ذات صباح مشحون بالعمل وفى حوالي الساعة الثامنة والنصف دخل عجوز يناهز الثمانين من العمر لإزالة بعض الغرزله من إبهامه وذكر انه في عجلة من أمره لأن لديه موعد في التاسعة.
قدمت له كرسيا وتحدثت قليلا وأنا أزيل الغرز واهتم بجرحه .
سألته: إذا كان موعده هذا الصباح مع طبيب ولذلك هو فى عجلة !
أجاب: لا لكنى أذهب لدار الرعاية لتناول الإفطار مع زوجتي.
فسألته : عن سبب دخول زوجته لدار الرعاية ؟
فأجابني : بأنها هناك منذ فترة لأنها مصابة بمرض الزهايمر ( ضعف الذاكرة )
بينما كنا نتحدث انتهيت من التغيير على جرحه .
وسألته: وهل ستقلق زوجتك لو تأخرت عن الميعاد قليلا ؟
فأجاب: " إنها لم تعد تعرف من أنا. إنها لا تستطيع التعرف علي منذ خمس سنوات مضت "
قلت مندهشاً : ولازلت تذهب لتناول الإفطار معها كل صباح على الرغم من أنها لا تعرف من أنت ؟ !!!!!!!
ابتسم الرجل وهو يضغط على يدي وقال: هي لا تعرف من أنا، ولكنى أعرف من هي.اضطررت إخفاء دموعي حتى رحيله وقلت لنفسي: " هذا هو نوع الحب الذي أريده في حياتي "
سبحان الله من بعد أن فقدت الذاكرة ولا تعرف من هو، ومع ذلك فهو ما زال وفيا لها، يحبها، ويعرف من هي.
ما سبق من الاميل ولي وقفه تعليق :
إن الزوجة هي الصديق الأقرب للزوج ، وليست مجرد وسيلة للمتعة فقط ، كما أنها ليس مجرد خادمة تطبخ وتغسل وتكنس وتنظف وغير ذلك ، وكأنها آلة لا تمل ولا تكل .
فلا تكن الزوج الذي يبخل بكلمة تقدير أو تشجيع على ما تقوم به الزوجة من إنجازات تقع تحت مسؤوليتها ، وكأنك تنتظر أن يأتي أحد من خارج المنزل ليقيِّم جهودها الخفية التي لا يطلع عليها أحد غيرك .
كما لا تبخل بكلمات الشكر على ما تقدمه لك ، ولو كان ذلك من مستوى تقديم القهوة أو الماء ، فإن ذلك لو فعله أحد أصدقائك لشكرته وأثنيت ، فكيف بزوجتك وهي أقرب أصدقائك إليك
إن الكلمة الطيبة كالتحية الصباحية أو المسائية ، والهدية المتواضعة حتى ولو كانت من مستوى الوردة الواحدة ، وعبارات الود والمحبة هي مفتاح القلب ، وبذرة السعادة.
همسه حب :
ألا خشيت يا عود الأراك أراك : يا عـود الأراك حظيـت بثغرها
ما نجا مني يا سواك ســواك : لو كنت من أهل القتـال قتلتك