[align=right]
:
Click HeRe
:
سلامٌ عليكم دارَ الهوى , أبناؤه , وبقايَاه المُتناثرة في الزوَايا
سلامٌ عليكم ألحَان الشوقْ , ترَاتيل المَطر , والبقيّة من الحَالمين
سلامٌ عليكم آل البشَر , آل العِشق , وآل الفِراق
سلامٌ عَليكم أحياءً وأموَاتا , إنسَاً وجانّ
اليَوم , وهذه السَاعة فقطْ أشعُر بأنّي أحبّكم جميعاً , وأحبّ من لم أذكُره وسقَط سهواً من ذاكِرتي الممتلئة بالخَيبة والحزنْ ..
أحبّك أيّها الحبّ , وأنتَ يا فِراق أحبّك كذلك , ولمْ أنسكَ يا حُزني فأنتَ الأجدَر بالحبّ ؛ فقط لأنّك الأكثر التصَاقاً بي !
أحبّك يا ليلِي البَاكي , يا غُربتي التي تُثير خَوفي , يا وحدَتي التائِهة , يا وسَادتي التي لم تملّ ولم تكلّ من تحمّل ملح عيني , يا دَفتري المكتَظّ بمشَاعري الصامِتة , يا قلمِي المتمرّد , يا كرسييّ البارد , يا صَباحي الناعِس المملّ , يا حَياتي الرتيبة , يا تفاصِيلي الغَائبة , يا مَلامحي الشَاحبة , يا عينِي التي تَطلبني النوم , يا شَعري المنسَدل على كتفِي بإهمالْ , يا عَالمي الحزِين , يا صوتِي المُختَنق بالدَمع , يا قَلبي الذي لا زَال على قَيد الحياة , يا قمراً يُرسَم عليه وجْه من رحلْ , يا شوارِعي التي أمشّطها كَثيراً حتى باتت تتسَاقط ولم أعُد أعرِفها , يا أنوَار حدِيقتي التي تُثير حفِيظتي , يا أرجُوحتي التي هجَرتها ..
يا وقتِي البطيء المُتخم بالكسلْ , يا سَاعتي التي أستَجديها الحَراك ولا تفعلْ , وصوتُها الذي يثِيرني أكثر من أيّ شيء آخَر , يا مَكاني الذي تمسّك بي وقْت فرَحي وترَحي ..
جميعُكم أحبّكم
أحبّ البشَر جميعاً , أولئك الذين أمنتُ ظَهري لهم فقامُوا بطعنِه , أولئك الذين ما إنْ علّقت عليهم الأمَل حتى فرّوا هَاربين , أولئك الذين تحدّثوا كثيراً ولا زالُوا ! , أولئك الذين ابتَسموا لي لأغمِض عيني حتى أنعَم بصفَاء تلك اللّحظة فقامُوا بسحبي للخَلف ليتقدّموا , أولئك الذين دسّوا السمّ في طَعامي وأخذُوا يُقهقهون , أولئك الذين فَرشوا طرِيقي بأشواكٍ أتعثّر بها وأنزِفْ
أحبّهم أيضاً !
وأحبّ من حولي جميعاً , أصدِقائي المزيّفين , والثلّة الأوفيَاء , ومنْ أجهل من البشَر ومن أعلمْ ..
الجميع , الجميع أحبّهم
كذلك الراحِلون
وخصوصاً هوَ !
ذلك الذي رحلْ منذ وقت , ذلك الذي نَفث سِحره في عيني وَمضى , ذلك الذي كانَ يحبّ الفِراق أكثرَ منّي , ذلك الذي تحدّث كثيراً عن قُدرتِه في الابتعَاد عنّي – وحدَث - !
ذلك الذي كنتُ أشعُر تجَاهه بكلّ المشاعِر , ذلك الذي قلَب موازين كوني , فكان شَمسي وقَمري وظلّي !
ذلك الذي هَدْهَد أحزاني فغفت طويلاً في حُضنه إلى أن ملّ منْ ثقلها فقررّ إيقاظها ليمضي !
ذلك الذي كانَ – كلّ الرجال –
أحببتُه كالطفلة التي تحبّ من يُفاجئها بما تحبّ , ويلعَب معها ويضحك وإن كانت تَهذي بما لا يُفهمْ ..
كالأمّ التي تخشَى على صغِيرها من الهواء الغَير نقيّ ؛ رغم أنّها تعلَم أنّ جسده سيطرُد ذلك الكربون حين يتنفسّ إلا أنها كانت تُهوِّل تلك العمليّة وتجد أنّها ستُرهقه !
كالضَائعة التي عثَرت على وجهتها , إثر رجلٍ مدّ يدَه وأشار بسبابته للطريق الصحيح ..
كالمريضة التي تحمل في جيبهَا شُكر لا يفي طبيبها !
كالأنثَى التي تهوَى الرقص على ألحان المَطر الذي يتسَاقط حولها, وهي لا تُشعر سِوى بنشوة الحبّ ..
كالوردة الممتنّة للرجُل الذي يُسقيها كلّ صبَاح ؛ لتُزفِر بالعِطر !
كالشَاطئ الذي يسكَر بِقُبلة أمواج البحرْ !
كخُيوط الفجْر الأولى التي تُداعب الليل وتستَأذنُه الشروقْ ..
كالغُروب حين يجرّ معه أحزَان العالمين ويرحَلْ !
ورحَلْ !
لأجلِه , لأجلِي , لأجلِ الآخرين , لأجل الذكريَات واللحظَات القديمَة التي أتنفسّها حتّى هذهِ السَاعة , لأجلِ البقيّة البَاقية من مُضغَة قلبه , لأجلِ الحيَاة التي تُناديه وتُلحّ في ندَاءها , لأجلِ الانتظَار الذي يلّوح لِي , لأجل الليل الذي اشتَاق لنداءَاتي , لأجل الصبَاح الذي لا يتَذكرني بقٌبلة أمَل , لأجل الحَياة .. رَحلْ !
ولا اعِتراض !
وأحبّك أيّها الرحيلْ !!!!!!!
* هلْ عنيتُ ذَلك ؟[/align]