دروب كفيفة ... قصتي المتواضعه ..
السلاام عليكم
هذي اول مشاركه لي في الثقافي .. بس حبيت اعرض عليكم قصتي الاولى .. وطبعا انا في بداياتي في الكتابه .. عشان جذيه .. اعتذر عن ركاكة اسلوبي.. ولكني بحطها بين يديكم للقراءه .
وطبعا القصه هادفه .. واتمنى انها تلاقي صدى في قلوبكم ..
تحياتي
------------------------------
دقت الساعه الثانيه بعد الظهر . انه موعد مجيئه , وها انا ذا انتظر كعادتي عودته بفارغ الصبر .. صحيح .. لقد غفوت قليلا , ولكن ما الفرق في ذلك .. فانا مغمضة العينين منذ ان بلغت الثالثة عشر سنه .. حينما دفعت ثمن لهوي معه غاليا ً .. كنا اطفالا نلهو بالالعاب النارية في يوم العيد .. وانتهى بي ذلك العيد بأن اصبحت عمياء للأبد .. كما قال الاطباء . ومنذ ذلك الحين .. أصبح عادل ابن الجيران .. مرافقا خاصا .. مذنبا .. ويدفع ثمن لهو ٍ برئ غاليا ً هو الآخر !
وها انا ذا اتذكر ذلك اليوم كانه البارحه .. رغم مرور عشر سنوات , عشت فيها مكفوفة البصر .
اسمع صرير سيارته ,, وها هو يقترب مني ,, ثمة رائحة تنبعث منه .. وهو جاثم نحوي يقبل يدي تحية المساء !
مااروعه من زوج وما اروعه من رجل ! لولا الحقيقة المره التي لا تفارقني ابدا .. حتى في اسعد لحظات حياتي .
- كيف حالك يا هند ؟ اشتقت لك كثيراً !
بدا من صوته الصدق .. والشوق .. ولكن كيف لي ان اصدق؟ كيف لي ان اصدق ذلك !
انا مكفوفه . ولا بد من انني خرجت عن مسار احمر الشفاة ! او أسلت كحل عيني المكفوفتين بدون علمي ! لابد انني ابدو قبيحه . رغم ذلك اجبته لاجنبه اول مشاده تحصل بيننا في هذا اليوم !
- لا شك عندي في ذلك يا حبيبي .. الست زوجي الذي يحبني كثيراً ؟؟
للأسف .. رغم محاولتي .. الا انه فهم نبرة صوتي الحزينه .. ثم قال :
- نعم .. وانتي لست زوجتي فقط .. بل انتي مستقبلي وماضي وحاضري .. وانتي .. قلبي !
نعم .. انا قلبه الحزين .. انا قلبه الذي يذكره كل دقيقه بذلك الحادث المشؤوم .
- هيا .. لا تكثر من الكلام المعسول والا احسست بالتخمه .
ضحك كل منا لسبب في نفسه .. وذهب كل منا في طريق.. انا لاعداد الطعام … وهو كي يستحم ويستعد .. لانه يعلم بان اعداد الطعام سوف يستغرق مني الكثير من الوقت .
تجاذبنا اطراف الحديث على الغداء .. ودعاني للعشاء خارجا .. كم انت طيب يا عادل .. لانك تعلم بان هذا اليوم هو احدى الايام التي تصيبني بالكآبه .. وتثير فيّ كل الذكريات الاليمه .
وكم كان محقا في دعوته .. لان نفسيتي تغيرت .. وانا اشتم رائحة الخليج .. ورائحة البحر النقيه .. كنت اضحك بدون تكلف .. وهو ايضا .. حتى انه سمح لي بالمشي وحيده على الشاطئ !
وفي يوم من الايام … قام احد الاشخاص بزيارة زوجي .. لم اعرف من هو .. فصوته غريب .. ولم اعرف ماذا يريد .. لان زوجي لا يخبرني بذلك .. حتى يحد من قلقي ووساوسي .. كل ما كان علي فعله هو اعداد القهوة للضيف . وبعدها .. جلست انتظر عادل حتى يخبرني عن هويته ومراده .
حينما عاد زوجي .. تصرف بطبيعته .. كان احدا لم يزره .. وكأنني اتخيل بان كان عنده ضيفاً
سالته :
- عادل . من كان الضيف؟
- لم يكن احداً , انه احد العمال في المصنع الذي اعمل فيه !
عادل مهندس كهربائي .. ولكنه نادرا ما كان يذكر لي ايا من هؤلاء العمال !
- حسنا .. وماذا كان يريد؟
- كفي عن الاسئله يا هند .. انت تزعجينني بكثرة الاسئله !
- انا اسفه .. ولكنها المره الاولى التي يزورنا فيها احدٌ غريب !
- هذا لانك لا تزورين احدا ! ولا تختلطين بالناس . كانك غريبه عنهم او من عالم آخر !!
- انت محق . ولكن من قد يرغب بمصادقتي وانا لا اجيد التعامل مع الناس ؟؟ انسيت انني انقطعت عن العالم والمجتمع منذ ان اصبحت عمياء !!
- كفي عن تذكيري بما فعلت يا هند .. انتي تعرفين جيدا بانه كان حادث .. ولو استطعت ان اعود عشرة سنوات لفعلت .. كي ابتعد عن كل درب تسيرين فيه !
قالها بغضب كبير .. ثم ذهب ! لم اعلم الى اين ذهب .. ولم اسمع غير الباب الخارجي وهو يصفق بقوه.. كم انا حمقاء .. لابد من ان كلامي ازعجه . لم يكن علي تذكيره يوميا .. يكفي بانني حرمته من حياة طبيعيه وزوجه طبيعيه واطفال ! كم انا حقوده وقاسيه !
امسكت سماعة الهاتف .. وطلبت رقمه كي اعتذر عن غبائي .. ولكنه لم يرد .. لابد بانه يظن بانني سأعاتبه على تركه اياي وحيده !
هيا يا عادل .. صدقني اريد ان اعتذر .. انا اسفه جدا .. جدا !
++++++++++++++++++++++++
- استيقظي ايتها الجميله النائمه ! حان موعد الطبيب .
فتحت عيني .. لاجد ظلاما .. ولكن صوت عادل المحبب اخبرني بانه الصباح .. وهو موعد الطبيب الذي يشرف على علاجي . حاولت ان ابتسم .. فانا اشعر بان عادل قربي .. ولم يحرك ساكنا وهو يمرر يده على شعري بلطف .. ويطلب مني مغادرة الفراش .
امسكت يده وانا اقول :
- صباح الخير .. كم هي الساعه ؟؟
- انها التاسعه يا حبيبتي .. انهضي كي لا تتاخري .
- لا بأس .. سوف اعد لك الفطور . هل ستذهب الى العمل ؟
- شكرا يا هند .. ولكني جهزت الفطور واخذت اجازه من العمل . افكر ان نذهب سويا بعد الفحص
الى مكان ما لاكلمك في موضوع مهم .
ذهبنا سويا الى عيادة الطبيب متأخرين عن موعدنا نصف ساعه .. وطبعا كان ذلك بسببي .. الى ان استطعت اجهز نفسي . فغالبا مااخذ وقت مضاعف حينما اخطط للخروج . وكان ذلك دائما سبب شجار بيني وبين زوجي المسكين !
فور وصولنا الى العياده احسست بجو غريب .. عادة ً اكون مرتبكه حين مقابلة الطبيب .. ولكن اتعلمون ماذا؟؟ لم أعد اخاف من شي .. فما اخاف منه اعيشه يوميا .. واتعذب منه كل لحظه .. رغم مرور سنوات عديده !
توجهنا الى السكرتيرة حتى نسأل عن موعد دخولنا الى الطبيب فأجابنا صوت جديد غير صوت العجوز سكرتيرة الطبيب القديمه !
صوت عذب يقول لزوجي :
- اسفه .. ولكن موعدكما قد فات .. ولم يعد أمامكما الا الانتظار ساعتين حتى ينتهي الطبيب من زبائنه .
كرر زوجي الاعتذار منها مرارا .. حتى أنني أحسست بالذنب لوضع زوجي في موقف كهذا .. ام تراه يكرر اعتذاره إعجابا بالسكرتيرة !! يا ترى كيف تبدو .. لابد إنها تخدشه بنظرات ٍ مثيره .. لاني اعلم مدى وسامة زوجي ! وان كان الامر كذلك . سأتسبب بكارثة له ولها !
اقترح عادل على السكرتيرة بان تستدعي الطبيب حتى يعتذر له ويسمح لنا بالدخول فورا .. وفعلا .. بعدما تحدث زوجي الى الطبيب .. سمح بدخولنا فورا .. حتى انني سمعت بعض المتأففات يتذمرن من دخولي .
انتهى الطبيب من فحصي .. وأكاد اقسم بانه يومئ لزوجي يائساً من وضعي الصحي . وأكاد أٌقسم ايضاً بان زوجي العزيز ابتسم بكآبة يعيشها منذ ان ارتبطنا معا ً.. أي منذ ثلاث سنوات !
قال الطبيب مواسيا :
- انتي بخير يا ابنتي .. اراك في تحسن مستمر .
اجبته ساخرة :
- طبعا أنا بخير , حتى انني أراك مثلما أرى زوجي .. تهنئون بعضكم بتحسن حالتي .
توقعت ان اتلقى زجراً من عادل .. الا انه اجاب بانني اسيء الظن دائما .. وانتهى بالاعتذار مجددا الى الطبيب .. كم سببت له من احراجات اليوم ! اظن أنه بدأ يكرهني !
خرجنا من العياده .. بعدما ودع عادل السكرتيره .. ملوحاً لها من بعيد .. وبدون ان يصدر اقل صوت .. عرفت ذلك حينما فضحت أمره تلك الغبيه حين قالت :
- مع السلامه سيد عادل .
في السيارة ,, ساد صمت قاتل .. لم استطع كسره بتعليقاتي السخيفة ! أظن بأن عادل غاضب ٌ مني ! . حسنا لا بأس.. اعرف كيف اجره الى النطق !
- حبيبي.. أشعر بسعادة كبيرة اليوم .. انا أحبك كثيرا يا عادل .
أجابني بنبرة هادئة ومليئة بالبرود :
- إذاً .. امنحيني طفلا يا هند !
كسْر الصمت ِ ذاك ! كان اكثر شيء ندمت عليه في تلك اللحظه . ليته ظل صامتاً .. ليتني لم ادفعه للنطق بتلك الكلمات القاتله !
أمنحه طفلا ؟؟؟ هل جن هذا الرجل ؟؟ كيف سأربيه ؟ وألف كيف تتبعها بعد ذلك ! لابد بأنه مجنون !
- مابك؟ هل أفسدت سعادتك يا هند؟؟
- نعم ! لقد افسدتها .. كيف لك ان تطلب مثل هذا الطلب مني ؟؟ انا عاجزه عن نفسي .. فما بالك بطفل يصرخ باستمرار !!!!
- لا .. انتي تتظاهرين بالعجز .. كي لا تمنحيني طفلا !
صدقوني .. أكاد أسمعه يقول .. " يكفي بأنني احتملتك لثلاث سنوات بجميع مشاكلك ولسانك السليط " .. نعم .. سمعتها بكل وضوح .. لم ينطق بها .. ولكن قلبه صرخ بها بأعلى صوته !
- لا بأس .. حين نصل سوف نتناقش بالموضوع يا عادل .. دعني أهدأ قليلا الآن .
- وما أدراك الى اين أخذك؟
- إلى البحر ليس إلا يا عادل .
- كم انت ماكره .. أنت تعرفينني اكثر من نفسي يا هند .
- فقدي لبصري ليس الا نافذه اخترق بها نفسك يا عادل .
أحسست به يبتسم لي .. ويقر بذلك صامتا ً .
- ها قد وصلنا .. انتظري .. لا تنزلي أنتي بمحاذاة الشارع !
- اعرف طريقي جيدا لا تخف .
أطلقت لرجلي ّ العنان .. انطلقت وحدها الى البحر .. أتبع صوت ارتطام الموج بالصخور .. الى ملاذي الوحيد .. ومرشدي الى الطريق .. فهو مكفوف مثلي .. لذلك نجده يتخبط في الشاطئ .. عل وعسى يجد له مكانا يستقر فيه .. نراه اليوم هائجا َ وغدا هادئاً .. مثلي تماما .. مظلم وغامض ومخيف .. الا ان الجميع يسبح فيه .. مثلي تماما !!
وقفت استنشق رائحة البحر ... والقي عليه التحيه .. واقول له : انظر ماذا جلبت معي هذه المره !
زوجي يريد طفل ! أصدقني القول أيها البحر .. أيهما أكثر جنونا؟؟ ان ارمي بنفسي في أعماقك وأغرق ؟ أم ان انجب له الطفل الذي يريد ؟؟
أجابني بتكسّر أمواجه على قدمي ّ .. كأنه يريد سحبي إليه كي لا ارتكب هذا الجنون !
خطوت خطوه إلى الأمام .. ليمسكني عادل بقوة . هامساَ في أذني ّ :
- لن ترمي بنفسك في البحر يا هند .. لن أدعك تختفين من حياتي أبدا .
انقبضت نفسي لما سمعته منه .. أنبت نفسي في تلك اللحظة فقط آلاف المرات .
- عادل ! أنا موافقة .
هل للطيران صوت ؟؟ نعم .. سمعت زوجي يطير فرحا .. ليضمني بشده صائحا ً:
- لن تندمي أبدا يا حبيبتي .. أبدا !
عجبا ً ! شعرت بسعادة كبيرة .. لأول مره في حياتي أحسست بأنني أقدم لزوجي شيئا يرغبه بالفعل ويجعله سعيداً برفقتي .
++++++++++++++++++++++