السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أنت منذ الصغير تتباهى بملابسك البيضاء "المكوية" بعناية شديدة، وبالغترة البيضاء الغارقة في "النشا"، والتي تعطيك إطلالة جميلة وهيبة وتدل على الترتيب والتأنق وتبعد عنك حرارة الشمس الحارقة. أنا من الصغر وفي سن اللعب والشقاوة "أتكعبل" بالعباءة السوداء، التي تجذب أشعة الشمس، والتي تجعلني في أحيان كثيرة أصل إلى درجة الغليان.. أنت الحلم الأول لكل أب حتى يتباهى بك بين أسرته وأصدقائه وأنا الحلم الثاني.. أنت حب الأم الأول، لأن تشريفك قد يلغى زواج والدك الثاني بحثاً عنك، وأنا سبب معايرة أمي "بأم البنات".. أنت تسمع أسمك كل يوم في زهو حين يكنون والديك "أبو فلان" و "أم فلان"، وأنا محرومة من سماع أسمي، وكأنني غير موجودة أصلاً، وإذا تساهل أب وسمح للجميع بتسميته بأبي فلانة، فسرعان ما يختفي أسمي عند تشريفك!
أنت تتزوج ممن ترغب، وفي أي وقت تعدد، وأبناؤك يحصلون "اوتوماتيكياً" على الجنسية التي تخصك، وحتى زوجتك إذا كانت غير سعودية، وأنا لا أتزوج في أي وقت أرغب فيه بالزواج، فأمري كله بيد وليّ "أب-أخ-عم-جد"، أما عن الأختيار فلا مجال "نوع من الكماليات لا أحلم به حالياً".
أنا إذا ما سمح لي "لكبر سني مثلاً"، بالزواج من غير سعودي، فلا يحصل زوجي ولا أبنائي على جنسيتي إلا بعد "مرمطة"، وإذا قدر الحصول عليها فأبني الذكر يحصل عليها عند سن ال18، أما أبنتي الأنثى فتحصل عليها عند بلوغها ال35 سنة وبشروط مغلظة! وكأنه عقاب مجتمعي وجماعي ضد أبنائي أيضاً على زواجي من غير سعودي! أنت لك الحق في التطليق متى شئت من دون محاسبة، وأحياناً تختفي من دون تطليق ومن دون احترام لحياة إنسانة مصيرها متعليق بيدك بعد الله، بينما لا يحق لي طلب الطلاق، وإذا ماتجرأت لسبب أو لآخر فأعرف مسبقاً أن سنوات عمري ستنقضي من دون الحصول عليه، لأن لا تحضر الجلسة! ولأنني مطالبة بإثبات الضرر "الذي يكون غالباً داخل الجدران الأربعة ويصعب إثباته"!
وعليّ أن اخلعك وأعوضك حتى لو كنت مدمناً أو فاسقاً أو مزواجاً!
علاقتك مع امرأة غيري تسمى "رجولة" و"cool" واعتراضي على هذا السلوك قلة عقل، "لأنني ناقصة عقل ودين"! أما أنا فحديثي مع رجل غيرك "لأي سبب محترم" يسمى خيانة وقلة أدب بل وفسوقاً، وأعتراضك بل وطلاقي وفضيحتي بين عائلتك وعائلتي دليل رجولة وشهامة!
أنت تستطيع النزول في أي فندق وفي أي وقت حتى لو كنت تقيم علاقة غير شرعية "مستغلاً أسمي المدون في كرت العائلة" وأنا لأنني "أسود" متهمة دائمة، لا يحق لي النزول في فندق في المدينة أو في مكة حتى لو في رحلة سياحية دينية سوى بخطاب من ولي الأمر أو من الشرطة!
أنت تستطيع أن تكتب بأسماء أولادك ومن دون أستئذانهم، وأنا غير مسموح لي بذلك إلا بموافقة والدهم.. أنت "أبيض" ديتك كاملة وأنا "أسود" نصف ديتك! أنت تستطيع أن تتزوج بعد وفاتي مباشرة وبترغيب من المجتمع، "جدد فراشك" ما تقدم دعوة مناسبة لك وأنت تستقبل العزاء فيّ! أنا لأنني "أسود" أتهم بقلة الأصل لو فكرت مجرد تفكير في الزواج بعد إنتهاء العدة! هذا غير احتقار وكره الأولاد لي "لأعتقادهم أن هذا الزواج خيانة لذكرى والدهم"، ماتقدم هو "غيض من فيض فقط"، وهو بالطبع بعيد كل البعد عن الآيات الكريمات التي لم تحتو على كلمة التفضيل (ثم)، بل (و) المساواة "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والقانتين والقانتات" الآية.
ألا يحتاج الأمر إلى إعادة بناء لهذه الثقافة الذكورية التي شملت كل الجوانب وأثرت تأثيراً سلبياً في طريقة تربيتنا وحتى على سمعتنا كمسلمين؟ حتى نوعي الأفراد والأجيال القادمة أن "أبيض = أسود " ليس بحكم "العادات والقاليد إنما بحكم الله الواحد الأحد..
هذه فسحة للنقاش وتبادل الأراء في واقعية ومصداقية وتأيد ماتقراؤه من حروف على هذه الصفحة ..