يا الله.. الجنة
يا الله.. الجنة
قالها (عبدالكريم الغريض) الناجي من حكم القصاص وكلمة السيف قبل لحظات بل ثوان قليلة من قطع رقبته..
يتذكر عبدالكريم اصعب لحظة مرت في حياته ويقول: عندما جلست على ركبتي وأسلمت رأسي لحكم الشرع.. بدأت اصغي لتالي بيان القصاص:
لقد تقرر تنفيذ حكم القصاص على عبدالكريم عناد الغريض.
سمعت حركة فوق رأسي شعرت انني لست على الارض, ظننت اني قضيت.. في لحظة سمعت صوت الممرض الصحي:
(مبروك يا عبدالكريم تم العفو عنك!!
يمضي الناجي في رواية ادق تفاصيل ذلك اليوم: لما قال الممرض عبارته تلك ظننت نفسي في حلم شعرت بحركة فوق راسي كان هو..هو الاب الشهم الكريم والد صديقي الراحل عبدالله انه ابي الثاني سمعته يقول: عفوت عنك ياعبدالكريم عتقتك لوجه الله.
على اثر هذه الكلمة الطيبة التي صدرت من الشيخ عايض حملني الناس, ضموني وهنأوني هللوا..وكبروا سجدت لله شكرا وقبلت رأس والدي عايض, اقول عنه والدي فهذا شرف لي.. سألني الاب الشهم: هل بشرتك والدتك ماذا تنوي ان تعمل بعد خروجك من هذا المكان? قلت له سأزور ابي المريض يا ابي سأدعو له بالشفاء ثم اتوجه الى مكة المكرمة لاداء العمرة عن عبدالله رحمه الله!
الشيخ الشهم عايض بن صبر ابو المتوفى لم يكتف بهذا بل سارع بالاتصال بوالدة عبدالكريم وابلغها نبأ العفو..
(عكاظ) هاتفت ام عبدالله القتيل في مقر اقامتها في تبوك قالت بايمان عميق وكرم واسع انها سيدة مؤمنة صابرة محتسبة..
قتل عبدالكريم لن يعيد لي عبدالله بل سيجر حزنا الى بيت مسلم..
اهالي الشاب الراحل وفدوا جميعا الى تبوك لحضور القصاص, كانت هناك مساع كثيرة الا ان الموافقة تمت في يوم التنفيذ هذه ارادة الله ومشيئته..
الحادث وقع في 15/6/1420هـ اثر خلاف بين عبدالكريم وعبدالله وحدث ماحدث..
يقول عبدالكريم مسترجعا تفاصيل لحظات ماقبل تنفيذ القصاص: جاءوا بي مكبلا انزلت رأسي وسمعت صوت السيف يسحب من غمده ولكم ان تتصوروا انسانا يسمع صوت السيف الذي سيفصل رأسه عن باقي جسده, لما صدر العفو لم اوقن ما سمعته اعتقدت انني اطير وروحي تصعد الى السماء حتى سمعت التهليل والتكبير واصوات التهاني بخطوة الرجل المقدام والد عبدالله ووالدي الذي اشترى آخرته وباع دنياه.. احمد الله تعالى ان سخر لي هذه العائلة الكريمة الشهمة في اليوم الذي سبق تنفيذ القصاص كنت صائما وشاركت في النشاط الرياضي بلعبة كرة القدم مع زملائي برغم انني كنت اعاني من بعض الالام طلب مني زملائي في النشاط ان ارتاح قليلا ورفضت بعد صلاة المغرب تناولت افطاري ثم بدأت الصلاة والتهجد حتى ماقبل صلاة الفجر لم انم في تلك الليلة.. لان يوم الجمعة كماهو معروف هو يوم تنفيذ القصاص..
يصمت عبدالكريم ويتذكر اللحظات التي لاتنسى ويواصل: في تمام الساعة التاسعة اخذوني من دار الملاحظة الى السجن العام عرفت ان يومي قد دنا.. ودعت كل رفاقي فبكوا بكاءً مرا قلت في نفسي ان كان هذا هو حال رفاقي فكيف سيكون حال امي..
ايقنت انني ساكون في القبر في الليلة القادمة.. جاءني الشيخ ليقول لي اليوم سينفذ فيك حكم القصاص اكتب وصيتك ياعبدالكريم كتبتها قلت فيها:
(يايمة لا تبكي علي.. احتسبيني عند الله) طلبت ان اغتسل فاغتسلت وقرأت مات بقى علي من سورة البقرة والصافات ويس والحشر قلت في نفسي هذه الليلة ستكون اول ليلة لي في القبر..دعوت الله في سجودي وقلت:
يا الله الجنة.. يا الله الجنة.
يتذكر عبدالكريم ويضيف: جهزوني وجاءوا بي الى ساحة القصاص قال لي الشرطي المرافق اجلس على ركبك ياعبدالرحمن.. شعرت بالتراب تحت اقدامي رفعت اصبع السبابة ونطقت بالشهادة تمنيت ان يقول لي السياف لحظتها الآن ساقطع رأسك لارد واقول له امهلني ان اردد الشهادة لاخر مرة..
في هذه اللحظة جاءني العفو من رجل كريم شهم مقدام..
منصور الملوغي مدير دار الملاحظة التي قضى فيها عبدالكريم فترات سجنه يقول: عبدالكريم اشتهر طوال فترة بقائه في الدار بحسن الخلق وكان نادما على مافعله وكان يؤم رفاقه في الصلاة تألمنا جميعا لخروجه لتنفيذ القصاص فيه ونبأ العفو اسعدنا جميعا.. الشكر والثناء والدعاء للشيخ عايض بن صبر على كرمه..
يعود عبدالكريم ويثني على كرم وشهامة الشيخ عايض ادعو له بخير الجزاء انا اعتبر نفسي ابنا له.. لقد زار ابي في المستشفى.
ويقول الباحث الاجتماعي خالد الشمري ان ابن صبر بعفوه عن عبدالكريم ضرب اروع الامثلة في الشهامة والنخوة الاصيلة
تحياتي