بأسى نقول: عرفنا في ما مضى هلالاً مرفوع الهامة، مهاب الجانب، لكنه تحول مع الزمن إلى «شبيه هلال». خفت نوره، وغاب بريقه، فتداعت عليه الخصوم تداعي الأكلة على قصعتها.

فحين كثرت أزماته ووجعه انفض سامر المنتفعين، وولوا الأدبار يرقبون الريح حيث تميل، وبقي وحيداً إلا من العشاق، فهم بلسم الشفاء، وترياق العافية، يتفانون في تطبيبه حتى يتعافى.

في هذا الموسم بلغ الضعف الزبى، وجاوز الظالمون المدى، ليس من الخصوم فحسب، بل من بعض أبناء الهلال الذين مارسوا معه أبشع أنواع العقوق. يرونه مهاناً فلا ينتصرون له، ويئن مقهوراً فلا ينهرون قاهره، وإن احتاج إليهم بخلوا عليه.

كانوا في قمة الأنانية عندما حاول أحد الأبناء الأبرار مساعدته في النهوض من دون عكازاتهم المهترئة، وأغلق باب تطفلهم وفضولهم، لأن وجودهم ليس إلا اسماً بلا نسب، وكثرتهم إنما نقص في العدد، فثاروا ضد التهميش، وهم الذين اعتادوا التقديس، فكيف بعدما نقد عملهم بسوء على الملأ هنا انتفضوا وأشعلوا الحروب، انتقاماً لشخصياتهم وكرامتهم التي اجتهدوا في تلميعها بأصباغ براقة سرعان ما أزالتها حرارة المواقف وعرتها؟

الابن البار أخذ بيد ناديه في طريق مختلف لم يألفوه، يسمونه احترافاً وهم لا يطبقونه! أمضى ثلث المشوار في أسوأ ما يكون الاستفزاز، وليس أسوأ وأشد إيلاماً من اضطراب البيت وحروب الداخل، ولكنه بهمة الرجال صمد، وبعزم الأبطال سحب البساط وقلب التوقعات، باختصار فاجأهم وعلى طريقه فهد العتيبي «كواهم أحرق مرماهم»، كما فعل في لقاء بونيودكور الحاسم، ليخرج بعدها المتحدث الفصيح ويخالف العرف بتصريح غير احترافي في الوقت والمضمون، يتحدث فيه عن عقد المدرب وتقويم عمله وهو الذي وقّعه لعامين ولا يزال ساريا، على رغم كل محاولات التطفيش التي شجعها الصمت المطبق ولم تؤت ثمارها ما يثبت أن النية مبيتة ولو حقق كل بطولات الموسم، لأن التوجه العام كان «أخرجوه يخلو لكم ناديكم»، بدليل أن الرئيس نسي الفرح ونادى مناديه: «يا قوم هلموا.. اجتمعوا.. الكيان في خطر».

والكيان البوصلة التي يمر منها أي قرار عندما يخدعون الجمهور ويظهرون بصفة ملاك الرحمة الذين اختارهم الله للمحافظة عليه، وهو ما حدث، فتفرغ المشغولون وتعافى المرضى، وآب المسافرون على عجل فالخطب جلل.

عندما اجتمعوا سهروا وأسهروا، ولكنهم من الباب الخلفي خرجوا ولم يرهم أحد، فمبرراتهم مفضوحة وقرارهم لا يملكونه، ومن تجرأ اختفى خلف بيان مأزوم بالجهل والتجهيل. شيء واحد خطر حدث: أن عرى الثقة فيمن يقود الهلال انفصمت، ومواقف الوفاء والشرف وحب الكيان سجلتها جماهير الزعيم فقط.




منيرة القحطاني