَرّ أسبوعاً كاملاً ولم تأتِي الخُلُود لِلمدرسة قلقتِ ، وبعدها أخذتنِي
وبدأنا بِالحديث أخبرتكِ بِما يعتمل والصدر ، أقسم لكِ دون أن أعِي من أنتِ ، ربّما لِدفء أحضانكِ حين بكيت وبِحنوّ الأم والأخت ضممتنِي
لم تكونِي مُدّرسة لِي فقط..! بل كثيير من الأشياء التِي أعجز وربِي أن أُُسمّيها
فِي ذاك العام الملئ بِالحُرُوُب بينِي وبين ذاكَ الرجل عــ1423ـام كُنتِ تقولين : خُلُود يجدرُ بِكِ الآن أن تصرخيِنَ بِها وتقولِين لا..
لاتبدأين بِالصمت الآن ثم لاتُدركيكِ
إلاّ وقد مضى بِكِ العُمر سنين طوال
أخترقِي عُزلتكِ وأبكِي حَتَّى وأن كان فِي أحضانِي ، قوليها يا جميلتِي وقولِي وعداً.. همستُ لكِ وعداً
قلتِ : لا بِصوت قويّ أُريدها والإعتِداد بِالنفس يملأكِ هَيّا قوليها ، لا لا ياعنيِدة قولِي لا بِقوووة لا أعدكِ
قَلتها وأتفقنا أن نلتقِي بِنهاية الدوام لِتتمنّى كُلاّ مِنّا يوماً سعيد للأخرى
أنتهى اليوم وقلقتُ جِداً عليكِ ، سمعتُ من إحداهن أنكِ خرجتِ مُبكراً ونسيتِ إتفاقنا..
غضبتُ ، وكأننِي أعلم أننِي سَأتغيبُ لإسبوع آخر وكم كنتُ أتمنى لو رأيتكِ
بعد مُرور ثلاثة أعوام على هذا أي فِي عــ1426ـام وفِي الشهر السادس واليوم الـ 22 والساعة العاشِرة صباحاً
كنتُ أستغرب رؤيتهن يرتدين الأسود وأرجأت هذا لِكثرة الوفيات فِي منطقتكن ، وخصوصاً الشباب / ـات منهمـ / ـن
كنتُ أرتدي تِي شيرت ورديّ وسبحان فقد قبلتُ ذاكَ الصباح كُوبكِ الذي أهديتنيه يوم تكريمكِ لِلمتفوقات
زهريُّ اللون تتوسطه وردة بيضاء ، أخبرتنِي بعدها بأن هذهِ البيضاء كَقلبِي وقلتِ : أحرصِي على أن يرى الجميع لون قلبكِ هذا
كُنتُ أمشي وأنا أُذاكر بلاغة قرآنية ،جاءت عُلا تنظر لِيّ شزراً مددتُ يدي صافحتها ، ( كيفك يادُبا )
سألتنِي : أراكِ فرِحة ألم تعلمِي بعد..!
خشيتُ نظرتها وسؤالها أكثر.. ماذا حدث ياعُلا؟
عُلا : صباح ماتت قبل أُسبوع ، وكنتُ أبحثُ عنكِ هُناك أيام العزاء
هآاااااااااه ، كيف ولِمَ..؟؟
لِمَ لم تُخبريننِي ؟ لِمَ ؟ ، وكرهتُ ذاتِي والله لأننِي أرتدي الزهري لففت ذاتِي بِغطاء رأسي ، لاأعلم لِمَ..!
رُبّما لأنكِ تستحقيين أن أبكيِكِ مُطولاً وأن أرتدي حُزناً عليك الأسود دُهوراً
يالله لم أتمكن حَتَّى من حُضُور زفافكِ ، نعم أراهُ زفاف فأنتِ شابة جميلة يافِعة ، وكدتُ أهوي لولا أننِي تدراكتنِي وأخذتنِي لِمكان قصيّ وبدأتُ أنتحب وأبكيكِ
يااه ، لِماذا تموت الأشياء الجميلة دوماً
ولاأعلم لِمَ فِي هذا الصباح تذكرتكِ ..!
لا لا تذكرت ، وجدتكِ قبل البارحة فِي حُلمِي ، ترسمين خُططاً لِنلتقِي ، وإيّاكِ أن لاتفعلِي فوربِي أشتقتكِ حدَ الموت والفناء أشتقتكِ
كُنتِ تقولين ، متى آتِي قلتُ لكِ يأي وقت فلديّ الآت غُرفة كبيرة قِي بيت والدي
سألتنِي أسعيدة أنتِ؟
لم أجبكِ وقُلتِ سآتِي يوماً ونتكلم بِتفصيل مُمل ،ووعدتنِي أن يكون قريباً
ورُبّماأكتبُ لكِ لأخبركِ أننِي أنوي زيارة قبركِ ووضع زُهور بيضاء كَ قلبكِ ، لا قلبِي ليسَ أبيضاً يا صباح كَ قلبكِ
سيئة أنا لِدرجة أننِي لم أحضر حَتَّى عزاء صديقتِي ، ولا أذكر الآن سبب ضياع رقمكِ من جهازي ، وسألت ابله ناذرة عنه كثيراً حين أراها بالمُناسبات
وأخر مرّة أخبرتنِي أن جِهازكِ مُغلق وسَتعودينَ لِلوطن قريباً
أتذكركِ الآن وأنتِ تشرحين ، تغضبين ، وبِسؤالكِ لِيّ تُشاكسين ، أتذكرُ سائقكِ وهو مُستاء لأنكِ تبقين بإنتظار أن يأتِي أبن خالتِي هُناك لِيأُخذنِي
كُنتِ تموتين حين تُجبرين أن ترحلي قبلِي.!
كُنتِ تتألمين أن أخبرتكِ أن الظروف أعاقتنِي فلم أُذاكر وعَلى الوقوف بِقُربي يوم الإختبار تحرصين
تعالِي الآن
وأنظريّ لِي ، أصبحتُ عاجِزة عن كُلّ شئ وعن الُمذاكرة ، وتأخرتُ ثلاثُ سنوات عن الدراسة فما أنتِ فاعلِة ، وللآن كُالهواء فِي السَماء مُعلّقة
لاأنا بِالساقطة ولا بِالمُرتفعة وكأننِي ذاك المُقترب بعد عُلو ( المُتدلِي) ، هذا حالِي وربكِ أوشكُ على السقوط
صَباح..
لازلتُ أرى إبتسامتكِ يوم أن وُضِع أسمِي بِقائمة العشر الأوائل
9_ خُلُود العَلِي
9_ ( مُكرر) خُلُود الغالب
10_ يُمنى ....
هذا ماأقتطعتِه من الورقة وجئتِ بِه لأصدقُكِ
ولن أنساكِ وأنتِ تُصفقين حِين بدأت المُديرة بِالتعثر حِين وصلت لِلرقم 9 _ هذهِ يامُعلِمات وياطالِبات ،طالبة هاتفتنِي وكثيراً تطلبُ لها مقعداً وكنتُ أرفض
وأقول لها لا مقاعد شاغِرة ، هاتفتنِي لِمُدّة أسبوع متواصل ولم تيأس ذهبت لِلرئاسة العامة وجاءت بِفكّ قِيد وحملت أملها معها
وبعد أسبوعين بدأت دراستها فِي حين لم يتبقى على الإختبارات الشهرية سِوى أسبوعين فقط
وهاهِي ( خُلُودْ العَلِي) كُنتِ تُصفقِين بِحرارة وكأنكِ تقولين هذهِ أملِي وخُلُودي أنا
فما كان منِي إلاّ أن أتقدم وأقول رُغم خجلِي :هذهِ التِي تُصفق بِحرارة هِيَ نجاحاتِي و شهاداتِي وأعطيتكِ إياها وقبلّتُ جبينكِ
وأغضبكِ تصرفِي بِالمُناسبة الآن أُريد شهادتِي ولكن كيف سَتُعطينيها؟
حبيبة ، أودُّ أن أخبركِ أننِي أوشكتُ أن أنتهِي من ختمَّ المصحف الشريف لِروحك وهذهِ المرة الثانية ، أعلم مُقصرة أنا فَقد أخذتنِي الدنيا عنكِ وإشغالِي بِما يستحق وبِما لايستحق
آسِفة ياروحِي وعجلِّي بِزيارتِي
صَبَاح ، أؤمنُ بِالأحلام فَهل تُؤمنِي
صَبَاح
أتُحققِين الحُلم وتأتين لأخذي..!
لا لا تغضبِي فَأنا أشتاقكِ وربِي[/align]