معلمو طيبة يتمردون على «التقليدي» وينطلقون إلى المستقبل بأفكار مبتكرة
--------------------------------------------------
فهد الجهني - المدينة المنورة
تدفعهم روح الشباب الوثابة، انطلق عدد من معلمي طيبة الطيبة نحو المستقبل بأفكار خلاقة وابتكارات واعدة حولوها بجهود مخلصة تجاوزت حدود العمل الرسمي إلى منجزات على الأرض وظفوها بوعي لخدمة طلابهم والارتقاء بمستوى العملية التعليمية.. فمدارس المدينة المنورة الرائدة تزخر بتجارب مضيئة لمعلمين يعرفون حقا طبيعة وأهمية الرسالة الملقاة على عاتقهم، نجحوا في تحقيق أقصى استفادة من التقنية الحديثة، وزودوا بها المعامل وقاعات الدراسة وغرف الأنشطة، وجاءت النتائج إيجابية للغاية وانعكست تلك الجهود بوضوح على مستوى الطلاب، فقد أظهروا تفاعلا كبيرا مع الأساليب التربوية الحديثة مما ضاعف رغبة وإصرار معلميهم على تقديم المزيد.
«المدينة» التقت بعض معلمي طيبة المبدعين وناقشت معهم أهداف تجاربهم ومردودات التجديد الذي أحدثوه في تعاطي الطالب مع العملية التعليمية، ومدى رضاهم عما تحقق، والجديد الذي يحلمون بالوصول إليه.
يقول صالح المحيميد «مدير مدرسة الشيخ عبدالعزيز بن صالح الرائدة»: إن إدارة تعليم المنطقة ومشرفي المدارس الرائدة ونحن كإدارة مدرسة لا نبخل على المعلم الذي يرغب في تقديم مادته في قالب تربوي جديد ومميز ولا نقف ضد فكرة فيها فائدة أو مصلحة لأبنائنا الطلاب ولدينا في المدرسة تجربة فريدة من نوعها تتمثل في قاعة المقرأة لتلاوة القرآن الكريم والتي تعتبر بحق نموذج لتعليم الطلاب أسس القراءة والتجويد، موضحا أن المقرأة عبارة عن حلقة إلكترونية ينتظم حولها أبنائنا الطلاب وأمام كل واحد منهم المصحف ويقوم المعلم باستخدام أكثر من وسيلة داخل هذه القاعة لتعليمهم قواعد قراءة القرآن الكريم معتمدا على تقنية أجهزة الحاسوب والتواصل معهم عن طريق جهاز «البروزنتر» أو الكاميرا الوثائقية.
وأشاد المعلم مسفر الخثعمي «المشرف على أحد فصول صعوبات التعلم» بالنقلة النوعية في برامج وأنظمة المدارس الرائدة موضحا أن هذه البرامج حققت نتائج إيجابية للغاية وساعدت الطلاب الذين يعانون صعوبة في نطق الحروف على تطوير قدراتهم وحفزتهم على نطق الحروف التي كان يصعب عليهم نطقها من خلال برامج ترفيهية اعتمدت عليها في التدريس لهم، وقد انعكس أثر هذا التطور على معنوياتهم وساعدهم على الاستمرار في الدراسة والتطور يوما بعد يوم وضاعف جديتهم وحرصهم على التعلم انطلاقا من حبهم للبرامج وتفاعلهم مع أساليب التشويق التي تميزها والتي تضفي على الدروس جاذبية إضافية.
وقال: إن نتائج مذهلة تحققت خلال تجربته مع هؤلاء التلاميذ اختصرت عليهم الكثير من الوقت في تعلم الحروف ونطقها.
وقال المعلم حاتم طولة إنه يشعر بسعادة بالغة أثناء أداء عمله كمعلم للتربية الفنية بعد أن هيأت له مدرسته الرائدة قاعة الإبداع الفني والتي صممت بأفكار بسيطة لكنها ذات أثر تربوي بعيد المدى فالطالب يأتي بكراسة الرسم فقط ليجد في القاعة كل أدوات التربية الفنية من ألوان مائية وشمعية وأقلام الرصاص بأحجام مختلفة وكذلك المقصات واللاصق الملون ويبدأ في مزاولة الرسم في أجواء تساعد على الإبداع، موضحا أن هذه الأجواء تشعل لدى التلاميذ روح المنافسة مما يدفعهم للوصول إلى أعمال فنية مميزة إذ يقوم المعلم بعرض أجمل الأعمال على شاشة عرض كبرى مدون عليها اسم الطالب فيما يقوم بإبداء توجيهاته الفنية للتلاميذ من خلال حلقة إلكترونية تمكنه من متابعة جميع الطلاب وتصحيح خطواتهم للوصول للطريقة المثلى لتعبئة الألوان في اللوحة الفنية.
أما المعلم صالح الميلبي فقد دفعته رغبته الملحة للخروج بصيغة حاسوبية يتواصل بها معلمو المدرسة مع طلابهم أثناء يومهم الدراسي وحرصه على إنجاز شبكات الحاسوب بالمدرسة بشكل منتظم إلى مواصلة الليل بالنهار لإنجاز ذلك العمل بالتنسيق مع إدارة المدرسة، ولشدة حرصه على النجاح في هذه المهمة اضطر مرات عديدة للبقاء ساعات متأخرة من الليل لإتمام عمله، وقد أدى ذلك لوقوعه أكثر من مرة في قبضة رجال الدوريات الأمنية نظرا للاشتباه في تواجده في وقت متأخر في مبنى مدرسي.
ويصف فهد سلمان «معلم مادة العلوم» أن المدرسة هيأت له معملا متكاملا أشبه بغرفة عمليات مصغرة قد لا توجد حتى في بعض الكليات، حيث يتوافر به كل مقومات إيصال المعلومة للطلاب مما يمكن الطلاب المرحلة الابتدائية من التشريح بمشاركته ويتم تصوير ذلك بكاميرا متطورة، بالإضافة إلى وجود العينات العلمية والمحاليل بطريقة منظمة وآمنة كما روعي في المعمل وجود نظام أمني حرصا على سلامة الطلاب أثناء تواجدهم داخله.
وروى المرشد الطلابي بكر الرحيلي تفاصيل تجربة إيجابية تتمثل في تجهيز غرفة خاصة لاستقبال الطالب المحول من إدارة المدرسة أو المعلمين إليه لدراسة حالته موضحا أن هذه الغرفة تتميز بأجواء توفر الراحة والطمأنينة للطالب بمجرد دخوله إليها انطلاقا من قناعة راسخة بأن الطالب إنسان جدير بالاحترام حتى وإن بدر عنه سلوك خاطئ في المدرسة مع معلميه أو أحد زملائه، فهذه المشكلة ستنتهي بعد الزيارة.
وأكد أن النفس الإنسانية ترتاح للمكان الذي يتميز بالهدوء ويرى من خلال تجربته أن تلك الأجواء تعطي الطالب ثقة أكثر في النفس كما أن ولي أمر الطالب عندما يأتي إلى المدرسة ويجد مكانا فخما لاستقباله ومدارسة الموضوع معه وسط خرير الماء والإضاءة الهادئة تخف درجة انفعاله ويعالج موقف ابنه بكل حكمة خاصة في ظل ما نحيطه به من توجيهات تربوية.
وبفكرة إبداعية فريدة من نوعها على مستوى المملكة يرفض المعلم عبدالرحمن مرشد حضور أولياء أمور الطلاب للمدرسة لمتابعة أبنائهم أو للتعامل مع أي طارئ يستجد خلال العام الدراسي ولتحويل هذه الفكرة إلى واقع عملي قام بتصميم موقع على شبكة الإنترنت للفصل الذي يدرسه يستطيع ولي الأمر من خلال الدخول اليه بمتابعة سير ابنه في الدراسة، فبمجرد تسجيله عنوان الموقع تظهر صفحة الفصل الرئيسية التي تحتوي على تقارير عن كل الطلاب ومستواهه وسلوكياتهم، وكذلك موعد الخروج والحضور كما يمكن أن يكتب ولي الأمر رسالة قصيرة للمعلم.
http://www.almadinapress.com/index.a...icleid=1021554