قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما الناس كإبل مائة، لا تكاد تجد فيها راحلة) رواه البخاري.

حديث تقشعر له الابدان و تحمل في صدرك قلباً يحترق على واقع الامه المؤلم حيث شعوبنا العربية منشغلة بتصفية بعضها البعض فيما أعداؤها يزدادون قوة وحضارة ، فلا يعرف شبابنا تاريخ رجالهم وماضيهم وقيمهم ، لان الجذر اذا مات في باطن الأرض تموت الأغصان والأوراق وأتألم من كلمة لمستشرق بريطاني درس ديننا وتعالمينا قال ( يا له من دين لو كان له رجال ) .

جلس عمر بن الخطاب ( الفاروق ) رضى الله عنه مع ثلة من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة فقال لهم الفاروق تمنوا فقال أحدهم أتمنى لو أن هذه الدار مملوءةٌ ذهباً أنفقه في سبيل الله, ثم قال عمر تمنوا فقال صحابي اخر أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقها في سبيل الله وأتصدق بها, ثم قال الفاروق تمنوا، فقالوا ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين, فقال عمر ولكني أتمنى رجالاً مثلَ أبي عبيدة عامر بنِ الجراح، ومعاذِ بنِ جبلٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة، فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله .

رضى الله عن فاروق هذه الامه ، لقد كان خبيراً بمعادن الرجال و معلما بما تقوم به الدول تحتاج لرجال من هذا الطراز الفريد رجال تعقد الأمة عليهم خناصرها وتبنى عليهم مستقبلها لتبث في عروق الامة المجد والنصر والعز والكبرياء والشموخ وقوة نفسية ايمانية هائلة تحمل الرجل على معالي الأمور، وتبعده عن سفسافها، بعدما تحولت الامه الى قصعة مستباحة لكل أمم الأرض .

تحتاج الامه اليوم نوراً يضيء لها طريق المستقبل وشعلة توقد لهم دروب الحياة، ودماء حره تتدفق في عروق الحاضر و المستقبل ولان كل أمة من أمم الأرض تعتز برجالاتها وبطولاتها وتاريخها وتعلمه لأبنائها في معاهدها وجامعاتها تاريخ يرفع من شان ابنائها , وتورث لهم قوةٌ تجعلهم كبارا في صغرهم ، اغنياء رغم فقرهم ، اقوياً رغم ضعفهم ، قوةٌ تحملهم على أن يعطوا قبل أن يأخذوا ، وأن يؤدوا واجبهم قبل أن يطلبوا حقوقهم يعرفون واجبهم نحو انفسهم، ونحو ربهم، ونحو اسرهم ، ودينهم وأوطانهم , أما في ظلام الشك المحطم بماضي الامه المجيد والاختلاط الماجن ، والإلحاد العاهر والانحلال السافر حتى اصبحت الرذيلة مألوفة لدى الناس ويغذيه إعلام هابط لدق اسافين هدم في معتقدات الامة ، فلن توجد رجولة صحيحة في ظل قيم الهدم والتشظي , كما لا ينمو الغرس إذا حرم الماء والهواء والضياء في زمن النسيان والإنكفاء عن مشاعر الوطنية .

والرجال هم ذخيرة الوطن وكنزه الدفين ومفتاح المعالي والجباه التي لا تلين ولا تنحني الا لله بهم وبسواعدهم وبفكرهم تبنى الاوطان وتكون النهضة الشاملة لكل مرافق الدولة وبالرجال المخلصين تحيا الأمم الهامدة وتستيقظ العزائم الخائرة وتنمو الارض البور ويعلو البناء ترعاها همم الرجال العالية *