الحلم الذي تحقق إنجـازاً فصاغته الكلمات
جامعـة القـرن .. القصـة كما ترويهـا الصـورة

كتب : عبد العزيز محمد النهاري
هذا حوار كان الباعث له سلسلة مصادفات حدثت دون ترتيب او اعداد مسبق وانتهت بلقاء كنت قد رجوت سمو الامير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود مساعد رئيس الاستخبارات العامة ان يتم فاستجاب سموه ليكون هذا اللقاء الذي يحكي قصة «حلم» صاغته الكلمات والصورة التي ابدع الامير فيصل في التقاطها.. بعد ان عاشها حقيقة مع صاحب «الحلم» الذي تحول الى حقيقة على يد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرجل الذي كان حلم جامعة العلوم والتقنية يراوده منذ سنوات طويلة حتى وضع حجر اساسها يوم الاحد التاسع من شهر شوال عام 1428هـ الموافق للحادي والعشرين من شهر اكتوبر عام 2007م.
المصادفة الاولى
التقيت سمو الامير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود في مخيم الاحتفال بعد ان وضع خادم الحرمين الشريفين حجر أساس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.. كانت السعادة تغمر سموه.هنأته وقلت له:
هل تذكر يا سمو الامير مقالك في عكاظ؟
- أي مقال؟
المقال الذي عنونته بـ«حلم يتحقق».
- نعم .. اذكره.. لقد اعقب اعلان خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله عن انشاء جامعة العلوم والتقنية في حفل اهالي الطائف.
نعم.. يا سمو الامير وها هوالحلم يتحقق..
- الحمد لله.. أنْ تحقق الحلم الذي سمعت «طويل العمر» يردده منذ ان بدأ التفكير فيه.. وحتى هذه اللحظة السعيدة.
المصادفة الثانية
لم يكن المقال الذي كتبه الامير فيصل بن عبدالله هو الوحيد الذي جسد فرحته بتحقيق الحلم فقد كتب الامير ابياتا صيغت في اغنية بعنوان «اروها سيدي» شاهدتها على التلفزيون وحصلت على نسخة منها مسجلة على قرص ممغنط «CD» وعلى غلاف القرص صورة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله وهو يدعو الله سبحانه وتعالى على شاطئ البحر.. اتصلت بسمو الامير فيصل بن عبدالله.. طالبا منه القصيدة والصورة. فأجابني بأن للقصيدة قصة.. وللصورة قصة اخرى. رجوته أن يحكيها لـ«عـكاظ».. وبعد الحاح مني وافق سموه لتكون المصادفة الثالثة..
المصادفة الثالثة
هذه المصادفة هي التي قادت الى صياغة الابيات التي تحولت الى اغنية.. والى ظهور الصورة التي التقطها سموه قبل أقل من عام لخادم الحرمين الشريفين يحفظه الله.. وهي التي انجزت هذا الحوار..
ـ يقول الامير فيصل بن عبدالله:
عندما تسلمت دعوة وزير البترول والمعادن المهندس علي النعمي لحضور حفل وضع حجر الاساس لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية لفت نظري شعار الجامعة.. «الاخضر والبرتقالي والازرق والاصفر» وقتها تذكرت صورة التقطتها لخادم الحرمين الشريفين حفظه الله بعد تفقده لموقع الجامعة في «ثول» حيث حان وقت الصلاة فأدى حفظه الله الصلاة في الجزيرة قرب موقع الجامعة ثم مكث قليلا وهو رافع يديه يدعو الله. لم اعلم ما كان يدعو به، لكنني ربطت بين دعائه حفظه الله وبين الناحية التي كنا فيها فقلت في نفسي لعله يرجو الله سبحانه وتعالى ان يتحول الحلم الى حقيقة.
ـ ويضيف سموه:
تذكرت الصورة فأخذت ابحث عنها حتى عثرت عليها فوجدتها وللمصادفة العجيبة تحمل الوان شعار الجامعة. ولو دققت النظر فيها لوجدت الالوان موجودة في جنبات الصورة بكاملها .. كل ذلك بعث في داخلي رغبة في كتابة أبيات ساقتني اليها هذه المصادفة العجيبة التي اردت من خلالها ان اعبر فيها عن فرحتي بهذه النقلة العالمية العلمية الكبيرة وأن أعبر فيها عن شكري كمواطن لصاحب الفكرة خادم الحرمين الشريفين على هذا العمل العظيم. لا أزعم انني شاعر غير انني صغتها فأكتملت الأبيات التي قرأتها على أخي سمو الأمير منصور بن ناصر بن عبدالعزيز الذي فاجأني بتحويلها الى أغنية لحنها محمد شفيق وغناها محمد عبده.. ورغم انني كتبت الأبيات في 27 رمضان بباعث فرحتي بوضع حجر الأساس.. ورغم ضيق الوقت بين تحولها الى أغنية حيث لا يفصلها عن الحفل غير اسبوعين أو أقل الا ان أخي الأمير منصور بن ناصر تولى خروجها الى حيز الوجود كذلك انجز الفنان محمد حيدر في اسبوع واحد لوحة فنية تحمل الصورة والكلمات.
قصة الصورة
سمو الأمير متى بدأ خادم الحرمين الشريفين حفظه الله في التفكير في الجامعة؟
- الملك حفظه الله كان يفكر في الجامعة منذ أكثر من عشرين عاما وقد سمعته مرات عديدة وهو يتحدث عن الجامعة حيث قال «لقد قلت لأخي فهد انني أتمنى ان تكون هنا في الطائف جامعة للعلوم والتقنية وعلى مستوى عال راق جدا وتخدم الانسان في أي مكان في هذا العالم».
وكيف تحول موقع الجامعة من الطائف الى ثول؟
- كان المهم في نظر الملك يحفظه الله ان تكون الجامعة قريبة من مكة المكرمة لإدراكه أن مكة هي مصدر الاشعاع العلمي ومنطلق الرسالة المحمدية التي وصلت الى العالم أجمع.
وعندما بدأ مشروع المدينة الاقتصادية في رابغ رأى حفظه الله ان وجود الجامعة على ساحل البحر الأحمر وبالقرب من المدينة الاقتصادية سيُحدِث شبه تكامل في النهضة بين العلمية والاقتصادية وسينمو هذا الجزء من بلادنا الغالية نموا يصل الى العالمية.
وما هي قصة الصورة؟
- لشدة حماس الملك يحفظه الله بفكرة الجامعة أراد في الصيف الماضي تفقد موقع الجامعة والمدينة الاقتصادية وذلك بعد ان أعلن في الطائف البدء في الاعداد لها بحوالى ثلاثة اشهر.. وقد ذهب حفظه الله الى «ثول» وهناك وضعت أمام خرائط مشروع الجامعة في عريشة أعدت له بهذه المناسبة.. وقد التقطت له صورة وهو ينظر الى الخرائط التي أمامه ثم أخذت له صورة أخرى وهو متكئ على حافة مكان الخرائط.. ولقطة ثالثة وهو يشير الى موقع الجامعة ومعه يد الأخ عمرو الدباغ الذي كان يحدد له المكان.. وبعد ذلك التقطت له صورة وهو ينظر الى البحر من الموقع.. الصورة الأكثر تصويرا لما يدور في خلد الملك حفظه الله هي تلك التي أظهرته وهو يرفع يديه بعد الصلاة داعيا ربه.. وهي الصورة التي امتزجت فيها رغبة الملك وسعيه ومتابعته لمراحل خروج الجامعة الى حيز الوجود مع الألوان التي تكون منها شعار الجامعة.
الملك والتعليم
سمو الأمير ما هو دافع الملك حفظه الله لانشاء الجامعة؟
- خادم الحرمين الشريفين يحمل في داخله رغبة كبيرة في أن يكون لدينا في المملكة منظومة علمية معرفية.. كان دائما يقول أنه يريد ان تنبني كل أعمالنا على البحث والدراسة والعلم.. وكان دائما يرى أن تقدم الأمة الاسلامية لن يكون الا بالتعليم واعطاء العلم والبحث مكانتهما الطبيعية.. ولذلك فكر في الجامعة وتابعها حتى وان كانت ستنتهي منشآتها في زمن قياسي في عام 2009م إلا أن حرصه جعل من فريق العمل يجتهد وتبدأ الجامعة مهامها فهناك طلاب يدرسون الآن في مراكز بحثية عالمية تحضيرا للجامعة وهناك خطط علمية للعمل.. فنحن حققية لا نتحدث عن مجرد «جامعة» وانما نتحدث عن نقلة علمية عالمية ليست خاصة بنا وانما بالعالم أجمع.
التحول الحضاري
ويضيف الأمير: ان الملك عبدالله يؤمن ايمانا كاملا بأن لدينا في بلادنا كل الامكانات التي تجعلنا علميا في مصاف الدول المتقدمة وما علينا سوى تهيئة المناخ المناسب لبروز امكاناتنا.. والجامعة هي جزء من تسخير الامكانات لبروز العقول النيرة والمبدعة .. وللعلم فإن الملك يحمل هذه الفكرة منذ زمن طويل ومن خلال مسؤولياته التي تبوأها.
كيف؟
- تتبع نشأة الحرس الوطني الذي تحول الى صرح حضاري علمي كبير.. رغم مسؤوليته العسكرية.. انظر الى ما تحقق علميا من انجازات على المستوى الثقافي والطبي كفصل التوائم مثلا وانشاء جامعة الملك سعود للعلوم الطبية وهذا على سبيل المثال لا الحصر..
سمو الأمير أخيرا ما الذي تتوقعه للجامعة الحلم؟
- أتوقع ان شاء الله ان تكون جامعة الملك عبدالله للعوم والتقنية صرحا علميا عالميا سينقلنا كعرب ومسلمين الى عصر يعيد للمسلمين مجدهم.. ويفسح المجال أمام القدرات العلمية لصقل مواهبها وابداعاتها..
ومن يدري فلعل الله سبحانه وتعالى يخرج من هذه الجامعة حلولا علمية للكثير من المشكلات العلمية والهندسية والبيئية التي احتار العالم في حلها فمن هنا نستطيع ان نقول انه قد بدأت مسيرة المعرفة وتبلور مسارها.