سئل فضيلة الشيخ الدكتور صالح السدلان حفظه الله :
أرى أنكم لاتقصرون الخروج على السلاح بل إنكم تعتبرون أن الخروج قد يكون باللسان؟
فأجاب:
هذا سؤال مهم , فالبعض من الإخوان قد يفعل هذا بحسن نية معتقداً أن الخروج إنما يكون
بالسلاح فقط , والحقيقة أن الخروج لايقتصر على الخروج بقوة السلاح أو التمرد بالأساليب المعروفة فقط
, بل إن الخروج بالكلمة أشد من الخروج بالسلاح, لأن الخروج بالسلاح والعنف لايُرْبيه إلا الكلمة
فنقول للإخوة الذين يأخذهم الحماس , ونظن منهم الصلاح إن شاء الله تعالى عليهم أن يتريثوا وأن نقول
لهم رويداً فإن صلفكم وشدتكم تُربي شيئاً فى القلوب, تربي القلوب الطرية التى لاتعرف إلا الإندفاع
, كما أنها تفتح أمام أصحاب الأغراض أبواباً ليتكلموا , وليقولوا مافي نفوسهم إن حقاً وإن باطلاً
ولاشك أن الخروج بالكلمة واستغلال الأقلام بأى أسلوبٍ كان, أو استغلال الشريط والمحاضرات والنداوت
في تحمس الناس على غير وجه شرعي, أعتقد أن هذا اساس الخروج بالسلاح, وأُحذِر من ذلك أشد
التحذير , واقول لهؤلاء عليكم بالنظر إلى النتائج , وإلى من سبقهم فى هذا المجال, لينظروا إلى الفتن
التى تعيشها بعض المجتمعات الإسلامية ماسببها, ومالخطوة التى أوصلتهم إلى ماهم فيه, وإذا عرفنا
ذلك ندرك أن الخروج بالكلمة واستغلال وسائل الأعلام والاتصال للتنفير والتحميس والتشديد يُربي
الفتنة فى القلوب"000الورد المقطوف ص 90-91)
سادساً:لتثبيط عن ولاة أمر المسلمين:
والتثبيط والإثارة من أعظم مقدمات الخروج لذلك حذر النبى صلى الله عليه وسلم من ذلك00
1- فعن عرفجة الأشجعى رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد,يُريد أن يشق عصاكم ويفرق كلمتكم فاقتلوه"00وفى رواية" فاضربوه بالسيف كائناً من كان"00
هل رأيتَ أخي يقتل من خرج على الإمام كائناً من يكون - فلافرق- لانه بخروجه
تفرقه للأمة وضياع :(
يقول النووى في شرح الحديث :" فيه الأمر بقتال من خرج على الإمام أو أراد تفريق كلمة المسلمين , ونحو
ذلك وينهى عن ذلك, فإن لم ينته قوتل وإن لم يندفع شره إلا بقتله فقتل كان هدراً0 فقوله صلى الله عليه وسلم:"فاضربوه بالسيف"00 وفي الرواية" فاقتلوه" معناه 00 إذا لم يندفع إلا بذلك"00شرح صحيح مسلم 3\241)
فهذه بعض حقوق ولاة الأمر التى يجب الإلتزام بها, وليضع المسلم نصب عينه أن أى ظلم يحصل من الحاكم على الرعية إنما هو بسبب ذنوب الرعية, وأن الصبر على هذا فيه تكفير لهذه الذنوب, وسبب لرفع البلاء عنهم, وإذا أصلح الرعية حالهم مع ربهم اصلح الله حال حكامهم معهم 0
يقول ابن أبى العز فى شرح العقيدة الطحاوية:" وأما لزوم طاعتهم وإن جارو, فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف مايحصل من جورهم ,بل فى الصبر على جورهم تكفير السيئات ,ومضاعفة الأجور, فإن الله تعالى ماسلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا, والجزاء من جنس العمل , فعلينا الإحتهاد في الإستغفار والتوبة وإصلاح العمل 0 قال تعالى:*(( وماأصابكم من مصيبة فبماكسبت ايديكم ويعفوا عن كثير ))* الشورى \30
وقال تعالى :*((أولما أصابتكم مصيبة’’ قد اصبتم مثليها قلتم أنَّى هذا قل هو من عند أنفسكم))*00آل عمران \ 165
وقال تعالى:*(( وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون))* 000الأنعام\ 129
فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم, فليتركوا الظلم"000انظر الورد المقطوف ص 281)
وقيل عن الحسن البصري أنه سمع رجلاً يدعوا على الحجاج فقال: لاتفعل - رحمك الله - أنكم من أنفسكم أُرْثيتم , أنما نخاف إن عُزِل الحجاج أو مات أن تليكم القردة والنازير0
ولقد بلغنى أن رجلاً كتب إلى بعض الصالحين يشكو إليه جور العمال فكتب:
ياأخي وصلني كتابك تذكر ماأنتم فيه من جور العمال, وإنه ليس ينبغي لمن عمل بالمعصية أن يُنكر العقوبة0 وماأظنُ الذي أنتم فيه إلا من شؤم الذنوب0 والسلام"000( العلاقة بين الحاكم والمحكوم في منظور السلف الصالح رضى الله عنهم \د 0 عبد الله الحوشانى ص 11
وفي نهاية المطاف أوصي نفسى وإخوتى وجميع المسلمين والمسلمات بتقوى الله عز وجل في السرِ والعلن
وطاعة ولاة الأمر امتثالاً لأمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم وطمعاً فيما عنده وما أعده
الله تعالى من الأجر العظيم لمن قام بحق ولاة الأمر من السمع والطاعة0
فقد أخرج الإمام أحمد بن حنبل فى مسنده0 باسناد حسن لغيره عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من عبد الله لايشرك به شيئاً , وأقام الصلاة, وآتى الزكاة , وسمع وأطاع دخل الجنة من أى الأبواب الثمانية شاء"00( 5\ 225)
وعن أبى أمامة رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إنه لانبي بعدي , ولا أمة بعدكم , إلا فاعبدوا ربكم, وصلوا خمسكم, وصوموا شهركم, وأدوا زكاة أموالكم, طيبة بها انفسكم, واطيعوا أمراءاكم تدخلوا جنة ربكم"000اسناده صحيح, أخرجه ابن أبى عاصم فى السنة 2\491)أسال الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأن يحفظ لنا علماءنا, وولاة أمورناويصلح أحوال أمتنا, وأن يهيء لولاة أمورنا البطانة الصالحة إنه سميع مجيب الدعاء0000
وقد ظهر لك جلياً حكم من كفَّر الحكام , أو العلماء بدون برهان فيه عندهم من الله سلطان,
وأما بعض المقولات الممجوجة والتى يتداولونها وهي كبائر , فيزعمون أنها تخرج عن الدين , فهذا يارعاك الكريم فعلُ الخوارج كلاب النار قاتلهم الله ...
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً00
هذا مالدى أخي فى الله , فإن اصبتُ فمن الله وإن أخطأتُ فمن نفسي والشيطان,