أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


للإسلام كلمة في كرة القدم
وما أدراك ما هي؟
إنها الهوس المتسلط على عقول الأجيال في العصر الحديث..
من أجلها تقام المعارك، وتنشب الحروب، وتموت الضحايا، ولجلالها تطلق الزوجات، وتقطع أواصر القربات، ويطعن الأخ بالسكين أخاه .. ولا حول ولا قوة إلا بالله..!!
ويوم أن تقام مباراة بين فريفين لامعين، فكأن الحرب الضروس قد أعلنت، ورفعت لها الرايات، وأنبرت لها الإذاعات، وهيئت لها الشاشات.. وأعد المشجعون لها الأحجار والسكاكين، والطبول والمزامير، والأناشيد الجماعية والهتافات القوية!
وما أن تنجلي المعركة الحامية عن هزيمة أحد الفريقين حتى ينتقل ميدان المعركة من ساحة الملعب ليكون ميدانها البيوت، والمدارس، والدواوين، ومكاتب الموظفين، والقهوات، وفي المجتمع الصغير، والمجتمع الكبير، وتسفر المعركة عن سقوط الضحايا من الجانبين.. ما أن تهدأ حدتها، وتنجلي غمرتها حتى تبدأ معركة أخرى بمباراة ثانية .. وهلم جرا ..
وإذا رفعت صوت المنطق لتناقش أحد هؤلاء المصابين بالهوس الكروي قال بملء شدقيه: ((إنني رياضي)).
هذه قصتنا مع كرة القدم .. اللعبة المفترى عليها..
وهذا وجه اللعبة المزيف كما يراه شبابنا..
وأما الوجه الحقيقي لهذه اللعبة، فإننا - إذا فهمنا روح الإسلام ومنهجه في بناء المجتمعات - نجد أن كرة القدم من الألعاب التي يزكيها الإسلام وتزكيها تعاليمه.. فهي مدرسة تعلم دروسا في التجمع لا في التشتيت، وفي الوحدة لا في التفرق، وفي الود لا في التباغض والعداوة.. اللعبة التي تؤكد أن الأهداف لا يمكن أن تتحقق إلا بالروح الجماعية، وأن الفرد قليل بنفسه كثير بأخوانه ..
وإني أسأل هذا الذي يرفع راية التعصب الأعمى، ولا يفهم من الرياضة إلا أسمها أسأله هذا السؤال : هل يستطيع اللاعب الأناني أن يحقق هدفا وحده مهما كانت كفاءته؟.. كلا..
لأن الكرة ستتعثر في قدمه، وسيستولي عليها الفريق الآخر.. والفريق الذي يحقق الأهداف النظيفة هو الفريق الذي يلتزم بروح الجماعة.. هل وعينا الدرس من مدرسة الكرة التي نتعصب لها..؟
هل يعلم الحكام والجماهير المسلمون أن روح التفرقة والأثرة والاستبداد بالرأى تقود في النهاية إلى الهزيمة المنكرة عل مسرح البطولة في كل الميادين؟ للأسف نحن لم نع الدرس.. قلبنا الغاية إلى وسيلة والوسيلة إلى غاية، وآمنا بالشكل وكفرنا بالمضمون، وهمنا بالمظهر وألقينا الجوهر وراء ظهورنا.. ما معنى أن أعبد ناديا وأتعصب له؟
معنى ذلك أنني ضحل التفكير، ضيق الأفق، أناني بالطبع، مستبد برأي، لا أفهم شيئا عن الروح الرياضية، ولا أجيد من أنواع الرياضة إلا التصفيق الأرعن والهتاف المحموم ..
إننا لا نحجر عليك أن تنتمي إلى ناد وتشجعه.. نحن معك.. ولكن هناك فرق كبير بين التشجيع والتعصب، ولغة الحجارة والطوب، ولغة الروح الرياضية التي تعلمنا أن نبتسم عند الهزيمة ونتواضع عند النصر، وتعلمنا أن الأيام دول .
فيوم علينا ويوم لنا... ويوم نساء ويوم نسر
إن رسول الله - ص - يضع لنا المثل الأعلى في الروح الرياضية، فليتنا نعي الدروس والعبر!!
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : كانت العضباء (ناقة النبي) لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسابقها فسبقها.. وكأن ذلك شق على أصحاب النبي (ص). ولكن المربي العظيم ينتهز الفرصة ليعلمهم الروح الرياضية ويعطيهم درسا في أن الجلوس على القمة في الدنيا لا يدوم لأحد، فقال عليه الصلاة والسلام: ((إن حقا على الله - عز وجل - ألا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه .. ))
( ١ ) أسأل الله لي وللمتعصبين العفو والعافية والشفاء من كل داء!!
***
__________
(١) حديث شريف .
__________
المرجع: ص: 192، 193، 194
كتاب مشكلات الشباب الجنسية والعاطفية تحت أضواء الشريعة الإسلامية
عبد الرحمن واصل
دار الشروق
الطبعة الثانية
1406 ه - 1986 م.


الملفات المرفقة kora.pdf‏ (50.1 كيلوبايت)