[grade="8B0000 FF0000 FF7F50"]بعد أن طرق الضيوف باب الدار وأستقبلهم أبيه وأدخلهم المجلس بكل ود وترحاب
أقبل محمد ( الإبن) البالغ من العمر 10 سنوات ليسلم على الضيوف ( أصدقاء أبيه) وبينما هو
يسلم على هذا وذاك لم تنقطع كلمات الفخر بهذا الإبن . حتى إنه قال لأصدقائه
من باب الميانه : أتحدى لو كان عندكم ابن مثل ولدي محمد هذا إبني إذا غبت عن الدار يكفيني
عن كل شيء , شيخ من نسل الشيوخ .
إرتسمت ملامح الخجل والحياء على هذا الإبن الصغير مما جعلته يتراجع للخلف قليلاً , وفي هذه
الأثناء تذكر مقولة أبيه عندما كان يعلمه على كيفيه صب القهوه للضيوف حيث يرفعها بيده اليسرى
واضعاً ( الفنجال) في يده اليمنى ثم يقوم بصب القهوه إلى ماهو أكثر بقليل من نصف الفنجال ويقدمه
للضيوف , ولكن هذا الأب لم يكن كسائر الأباء بل تجاهل أن يجب عليه أن يكون واقفا حتى يكتفوا
الرجال من شرب القهوه . وهذا هوالسائر لدى الكثير ولكنه سائر ربما يُشعر الضيوف في اوقات بالحرج
مما يكتفوا من أول فنجال قهوه ( وبالذات الغرباء) .
وبينما هو يتراجع للخلف قال أبيه : القهوه يامحمد ( خلك ذيب) خرج محمد ماصدق خبر لكي يأتي بالقهوه
بمشيه الواثق من نفسه ولكنه عندما تجاوز أنظار الضيوف ماكان منه إلا ليسرع إلى أمه حتى دخل عليها
بالمطبخ وهو يقول : ياويلي هذه قهوه تسويها يا أمي ولا ذبيحه . ألتفتت الأم بوجه إبنها وهي تتبسم
وقالت : والله ماني أسرع من النار يا (وليدي ) تصغير ( ولدي) ..
قال محمد وهو في نشوة الفرح : اليوم يا أمي بصب القهوه للضيوف
قالت الأم : أجل من هو غيرك يصبها أنت صرت رجال ولازم تخدم أبيك .
أخذ القهوه محمد بعد تجهيزها من المطبخ مع بعض التمر (في المعشر )وذهب بها إلى الضيوف وعندما
دخل قال : السلام عليكم للمره الثانيه , وماكان من أبيه إلا ليقطع الموضوع الذي كان يدور بينه وبين أحد
أصدقائه عن الترقيات الوظيفيه وما أدراك ما الترقيات الوظيفيه ؟
لينهض أبيه قائماً بعد أن وضع محمد القهوه أمام الضيوف .. ربما نهض لغير سبب ولكن بعد كل الجهد
الذي قام به الأب لكي يوقف لابد وأن يأتي بشيء ما ( وهذه ميزه في كبار السن) بعد
أن قال محمد : يايبه القهوه أنا أصبها أستريح يعطيك ربي العافيه . ألتفت الأب في آخر المجلس
إلا وهو يشاهد علبه المنديل ( الفاين) وذهب لكي يضع علبه المنديل أمام ضيوفه .
كان محمد يحاول أن يصبر على حرارة (معضد) القهوه .. الحراره شديده فكيف لمحمد أن يتحملها ؟
أخذ محمد يحاول يصب الفنجال الأول ولكن لم يكمله إلا وهو يقول ( أح)
سمعه أبيه وقال: الرجال وش لون يقول أح ؟
قاطعه أحد الضيوف وقال : ياابو محمد أعط الولد منديل الحرارة ماحد يصبر عليها .
طبعاً ( البيز) هذا الأسم الوحيد الذي أعرفه وهو مايكون واقي مابين اليد ومابين عضد
القهوه , كان لايوجد له أثر ربما سرعة محمد وإستعجاله جعلت الأم تنسى أن تضعه مع القهوه .
الأب أصر أن يقوم محمد بصب القهوه بدون ( واقي) بينما محمد في داخله يقول : ليتني ماتعلمت
صب القهوه موقف محرج لا يلام عليه أمام ضيوف لايعرفهم ولأول مره .
أخذ محمد يتصحر جبينه ويدخله بعض الخوف والربكه من صب هذه القهوه بعد ماسمع من ابيه من
كلمات قد تكون جارحه بينما الأب لا يشعر بها لأنها لم تكن موجهه إليه .
أخيراً قام محمد بصب القهوه . فنجال نصف وفنجال أقل من النصف وفنجال مملوء بينما الأب
لايعلم بأنه خرج عن تعليماته في مقدار صب القهوه وإلا كان هناك كلاماً آخر قد يجعل محمد يهرب
من أمام الضيوف !
كل رجل يفتخر بأبنه عندما يكون إبنه يصب القهوه و يخدمه في شؤون كثيره .
ولكن لنتوقف هنا وأمام كلمه لا أعلم لماذا تقال ؟
هل هي من باب التحفيز ؟ وإن كان من باب التحفيز هل يصح في مثل هذه المواقف تحفيز ؟؟
صحيح إن الرجل ( من العيب ) أن يقول( أح) أمام الضيوف ولكن فارق السن له دور يجب
أن ننتبه له محمد هنا بمثابة رجل كما يطلقه عليه أبيه . فلا أنا ولا غيري لديه إعتراض على هذا .
ولكن نتكلم بكل واقعيه وصدق.
من يستطيع أن يتحمل الحراره ؟ أليست أيدينا جلد ولحم .
لماذا بعض الأباء يجبر أبنائه على مالايطاق ؟
أليس من هذه المواقف نعلمهم على ( الدافشه) وعدم الحذر ممايتعرضون إليه ؟
أين التعامل الحسن مع الأبناء في مثل هذه المواقف ؟ لكي نساعدهم معنوياً لكي يصبحوا
فعلاً رياجيل .
الكثير يخطي عندما يعتقد بإن الإبن يتحمل ردات الفعل في مثل هذه المواقف .
والكثير يخطي عندما يعتقد بإن الإبن قادر على أن يقوم بأي عمل لأول مره .
والكثير يخطي عندما يوجه مثل هذه الإنتقادات في الموقف نفسه .
والكثير يخطي عندما يظن بأن الإبن قد يتحمل مايتحمله الكبار .
هناك فرق مابين الشخص المتمرس على عمل ما والشخص الذي يقوم بالعمل لأول مره.
وهناك فرق مابين قدرات الكبار وقدرات الصغار .
إذن لاتحرجوا أبنائكم أمام الضيوف بمثل هذه الكلمات ( الرجال مايقول أح ) علموهم كيف يقون
أنفسهم مما يتعرض لهم , لكي لا تكون سبب في إصابتهم بما أصاب محمد !!
ودمتم بألف خير جميعاً .
همسه :
( كوكو والطير يغني للفجريه )
أخوكم السُّلمي [/grade].