كنت في رحلة دولية فرأيتُ شباباً في عمر الزهور وهم قادمون من رحلات ( لا أعلم جهتها ) . وحينها ذهبت بي خواطري إلى أعماق بعض العبارات التي سيطلقها الناس عند استقبالهم لهؤلاء القادمين من تلك الرحلات .
إنها عبارة ( الحمد لله على السلامة ) نعم إنها تُقال لكل قادم من السفر ، أيّاً كان ذلك السفر ، داخلياً أو دولياً . ولا شك أن هذه العبارة فيها معاني اللطف والمودة بين المسافر والطرف الآخر , وإنها نعمة أن يعود ذلك المسافر من رحلته وهو في كامل عافيته وصحته .
ولكن والله الذي لا إله غيره إن أعظم من سلامة بدنك أن يسلم لك دينك , إي والله حينما تعود من سفرك ولم يتلطخ دينك بنجاسة الذنوب التي يرتكبها بعض المسافرين , ما أعظمها من نعمة عندما تكون في سفرك ، قد حفظت سمعك وبصرك وجسدك عن كل ما حرم الله تعالى .
وما أعظم الخسارة وأشد الندامة لذلك المسافر الذي لما سافر إذا به يفتح على قلبه عواصف الفتن ، ورياح البلايا ، وهموم الشهوات , وإننا حينما نكون صادقين فإن بعض المسافرين يعود من سفره ولكنه ممن غضب الله عليهم ، نعم يعود ولكنه ازداد بعداً عن الله .
نعم يعود ولكن بسجل مليء بالذنوب , يا عجباً لذلك المسافر الذي عاد ولكن بقلب ذليل للشهوات ، وخاضع للنساء الماجنات ، نعم عاد ولكن بعدما أساء مع ربه ، فاقترف الآثام وبارز ربه بالحرام ( ألم يعلم بأن الله يرى ) . يا حسرتاه على شهوات ذهبت لذتها وبقيت تبعتها .
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها .............. من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها .............. لا خير في لذة من بعدها النار
ولك أن تتأمل معي هذه القصة : قال أحد الدعاة : جاءني رجل يبكي بكاء عجيباً ويريد أن أساعده في [ دواء ] لما أصابه ... ولكن يا ترى ما الذي أصابه ؟ لقد أصيب بالأيدز ... وتصاب زوجته بذلك أيضاً بل ويتعرض الجنين إلى نفس المرض ... إن السبب لذلك هو ( السفر للخارج ) بدون ظوابط .. فمن لهذا الرجل ؟؟ ومن ينقذ أسرته من آهات الإيدز ؟؟؟
وفي الطرف الآخر : نجد أن بعض المسافرين قد لا يكون له اتجاه للشهوات ولا محبة للمنكرات الظاهرة ، ولكنه قد عرَّض نفسه لفتنة الشبهات .
وإنها والله لفتنة كبيرة عندما يتعرض العقل للخواطر التي تصده عن الانتماء للمنهج الصافي ( منهج الكتاب والسنة ) فتجد ذلك المسافر قد عاد ولكن بمبادئ علمانية أو تكفيرية ، أو بشكوك في ثوابت هذا الدين كالصلاة أو الحجاب ...
وكم رأينا من مسافرين عادت أجسادهم وأما قلوبهم وعقولهم فقد تركوها في بلاد الغرب ، والله المستعان .
وأخيراً وليس آخراً ، ما أجمل أن نهتم بسلامة الدين وصفاءه ونقاءه قبل أن نهتم بسلامة الجسد ، وقبل أن نقول للقادم من السفر ( الحمد لله على السلامة ) أتمنى أن ندعو له بقلوبنا ( نسأل الله أن يجعلك ممن حفظ الله له دينه في سفره وإقامته ) .
منقول