قوام جسم الإنسان
قال الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم (يَا أَيُّهَا الإنسان مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ)( ) . وقال تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)( ) .
قال ابن كثير : أي ، جعلك سوياً مستقيماً معتدل القامة منتصباً في احسن الهيئات والاشكال( ). "وقال انه تعالى خلق الانسان في احسن صورة وشكل، منتصب القامة ، سوي الاعضاء حسنها"( ).
لقد أهتم الإنسان بالقوام منذ آلاف السنين فكان له محاولات عديدة اراد خلالها تقويم شكل الجسم ووضع معايير نموذجية تحدد تركيبه وابعاده. فكان وضع الوقوف هو الوضع الدال على القوام ، لكن لوحظ بأن كثيراً من الناس يمتلكون قواماً معتدلاً من وضع الوقوف لكن تظهر عيوب عند الحركة تكون خطيرة ، لذلك اصبحت القياسات الحديثة للقوام تتضمن قياس الجسم في الوقوف والجلوس والرقود والحركة.
فالقوام له مغزى مختلف من وجهة نظر الجميع لانه لا يمكن وصف القوام للفرد بكفاية، فالقوام يعني (الوضع) . فإذا امعنا النظر في جسم الانسان نجده متعدد الاجزاء فلا يمكن ان يقال ان له قوام منفرد لانه يتخذ حالات (اوضاع) قوامية عديدة. لذا فالقوام الجيد لجسم الانسان يعني "الوضع الذي تكون فيه الاجزاء الرئيسة للجسم متزنة ومنتظمة فوق قاعدة الارتكاز وتكون العلاقة التنظيمية بين هذه الاجزاء سليمة بحيث تمكنه من القيام بوظائفه بكفاءة وباقل جهد"( 1).
وجسم الانسان يتمثل بمجموعة مكعبات متراصة فيما بينها بشكل دقيق ، لذا فان خروج احد هذه المكعبات عن وضعه الطبيعي سوف يؤدي الى ما يسمى بالتشوه القوامي، فلذلك تكون اجزاء الجسم في وضع عمودي مترابطة ومتراصة فالرأس والرقبة والجذع والرجلين يحمل كل منهما الاخر بما يحقق اتزاماً مقبولاً للجسم . لذا يعد القوام الجيد تعزيزاً للقدرة الوظيفية لاجهزة الجسم الحيوية ويقلل من شدة الاجهاد الواقع على العضلات والعظام والمفاصل والاربطة وبالنتيجة سوف يؤخر ظهور التعب العضلي. وبالرغم من اعتقاد البعض بان مفهوم القوام قاصر على شكل الجسم وحدوده الخارجية الا ان هذا المفهوم لا يعبر عن كل الحقيقة لانه القوام الجيد يمثل "العلاقة الميكانيكية بين اجزاء الجسم المختلفة العظمية والعضلية والعصبية والحيوية .. وكلما تحسنت هذه العلاقة كان القوام سليماً"( 2). وترتبط هذه العلاقة عند اصحاب القوام الجيد بصفات تمكن اجزاء الجسم من التغلب على الجاذبية الارضية للحفاظ على توازن الجسم في اوضاعه المختلفة مع بذل الحد الادنى من الطاقة( 3).
_________________________________________
( ) سرور اسعد مصور ، القوام – عيبوبه وتشوهاته ووسائل علاجه وطرق المحافظة عليه ، القاهرة : دار المعارف ، 1985 ، ص15.
( ) محمد صبحي حسانين . القياس والتقويم في التربية البدنية والرياضية ، ج2 ، ط3 ، القاهرة : الفكر العربي، 1996 ، ص150.
( ) محمد عادل رشدي ومحمد جابر بريقع . ميكانيكية اصابة العمود الفقري. الاسكندرية : منشأة المعارف ، 1997 ، ص14.
( ) محمد عادل رشدي ومحم