لا يعني موسم الامتحانات، لدى مروجي الكبتاجون، إلا فرصة تحقيق أرباح عالية، تعود على تجارتهم غير المشروعة، بالمزيد من المال.. ولا يهم تاجر المخدرات في هذه الحالة، أن ينظر إلى المقابل الذي سيُدفع من أجل زيادة ثروته، فحتى لو كان ثمن الترويج، ضياع عقول شابة ومستقبل وطن، فإن الأمر لا يعنيه. وهنا سنعرف أن إلقاء اللوم على المتاجرين بالمخدرات، لن يكون ذا مردود، فهم في النهاية أصحاب رؤوس أموال تحتاج إلى النمو بأي طريقة. وهنا تعود المسؤولية على أربعة أطراف، وأولها هو الطالب نفسه، فرغم أن بعض الطلاب يسعى بنفسه للحصول على المنبهات غير المشروعة، غير أنه في قرارة نفسه لم يفعل ذلك إلا ليحظى بنشاط وهمي يساعده على تحقيق معدل جيد وبالتالي مستقبل جيد. والطرف الثاني هم الأهل، الذين عليهم متابعة الأبناء عن كثب، خصوصاً وأن تعاطي المنبهات يترك أثراً واضحاً في هيئة وذهن المتعاطي، بما لا يدع مجالاً لجهل الأهل. والطرف الثالث هم المعلمون والذين بدورهم يستطيعون التعرف على الطالب المتعاطي، ويمكن توجيهه بالوسائل الحديثة، لا بتخويفه بالفضح والشرطة. أما الطرف الرابع فهم موظفو إدارة مكافحة المخدرات، الذين يعدون بالآلاف من موظفين ومتعاونين، غير أن نشاطهم يكاد يكون محصوراً في النقاط الحدودية، وعلى الطرق البرية، ولن تجد طالباً في عمر الزهور، يبحث عن الكبتاجون على الحدود، بل سيبحث عنها داخل الحي، وبالقرب من المدرسة، وفي شوارع الحارة الخلفية، وهذه الأماكن هي ما يجب على إدارة المخدرات الوجود بها ومتابعتها إن أرادت حماية النشء.
يشير الدكتور محمد بن علي الزهراني المشرف العام على مجمع الأمل للصحة النفسية في الدمام أن المجمع أقام ورشة عمل قبل أكثر من عام درست نتائج تعاطي الحبوب المنشطة (الأمفيتامينات) وخرجت ببعض التوصيات والتي هي قيد التطبيق ومنها تكوين لجنة متخصصة من المهنيين والأكاديميين في كل التخصصات ذات العلاقة لوضع دراسة علمية تغطي جميع مناطق المملكة لبحث المشكلة على المستوى الطبي والنفسي والاجتماعي, والتوصية لجميع الجهات ذات العلاقة بمشاركة وسائل الإعلام للإعداد لحملات التوعية بخطورة المشكلة والتركيز على أثر المنشطات على وجه الخصوص. ويذكر الدكتور الزهراني، أنه ثبت بالتحليل الكامل لأعداد مختلفة من أقراص الكبتاجون أن كل قرص يحتوي على خليط مختلف من المادة الفعالة إن وجدت, وفي كثير من الأقراص ثبت وجود مادة الافيدرين مع الكبتاجون. ويؤكد الزهراني أنه وكما جاء في المراجع الدوائية العالمية، فإن تناول الكبتاجون مع الافيدرين يؤدي إلى تدمير مراكز نهاية الأعصاب المركزية بالمخ، ما ينتج عنه إعاقة مستديمة حتى بعد سحب الأمفيتامين – الحبوب المنشطة - من الجسم. مشيراً إلى أن الأقراص الخالية من الأمفيتامين، يوجد بها في كثير من الأحيان مادة اللافيدرين حتى يشعر المتعاطي بأعراض مشابهة للأمفيتامين , والمدمن عادة ما يتناول عددا من الأقراص في اليوم الواحد ومع طول فترة التعاطي تزداد فرصة حدوث الإعاقة وحدتها وبالتالي يصعب علاجها. ويذكر المشرف على المجمع أن سُبل العلاج تتم على عدة مراحل، فأولاً لابد من فحص خلايا المخ للوقوف على حالته والنظر في الخلايا الدماغية ومعرفة نسبة التالف منها, مؤكداً أن الكبتاجون، على وجه الخصوص، يسبب تغييرا في الحالة المزاجية وأعراض جسمية مثل زيادة ضغط الدم وبطء معدل ضربات القلب وسرعة التنفس واسترخاء عضلات القصبة الهوائية واتساع حدقة العين وازدياد النشاط الكهربائي بالمخ وازدياد وصول الدم إلى العضلات وتطور هذه التأثيرات في أخطار مرضية للجهاز القلبي الوعائي. ولتلك الأقراص جانبها النفسي أيضاً، فهي سبب رئيس في حدوث الهلوسة والهذيان. ويشير الزهراني إلى أن الامتناع المفاجئ عن تعاطي الكبتاجون يؤدي إلى ظهور أعراض متلازمة الامتناع والتي تشمل الانزواء عن المجتمع والجوع والإنهاك والوسن والهيجان والخمول والوهن النفسي والنوم لفترات طويلة. وكشف مجمع الأمل للصحة النفسية في الدمام أن عدد المدمنين للحبوب المنشطة والذين راجعوا المجمع خلال العام الهجري الماضي 1428 بلغ 1336 متعاطيا , وأشار القائمون على المجمع أن السرية التامة في معالجة المريض هي أهم نقطة حفاظا على الخصوصية ولإعطاء المريض الثقة في المجمع خصوصا إذا انتكس المريض وعاد لتناول الحبوب فإن السرية التامة ستساعده على العودة مجددا إلى المجمع لطلب المعالجة. يشار إلى أن الكبتاجون تطلق عليه أسماء شائعة متعارف عليها بين المدمنين والمروجين منها " أبو ملف , شقراء , الأبيض , أبوداب , دفني , داتسون , بيضا , قشطه , أبو قوسين , أبو مسحه ". كما أنه يعد من أكثر أنواع المنبهات الدوائية انتشاراً، ومن أقدمها وجوداً في مجال المنبهات غير الشرعية.
سعر الحبة من 30 إلى 200!
من جهته أكد العقيد سعود العصيمي مدير الإدارة العامة للتوعية والتوجيه الوقائي في المديرية العامة لمكافحة المخدرات في السعودية لـ " الاقتصادية "أن سعر قرص الكبتاجون ارتفع خلال الأسبوع الماضي من 30 إلى 200 ريال، والسبب كما يؤكد هو اقتراب موعد الامتحانات, مشيرا إلى أنه تم ضبط 27 مليون حبة كبتاجون خلال تسعة الأشهر السابقة مؤكداً أن لذلك أثرا إيجابيا في التقليل من تعاطي هذا النوع من الحبوب التي ينشط عملية بيعها خلال الامتحانات, مضيفا أن النظام الجديد لمكافحة المخدرات أسهم أيضا في الحد من ذلك .
وأشار العقيد العصيمي إلى أن 80 في المائة ممن يتعاطون الحبوب المخدرة بكل أنواعها يبدأون من الاختبارات عن طريق تجار المخدرات أو متعاطيها الذين يوهمونهم بأنها تساعد على التركيز والسهر.
وأكد العقيد العصيمي أن المادة 38 من نظام مكافحة المخدرات الجديد تنص على أن يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على 15 سنة, وبالجلد بما لا يزيد على 50 جلدة في كل مرة, وبغرامة من 1000 ريال إلى 50 ألف ريال – كل من حاز مادة مخدرة أو بذورا أو نباتا من النباتات التي تنتج مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو باع شيئا من ذلك أو اشتراه أو موله أو مون به أو أحرزه أو سلمه أو تسلمه أو نقله أو بادل به أو قايض به أو صرفه بأي صفة كانت أو توسط في شيء من ذلك , وكان ذلك بقصد الاتجار أو الترويج بمقابل أو بغير مقابل , وذلك في غير الأحوال المرخص بها في هذا النظام, مشيرا إلى أن من يطلب العلاج لا يعاقب، بل يتم معالجته.
تنشيط الذاكرة بالغذاء
ومن جانبه، أكد لـ "الاقتصادية" الدكتور يوسف بن مبارك الخاطر مدير مركز مهارات الحياة للتدريب أن الآثار السلبية من تناول الكبتاجون خطيرة جدا على الدماغ , ناصحا في الوقت نفسه الطلاب والطالبات باتباع نظام غذائي متكامل وهو عبارة عن شرب الماء فهو يقلل التوتر وشرب الحليب ومشتقات الألبان بكثرة والتقليل من الشاي والقهوة وتناول السمك والفواكه الطازجة، وخصوصا التمر وتناول المكسرات وخصوصا عين الجمل, وأكل اللحوم قليلة الدسم كلحم الحاشي, والابتعاد عن الوجبات السريعة. وأضاف الدكتور الخاطر أن على الطالب أو الطالبة اتباع طرق معينة بالاستذكار كوضع إضاءة خاصة على المكتب والنوم الكافي وأخذ وقت للراحة , مشيرا إلى أن الدراسات أثبتت أن إحناء الرأس أفضل طريقة لتروية الدماغ بالدم وعلى الطالب إذا شعر بالخمول أن يضع رأسه بين ركبتيه لمدة دقيقة أو دقيقتين حتى يتدفق المشبع بالأكسجين إلى الدماغ مباشرة، ما يجعله أكثر تركيزا وطاقة .
"الملاحظة" تطالب بالتحليل العشوائي
عبد الرحمن المقبل مدير دار الملاحظة الاجتماعية في الدمام قال للاقتصادية أن تعاطي الحدث لحبوب الكبتاجون تكون بوابة للدخول في التعرف على عالم المخدرات , مطالبا بأن يؤخذ على هذه المرحلة العمرية تحليل عشوائي لكشف المتعاطين والتعامل معهم بما تقتضيه الحالة وقال المقبل لابد أن يتم تنبيه الطلاب حتى لا يدخلوا في هذا العالم المؤثر سلبيا في حياة الشخص , مؤكدا أن المروجين يكثر نشاطهم أثناء الاختبارات لأنهم يعرفون كيف يصطادون الطلاب.
دلائل التعاطي لدى الطلاب
من جانب ذي صلة فقد حذرت أوساط تعليمية الطلاب من تعاطي الحبوب وقال عبد الله اليوسف مدير مدارس الأوائل بالخبر إنهم يقومون بتنبيه الطلاب بين الفينة والأخرى بأضرار الحبوب المخدرة وكل ما يتعلق بالمخدرات, مؤكدا أن المعلمين يعرفون تماما العلامات التي تظهر على متعاطي حبوب الكبتاجون وهي عدم القدرة على النوم مع إرهاق وتوتر شديد نتيجة وجود المادة المنبة في جسمه, رعشة في اليدين, زيادة كبيرة في إفراز العرق , كثرة الحركة والكلام وعدم الاستقرار, زيادة كبيرة في إفراز العرق , وغيرها من العلامات التي إن ظهرت على الطالب فإننا نقوم بمتابعة حالته , وفي حالة التأكد من تعاطيه يتم تحويل الطالب إلى العيادة السلوكية والمتخصص في المعالجة النفسية , وطالب اليوسف من المعلمين رصد جميع الحالات وتشخيص الحالات التي تتطلب تقويم سلوكهم , منبها في الوقت نفسه إلى أن المدارس التي يعمل بها لم يكتشف بها حالات تعاطي.
تحذير طبي
أوضح الدكتور محمد عباس جامع إخصائي الطب النفسي بمستشفي أسطون في الخبر، أن التعاطي الزائد لحبوب الكبتاجون قد يصيب المتعاطي بجلطات القلب التي قد تؤدي إلى الوفاة وذلك بسبب ضيق الشرايين التاجية الذي يسبب استعمال جرعات عالية وبارتفاع في ضغط الدم يكون مفاجئاً بحيث يمكن أن يؤدي إلى نزيف في المخ ويسبب الغيبوبة والوفاة أيضا قد ينتج عن استعمال جرعات عالية من الكبتاجون الإصابة بنوبة صرع كبرى والغيبوبة والوفاة, وقد تؤدي إلى الاكتئاب، كما يؤدي إلى حدوث اضطرابات في السلوك أو التفكير أو الإدراك . وقال الدكتور محمد يكثر تعاطي الكبتاجون عند سائقي الشاحنات وسيارات الأجرة بين المدن والطلاب خصوصا أوقات الاختبارات, وامتد التعاطي حاليا ليصل إلى بعض كبار السن ممن يتوهمون بأن الحبوب تمنحهم الطاقة والحيوية وتجدد نشاطهم.