[align=right]
اللقاء الأول :
أحبتي .. السلام عليكم ..
القنطرة الوقعة بين الشعر والنثر ، هذا باختصار تعريف الخاطرة ، فهو ليس اختراعا أو مستحيلا أن نقوم بتعريف الخاطرة .
والخاطرة شكل من أشكال الأدب الحديث ، والتي تتميز بسهولتها الظاهرية من ناحية التحرر من القوانين ، سواء تلك التي يتميز بها الشعر أو تلك التي تتميز بها الرواية أو القصة القصيرة أو المقالة .
لنكرر مرة أخرى :
الخاطرة ، هي تلك القنطرة ( المنطقة ) الواقعة بين الشعر والنثر ، ففيها من مميزات الشعر ولكنها ليست بقصيدة حرة أو موزونة ، و فيها من مميزات القصة ، ولكن لا تتضمن تلك الأركان التي تحتويها القصة من شخصيات و حبكة و سرد .
وبذلك فهي قسم من أقسام الأدب ، وأقول لأولئك الذين يعزلونها ولا يدرجونها تحت الأدب ، ألا ما أقبحه من فعل .
كما أقول لأولئك الذين يستلون القلم في كل وقت ليسطروا جمل خبرية وأخرى سطحية ، أن الخاطرة فن لا بد الاعتناء به و الاهتمام بضوابطه ، ولعل أهم الضوابط :
- أن تحتوي على فكرة وهدف ، أن يكون هناك رابط حتى لو كان خفيفا غير محسوس بين أقسام ومراحل الخاطرة .
- أن يعتمد الكاتب فيها أسلوبا أدبيا ولغويا صحيحا .
- أن يستطيع بشكل منطقي شرح الفكرة خلال النص ، و تمريرها للقارئ ، دون اللجوء للشرح أو التبرير لاحقا .
- أن يحقق الهدف الذي من أجله بني النص ، وأن يكون هذا التحقق مشاهد أو محسوس من قبل المتلقي .
وحلال مشاهداتي أجد أن الخاطرة منتشرة بشكل واسع بين فئتنا الشبابية ، وبالذات في منطقة الخليج ، ولعل ذلك يعود لكثير من العوامل ، لعل أبرزها :
- ندرة القراءة و الإطلاع وعدم وجود الملكة التي تتيح للكاتب أن يبرع في أقسام أخرى من الأدب ، كالشعر والقصة والرواية .
- الطبيعة النفسية والاجتماعية للكاتب الشاب ، ورغبته في التكلم عن الذات .
- سهولة كتابة هذا الصنف من الأدب ، وهي سهولة ظاهرية ، يقع في فخها الكثير من الهواة ، ولكن أعمالهم لا تمت للأدب أو للخاطرة بأي صلة .
- التنفيس عن العاطفة المكبوتة داخل الشاب ، من خلال نص متحرر من القيود .
ولذلك أعتذر وأقول :
و اللجوء للقسوة في النقد أحيانا يعني أن يعدل الشخص مساره ، وبذلك يستطيع أن يحقق ما يصبو إليه ، حتى وإن تأخر ، ولكن أن نجامل في الأدب وبشكل غير إنساني ، فهذه مصيبة كبيرة لابد أن يعيها كلا الطرفين ، الكاتب و القارئ .
كما أهيب بالمبدعين هنا في قسمنا ، وفي المنتدى بشكل عام ، أن لا يتعجلوا في ولادة النص ، فهناك أكثر من ولادة للنص ، وليس بالضرورة أن تكون الولادة الأولى هي الأنسب .
كما أهيب بالآخرين أن يتيحوا المجال لهم أو على أقل تقدير لغيرهم ، بأن يمارسوا النقد و تسليط الضوء على النص والعمل الأدبي ، فكل الكلم منقوص عدا كلام الله سبحانه وتعالى ، ولذلك فلا وجود للقصة الكاملة أو الخاطرة الكاملة أو القصيدة الكاملة .
مارسوا الكتابة بشكل علمي أدبي ، وحاولوا أن تظهروا الملكة التي تسكن بذواتكم ، حاولوا أن تبتعدوا عن التقليدية في بناء النص ، وحتى لو جاءت هذه الفكرة مضحكة أو غير منطقية في البداية ، ولكم في أولئك المبدعين الذين خلدت أعمالهم على مر العصور أكبر دليل ، كالمبدع غابريل جارسيا في روايته الفذة ( مائة عام من العزلة ) ، والمبدع انرست همنغواي في ورايته ( الشيخ والبحر ) و الألماني غوته والمتنبئ و الرافعي و المنفلوطي و جبران خليل جبران وغيرهم الكثير .
إن الأدب هو تشكل جديد للحياة ، ينفث الكاتب فيه من روحه ، لذلك لا تبعدوا أرواحكم كثيرا عن النص ، وكذلك لا تستهلكوها في كل نص .
ومن سيصل في النهاية هو الأطول نفسا .
وحتى يحين موعدنا القادم ، لكم كل الود ..[/align]