محو الأمية والرقم 100!
--------------------------------------------------------------------------------
د. فؤاد محمد السني
احتفلي أمتي العربية باليوم العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار. ولا يكفي أن يبقى الاحتفال به محدودا بيوم واحد فقط (الثامن من يناير)، بل كل أيام العام يمكن لها أن تكون مسرحا لهذا الاحتفال. ولا يلزم أن نقتصر الاحتفال على هذا العام فقط، لكي لا نفكر في احتفال جديد مع مرور الذكرى مرة أخرى العام القادم، بل اجعلي احتفالك متواصلا عبر السنين. قد يكون من الأفضل أن ننسى هذا اليوم، ونواصل الاحتفال لمائة عام تأتي. فحالنا لا يرتجى منه التحسن فيما يأتي من أعوام، وعليه نحن في أفضل مما سنكون عليه بعد عام. في عام 2005 تحدثت الأرقام عن 71 مليون عربي أمي، ويوم قبل أمس قالوا لنا، احتفلوا بالرقم 100 مليون!! وللدقة والأمانة فهو 99.5 مليون أمي.
الثامن من يناير، عربيا تكبر فيه أرقام الأمية على مختلف شرائح المجتمع. لا يختلف منحى الأرقام عبر السنين فهي كبيرة سواء تحدثنا عن أمية الصغار أو الكبار، أو أمية الرجال أو النساء. وسواء تحدثنا عن أمية (الموضة القديمة) وهي أمية القراءة والكتابة أم كان الحديث عن أمية (الموضة الحديثة) أعني أمية التعامل مع الحاسب والتقنيات الحديثة، ففي كل ذلك أرقامنا دوما عالية مرتفعة. وبها يحتفل العرب بأنهم السباقون في الأمية.
احتفلي أمتي العربية بما لديك من أمية، يستعصي على أي تجمع آخر أن يقترب من أرقام ارتفعت عاليا، واستمرت سنين طويلة لتنتج عرفا لا يمكن أن يتجاوزه أحد. واحتفلي مرة أخرى في اليوم العالمي لمحو الأمية وتعليم الكبار بعد بضعة أشهر ( الثامن من سبتمبر)، فهناك لن تحتاجي أن تستذكري أرقام الغير ففي ذلك اليوم تنشر أرقام عالمية، سيصعب عليك أمتي أن تريها. لابد لك من التواضع والتزود بما يقربها للناظر!! ستحتاجين للتواضع لأن كل تلك الأرقام أسفل منك، وعليه تحتاجين أن تركعي، وأكثر، لتريها. وستحتاجين لما يقرب تلك الأرقام لناظريك، فهي صغيرة تتسابق في عكس ما أنت فيه من منحى لأرقام أميتك.
احتفلي أمتي العربية، بعشرة ملايين طفل، وأكثر، هم مشاريع أمية للمستقبل وسيلحق بهم الكثير. احتفلي أمتي العربية فقد شهد عام 1975 أول استراتيجية لمحو الأمية في العالم العربي، وضعت لها بعض الأهداف لتتحقق مع حلول العام 1985، لكنها لم تتحقق. واحتفلي بازدياد الأمية من 35 مليونا في عام 1985 الى 44 مليونا في عام 1990!! واحتفلي بما لم ينجز في العام 2000 في خطة سبقتها بسنوات من أجل تعميم التعليم الابتدائي ومحو الأمية.
ولتكتمل الفرحة والاحتفال، لا تلتفتي لما يثار في طريق ازدياد الأمية أو بقائها على حالها، من مشاريع حضارية لبناء المجتمعات المعرفية، والاقتصاد المعرفي، والرؤية المستقبلية للتعليم للـ 100 سنة القادمة في العالم العربي!! لا تلتفتي لما تعنيه العولمة، ولا لثورة المعلومات ولا للأمية الثقافية، والاجتماعية و الوظيفية. ولا تبخلي علينا ببعض الأرقام التي قد تستجد.
[email protected]
http://www.alyaum.com/issue/page.php?IN=12627&P=4
