مقدمة :
إن تكنولوجيا العصر غيرت كل من المقاييس المألوفة للزمان والمكان مما أدى إلى تقارب المسافات بين العلماء والدول لدرجة أن الثورة التكنولوجية المعاصرة أصبحت هى طابع هذا الزمان ولها خصائصها المميزة وآثارها البعيدة المدى على الإنجازات الرياضية العالمية ومع معالجات البحث العلمى لكن من الملاحظ جيداً أن معظم الاكتشافات العلمية والأبحاث التكنولوجية تركزت فى بعض الدول لدرجة أنها سيطرت على طرق الاستفادة منها ، وخاصة على المستوى الرقمى والأولمبيى والعالمى ، وبذلك أصبحت مشكلة نقل تكنولوجيا الرياضة إلى الدول النامية تعترضها الكثير من المعوقات التى تحتاج إلى المزيد من العناية البالغة لأنها من أهم العوامل الرئيسيى لتقريب المسافة بين الشعوب ، عن طريق اكتساب ما وصل إليه العالم المتقدم من أسرار تكنولوجيا التجهيزات الرياضية ، مع ضرورة الاستفادة منها لخلق جيل من الرياضيين الأبطال فى جميع الأنشطة الرياضية عامة والسباحة على وجه الخصوص .
تاريخ السباحة فى مصر ومقارنته بالدول المتقدمة :
بالرغم من إنشاء أول حمام للسباحة فى مصر عام 1908فى حديقة الأزبكية بالقاهرة وبالرغم من تأسيس الاتحاد المصرى للسباحة للهواة عام 1910 وإنشاء وزارة المعارف حمام سباحة لطلبة المدارس بشارع رمسيس عام 1912 وتخريج كثير من أبطال السباحة من حمام الحرس الملكى بجوار قصر عابدين على يد ليمورد كاناكيز فى الفترة من عام 1952 – 1955 .
وبالرغم من ازدياد عدد حمامات السباحة بصورة ملحوظة فى جميع المدن والأقاليم إلا أن رياضة السباحة تعتبر فى مهدها الأول وبدايتها الأولى كانت الدول المتقدمة حيث تطورت رياضة السباحة تطور كبير بفضل عناية هذه الدول وإحساسهم بأهمية السباحة بتربية الشباب تربية رياضية سليمة ، على اعتبار أنها وسيلة إعداد أبناء الأمة وعنصر من عناصر سعادتها ، وسبب من أسباب نموها ورخائها ، حتى أصبحت كل دولة تخصص للتربية الرياضية وخاصة السباحة مكاناً بارزاً فى سياستها المالية والاقتصادية والتربوية والاجتماعية وخاصة فى عصرنا الحديث عصر التكنولوجيا .
نجد أن مستوى السباحين والسباحات المصريون ما زال فى خطواته الأولى نحو التقدم ، وأن هذا التقدم الذى ينشده حتى نصل إلى المستوى اللائق باسم مصر وحضارتها وثقافتها لن يأتى إلا عن طريق وضع خطة علمية للنهوض بالسباحة ثم الارتقاء بها خلال فترة زمنية محددة .
دور العلم والتكنولوجيا الحديثة فى مجال السباحة :
ويقصد بذلك المعرفة العلمية والعملية – التقنية – لاستغلال نتائج البحوث القابلة للتطبيق فى تصميم وإنشاء حمامات السباحة المختلفة على أحدث طراز وإنتاج الأجهزة والأدوات الرياضية المبتكرة التى تساعد السباحين والبحث عن أفضل وأنسب الخدمات والعمل على تحسين ظروف الآداء الرياضى لتحقيق أروع الإنجازات الرياضية مع الاقتصاد فى الطاقة والجهد والوقت والمساعدة على سرعة تحطيم الأرقام القياسية العالمية والأولمبية ، ولذا نجد أن التحكيم أصبح أكترونياً يعتمد على الابتكارات التكنولوجية الحديثة وأضفت ساعات الإيقاف التقليدية ونجح العلماء فى استعمال الكمبيوتر فى جميع وتخزين نتائج المتسابقين فى الدورات الأولمبية ليصبح بمنتهى السهولة والسرعة التعرف على منحنيات تقدم الأرقام القياسية العالمية والأولمبية تمهيداً لوضع أو تعديل خطط التدريب المناسبة للارتقاء بهذه الأرقام والعمل على سرعة تخطيطها .
وكذلك نجد قبل التخطيط العمرانى فى كثير من الدول المتقدمة معرفة الحد الأدنى لنصيب المواطن من الملاعب ووضعت هذه الدول لوائح وقوانين ثابتة لابد من تطبيقها عند تخطيط وإنشاء الأحياء السكنية والمجتمعات العمرانية الجديدة بالنسبة لضرورة توزيع المنشآت الرياضية بالمناطق السكنية والحد الأدنى لنسبة نصيب المواطن من مساحة الملاعب بكافة أنواعها عامة وحمامات السباحة خاصة .
فمثلاً نجد فى كثير من دول أوروبا ينص قانون التخطيط العمرانى فيها على ضرورة توزيع المساحات السكنية بالنسبة لتعداد السكان بحيث يحصل المواطن على مساحة (4.5 متر مربع) من تلك الملاعب المفتوحة والمغطاة وبحد أدنى (3.50 متر مربع فى بعض الدول مثل ألمانيا ) كما تقدر هذه المساحة فى بريطانيا بحوالى (20 متر مربع) أو تزيد . كما ينص القانون على ضرورة تخصيص مساحة من الأرض بنسبة (1 متر مربع ) لكل مواطن ليقام عليها حمام للسباحة وبذلك يمكن تقدير نسبة مساحة حوض السباحة إلى المساحة الإجمالية للموقع فى حدود (10%) من المساحات السكنية كحد أدنى لإنشاء حمامات السباحة وبذلك نجد أن مصر بدأت فى الخطوات الأولى فى هذا الاتجاه وأصبح الاقتراب من هذه الدول شبه مستحيل فى الوقت الذى تطورت وتقدمت فيه هذه الدول وخطة خطوات واسعة والوصول إلى مستوى هذه الدول لا يأتى إلا عن طريق وضع خطة علمية للنهوض بالسباحة والارتقاء بها وذلك كما يلى :
تصور لخطة علمية للنهوض بالسباحة فى مصر حتى يمكن الوصول إلى التقدم الذى تنشده وللوصول إلى مستوى لائق بين الدول المتقدمة فى مستوى التربية البدنية والرياضية عامة والوصول إلى المستويات العليا وتحقيق الإنجاز الرياضى لا يأتى عن طريق :
1- إيمان الشعب والحكومة (الدولة) بالتربية البدنية والرياضية والعمل على إزدهارها وتقدمها عن طريق توفير الإمكانات اللازمة لممارسة الأنشطة البدنية والرياضية من أندية ومراكز شباب وساحات شعبية .
2- توفير القادة والمشرفين والمدربين والمدرسين والأخصائيين الرياضيين فى مصر لتخريج متخصصين فى المحاكات المختلفة وليس فقط مدرسين للتربية الرياضية .
3- لابد من اعتماد الميزانية الكافية للصرف على هذه المنشآت والأنشطة الرياضية حتى تقوم بدورها الفعال على الوجه الأكمل .
4- الاهتمام بتربية النشئ من المدارس على حب الرياضة وممارستها مما لها من أهمية كبرى فى تكوين الشخصية المتكاملة والمتزنة من جميع الجوانب (البدنية – النفسية – الاجتماعية – العقلية) ومن هنا نستطيع اكتشاف المواهب الخاصة فى سن مبكرة من خلال المدرسة ، وبالتالى يمكن توجيهها وتدريبها وصقلها وإعدادها للمستويات العالمية .
5- ضرورة نشر الوعى الرياضى بين الآباء والأمهات وتثقيفهم رياضياً بأهمية ممارسة الرياضة لأبنائهم .
6- ضرورة أن تعمل وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتليفزيون على نشر الثقافة الرياضية .
7- يجب الاهتمام ببرامج ممارسة الرياضة للأطفال والشباب وكبار السن على حد سواء ومراعاة متطلبات واحتياجات كل مرحلة سنية .
وعلى ضوء ذلك يجب أن تكون هناك خطة علمية منظمة للنهوض والارتقاء بالسباحة بحيث تكون مشتقة من فلسفة التربية البدنية والرياضية وتتمشى مع الفلسفة العامة للدولة ووفقاً للإمكانات المادية والبشرية المتاحة د.محمد غاذى