علمت مصادر مطلعة أن القرارات الجديدة التي سنّتها مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» (البنك المركزي)، تجاه عدد من شركات التأمين في البلاد؛ من المتوقع أن تقود إلى خروج عدد من هذه الشركات من السوق المحلية خلال الفترة المقبلة، وسط توقعات بأن تكون درسا لمجالس إدارات الشركات الأخرى، ما يقودها إلى محاولة تصحيح الأوضاع.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن «ساما» السعودية أبدت توجهات كبيرة خلال الآونة الأخيرة نحو إعادة تنظيم سوق التأمين في البلاد. وتأتي هذه التطورات في وقت تعيش فيه عدد من شركات التأمين المدرجة في تعاملات سوق الأسهم المحلية، أوضاعا مالية سيئة للغاية، بسبب تراكم معدلات الخسائر، وتآكل رؤوس أموالها.

وبحث البنك المركزي السعودي خلال الفترة الماضية عن مخارج عدة للشركات المنهارة ماليا بهدف المحافظة على حقوق المستثمرين الأفراد، ما دفعها إلى قبول طلبات زيادة رأسمال بعض الشركات وفقا للضوابط المسبقة، وهي طلبات تقدمت بها عدد من شركات التأمين المدرجة في السوق المالية السعودية خلال الآونة الأخيرة.

وفي هذا السياق، أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي في آخر قراراتها الجريئة المتعلقة بشركات التأمين في البلاد، أن شركة «سند للتأمين» لم تقدم حتى تاريخه خطة تحقق المتطلبات التي وضعتها المؤسسة، وقالت: «حيث إن استمرارية تردي الوضع المالي والإداري للشركة من شأنه التأثير بصورة خطيرة على قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها، فقد قامت المؤسسة بتطبيق ما جاء في المادة 19 من نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني الصادر بالمرسوم الملكي، وذلك بمنع الشركة من قبول مكتتبين جدد في أي من أنشطتها التأمينية، وبالتالي منعها من إصدار أو تجديد أي وثيقة تأمين أيا كان نوعها، حتى صدور قرار بأن الشركة صححت أوضاعها».

كما أعلنت «ساما» السعودية أواخر الشهر المنصرم، أن شركة «وقاية للتأمين» لم تلتزم ممثلة في مجلس إدارتها في المقام الأول، بتنفيذ قرارات المؤسسة المعلن عنها، والتي اشتمل عليها خطاب الإنذار النهائي الموجه لها، وقالت: «حيث إن الخطة - التي أُلزِمت الشركة بتقديمها للمؤسسة - جرى تقديمها بعد المدة المحددة للشركة، ولم تكن بشكل مهني وعملي يُسهم تنفيذها بصورة إيجابية في تصحيح الوضع المالي المتردي للشركة، ولتأثير تردي الوضع المالي للشركة بصورة خطيرة على قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، فقد قامت مؤسسة النقد بتطبيق ما جاء في المادة 19 من نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني، وذلك بمنع الشركة من قبول مكتتبين جدد في أي من أنشطتها التأمينية، وبالتالي منعها من إصدار أو تجديد أي وثيقة تأمين أيا كان نوعها».

ووفقا للتطورات الحالية التي يشهدها قطاع التأمين السعودي، فإن فرصة خروج شركات تأمين محلية من السوق نهائيا أصبحت واردة للغاية، يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه الشركات المعنية بالبحث عن مخرج مناسب من أزماتها المالية التي تعانيها حاليا، ما يجعل إعادة هيكلة نشاط الشركة أمرا واردا للغاية.

وتعليقا على هذه المستجدات، أكد فهد المشاري، الخبير الاقتصادي والمالي، أمس؛ أن سوق التأمين السعودية تمثل فرصة واعدة للشركات التي تستطيع المنافسة على كعكة السوق، وقال: «على الشركات إعادة ترتيب ملفاتها بهدوء، خصوصا أن هناك أموال مستثمرين أفراد في الشركات المدرجة بسوق الأسهم المحلية».

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي رفعت فيه شركات تأمين سعودية أسعار خدمات التأمين الصحي على الشركات والأفراد بنسبة 21 في المائة خلال الفترة القريبة الماضية، جاء ذلك بعد أن دخلت وثيقة التأمين الجديدة التي أصدرها مجلس الضمان الصحي في البلاد حيز التطبيق قبل نحو شهرين، بحسب معلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط» حينها.

وأكد مسؤول رفيع المستوى في إحدى شركات التأمين السعودية لـ«الشرق الأوسط»، (طلب عدم الكشف عن اسمه)، أن شركات التأمين قامت برفع أسعار خدمات التأمين الصحي على الشركات والأفراد بسبب دخول وثيقة التأمين الجديدة حيز التطبيق بدءا بمطلع يوليو (تموز) الماضي.

وأوضح المسؤول نفسه أن وثيقة التأمين الصحي الجديدة رفعت الحد الأعلى للغطاء التأميني للشخص المؤمن عليه إلى 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار) في العام الواحد، بدلا من مستوياتها السابقة عند قيمة 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)، الأمر الذي قاد شركات التأمين المقدمة لخدمات التأمين الصحي إلى رفع أسعارها بصورة ملحوظة.

وفي السياق ذاته، تسيطر محفظة «التأمين الصحي» على 53 في المائة من سوق التأمين السعودية، في حين تسيطر محفظة «التأمين على المركبات» على ما نسبته 23 في المائة من سوق التأمين في البلاد، بحسب آخر الإحصاءات عام 2013.