حفظ أسرار العلاقة الزوجية من أهم عوامل نجاحها واستمرارها
نشرت "الوطن" في عددها (1392) الصادر يوم الأربعاء 1/4/1428هـ تقريراً عنوانه: إفشاء الأسرار الخاصة يهز الثقة ويولد الشك ويدمر العلاقة الزوجية". اعترف فيه عدد من الزوجات باعتيادهن الحديث عن الأسرار الزوجية أمام صديقاتهن، وكيف أثر ذلك على حياتهن وأفقد الثقة وأثار الشك في نفوس الزوج، بل وصل إلى تهديد الحياة الزوجية ثم الطلاق. وتفاعلاً مع ما ذكرته الزوجات من قصص لإفشاء أسرارهن الخاصة وما نتج عنه من مواقف وأحداث سلبية مؤلمة أقول:
لقد جاءت التعاليم الربانية والتوجيهات النبوية والمبادئ التربوية والاجتماعية السليمة بما يحفظ كيان الأسرة المسلمة ويزيد متانة روابطها وتماسك علاقتها، لتبقى العلاقة الزوجية سامية سالمة من الأمراض المعنوية والمشكلات الأخلاقية والأحداث المؤلمة المبكية، ومن ذلك الأمر بالستر وحفظ أسرار الأسر والنهي عن كل قول وفعل يجلب لها ضرراً أو يمنع عنها نفعاً.
ويمكن تعريف الأسرار الأسرية بأنها جميع الأحداث والأحوال وما يصاحبها من أقوال وأفعال داخل الأسرة التي لا يرغب أحد أفراد الأسرة أن يعرفها غير أسرته. وهذه الأسرار الزوجية قد تكون إيجابية، أسراراً حسنة أو سلبية أسراراً سيئة، فالأسرار الإيجابية عندما تفشى وتذاع عند الآخرين فإنه قد يتولد في نفوس بعضهم ما لا تحمد عقباه من حسد أو حقد أو كره ومكر، ولأن هذه العواقب تحدث حقيقة في نفوس بعض البشر فقد حذّر يعقوب عليه السلام ابنه يوسف عليه السلام من إخبار إخوته بالرؤية التي رآها، قال تعالى: "قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيداً إن الشيطان للإنسان عدو مبين". فالحدث إيجابي وأوصى يعقوب يوسف عليهما السلام بعدم إفشائه حتى لإخوته لكي لا يحدث شيء من تلك العواقب السيئة. وقد قيل: ما كل ما يعلم يقال وما كل ما يقال يقال في كل الأحوال ولكل الناس.
وقد تكون الأسرار الزوجية سلبية إما خُلقية أو خَلقية وعندما تفشى هذه الأسرار يقع المتحدث بها أولاً في الغيبة التي حرمها الله عز وجل وتوعد عليها رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: "ولا يغتب بعضكم بعضا". وقد توعد الرسول صلى الله عليه وسلم الزوجة التي تفشي أسرار الزوجية الخاصة بوعيد شديد، ففي الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها" رواه مسلم، قال الصنعاني:أي وتفشي سره.
ومن أبرز أسباب إفشاء الأسرار الزوجية: عدم قدرة أحدهما على الصبر لما يعانيه من مشكلات وأزمات في أسرته، مما يدفعه إلى إفشائه إما بحثاً عن علاج أو تخفيفاً من ألم الكتمان. ومنها كذلك قلة العقل والدين، فالعقل السليم يمنع الإنسان من التحدث بأي حديث قد يجلب له ضرراً أو يدفع عنه خيراً، والدين يردعه عن كل قول وفعل لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومن الأسباب كثرة الاختلاط بالآخرين، فعندما يجلس الزوج أو الزوجة مع الآخرين فترات طويلة فإنه لابد أن يحدثهم ويحدثوه فيكثر الكلام حتى يصل إلى تلك الأسرار، ومنها كذلك عدم جلوس أفراد الأسرة (الزوجين والأبناء) مع بعضهم كثيراً، حتى يتكلم كل فرد للآخر، مما يجعل بعض الأفراد يضطر للحديث عن ما في نفسه إلى الآخرين، ومن بين الأسباب الكبر والغرور، الذي يدفع الإنسان إلى التباهي بما يملك وما لا يملك والحديث به أمام الآخرين.
وقد وصف الحكماء من يفشي أسراره بأنه ضيق الصدر قليل الصبر، كما وصفوه بالغافل عن حذر العقلاء ويقظة الأذكياء، قال حكيم: انفرد بسرك ولا تودعه حازماً فيزل ولا جاهلاً فيخون.
كما أن الرجال يفضلون المرأة الكتوم التي لا تفشي سراً أو تنقل كلاماً.
إن نقل أسرار العلاقة الزوجية وأسرار البيت خارج نطاق الأسرة الزوجية يعني ازدياد اشتعال نارها، وإضرام نار العداوة والبغضاء بين الزوجين إضراماً يذهب بما بقي من أواصر المحبة بينهما، وكتمان الزوجين سر بيتهما يعقبه السلامة، وإفشاؤه يعقبه الندامة، وصبرهما على كتمان السر أيسر من الندامة على إفشائه.
أخيرا: إن على الزوجين التواصي دائماً بما فيه صالح حياتهما الزوجية، ومن ذلك التواصي بحفظ أسرارهما العائلية وعدم نقلها خارج عش الزوجية، لأن حفظ أسرار البيت من أهم عوامل نجاح الحياة الزوجية واستمرارها.
حمد عبدالله القميزي-الخرج
والمقال على موقع الوطن: http://www.alwatan.com.sa/news/ad2.a...no=2402&id=156
والأمل يحدوني في أن أقرأ تعليقاتكم وآراكم الجميلة والموفقة عن هذا الموضوع على صفحات هذا المنتدى الرائع وعلى موقع المقال: http://www.alwatan.com.sa/news/ad2.a...no=2402&id=156
وتقبلوا خالص تحياتي
أخوكم
الكاتب/ حمد بن عبدالله القميزي