[grade="00008B FF6347 008000 FF1493"]على الأصل دور
شدني حوار أمٌ لابنتها ، تتحدثان عن فتاة وقع عليها النظر ، لا .. الاختيار لتزوجها لأخيها ، كانت الأم تنقب في القسمات فَتُظهِر القبح وتنسى الحسنات ، فتستطرد الابنة تتفحص في أصلها ، غربية كانت أم أنها من أهل الجنوب ، فكون أبيها من جنوبياً وأمها يشوبها العرق الهندي فهي ليست بالأصل المطلوب أو المشرف لهما ، فسألتها فضولاً عمّا تبحث ، قالت : بكل علو وكبرياء ، نحن نبحث عن الأصل العربي القرشيّ المتسلسل من سابع جد ، ومن الطرفين لوالدي العروس المطلوبة .
إنه العجب بعينه وكأن الفتاة وأمها ينبذان أصلهما وفصلهما فهما من سلالة يختلط فيها الأصل التركي والعربي وما أدراكما العربي .. !
أدركت للتو ألاّ فائدة من إبداء رأي في أمر قد حُسم من سنين ، قال الحق في كتابه الكريم ( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم) في هذه الآية الكريمة يكمن الأصل الذي يجب البحث عنه ، فليس الأصل في مال أو جاه وسلطان أو في جماعة وعصبة وقوة جبارة ، فلقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من تعليم أولاد السفلة ، خوفاً من أن يضروا بعلمهم بدلاً من أن ينفعوا أحداً ، وبدلاً من أن ينشروا السلام والخير يتجهوا بعلمهم إلى الشر ، كما حدث للكثيرين اللذين ينشرون في الأرض الفساد من تدمير الحياة والإنسان والمستقبل وتحطيم الإنسانية ككل ، قال تعالى ( وإذا تولّى سعى في الأرض ليُفسد فيها ويُهلك الحرثَ والنسلَ واللهُ لا يُحِبُّ الفسادَ )
فليس الأصل فيمن شب وترعرع ، نشأ وهو يمسك ملعقة من ذهب يغرف بها الجواهر والألماس ، ولؤلؤاً ومرجاناً ، دون أن يعرف حدوداً لمستوى هذا الثراء بين يديه ، وبالتالي لا يجد الحماية منه ، ليتحول هذا الثراء من نعمة إلى نقمة ، إن الكثير مِنَ البشر يظنون أن صاحب المال هو السعيد ، وهذه النظرة تسيطر على الأغلبية ، لكنها نظرة غير صحيحة إلى حد ما .. !
وليس الأصل فيمن عدد الأعمام والأخوال ، فهناك الكثير ممن يبحث عن الجماعة أو القبيلة وما عدد المنتسبين إليها ، هل هم كثر يُشَدُ بِهُمُ الظهر ، أم أنهم القلة القليلة التي لا يذكرُ عُقباها ، فهم يبحثون عن الحسب والنسب ويتفاخرون بقولهم : هذا هو الأصل والنسب وإلا فلا ..؟!
ولكن حسبك من الأصل جذوراً أساسية عميقة ثابتة تريحك في التعامل معها ، وتُسَيرُكَ إليه طمأنينة تخرج من عمق إحساسه وكينونته لتصل إليك بيسر وسهولة ، تجذبك لمحاذاته والتقرب إليه مهما كان أصله وفصله ، عربي كان أم أعجميّ ، فقير كان أم غنيّ ، يكفي أنه نشأ في بيت أسس على المحبة والألفة والترابط القوي المتين بين أفراده ، بيت حوى معنى كلمة الأسرة وما تطلبه من قدسية المعنى وفضائلها ، إن هذه الجذور الطيبة لاشك تعطينا نبتاً طيباَ ، فيه الأصالة والمحبة والعقيدة والمبدأ ، فيه دماثة الخلق والموضوعية لكل الأمور ، لا أحزاب ومناظرات ، فقط هي النفس ولا شيء غيرها ، لا مجوناَ ولهثاَ وحسب ونسب ليس له أيّة جذور ، قال بن الوردي :
لا تقل أصلي وفصلي أبداً إنما أصل الفتى ما قد حصل
يقول : الإمام محمد عبده ( لقد أوصى علي رضي الله عنه بن أبي طالب أن يعهد بجلائل الأعمال إلى أهل البيوتات الطيبة الصالحة وذوي القدم السابقة ، كما جاءت سنة السلف شاهدة ، بأن الأنساب وتوارث الأحساب مظاهر في أعمال الأشخاص وآثار في خصالهم ينبغي النظر إليها .
والإسلام بأحكامه الصحيحة لم يهمل شأن النسب ولم يضع من شأن الأدب المكتسب ، بل طلب العدل في الأمرين وجمع لأهله بين النظيرين الصادقين . فلتبحث عن الأصل وأستند إليه في الرخاء والشدة ، وإن وجدته تكن من المحظوظين بسند قوي أصيل في الحالتين ، فهو المتكأ الصلب المتين والذي لا يسقط أبداَ . فزرع الطِّيبِ لا ينبت إلا زرعاَ فواحاَ .
رأي حكيم :
ليس الفـتى مـن قـال كـان أبي
إن الفـتى من قـال هـاأنذا
الفخـر فـيمن عـدد الحسـنات
لا من عـدد الأعمام والأخوال
المرأة الحديدية
S..A..D[/grade]