تعقيبا على صالح الشيحي
--------------------------------------------------------------------------------
لا أنادي بضرب الطلاب في المدارس إلا في التجاوزات الكبرى
في هذه الصحيفة كتبت موضوعا في العدد " 2592 " الصادر يوم الأحد 24 شوال 1428هـ تحت عنوان "لا بأس بالضرب في المدرسة عندما يرتكب الطالب سلوكا شائنا" وعلق عليه الكاتب صالح الشيحي تعليقا قاسيا في زاويته اليومية المتألقة "لكن" الصادرة يوم الاثنين 25 شوال 1428هـ العدد "2593" تحت عنوان "سوطا". وقد كانت كلمات مقاله حقا "سوطا" جلدني به دون وجه حق، وكنت استحق منه ذلك وأكثر لو كان ما فهمه من كلامي وذكره في مقاله يمثل بالفعل قناعاتي في مسألة الضرب مع الطلاب في التعليم ، أو أنني دعوت إلى استخدام "السوط" في مدارسنا فأنا لم أقاتل ولن أقاتل أبدا لعودة الضرب في المدارس كما قال سامحه الله.وأصل الحكاية أنني أردت أن استبق ما يدور في كل عام دراسي من نقاش حول مشروعية "الضرب" في المدارس. فمن خلال متابعتي لذلك الجدل السنوي وجدت أن الرأي الذي يؤيد الضرب هو الغالب وخاصة ممن ينتسبون إلى التيار المتشدد. حيث يرى بعض من المعاصرين من المعلمين والكتاب أن المنع وفد إلينا من الغرب ضمن نظريات التربية الحديثة ، وهو السبب في سوء أدب و كسل وانخفاض مستوى الطلاب في أيامنا هذه. ولما كنت مطلعا على بعض مراجع كتب التربية الإسلامية بحكم أن رسالتي للماجستير كانت في التربية الإسلامية وتحديدا " الآراء التربوية عند أحمد محمد جمال " رحمه الله فقد وجدت أيضا أن كثيرا من رجال الفكر التربوي الإسلامي القدامى والمعاصرين ممن يدافع عن العقاب البدني في التربية ويرى أنه هو منهج التربية الإسلامية. ولكني أعتقد أنها آراء شخصية قاست على ما ورد في الكتاب والسنة من مشروعية الضرب للأولاد عند التهاون في الصلاة عند سن العاشرة وضرب الزوجة الناشز وعقوبة الجلد في الحدود.فأنا أتفق تماما مع الشيحي بأنه "لا يوجد أي دليل أو نص أو مستند شرعي يبيح للمعلم الاعتداء على أطفال الآخرين! " وقد أردت أن أمسك العصا من الوسط - كما يقال - للتقريب بين وجهتي النظر ، فأيدت استخدام " الضرب" ودعوت قادة العمل التربوي إلى مراجعة القواعد التنظيمية لقضية ضرب الطلاب في المدارس ولكن في دعوتي تلك - التي أؤكد أنها لا تمثل قناعتي الشخصية - ذكرت العديد من الضوابط التي أوردها أولئك التربويون عند استخدام الضرب ومنها: أن يكون مقننا بحيث يكون بمقدار الحاجة والضرورة وفي حدود المعقول وبعيدا عن الإسراف فيه، حتى لا يتحول من أداة إصلاح وتأديب إلى وسيلة إيذاء وانتقام، واستخدامه عند الضرورة إذا لم تنفع وسائل العقاب الأخرى مع ملاحظة اجتناب تحقير الولد وقت تأديبه، فالمراد من العقوبة البدنية هو تنبيه الطفل أو الصبي إلى أن سلوكه أو فعله لا يجوز له أن يعاوده مرة أخرى وإذا عاوده فالقصاص واقع لا محالة، وأن يكون فقط في حالة ارتكاب الطالب لخلق شائن أو عمل سيئ أو سلوك منحرف مع أساتذته أو زملائه من الطلاب، معرفة طبيعة الطالب ومزاجه قبل الإقدام على معاقبته - فهناك حقا من لا تردعه الكلمة أو الإشارة أو العين الحمراء - وتشجيعه على أن يشترك بنفسه في أن يصلح الخطأ الذي أخطأه، وتناسي غلطاته وهفواته بعد إصلاحها ، ألا يضرب الطفل قبل أن يبلغ العاشرة- وهو عند الكثير من المربين سن التمييز - و ألا يزيد الضرب على ثلاثة أسواط - من هنا يتضح أنه ليس أنا من دعا للضرب بالسوط - وواضح جدا أنه كان هو الوسيلة المستخدمة سابقا فمن قال به كان يشير إلى وسيلة مستخدمة لديهم.أما رأيي الشخصي الذي بنيته على أساس ذك الاختلاف فهو أنه إذا كان لا بد من " الضرب " فليكن وفق تلك الضوابط فهنا قد يكون مقبولا ومعقولا، وذكرت شرطا آخر وهو أن يكون الضرب في المدرسة من خلال لجنة تأديب خاصة تدرس الحالة، وتمنح المسيء فرصة في أن يتوب عما فعل من سلوك لا أخلاقي ويصلح الخطأ فإن تاب عفي عنه وإن تكرر منه ذلك وأصر عليه عوقب ويكون العقاب البدني من قبل مدير المدرسة أو شخص آخر يحدده المدير وبمقدار وكيفية معقولة ومن خلال لجنة خاصة تقرر ذلك أولا ، ولا يُضرب الطالب بسبب كسله العلمي أ ولعدم التزامه بواجباته المدرسية وغير ذلك فهو أمر غير مقبول فهنا يجب على المعلم أو المعلمة أو المدرسة أن تلجأ لوسائل العقاب الأخرى من ترهيب وتخويف وتأنيب وتوبيخ وخصم للدرجات وإطلاع أولياء الأمور على تقصير أبنائهم وبناتهم وطلب تعاونهم في تقويم الوضع وتعديله فإن صلحوا فإنما يصلحون لأنفسهم وأهليهم وإن أساءوا واستمروا في كسلهم وإهمالهم فالخاسر هم وأهلوهم ، وقلت أيضا إن وسائل الضرب لا تنحصر في " العصا " فقط فينبغي استخدام وسائل أخرى غير مؤذية تحفظ للطفل والطالب كرامتهما مع التشديد على أنه لا يحق لأي معلم الاعتداء على الطالب بكلمة جارحة أو أن يؤذيه جسديا وأن يتم تعزيز علاقة الود بين الطالب والمعلم ومنع أي إيذاء خاصة للأطفال في المراحل الأولى سواء كان جسديا أو نفسيا ومتابعة تنفيذ ذلك ومحاسبة المخالفين.وأعتقد أنه لا يغيب عن فطنة الشيحي وهو من الميدان التربوي أنه سواء منعت الوزارة الضرب أو تهورت كما ذكر وسمحت به فسوف يكون هناك من المعلمين من سيستمر في تلك الحوادث المؤسفة بالاعتداء على أبناء الناس لنرى ما يؤلمنا جميعا ولا نرضاه أبدا من ظهور مسلوخة وخدود متورمة وأيد مكسورة.فقد تخلى الكثير من المعلمين هذه الأيام عن تلك الصفات والمبادئ التربوية التي يجب أن يتحلى بها المعلم والتي كانت في زمن سابق لم يمنع فيه الضرب بل كان جزءا من العملية التربوية بعيدا عن تلك الحوادث المؤسفة والطرق الوحشية التي نسمع عنها أيامنا هذه " فقد كان المعلم أبا لطلابه وكانت العلاقة بينهما أشبه بعلاقة الأب بأبنائه محسنا لتربيتهم حريصا على توجيههم الوجهة الصالحة. ممارسا رسالته السامية معهم وهو مشدود بعواطف الأبوة الحانية نحوهم ومشاعر الصداقة والحب و النصح إلى الخير والبر والحث على الاجتهاد ومكارم الأخلاق لهم".
المهندس فريد عبد الحفيظ مياجان _ ماجستير في التربية الإسلامية
http://www.alwatan.com.sa/news/ad2.a...o=2607&id=1379