جاء ت إليّ رسالة من شخص ما ، يقول فيها : ( أيها الأخ العزيز ، إني أراك تهيم في الجمال هياما ، وتنطلق فيه انطلاقا ، وتذهب بنا بعيدا إلى الخيال الرحب ، وترفرف بنا في أماكن مجهولة سحيقه ، فهل لك أن ترينا الحقيقة حقيقة ، والخيالا خيالا ، كي نميز الأشياء ، ونعرف الحقائق )
فقلت له : ( أيها الأخ العزيز ، أو ماعلمت بأن الجمال حقيقة وخيالا ، وحلما وواقعا ، وصدقا وخرافة ، وغيبوبة ووعي .
أيها الأخ العزيز ، لقد رضي منكم من رضي وتمتع ، وسخط منكم من سخط وتقطع
وما قلت غلطا ، وماحسبت غلتا
ولكنه شعور بالجمال استشعرته ، وجمال بالحروف استحضرته
ولو تأمل معارضي فيما كتبت تأمل المتأملين ، وعرفوا معرفة العارفين ، لأذعنوا هنالك باليقين
فكل إناء بما فيه ينضح ، وكل جميل في الجمال يسرح ، وكل قبيح في القبح يسبح
فتقول وردة جميلة ، ويقول شوكة طويلة ، وتقول سنبلة ، فيقول قنبلة ، وتقول مياه رقراقة ، فيقول سيول صفاقة ، وتقول همسات نسيم ، فيقول رياح عقيم ، ماتذر من شيء الا جعلته كالرميم
فلا الجمال عندهم جمال ، قد حاربوه محاربة عبس وذبيان ، وفارقوه مفارقة قيس لليلى ، فلا يعرفهم ولايعرفونه ، وينكرهم وينكرونه ، ويصفعهم ويصفعونه ، ويطرحهم ويطرحونه ، ابتلوه بلاءاً كبلاء أيوب ، حتى غدا في وجهه شحوب .
أيها الشاكي ومابــــــــــك داء *** كن جميلاً ترى الوجود جميلا
بدرالعضياني