كسر «أنف» الأمية... ويطمح إلى دخول «الشات» ... مُسن يبتكر لغة للأميين... ويحترف الرسائل القصيرةالدمام - عبدالله المالكي الحياة - 25/01/08
نجمة، تليها خط، فرقم ثلاثة، وبعده دائرة. ماذا تفعل لو وصلتك رسالة عبر هاتفك الموبايل،
تحمل تلك الرموز، يصعب أن تفهمها، غير أن السبعيني علي حسين، الشهير بـ»أبي محيسن»، الذي تلقى رسالة مماثلة من صديق له، يعمل في تجارة المواشي في مدينة الرياض، ترجمها النجمة تعني أنه سيسافر صباحاً، بدلالة الخط، أما رقم ثلاثة، فهو متجه إلى المنطقة الشرقية، فهذا مفتاح خطها في الهاتف الثابت، فيما تشير الدائرة إلى أنه سيصل حين تكون الشمس في كبد السماء، أي عند منتصف الظهر وعلى رغم أميته، وتجاوزه العقد السابع، إلا أن أبا محيسن، لا يجد عائقاً في التعامل مع التقنية الحديثة، فهو طوعها في تسهيل أموره، من دون التنازل عن أُميته، من خلال حيل ابتكرها لتجاوز تلك العقبة ويستخدم أبو محيسن الجيل الثالث من الهواتف المحمولة، ويجيد استخدامها في الاتصال على الأرقام المخزنة، وإرسال الرسائل القصيرة، بل تعدى ذلك إلى استخدام تقنية «البلوتوث». ويمتهن علي الزراعة، وتربية الماشية في القطيف، وتبعد مزرعته، التي تقع في بلدة الملاحة، مسافة كبيرة عن منزله في بلدة القديح، ما يضطره أحياناً للبقاء في مزرعته أياماً، بيد أن بقاءه هناك لا يعزله عن العالم، فهو يمضي وقته في الحديث مع الكثير من أصدقائه من داخل المنطقة الشرقية وخارجها، ويتبادل معهم الرسائل القصيرة، خصوصاً في المناسبات والأعياد.ويكتب أبو محيسن رسائله في شكل رموز وأرقام، واستطاع محبوه وأصدقاؤه فك شفرتها ومعرفة ما تعنيه مع مرور الوقت، حتى أضحت لغة معروفة له، تعلمها كل من حوله من أصدقائه، واتخذوها وسيلة للتواصل في ما بينهم.
ويقول: «اضطررت في البداية إلى استخدام الموبايل للاتصال عند الضرورة، ما دعاني للتفكير في طريقة لتجاوز عقبة القراءة والكتابة، للتمييز بين الأسماء في هاتفي»، مضيفاً «لم أجد سوى أن أخصص رمزاً أو رقماً لكل شخص أحتاج إلى تخزين رقمه في هاتفي، فوضعت علامة المربع لهاتف المنزل، ورتبت أرقام أبنائي؛ بدءاً بالرقم واحد بحسب السن، وهكذا بقية الأصدقاء». وخشية من كثرة الأرقام، بدأ أبو محيسن بإضافة الرموز إلى جانب الأرقام، لتساعده في تذكر صاحب الرقم، فوضع علامة النجمة بجانب رقم واحد، لتدله على صديق قديم كان يتسامر معه ليلاً، تحت ضوء النجوم.
ولم يكتف أبو محيسن بتخزين الأرقام، فانتقل إلى الرسائل القصيرة، التي أصبحت «ضرورة ملحة في بعض الأحيان، ما جعلني أفكر في رموز بسيطة أشرحها لمن حولي، ليفهموا دلالاتها واستخدمها عندما يكون الرصيد غير كافٍ، ولا يمكن للأشخاص الآخرين الاتصال بي». ويرى أنه استطاع «كسر أنف الأمية، والتعامل مع التقنية الحديثة، تماماً كما يفعل المتعلمون، بل استطعت نقلها من نطاق العائلة، إلى أفق أوسع، وكونت مجتمعاً له لغته الخاصة، أشبه ما تكون بمفهوم الفن التجريدي لدى الفنانين التشكيليين، الذين لا يفهم لغته إلا من أحب هذا الفن وتعمق فيه».
ويراهن أبو محيسن على استطاعته اقتحام عالم الانترنت، وتعلم إرسال البريد الإلكتروني بلغته، بل والمشاركة في «الشات»، بشرط أن يتعلم محدثوه لغته «الجديدة والسهلة» كما يراها هو.