[align=right]ارْتَسَمَتُ رَمَاداَ عَلَى جَمْرِ الأَلَمْ....
فَاكْتَوَيْتُ بِجَحِيمِ الْاحْتِرَاقْ...
حَتَّى بِتُ بَقَايَا بُرْكَانْ...
عَلَى مَدِينَةٍ نَهَاهَا الزّمَانْ...
فَغَطّيْتُ مَبَانِي الحُبِ بِالسّوَادْ....
وأَغْشَيْت أَبْرَاجُهَا بأًلْوَانِ الحِدَاد....
وتلَبّدَ هَوَاؤُهَا النّقِي بحِمَمِ البُرْكَان....
واخْتَنَقَ الإِنْس والجَان
حَتَى طَالبَ كُلْ مَنْ فِيهَا بالفَكَاك....
وبَعْدَ أَنْ أَعْرَسَتْ مَدِينَةُ العِشْقِ بالغُبَار....
وزّعَتُ عَلى المُدْعُوينَ شَرَابَ العَذَاب...
وقَدّمْتُ عَلَى الطّاوِلَاتِ أَطْبَاقَ الحِرْمَان
أمّا عَلَى مَائِدَةِ العَشَاء
هُنَاكَ كَانَ سُمُّ الغِذَاء....
فَإِذَا بِي عِنْدَ انْتِهَاءِهِمْ مِنْ الطَّعَامِ يُقَدِّمْ لِيَ البَعْض العَزَاء....
لأَنَّ كُل مَن تَنَاوَل َالطّعَامَ سَجَّّل نَفْسَهُ في قَائِمَةِ الِانْتِهَاء ........
ولَمْ أَدْفِنَهُم بَلْ تَرَكْتُ تِلْكَ الجُثَثَ ثُمّ غَادَرَتْهَا بِمَا تَبَقّى مِنْ الكِبْرِيَاء...
ولكِنّي لِحَنَانِي عَليهم أَحْرَقْتُ بَعْضَهُم وذَرَرْتَهُم عَلَى قِمَمِ الجِبَال ....
وأَشْعَلْتُ النَّارَ فِي بَاقِي تِلْكَ المَأْدَبَةِ الجَوْفَاء....
لأُنْهِي دَلَائِلَ جُرْمِي الشّنْعَاء....
وأُخْفِي مَعَالِمَ أُنسِي
وأُبْقِي ذِكْرَيَاتْ أَلَمِي الصّهْبَاء....
لأَتَحَسّرَ عَلَى ذِكْرَيَاتٍ مَضَت...
وسَعَادَةٍ هَبّتْ رِيْحُهَا وفَاتَ أَجَلُهَا
وأُحَاوِلُ المُغَادَرَة
فإِذَا بِأَرْضِ المَدِينَةِ قَدْ تَقَشّعَتْ غُيُومُها
وتَقَلّبَتْ أَتْرِبَة سَطْحِ أَيّامَهَا جَزَعَاً...
مِنْ حِقْدِي
كَرَاهِيَتِي
وعُنْفِي.....
ثُمّ مَدَدْتُ يَدِي بِبُطْءٍ مُسْتَلِذْ لأُسَاوِي دَمَارَ مَدِينَتِي
لأُخْفِي مَعَالِمَهَا مِنْ الخَرَائِطِ الجُغْرَافِيّة
والمَعَانِي العِشْقِيّة
وأُبْقِيهَا مُجَرّدْ ذِكْرَى مَنْسِيّة
عَلَى مَا تَبَقَّى مِنْ أَيّامِي الّليْلِيّة
وضَوْءُ نَهَارِهَا ونُجُومُهَا السّرْمَدِيّة
وأَمْكُثُ هُنَاكَ
خَلْفَ جُفُونِ السّوَاد المَغْفِيّة
ولا أٌغَادِرُ حَتّى نِهَايَتِي المَخْفِيّة [/align]