أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم






إغلاق المحلات التجارية للصلاة

في الشريعة والنظام









د.صالح بن علي الشمراني

وكيل معهد البحوث العلمية للثقافة والنشر

جامعة أم القرى

O



المقدمة :

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا ، ونشكره على ما منَّ به علينا من سائر النعم وأولانا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وخيرته من خلقه، وحجته على عباده، أرسله رحمة للعالمين ، وقدوة للعاملين ، وحجة على المعاندين ، وحسرة على الكافرين ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :

فقد أثيرت مؤخرا مسألة إغلاق المحلات التجارية لأجل الصلاة، وكانت الإثارة على ثلاثة مستويات:

الأول : من رأى بدعيته

الثاني : من رأى أنه خلاف المصلحة

الثالث : من رأى أنه ليس بواجب

وقد رأيت في هذا القول جرأة على الشريعة وعمل الأمة وإقرار الأئمة سلفا وخلفا؛ فأردت أن اكتب في هذه المسألة نصرة لها ودفعا لغائلة التبديل، والله الهادي إلى سواء السبيل.











خطة البحث : البحث يتكون من : مقدمة ، وتمهيد وأربعة مطالب ثم خاتمة وتوصيات:

المقدمة : وفيها خطة البحث ومنهجه.

التمهيد : وفيه منزلة الصلاة في الإسلام.

المطلب الأول : حكم صلاة الجماعة.

المطلب الثاني : مشروعية إغلاق المحلات التجارية أثناء إقامة الصلاة وفيه مسألتان :.

الأولى : أدلة المشروعية .

الثانية : النص النظامي لإغلاق المحلات أثناء الصلاة ووجوب التزامه.

المطلب الثالث : الفرق بين الإلزام بالصلاة والإلزام بإغلاق المحلات.

المطلب الرابع: شبهات وردود .

خاتمة: وفيها نتائج وتوصيات.



منهج البحث:

1- كتابة الآيات بالرسم العثماني وتوثيقها بذكر اسم السورة ورقم الآية.

2- تخريج الأحاديث من مصادرها الأصلية.

3- إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت بهما.

4- إذا كان الحديث في غير الصحيحين خرجته من أحد المصادر مع ذكر حكم أحد الأئمة عليه.

5- توثيق المسائل من مصادرها الأصلية.





التمهيد : وفيه منزلة الصلاة في الإسلام:

الإسلام دين جرى به العمل، وليس طقوسا تختفي وراء الكنائس والبِيع ، بل انتقل من نصوصه المجردة إلى واقع معاش تلحظه في جسد الأمة كلها، وقد تلقت الأمة شريعة الله منذ العصر الأول بالقبول والإذعان، وعملت بها في سائر الأقطار والأزمان ، وأخضعت لها العبادات والمعاملات وسلمت لها تسليما.

وإن من الشعائر العظيمة في الإسلام شعيرة الصلاة التي جعلها الشرع فارقا بين الإسلام والكفر،فقال عز وجل: ]فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ[([1])، وقال عز وجل: ]فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فخلوا سبيلهم[([2])،وقال: ] وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [([3]). وقال تعالى: ] إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا[([4]).

وفي الصحيحين في خبر معاذ t حينما بعثه النبي r إلى اليمن وقال له: "وأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة" ([5])؛وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي r أنه قال: " بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله،وأن محمدًا رسول الله،وإقام الصلاة،وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان،وحج البيت"([6]).

وعن عبادة بن الصامت t قال: سمعت رسول الله r يقول: " خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيِّع منهن شيئًا استخفافًا بحقّهنّ، كان له عند الله عهدًا أن يدخله الجنة... " الحديث([7]).

ومما يدل على عظيم منزلتها في الإسلام ما يلي :

1- أنها الركن الثاني من أركان الإسلام ومبانيه العظام كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما المتقدم.

2- جُعل مجرد الإعلام بدخول وقتها دليلا على إسلام أهل القرى واستحقاقهم للأمان والسلام([8]).



3- كفر تاركها مطلقا عند جماهير السلف والخلف لما جاء في حديث جابر t قال: سمعت رسول الله r يقول: " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"([9]). وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه،قال:قال رسول الله r:" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة،فمن تركها فقد كفر"([10]).

4- ثناء الله على مقيميها والآمرين بها كما في قوله تعالى: ] وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا* وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا [([11]). وقال عز وجل : ] قَدْ أَفْلَحَ الْـمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [([12]).


5- ذم الله تعالى المضيعين لها والمتكاسلين عنها، فقال تعالى: ] فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [([13]).وقال U: ] إِنَّ الْـمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً[([14]).


6- أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ قال الله تعالى: ] وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْـمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [([15]).


7- أنها أفضل الأعمال بعد الشهادتين؛لحديث عبد الله بن مسعود t قال: سألت رسول الله r: أي العمل أفضل؟ قال: " الصلاة لوقتها " قال: قلت: ثم أيّ؟ قال: " برّ الوالدين " قال:قلت:ثم أيّ؟ قال: " الجهاد في سبيل الله"([16])..


8- أن الله فرضها على رسوله e بلا واسطة من فوق سبع سموات ليلة الإسراء والمعراج([17]).


9- أنها فرضت خمسين صلاة ثم خفف الله U عن عباده إلى خمس([18])وهذا يدل على عظم مكانتها.


10- أمر الله النبي محمدًا r وأتباعه أن يأمروا بها أهليهم، فقال الله U: ] وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [ ([19])،وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي r أنه قال: " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع "([20]).


11- أن من نسيها أو نام عنها قضاها مما يدل على عظيم شأنها ، فعن أنس بن مالك t عن النبي r أنه قال: " من نسي صلاةً فليصلِّها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك". وفي رواية لمسلم: " من نسي صلاةً أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها "([21]).



12- أنها أول ما يحاسب عليه العبد من عمله كما قال e : " أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن كان أتمها كتبت له تامة، وإن لم يكن أتمها قال الله U لملائكته: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكملون بها فريضته، ثم الزكاة كذلك، ثم تُؤخذ الأعمال على حسب ذلك"([22]).

13- أنها جعلت عمود الدين، قال e : " رأس الأمر الإسلام، وعمودُه الصلاةُ، وذروةُ سنامِه الجهادُ"([23]).

14- أنها آخر ما يُفقد من الدين، كما في حديث: " لتُنقضن عُرَى الإسلام عُروة عُروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضًا الحكم، وآخرهن الصلاة "([24]).



15- والصلاة آخر وصايا النبي r فقد كان في رمقه يقول : " الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم "، حتى جعل نبي الله r يجلجلها في صدره وما يفيض بها لسانه"([25]).



هذه بعض مزايا الصلاة وفضائلها ومكانتها في الإسلام، وإذا كان الأمر كذلك فليس غريبا أن يعتنى بها، وأن تعطل الأعمال لأجلها كما سيأتي إن شاء الله بيانه.































المطلب الأول : حكم صلاة الجماعة:

اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْمَسَاجِدِ هِيَ مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ وَأَجَلِّ الْقُرُبَاتِ،وَلَكِنْ تَنَازَعَوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي وجوبها على ثلاثة أقوال:

الأول : أنها ليست واجبة على الأعيان ثم منهم من قال: إنها واجبة ْ عَلَى الْكِفَايَةِ ،وَهَذَا هُوَ الْمُرَجَّحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد، ومنهم من قال : إنها سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَيُذْكَرُ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَد([26]).

الثاني : أنها وَاجِبَةً عَلَى الْأَعْيَانِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَفُقَهَاءِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ، والمذهب المنصوص عليه بل الراجح عند الحنفية، وهو قول عند الشافعية بل قال النووي في المجموع:إنه قول اثنين من كبار أصحابنا المتمكنين في الفقه والحديث وهما أبو بكر ابن خزيمة وابن المنذر قال الرافعي وقيل انه قول للشافعي([27]).

الثالث : أنها شرط في صحة الصلاة فلا تصح صَلَّاة مُنْفَرِد لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِ أَحْمَد، ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ عَنْهُمْ، وَبَعْضِ مُتَأَخِّرِيهِمْ كَابْنِ عَقِيلٍ، وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ([28]).

أدلة القول الأول :

اَلَّذِينَ نَفَوْا الْوُجُوبَ احْتَجُّوا بأدلة عمدتها دليلان:

1- بِتَفْضِيلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ!؟([29]).

وجه الدلالة : قَالُوا لَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَفْضِيلٌ!

2- حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ t عَنِ النَّبِيِّ e قَالَ : "صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ ، وَكُلَّمَا كَثُرَتْ كَانَ أَحَبَّ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ"([30]).

وجه الدلالة: أن النَّبِيُّ e جعل بَيْنَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالِانْفِرَادِ مِنَ الصَّلَاةِ مِثْلَ مَا بَيْنَ كَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ وَقِلَّتِهِمْ مِنَ الْفَضْلِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ غَيْرُ فَرْضٍ ، لِأَنَّ الْعُدُولَ مِنْ قَلِيلِ الْجَمَاعَةِ إِلَى كَثِيرِهَا غَيْرُ فَرْضٍ .

ويجاب عن هذا الدليل بأن غاية ما يدل عليه أن الجماعة الأكثر عددا أكثر أجرا ممن هي أقل منها، ووجوب أصل الجماعة يؤخذ من أدلة أخرى.

3- عن أبي سعيد الخدري t : أن رجلا دخل المسجد وقد صلى رسول الله e بأصحابه فقال رسول الله e : من يتصدق على هذا فيصلي معه ؛ فقام رجل من القوم فصلى معه([31]).

وجه الدلالة: لو كَانَتِ الْجَمَاعَةُ وَاجِبَةً لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ تَأَخُّرَهُ ، وَلَنَهَاهُ عَنْ مِثْلِهِ ، وَلَمَا أَخْبَرَ أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَهُ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ.

ويجاب عن هذا: أن تأخره قد يكون لعذر، وكيف ينكر عليه وقد جاء يريد الجماعة.

أدلة القول الثاني :

احتج الْمُوجِبُونَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ:

دليلُ الْكِتَابُ:

قَوْلُهُ تَعَالَى:] وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [([32])الْآيَةَ.

ووجه الدلالة أمران:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَعَهُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهَا حَالَ الْخَوْفِ وَهُوَ يَدُلُّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى عَلَى وُجُوبِهَا حَالَ الْأَمْنِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ سَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ جَمَاعَةً وَسَوَّغَ فِيهَا مَا لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ كَاسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ وَالْعَمَلِ الْكَثِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِالِاتِّفَاقِ، وَكَذَلِكَ مُفَارَقَةُ الْإِمَامِ قَبْلَ السَّلَامِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَكَذَلِكَ التَّخَلُّفُ عَنْ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ كَمَا يَتَأَخَّرُ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بَعْدَ رُكُوعِهِ مَعَ الْإِمَامِ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ أَمَامَهُمْ. قَالُوا: وَهَذِهِ الْأُمُورُ تُبْطِلُ الصَّلَاةَ لَوْ فُعِلَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْجَمَاعَةُ وَاجِبَةً بَلْ مُسْتَحَبَّةً لَكَانَ قَدْ الْتَزَمَ فِعْلَ مَحْظُورٍ مُبْطِلٍ لِلصَّلَاةِ وَتُرِكَتْ الْمُتَابَعَةُ الْوَاجِبَةُ فِي الصَّلَاةِ لِأَجْلِ فِعْلٍ مُسْتَحَبٍّ مَعَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يُصَلُّوا وُحْدَانًا صَلَاةً تَامَّةً فَعُلِمَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ([33]).

ونوقش هذا الدليل : بأن الْمُرَادُ بِهَا تَعْلِيمُ صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَبَيَانُهَا عِنْدَ مُلَاقَاةِ الْعَدُوِّ : لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي حِرَاسَتِهِمْ : لِأَنَّهُمْ لَوْ صَلَّوْا مُنْفَرِدِينَ اشْتَغَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِنَفْسِهِ ، فَلَمْ يُؤْمَنْ سَطْوَةُ الْعَدُوِّ بِهِمْ عِنْدَ انْتِهَازِ الْفُرْصَةِ مِنْهُمْ لِشُغْلِهِمْ ، وَلَوْ أُمِرُوا أَنْ يُصَلُّوا مَعًا لَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى الظَّفَرِ بِهِمْ([34]).

وأجيب عن هذه المناقشة: بأن قصد التعليم لا ينفي أصل وجوب الجماعة، وأما كون أدائها جماعة أبلغ في حراستهم فهذا يؤكد الوجوب ولا ينافيه، والله أعلم.

وَأَمَّا أدلة القائلين بالوجوب من السُّنَّةُ؛ فَالْأَحَادِيثُ الْمُسْتَفِيضَةُ فِي الْبَابِ: مِثْلَ :

الدليل الأول: حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أنْهُ e قَالَ: "لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ: فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ" ([35]).

وجه الدلالة : أنه َهَمَّ بِتَحْرِيقِ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ الصَّلَاةَ.

وقد نوقش هذا الدليل بأمرين([36]):

الأول : أن المقصود صلاة الجمعة لا الجماعة.

الثاني : أنه محمول على المنافقين.

وأجيب عنهما بما يلي([37]):

أما مَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى تَرْكِ شُهُودِ الْجُمُعَةِ فَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يُبَيِّنُ ضَعْفَ قَوْلِهِ حَيْثُ ذَكَرَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ بقوله : "لَيْسَ صَلاَةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْفَجْرِ وَالْعِشَاءِ"([38])، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِهَمِّهِ بِتَحْرِيقِ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ الصَّلَاة، صحيح أنه قد جاء في الحديث أيضا الهمُّ بتحريق المتخلف عن الجمعة([39])لكن هذا يدل على أن شأن الصلوات الخمس والجمعة في وجوب الجماعة سواء، وقد جاء حديث أبي هريرة مطقا، ولذا قال يزيد بن الأصم وهو الراوي عنه: صُمَّتَا أُذُنَاىَ إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَأْثِرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا ذَكَرَ جُمُعَةً وَلاَ غَيْرَهَا([40]).





وَأَمَّا مَنْ حَمَلَ الْعُقُوبَةَ عَلَى النِّفَاقِ لَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ فَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ لِأَوْجُهِ([41]):

أَحَدُهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يُقِيلُ الْمُنَافِقِينَ إلَّا عَلَى الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ وَإِنَّمَا يُعَاقِبُهُمْ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْهُمْ مِنْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ فَلَوْلَا أَنَّ فِي ذَلِكَ تَرْكَ وَاجِبٍ لَمَا همَّ بتحَريقهمْ.

الثَّانِي: أَنَّهُ رَتَّبَ الْعُقُوبَةَ عَلَى تَرْكِ شُهُودِ الصَّلَاةِ فَيَجِبُ رَبْطُ الْحُكْمِ بِالسَّبَبِ الَّذِي ذَكَرَهُ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ حَدِيثُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ حَيْثُ اسْتَأْذَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ليس منافقا بل رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ خِيَارِ الْمُؤْمِنِينَ أَثْنَى عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَخْلِفُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ وَكَانَ يُؤَذِّنُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الرَّابِعُ: أَنَّ ذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى وُجُوبِهَا أَيْضًا؛ كَمَا قَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ t أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّى هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِى بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِى الصَّفِّ"([42]).

وجه الدلالة : قَدْ أَخْبَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ t أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِقْرَارِ وُجُوبِهَا عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يَعْلَمُوا ذَلِكَ إلَّا مِنْ جِهَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الدليل الثاني: حديث الأعمى كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: "أَنَّ أَعْمَى اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ e أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَأَذِنَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَأَجِبْ"([43]).

وجه الدلالة : أنه َأَمَرَهُ بِالْإِجَابَةِ إذَا سَمِعَ النِّدَاءَ وهو أعمى فغيره من باب أولى.

ونوقش هذا الدليل: بأنه لا يدل على الوجوب لأن النبي e رخص لعتاب حين شكا بصره أن يصلى في بيته وحديثه في الصحيحين؛ قالوا وإنما معناه لا رخصة لك تلحقك بفضيلة من حضرها كأنهُ سَأَلَ هَلْ لَهُ رُخْصَةٌ فِي الصَّلَاةِ بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا تُلْحِقُهُ بِفَضِيلَةِ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً ؟ فَقِيلَ لَا([44])، ورأيت بعضهم كأنه يحمله على نداء الجمعة كما في قوله تعالى: ] إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ [([45]).

ويمكن أن يجاب عن هذا بأن حمله على الجمعة يخالف ظاهر النص حيث استأذنه أن يصلي في بيته ولم يخص السؤال بالجمعة، وأما كون سؤاله هل له رخصة يحصل بها ثواب الجماعة فهو تكلف بعيد لأنه إذا عذره الشارع لمرضه كتب له ما كان يحمل كما دل عليه حديث أَبِي مُوسَى t قال: قال e : " إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِنْ الْعَمَلِ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ صَحِيحًا مُقِيمًا"([46]).

أدلة من قال صلاة الجماعة شرط في صحة الصلاة :

مَنْ قَالَ: لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ إلَّا لِعُذْرِ احْتَجَّ بِأَدِلَّةِ الْوُجُوبِ قَالَ : وَمَا ثَبَتَ وُجُوبُهُ فِي الصَّلَاةِ كَانَ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ.

واسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي فِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ ثُمَّ لَمْ يُجِبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَا صَلَاةَ لَهُ".([47]).

وَأيدوا ذَلِكَ بقَوْلُهُ e : "لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ" وهو مَعْرُوفٌ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَقَدْ رَوَاهُ الدارقطني مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوَّى ذَلِكَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ([48]).

قَالُوا : وَلَا يُعْرَفُ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حَرْفُ النَّفْيِ دَخَلَ عَلَى فِعْلٍ شَرْعِيٍّ إلَّا لِتَرْكِ وَاجِبٍ فِيهِ كَقَوْلِهِ: "لَا صَلَاةَ لمن لم يقرأ بأم الكتاب"([49]) ، وَ"لَا إيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ"([50])، وَنَحْوِ ذَلِكَ([51]).

وَأَجَابَ هَؤُلَاءِ عَنْ حَدِيثِ التَّفْضِيلِ بِأَنْ قَالُوا: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْذُورِ؛ كَالْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ([52])؛ فَإِنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ e : "صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ وَصَلَاةُ النَّائِمِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَاعِدِ".([53]).

وَأَنَّ تَفْضِيلَهُ صَلَاةَ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ؛ كَتَفْضِيلِهِ صَلَاةَ الْقَائِمِ عَلَى صَلَاةِ الْقَاعِدِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقِيَامَ وَاجِبٌ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ كَمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ([54]).

وسيأتي الجواب عن أدلة هؤلاء في الكلام عن الراجح في هذه المسألة بعد قليل.

الترجيح :

والراجح والله أعلم هو وجوب صلاة الجماعة على الذكر المقيم الصحيح لما تقدم من دلالة الكتاب والسنة، وأما القول بشرطها في صحة الصلاة فلم يثبت فيه دليل، وما استدلوا به من أحاديث لو قيل بتحسينها فالاستدلال بها ضعيف لأمرين:

الأول: أنها معارضة بما هو أصح منها، وهو حديث التفضيل، وإذا كان أحد الدليلين في الصحيحين قدم على غيره إذا تعذر الجمع، والجمع لا يتعذر هنا فيقال:

الثاني: لا تعارض فإن النفي يحمل على نفي الكمال جمعا بين النصوص، ولا شك أن الصلاة الكاملة تكون في الجماعة، فلا صلاة لجار المسجد أكمل ولا أفضل من صلاته فيه، فيأثم بتخلفه عن الجماعة للأحاديث الموجبة لها، لكن تصح صلاته لدلالة حديث التفضيل.

وأما من لم ير الوجوب : فاحْتِجَاجُهُمْ: بِتَفْضِيلِ صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ عَنْهُ جَوَابَانِ :

الأول : أن هذا يدل على صحة الصلاة لكن لا يدل على سقوط وجوب صلاة الجماعة كما لو أَخَّرَ الْعَصْرَ إلَى وَقْتِ الِاصْفِرَارِ كَانَ آثِمًا مَعَ كَوْنِ الصَّلَاةِ صَحِيحَةً...

الثاني : أن َالتَّفْضِيلَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَفْضُولَ جَائِزٌ؛ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ] إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ [([55])؛ فَجَعَلَ السَّعْيَ إلَى الْجُمُعَةِ خَيْرًا مِنْ الْبَيْعِ، وَالسَّعْيُ وَاجِبٌ وَالْبَيْعُ حَرَامٌ. وَقَالَ تَعَالَى: ] قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ [([56])، والغض أزكى وهو واجب.











المطلب الثاني : مشروعية إغلاق المحلات التجارية أثناء إقامة الصلاة وفيه مسألتان :.

المسألة الأولى : أدلة المشروعية :

مشروعية الإغلاق يستدل لها بأدلة الكتاب والسنة القولية والفعلية والتقريرية وعمل الصحابة وسلف الأمة والنظر الصحيح المبني على القواعد الشرعية والمراعي لمقاصد الشريعة، وبيان ذلك كما يلي :

أولا: قوله تعالى: ]فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ[([57]).

فمتى تابوا عن كفرهم وأقاموا الصلاة التي هي ركن العبادة العملية الأعظم ، وأذعنوا بالزكاة ركن الإسلام المالي الأعظم حينها تتحقق أخوتهم في الدين ويكف عنهم.

فإن قال القائل : نحن لا نمنع الصلاة لكن لا نلزم الناس بها، قيل : الآية لم تقل ذلك ، لم تقل : فإن تابوا وصلوا بل قالت : ] وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ [([58])، وفرق بين الصلاة اللازمة وإقامة الصلاة المتعدية.

ثم إذا جاز الجهاد وجاز إلزام الناس بالزكاة ومقاتلتهم عليها فمن أين أخرجت الصلاة وأنه لا يلزم بإقامتها.

ثانيا : قوله تعالى: ] الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ[([59]).

وجه الدلالة : أن أول وظيفة تجب على من ولي أمر المسلمين أن يقيم الصلاة فيهم . قال الضحاك: هو شرط شرطه الله عز وجل على من آتاه الملك([60]).

ومما يقوي هذا ما جاء في الآية قبلها : ] وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ[([61])، فلو لم يكن الأمر بالصلاة ظاهرا في الأمة المسلمة لكان مؤداه إغلاق المساجد وهدمها وخرابها.

ثالثا: قوله تعالى: ] ومَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا [([62]).

وجه الدلالة: أن في ترك الناس يتبادلون الصفقات في أسواقهم في الوقت الذي ينادى فيه بالصلاة سعيا في خراب هذه المساجد وهجر الناس لها.

رابعا: قوله تعالى: ] فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ[([63]).

وجه الدلالة: أن الله تعالى أثنى على هؤلاء المؤمنين الذين إذا نودي للصلاة لم تلههم تجارتهم وبيعهم عنها، بل يتركونها لله ويقيمون صلاتهم.

ولو قال قائل: إن هذا يترك لاختيار المكلف ولا نلزمه به، لقيل : لولي الأمر أن يلزم الناس بما يصلح دينهم من المباحات فكيف ننكر إلزامه لهم بما هو مشروع بل ما هو واجب على الصحيح بأصل الشرع.

خامسا: قوله تعالى: ] وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ[([64]).

وجه الدلالة: أنه ألزمهم بصلاة الجماعة حال الخوف، فالتزامهم بها أثناء الاشتغال بالبيع والشراء أولى من التزامها حال منازلة العدو، فإذا لم يعذروا بتركها حال الجهاد فلئن لا يعذروا لأجل البيع والشراء أولى.

ولو قال قائل: إن صلاة الجماعة حال الخوف لا يدل على وجوبها!

لقيل: بل إن في قوله تعالى: ]فأقمت لهم[ ولم يكتف بقوله: ]فأقمت الصلاة[ فدل قوله: ]لهم[ على أن الإمام مأمور أن يقيم لهم الصلاة ويدعوهم إليها ويأمرهم بها.

سادسا: قوله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ [([65]) .

وجه الدلالة: أن هذا نهي وارتكاب المنهي عنه محرم، وفعل ما يدفعه واجب، وأوجب الواجب في ذكر الله هو إقامة الصلاة، وقد روي عن ابن عباس وعن عطاء ومقاتل في قوله : ] لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله[([66])قال : الصلاة المفروضة([67]).

وكذا روى ابن جرير عَنِ الضَّحَّاكِ قال : ]ذكر الله [ : الصلوات الخمس([68]).

سابعا: قوله تعالى :] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ[([69])، قال الإمام ابن كثير رحمه الله : أي يقدِّمون طاعته ومراده ومحبته على مرادهم ومحبتهم([70]).


ولو قال قائل: إن هذا في صلاة الجمعة!

قيل: الإجماع على حرمة البيع بعد النداء الثاني لحضور الخطبة، والفرائض الخمس أولى أن يترك البيع لأجلها من خطبة الجمعة، قال المرداوي في الإنصاف:" ويحتمل أن يحرم إذا فاتته الجماعة بذلك وتعذر عليه جماعة أخرى حيث قلنا بوجوبها"([71]).

ثامنا: قوله e : « إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةُ »([72]).

وجه الدلالة: أنه إذا منع التنفل لأجل شهود الجماعة إذا أقيمت فمنع البيع والشراء أولى، وهل يقول عاقل : لا يجوز الاشتغال بالنافلة إذا أقيمت الفريضة لكن يجوز الاشتغال بالبيع والشراء أثناء الصلاة !?

تاسعا: عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ. أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ غُلاَمٌ شَابٌّ فَلَمَّا صَلَّى إِذَا رَجُلاَنِ لَمْ يُصَلِّيَا فِى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَدَعَا بِهِمَا فَجِيءَ بِهِمَا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا فَقَالَ: « مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا ». قَالاَ قَدْ صَلَّيْنَا فِى رِحَالِنَا. فَقَالَ « لاَ تَفْعَلُوا إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِى رَحْلِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ الإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ فَلْيُصَلِّ مَعَهُ فَإِنَّهَا لَهُ نَافِلَةٌ »([73]).

وجه الدلالة: أنه إذا منع أن يعتزل المصلين من كان في المسجد فمنع من يبيع ويشتري والفريضة تقام في مسجد السوق أو قريب منه أولى. وقد أمر النبي e أبا ذر بهذا حين سأله عن أئمة الجور الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها فقال له : « صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ »([74]).

عاشرا : روى الإمام أحمد في مسنده حديث عبد الله بن طهفة([75])الطويل وفيه: فجعل يوقظ الناس الصلاة الصلاة وكان إذا خرج يوقظ الناس للصلاة فمر بي وأنا على وجهي فقال من هذا فقلت أنا عبد الله بن طهفة فقال ان هذه ضجعة يكرهها الله عز و جل([76]).

حادي عشر : روى الإمام ابن خزيمة في "صحيحه" عن أبي قلابة، عن أنس، قال: كانت الصلاة إذا حضرت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم سعى رجل إلى الطريق، فنادى: الصلاة الصلاة([77]).

وهذان الحديثان من فعلهe وتقريره يدلان على مشروعية أمر الناس بشهود الصلاة.

ثاني عشر: أن أول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم حينما قدم المدينة مهاجراً أن بنى مسجده الشريف؛ لأجل إقامة صلاة الجمعة والجماعة فيه ولأجل اجتماع القلوب والأبدان بين المسلمين، فكيف يقال إن أمر الناس بعمارته بعد بنائه من البدع أو غير مشروع([78])؟؟ إن هذا لشيء عجاب.

ثالث عشر: من الأدلة على مشروعية هذا الفعل وأن القول بعدم مشروعيته فضلا عن تبديع فاعله قول لا يصدر إلا عن جهل :

أن العمل كان عليه في زمن النبي e فلم يكونوا يمارسون البيع وقت الصلاة، بل كان هديهم الانصراف من السوق وتركه إلى المساجد فقد روى أحمد بسند جيد عن زيد بن خالد الجهني قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب وننصرف إلى السوق([79]).

يعني أنهم قطعوا الضرب في الأسواق عصراً بدخول وقت المغرب ثم انصرفوا إلى سوقهم مرة أخرى.

رابع عشر: أنه فعل السلف بعد زمن النبي e ابتداء بالصحابة فمن بعدهم، فلا يسوغ أن يظن بهم أن تقام الصلاة وهم على بيعهم وشرائهم في الأسواق، وكيف يكون ذلك وهذا ابن مسعود t يقول:" وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ"([80]).

وعند ابن جرير في تفسيره عن ابن مسعود t أنه رأى قوماً من أهل السوق، حيث نودي للصلاة المكتوبة تركوا بياعاتهم ونهضوا إلى الصلاة، فقال عبد الله بن مسعود: هؤلاء من الذين ذكر الله في كتابه:]رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ[([81]) ([82]).

قال ابن كثير : وهكذا روى عمر بن دينار القهرماني عن سالم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد، فقال عبد الله بن عمر فيهم نزلت: ]رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ[ ([83]).

وقال عمرو بن دينار الأعور: كنت مع سالم بن عبد الله ونحن نريد المسجد، فمررنا بسوق المدينة وقد قاموا إلى الصلاة وخَمَّروُا متاعهم، فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد، فتلا سالم هذه الآية: ]رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ[ ثم قال: هم هؤلاء([84]).

وكذا قال سعيد بن أبي الحسن، والضحاك: لا تلهيهم التجارة والبيع أن يأتوا الصلاة في وقتها.

وقال مطر الوَرَّاق: كانوا يبيعون ويشترون، ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانُه في يده خفضه، وأقبل إلى الصلاة([85]).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس : ]لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [([86]) يقول: عن الصلاة المكتوبة. وكذا قال الربيع بن أنس ومقاتل بن حيان([87]).

وقال السُّدِّي: عن الصلاة في جماعة([88]).

وعن مقاتل بن حيان: لا يلهيهم ذلك عن حضور الصلاة، وأن يقيموها كما أمرهم الله، وأن يحافظوا على مواقيتها، وما استحفظهم الله فيها([89]).

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن عمرو بن دينار عن سالم عن ابن عمر: أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة فأغلقوا حوانيتهم ثم دخلوا المسجد فقال ابن عمر: فيهم نزلت : ]رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [([90])([91]).

وروى الحاكم في مستدركه عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما : ـ ] فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ [([92])قال : ضرب الله هذا المثل قوله : ]مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَة[([93])لأولئك القوم الذين لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر الله و كانوا أتجر الناس و أبيعهم و لكن لم تكن تلهيهم تجارتهم و لا بيعهم عن ذكر الله([94]).

وبوب البخاري : باب التِّجَارَةِ فِي الْبَرِّ. وَقَوْلِهِ : ] رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ[([95]). قال : وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ الْقَوْمُ يَتَبَايَعُونَ وَيَتَّجِرُونَ وَلَكِنَّهُمْ إِذَا نَابَهُمْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللهِ لَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ ، وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى الله([96]).

وقال سفيان في قوله تعالى : ]رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ[ قال : كانوا يشترون ويبيعون فلا تشغلهم عن مواقيت الصلاة ،أو قَالَ: " كَانُوا يَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ وَلَا يَدَعُونَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ فِي الْجَمَاعَاتِ" ([97]).

وروى ابن أبي شيبة في قصة مقتل عمر: فَخَرَجَ عُمَرُ يُوقِظُ النَّاسَ بِدِرَّتِهِ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ([98]).

وإذا كانت هذه حاله مع النائم فما ظنك باليقظان ! أيدعه في بيعه وشرائه ؟!

وكان هذا من هدي علي t، وقد جاء في خبر مقتله: أنه خرج من باب بيته للصلاة ثم نادى: أيها الناس الصلاة الصلاة ([99]).

فهؤلاء هم الصحابة والتابعون والمفسرون منهم على تباين بلدانهم، يحملون قول الله تعالى: ]رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [([100])على ترك البيع والشراء والانصراف للصلوات ([101]).

وإذا كان ذلك هو هديهم فأولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده، وإلا كانت الثانية والعياذ بالله : ]فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا[([102]).

ولا تزال طائفة من أمة الإسلام على هذا الهدي والحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم إلى قيام الساعة، ولم يخل زمان من قائم لله بحجة:

يقول أبو طالب المكي (ت:386هـ) : " وقد كان السلف من أهل الأسواق إذا سمعوا الأذان ابتدروا المساجد، وكانت الأسواق تخلوا من التجار، وكان في أوقات الصلاة معايش للصبيان وأهل الذمة، وكانوا يستأجرونهم التجار بالقراريط والدوانيق يحفظون الحوانيت إلى أوان انصرافهم من المساجد"([103]).

وقال أبو حامد الغزالي (ت: 505هـ): "كانوا يستأجرون بالقراريط لحفظ الحوانيت في أوقات الصلوات"([104]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت:728هـ): "إذا تعمد الرجل أن يقعد هناك ويترك الدخول إلى المسجد كالذين يقعدون في الحوانيت فهؤلاء مخطئون مخالفون للسنة"([105]).

وسار على ذلك علماء الشريعة على مر العصور: قال ابن القيم رحمه الله :" واعتناء ولاة الأمور إلزام الرعية بإقامة الصلاة أهم من كل شيء ، فإنها عماد الدين، وأساسه وقاعدته، ويأمر والي الحسبة بالجمعة والجماعة وأداء الأَمانة والصدق"([106]).

كما نبّه إلى ذلك جماعة ممن ألف في الحسبة وأحكامها، منهم عمر بن محمد السُـنّامي الحنفي حيث قال: «ويُحتسب على من لم يحضر الجماعة، ويخوف على ذلك بإحراق البيت»([107]).

وقال ابن تيمية في الحسبة : «ويأمر المحتسب بالجمعة والجماعات»([108])..

وقال ابن القيم : «على متولي الحسبة أن يأمر العامة بالصلوات الخمس في مواقيتها، ويعاقب من لم يصل بالضرب والحبس .. ويأمر بالجمعة والجماعة»([109]).



خامس عشر: دليل العقل والنظر :

ووجهه: أن الأنظمة المختلفة ما زالت على اختلاف أديانها وبلدانها تُشرِّع قوانين لضبط أسواقهم ورعاياهم مراعين مصالح أممهم في أبدانهم ومعاشهم؛ فإذا كان ذلك لإصلاح دنياهم فسن الأنظمة التي تصلح ديانة الناس أولى بالرعاية.



سادس عشر: دليل المصلحة، فإن في إغلاق المحلات مصالح دينية ودنيوية منها:

1- أنَّ فيه تعظيماً لله -سبحانه- وإجلالاً لأمره ونهيه ، وتقديم ما يحبه الله ورسوله على الدنيا وحطامها.

2- وفيه انتصار على أهواء النفس ، وإظهار لشعائر الإسلام.

3- وفيه تعظيم لقدر الصلاة، وإظهار لمنزلتها في الإسلام وتعاون على أعظم البر فيه.

4- في هذا العمل ظهور عزة الإسلام وأهله، وقوة ارتباطهم بدينهم على خلاف تدين الملل الأخرى التي لا تظهر إلا في بيعهم وكنائسهم.

5- وفيه دعوة لغير المسلم حين يرى صورةِ مشرقة عن عظمة هذا الدين الحنيف فيترك ذلك أثرا كبيرا في نفسه حين مشاهدة هذه المظاهر الإيمانية للمسلمين، وقد ذكر هذا بعض حديثي الإسلام وأخذ هذا الفعل بألباب بعض غير المسلمين كما جاء في كثير من اللقاءات الصحفية والفضائية.

6- وفيه تذكير للغافل من المسلمين عن الصلاة؛ فقد لا يكون من المصلين فحين يرى الناس يقدمون أفواجا إلى مساجد الأسواق يستيقظ قلبه ويزداد إيمانه ويتوب عن تفريطه.

7- وفيه تعاون على البر والتقوى وإعانة للتجار والعمال على إقامة الصلاة والخشوع فيها ، ولو ترك كل لتهاون بعض التجار في أداء الصلاة طمعا في زيادة الصفقات.

8- وفيه تجديد للإيمان وتذكير بالله تعالى بعد غفلة السوق والبيع والشراء ومساعدة لأرباب السوق في التغلب على شهوة المال المحرم فإن : ]الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر[([110]).

9- وفيها تخفيف عنهم وإراحة لهم بالصلاة بعد عناء العمل؛ كيف وفيها راحة القلب والبدن كما كان يقول فيها رسول الله e : " يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها "([111]).


المسألة الثانية : النص النظامي لإغلاق المحلات أثناء الصلاة ووجوب التزامه:

جاء في اللائحة التنفيذية لنظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الصادر بقرار معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رقم (2740) وتاريخ 24/12/1407هـ ونشرت في جريدة أم القرى في عددها رقم (3203) وتاريخ 30/7/1408هـ فيما يتعلق بالصلاة في الباب الأول من اللائحة ما يلي :

الباب الأول: واجبات الهيئة.

المادة الأولى:


على أعضاء هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- القيام بواجبات الهيئة حسبما حددتها المادة ( التاسعة ) من نظام الهيئة الصادر بالمرسوم الملكي رقم ( م / 37 ) وتاريخ 26-10-1400هـ، والتي أهمها إرشادات الناس، ونصحهم لاتباع الواجبات الدينية المقررة في الشريعة الإسلامية وحملهم على أدائها وكذا النهي عن المنكر بما يحول دون المحرمات والممنوعات شرعاً، واتباع العادات والتقاليد السيئة أو البدع المنكرة، ويكون ذلك باتباع الآتي:-

أولاً: حث الناس على التمسك بأركان الدين الحنيف من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج، وعلى التحلي بآدابه الكريمة ودعوتهم إلى فضائل الأعمال المقررة شرعاً كالصدق، والإخلاص، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانات، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ومراعاة حقوق الجار، والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين، ومساعدة العجزة والضعفاء، وتذكير الناس بحساب اليوم الآخر وأن: ] مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا [([112]).

ثانياً: لما كانت الصلاة هي عمود الدين، وسنامه، فيتعين على أعضاء الهيئة مراقبة إقامتها في أوقاتها المحددة شرعاً في المساجد، وحث الناس على المسارعة إلى تلبية النداء إليها، وعليهم التأكد من إغلاق المتاجر، والحوانيت، وعدم مزاولة أعمال البيع خلال أوقات إقامتها.

إذا فالمادة الأولى نصت على أن من أعظم واجبات الهيئة العناية بالصلاة وإقامتها ونلحظ فيها ما يلي :

1- لم تتضمن اللائحة أي نص على عقوبات للمتخلفين عن الصلاة، فمهمة الهيئة تنتهي عند المتابعة والضبط وما وراء ذلك من عقوبات تعزيرية لمخالفي النظام تتولاه السلطات القضائية والتنفيذية.

2- ليس فيها إلزام الناس بأداء الصلاة وإنما حثهم عليها، وبقي لغير المسلم وللمعذور كالحائض ونحوها فسحة في تركها مع التزام أمر الإغلاق لمصلحة الدين والأمة.

3- قصر الإلزام على التأكد من إغلاق المحلات حفاظا على سياج الشريعة وعناية بأعظم شعائره وهي الصلاة.

وحيث أن هذا النظام يحقق مقصدا عظيما من مقاصد الشريعة وهو حفظ الدين فإن التزام هذا النظام واجب شرعي ونظامي، ومعلوم أن أمر ولاة الأمور واجب الطاعة لهم ما لم تكن في معصية الله تعالى كما قال تعالى:] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [([113]).

ولشرف الأمر وأهميته بايع الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه على ذلك ففي الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت قال: "دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعُسرنا ويُسرنا وأثرة علينا"([114]) ، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أمّر عليكم عبد مجدع يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا"([115]) .

وطاعتهم واجبة في كل ما يأمرون به من المعروف أما إذا أمروا بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق الله الواحد القهار وقال صلى الله عليه وسلم: " على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية ،فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة"([116]) .

وطاعتهم فيما ينظمونه من تنظيمات لإقامة مصالح الرعية وضبط أمورهم وحفظ أمنهم مما لا يخالف الشريعة داخل في عموم قوله تعالى : ] يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [([117]).

ومما ينبغي التنبه إليه أن طاعتهم ليست مرتبطة بصلاحهم وأدائهم الواجبات المتحتمة عليهم في حق الرعية، مع وجوب مناصحتهم والإنكار عليهم، ففي الصحيحين من حديث ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنكم سترون بعدي أثرة وأموراً تنكرونها. قالوا :فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال:أدوا إليهم حقهم واسألوا الله حقكم"([118]).

وهذا من الشريعة ليس إقرارا للاستبداد والظلم وإنما هو رعاية للمصالح العظمى ولكي تستقيم مصالح الناس.



المطلب الثالث : الفرق بين الإلزام بالصلاة والإلزام بإغلاق المحلات:

الإغلاق نفسه لا يترتب عليه حكم لذاته ولكنه من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فالواجب هو الامتناع عن البيع إذا أقيمت الصلاة - وتوجه من تلزمه الجماعة لحضورها- فإذا تعذر هذا الامتناع إلا بالإغلاق وجب، ويكون الإغلاق علامة فقط على امتثال الواجب.

ولذا فعند بحث مسألة الإغلاق لا يصح إيراد الخلاف في وجوب صلاة الجماعة؛ لأنه لا تلازم بين المسألتين، لأن الراجح المؤيد بالكتاب والسنة وجوبها، وحتى لو سلم بعدم وجوب صلاة الجماعة فإن الإلزام بإغلاق المحلات لا يلزم منه الإلزام بصلاة الجماعة، ففي الناس المرأة الحائض والرجل المسافر والكافر.

وينبغي التنبيه هنا إلى خطأ منهجي مخالف لفقه الفتوى والنصيحة لله ولكتابه ولرسوله e ولعامة المسلمين، وذلك هو إظهار الخلاف في وجوب صلاة الجماعة للعامة بقصد توهين الأمر في قلوبهم، إذ أن بحث مثل هذا إنما يكون في مدونات الفقه ومجالس العلم، ولو سئل فقيه النفس عنها فإنه إذا لم يعتقد وجوبها لا يمنعه ذلك من نصيحة السائل وبيان قول من قال بالوجوب أو الشرطية ونصيحته للخروج من الخلاف بيقين، وعجبا كيف لا يدعوه إلى صنع ذلك ما ورد في تارك صلاة الجماعة أنه منافق معلوم النفاق، وهذا في حق تاركها،فكيف بالمُزَهِّد غيره فيها من عامة المسلمين.

كما لو جاء سائل متهور يسأل عن القول بتخليد القاتل في النار فإن من فقه الفتوى أن يسلك به المفتي مسلك الوسط، فلا ينكر هذا القول إنكارا ظاهرا بل يوري في إجابته حتى لا يتساهل السائل ويستسهل القتل إذا أمن عقوبة التخليد في النار، ويكفي في الجواب أن يقرأ عليه قوله تعالى: ]وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا[([119])، ثم يقول: والقول بالتخليد مروي عن ابن عباس وحسبك بحبر الأمة وترجمان القرآن، ولا ينكر ما نسب إليه إنكارا ظاهرا، بخلاف ما لو كان عرض الأقوال في تأليف أو درس علمي.

يقول الشاطبي رحمه الله : "المفتي البالغ ذروة الدرجة هو الذي يحمل الناس على الوسط المعهود فيما يليق بالجمهور, فلا يميل بهم إلى طرف الانحلال , وهذا هو الصراط المستقيم الذي جاءت به الشريعة , فلا إفراط ولا تفريط , وما خرج عن الوسط مذموم عند العلماء الراسخين .... وإذا ذهب به مذهب الانحلال كان مظنة للمشي مع الهوى والشهوة "([120]).













المطلب الرابع : شبهات وردود ([121]):

يثار بعض الشبهات حول إجراء إغلاق المحلات للصلاة ومن أبرزها ما يلي:

الشبهة الأولى: القول ببدعية هذا العمل كما نص أحدهم؛ وهذه السقطة كافية في إبطال هذا القول، فمن تجرأ على القول بتبديع من يقيم الصلاة في الناس مع ما تقدم من أدلة لم يرح رائحة العلم، إذ أن منزع التبديع عنده أنه لم ينقل عن السلف أمر الناس بإغلاق متاجرهم والتوجه للصلاة، فيقال: تلك شكاة ظاهرٌ عنك عارها،وهذا قول كذب وبيان ذلك من وجوه:

أولا: قد مرت نصوص تدل على مشروعية إغلاق المحلات التجارية ونحوها لأجل إقامة الصلاة بالإضافة إلى جريان عمل السلف عليه، مما يدل على أن هذا القائل سعى إلى هذا القول بجهله.

ثانيا: إن القول بالتبديع لا يكون أبدا إلا لأمر جاء على خلاف الوارد على وجه التعبد، فكيف يكون الإلزام بالصلاة بدعة مع عظيم شأنها في الإسلام وأمر الله الصريح في صورة منها وهي صلاة الجمعة بترك البيع بعد النداء إليها؛ فلو قال هذا القائل بعدم الوجوب لكان قولا مردودا لكن قد يكون له وجه من جهة خفاء الدليل عليه، وأما التنصيص على بدعيته فكالتنصيص على بدعية الدعوة إلى الله أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ثالثا: هذه دعوى مدعيها يثبتها لأنه ناقل عن الأصل فهو الذي يحتاج إلى أدلة تثبت دعواه إذ فيها غاية سوء الظن بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.

فإن قلت: كيف ؟

فيقال : كيف يظن مسلم بأن المنافقين فضلا عن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبادلون الصفقات حول مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ببعض أصحابه ثم لا ينقل وينكر ؟ مع أنه لما خرج بعضهم وهو قائم يخطب فيهم أنكر عليهم ؟

ولو قال هذا القائل: هذا في صلاة الجمعة . قيل : لم ينكر عليهم الخروج وترك الصلاة وإنما أنكر عليهم تركه قائما يخطب، وسماع الخطبة ليس شرطا في صحة الجمعة فالإنكار على المشتغل بالبيع والشراء عن صلاة الفريضة لو كان أولى.

بل حتى المنافقين لا يسوغ ظن هذا بهم وأنهم يتركون الصلاة للبيع والشراء جهرة إذ هم أهون من ذلك، ولما هم النبي صلى الله عليه وسلم بتحريقهم لم يكونوا في الأسواق وإنما أخبر عن اختبائهم في بيوتهم كما سيأتي في :

رابعا: فكيف يظن هذا بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد هم بتحريق المتخلفين في بيوتهم فقال في الحديث المتفق على صحته : " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر. ولو يعلمون ما فيهما لأتوها ولو حبواً. ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار"([122]).

خامسا: كيف يقال بتبديع من يأمر الناس بالصلاة وقد جاء في الصحيحين عن أَبِى هُرَيْرَةَ t عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ صَلاَةَ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةُ ».

وهل يقول قائل عاقل: لا يجوز الاشتغال بالنافلة إذا أقيمت الفريضة لكن يجوز الاشتغال بالبيع والشراء أثناء الصلاة.

سادسا : كيف يقال إن إلزام الناس بالتفرغ للصلاة بدعة وقد أجمع الأئمة على عقوبة تاركها، وقال الحنفية بحبسه، والجمهور بقتله، واختلفوا في قتله هل يقتل ردة أو حدا([123])، وكيف يقتل أو يحبس وهو لم يؤمر بها، وكيف يشرع أمر الأفراد بالصلاة ثم نبدع آمر المتسوقين وأهل الحوانيت.

سابعا: كيف يقال إن إلزام الناس بالتفرغ للصلاة بدعة وهي من مأمورات الشريعة كما في قوله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ[([124])، ولو قال هذا القائل: إلزام الناس ليس بواجب لربما كان له عذر ! وأما أن يقول عن شيء أذنت فيه الشريعة بل أمرت به بل جعلته شرط تمكين الدولة المسلمة وهو إقامة الدين وعموده الصلاة أنه بدعة ؟ إن من شم رائحة العلم لا يمكن أن يفوه فوه بمثل هذا.

ثامنا: كيف لا تأمر الشريعة بالجماعة للمتسوقين وآكلي الكافيار على مناضد المقاهي وقد أمرت بها المجاهدين وسيوفهم تقطر الدم؛ فقال جل وعز: ]وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُم[([125]).

عاشرا : نص بعض الأئمة على قتال تاركي الأذان وهو مجرد الإعلام بوقت الصلاة([126])، فهل يقول عاقل : إلزام الناس بالأذان الذي هو للإعلام بالصلاة مشروع وأما إلزامهم بالصلاة نفسها فبدعة؟

حادي عشر : كيف يُبدَّعُ أناس امتدحهم الله عز وجل فقال عنهم : ]رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ[([127])، وكانوا رجالاً يبتغون من فضل الله يشترون ويبيعون فإذا سمعوا النداء بالصلاة ألقوا ما بأيديهم وقاموا إلى المساجد فصلوا.

ثاني عشر : كيف يسوغ الإنكار على من يغلق المحلات لأجل الصلاة على حين ينشرح الصدر لأنظمة غربية أو شرقية تغلق المحلات بعد الساعة السادسة أو نحوها أو للحداد على زعيم ونحوه.



الشبهة الثانية: إذا كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: " إذا أم أحدكم فليخفف، فإن وراءه المريض والضعيف وذا الحاجة"([128])، فأمر بتخفيف الصلاة لأجل ذوي الحاجات، فكيف بإطالة أمد الصلاة والاستعداد لها ثم جعلها ثقلا كبيرا على عباد الله قبل الصلاة وفي أثنائها وبعدها، وخاصة حين يطيل بعض أئمة مساجد الأسواق في الصلاة قراءة وركوعا وسجودا.

ويجاب عن هذا بأمور:

الأول: أن الذي أمر بالتخفيف في الصلاة هو الذي جعل الصلاة ركنا من أركان الإسلام وأمر الرجال بأدائها جماعة وهم بتحريق المتخلفين عنها، فوجب الجمع بين الأمرين.

الثاني: أن النبي e لم يرخص للناس بالصلاة في بيوتهم من أجل التطويل بل أمر الأئمة بالتخفيف.

الثالث: أن يقال بتأكيد تخفيف الصلاة في مساجد الجماعات خاصة في الأسواق لأنها مظنة حضور أرباب الحاجات، وليس الحل في الإعراض عن الصلاة بالكلية.



الشبهة الثالثة: القول بأن في إغلاق المحلات أثناء الصلاة قطعا للأرزاق أو إضعافا للقوة الاقتصادية.

ويجاب عن هذا من وجوه:

الأول: أن يقال: هذا مبدأ مادي محض والأمور في الإسلام لا ينظر إليها بمثل هذا المنظار، ولو غلبت مصلحة المال أو النفس لما شرع الجهاد والتضحية بالنفس والمال في سبيل الله تعالى.

وإذا كان في رأيك أن إلزام الناس بإغلاق متاجرهم فيه تفويت لمصالحهم وضياع لأموالهم فنُسائلك: هل علمت أن الشريعة قد تلزم أهلها بأن يضحوا برقابهم ودمائهم وأموالهم في سبيل الله فقال : ] إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ[([129]).

الثاني: أن الواقع خلاف ذلك فإن الأرزاق والمكاسب في السعودية "مع إغلاق المحلات أثناء الصلاة " أكثر وأقوى من غيرها من الدول التي لا تغلق فيها المحلات أثناء الصلاة.

الثالث: أن الشرع يكذب ذلك فقد جاء في سياق الأمر بالصلاة ضمان الرزق كما في قوله تعالى: ] وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى[([130]).

الرابع: لو سلم بوجود ذلك فإن رعاية حفظ الدين أولى بالتقديم من حفظ النفس فضلا عن المال،فإن الضرر الديني المترتب على إهمال الصلاة أشد من الضرر الاقتصادي المحتمل.

الخامس: أن الصلاة لا تستغرق سوى دقائق معدودة لا تصل بالتجارة إلى ما يتوهم من الخسارة.

السادس: أن الناس يغلقون طوعا أو كرها كما في بعض البلدان والأوقات لأجل الراحة والنوم والطعام؛ فالإغلاق لأجل الصلاة أولى.

السابع: أن الناس وقت الصلاة ينجفلون إلى المساجد خاصة في بلاد الحرمين حرسها الله فلم الدعوة إلى إبقاء محلاتهم مفتوحة وفي بقائها كذلك زيادة ضرر في تكاليف الكهرباء والعمال.



الشبهة الرابعة: الاحتجاج بالضرورة لمثل الصيدليات ومحطات الوقود وأن إغلاقها للصلاة قد يتسبب لحالات طارئة بالضرر أو الوفاة.

ويجاب عن ذلك من وجوه:

أولا: أن هذه الحالات الضرورية نادرة الوجود والنادر لا حكم له.

ثانيا: أن المستوصفات والمستشفيات لا تتوقف الطوارئ فيها لأجل الصلاة بل العمل جارٍ على التناوب.

ثالثا: أن في رعاية الصلاة إذكاء لروح التقوى في قلوب المؤمنين وقد وعد الله المتقين بالفرج فقال: ]ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا [([131]).

رابعا: أن الصلاة لا تستغرق سوى دقائق معدودة يندر أن ترد خلال وقتها الضرورة.

خامسا: أن ذلك مما يمكن الاحتياط له في مسألة الوقود قبل دخول وقت الصلاة.

سادسا: لم ير الناس من يموت جوعاً على أبواب المطاعم والمتاجر أو مرضا على أبواب المستشفيات نظرا لاشتغال أربابها بالصلاة مما يدل على أن هذه الشبهة متوهمة.



الشبهة الخامسة: أن في ذلك تضييقا للواجب الموسع حيث أن وقت الصلاة أوسع من الوقت الذي يجبر الناس فيه إلى إغلاق محلاتهم كما لو أجبر شخص على قضاء رمضان في شوال.

ويجاب عن ذلك بأمور:

الأول: يعود إلى ما ذكر غير مرة أن الإلزام إنما هو إغلاق المحلات لا أداء الصلاة؛ لأن في الناس من لا تلزمه.

الثاني: لاشك أن الله تعالى فرض هذه الصلوات الخمس في أوقات موسعة؛ رحمةً منه وتيسيرا على عباده؛ ولكن لا يصح الاعتراض بهذا لأمرين:

الأمر الأول: أن إلزام أهل الحسبة للتجار بالإمساك عن البيع في أول وقت الصلاة, ليس المقصود منه الإلزام بالصلاة في أول الوقت، وإنما الإلزام بالجماعة، فوقع الإلزام في أول الوقت تبعا لا قصدا.

الأمر الثاني: أن هذا القول يطرد في الاعتراض على النص النبوي ومصادمته, فهل يقول قائل: إن قوله e للأعمى: " هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَأَجِبْ"([132]). أو قوله: " ثُمَّ أَنْطَلِقَ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ: فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ" ([133])، إنه موجب للتشديد وتضييق للموسع، لا شك أن التزام هذا موجب لفسق والعياذ بالله.

ولهذا نقول: إن توسعة الوقت فيها رخصة لمن لا تلزمه الجماعة, ومن كان معذورا في التخلف عنها, كما أنها رخصة للجماعة نفسها في أن تصلي في أي الوقت شاءت، لكن ليس في توسعة الوقت رخصة لمن تلزمه الجماعة في التخلف عن الجماعة, والله أعلم.

وأما القول بإلزام الناس بقضاء رمضان في شوال فلا قائل به، وفرق بين الصلاة والصيام، فالصلاة شعيرة ظاهرة والصوم عمل بدني قلبي لا يكون إلا لله وهو أعلم به.



الشبهة السادسة: أن في الإلزام بإغلاق المحلات وقت الصلاة إلزام بقول فقهي ولا يصح الإلزام في مسائل الاجتهاد:

ويجاب عن هذا بأمور:

الأول: أنه على القول بوجوب صلاة الجماعة فإن هذا الوجوب يتقوى بأمر ولاة أمر المسلمين الذين أمر الله بطاعتهم في المباح فكيف بطاعتهم فيما هو قربة بل ركن من أركان الإسلام كما قال تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [([134])

الثاني: لا شك في أن الخلاف قد وقع في حكم صلاة الجماعة، وقد قرر كثير من العلماء _رحمهم الله_ أن لا إنكار في مسائل الاجتهاد، لكن هذا الاعتراض غير قادح فيما تقوم به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإلزام بإغلاق المتاجر في أوقات الصلوات، وذلك لأمور:

أولها: أن الإلزام ليس بصلاة الجماعة وإنما بإغلاق المحلات لأجل صلاة الجماعة وبينهما فارق ظاهر.

ثانيها: لا مكان لإيراد قاعدة : لا إنكار على المخالف في مسائل الاجتهاد هنا؛ لأنه لا مكان للاجتهاد مع حكم الحاكم، والفتوى المقررة في البلد والتي عمل الحاكم عليها هي القول بوجوب صلاة الجماعة، فالتوقف لأجلها إذا واجب.

ثالثها: أن الإلزام بالتوقف عن البيع في وقت الصلاة هو نظام سـنَّه ولي الأمر، وفيه تحقيق للمقاصد الشرعية؛ فكان التزامه واتباعه واجبا؛ للإجماع على وجوب السمع والطاعة في غير معصية الله، إجماعاً مستندا إلى النصوص الكثيرة الواردة بهذا المعنى، كقوله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [([135])، وغيرها من النصوص المتقدمة، وإذا كان الإمام إذا أمر بمندوب أو مباح وجب فكيف بما رجح وجوبه.

وهل يمكن القول بأن أوامر ولاة الأمر لا تجب إلا إن كانت واجبة بأصل الشرع، فأين نجد في الشرع وجوب أنظمة المرور والبلديات والتعليم ونحوها ؟



الشبهة السابعة: دعوى أنَّ إغلاق المحلات أثناء الصلاة يؤدي إلى التجمهر خارج المسجد وعدم أداء الصلاة أو ازدحام الطرقات أو التهور في القيادة والسرقات أو نحو ذلك.

ويجاب عن هذا بأمور:

الأول: أن التجمهر المجرد ليس فيه مفسدة، ولو وجدت فدفعها لا يكون بمنع صلاة الجماعة ولكن تدرأ بإجراء احتياطي آخر.

الثاني: أن التجمهر يكون غالبا ممن لا تلزمهم صلاة الجماعة كالحُيضِ وغير المسلمين.

الثالث: أن على ولاة الأمر منع هذا التجمهر خاصة من الرجال درءا لمفسدة عدم المبالاة بالصلاة.

الرابع: احتمال وقوع السرقة بسبب الإغلاق للصلاة لا يقضي بمنع الإغلاق للصلاة، بل الواجب منع السرقة لا منع التوقف للصلاة، كما أن احتمال السرقة أثناء الإغلاق للنوم والراحة لا يقضي بحرمان الناس من النوم.



الشبهة الثامنة: الاستدلال بعدم وجوب الجماعة حال اشتغال القلب بطعام ونحوه كما في قوله e: " لا صلاة بحضرة الطعام"([136]).

وهذا استدلال باطل من وجوه:

الأول: أن الرخصة لمشتهي الطعام إنما هو لأجل مصلحة الصلاة حتى لا يصلي وقلبه مشتغل بالطعام.

الثاني: أن هذه الرخصة خاصة للفرد لا يمكن أن تكون عامة لارتباطها بشدة تعلق القلب بالطعام، وهذا يندر أن يجتمع عليه جمع كبير كأهل السوق لأجل تجارتهم، كيف وفيهم من يخاف الله تعالى ويبادر بنفسه للصلاة حتى ولو سمح له بالبقاء.

الثالث: أن الرخصة لأجل تعلق القلب بالطعام نادر بخلاف تعلق القلب بالدنيا فهو الغالب، ولو روعي لتركت الصلاة بالكلية.

الشبهة التاسعة: دعوى اعتراض أكثر المجتمع :

وهذه دعوى بلا عنان، فالمجتمع محافظ وأغلبه يؤيد إغلاق المحلات أثناء الصلاة، ولو افترضنا اعتراض أكثرهم فالقضايا الشرعية لا تخضع لآراء الناس وأهوائهم فالله تعالى يقول: ]وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ [([137])، ويقول ] وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ [([138]).



وختاما: فإن كل ما ذكر من مفاسد جراء إغلاق المحلات فهي إما مفاسد متوهمة، وإما مفاسد قليلة واقعة لكن تقديم مصلحة الدين أولى من اعتبارها، وإما مفاسد يمكن تداركها قبل أو بعد الصلاة، وما كان في مرتبة الضروريات يرخص فيه رخصة خاصة لا عامة، وهذا حاصل بحمد الله كما في المستشفيات ونحوها، أما جعل الضرر بالإغلاق هو الأصل فهو من قلب الحقائق، بل الضرر حاصل بالاشتغال في المحلات وقت الصلاة وترك الذهاب إلى المساجد، وقد قال الله تعالى في حق من أعرض عن البيع وأقبل على ذكر الله : ]ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون[([139]) ، وقال بعد وصف الرجال الذين لا تلهيهم التجارة والبيع عن ذكر الله : : ] وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ[([140])، وفي هذا دليل على أن إغلاق المحلات لأداء الصلاة في المساجد سبب في زيادة الأرزاق لا نقصها، وقد أكد سبحانه هذا المعنى في قوله فيمن تلهيهم تجارتهم وبيعهم عن الصلاة في المسجد: : ]وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [([141]).

وقد جعل الله لنا في النهار سبحا طويلا فلئن توقفنا دقائق للصلاة لذكره وشكره فإنه أقل واجب من واجبات العبودية له سبحانه وتعالى علينا.



خاتمة: النتائج والتوصيات:

وفي ختام هذه الورقة يمكن تسجيل النتائج والتوصيات الآتية:



النتائج :

1- الصلاة شأنها في الإسلام عظيم، وهي أعظم أركانه بعد الشهادتين.

2- الصحيح الذي يدل عليه الدليل وجوب صلاة الجماعة على الذكر المقيم القادر.

3- إغلاق المحلات التجارية أثناء الصلاة المفروضة دل عليه الكتاب والسنة وعمل الأمة.

4- لا تلازم بين الإلزام بإغلاق المحلات والقول بعدم وجوب صلاة الجماعة، فحتى على القول بعدم وجوبها يلزم الإغلاق بإيجاب ولي الأمر.

5- الإلزام بالإغلاق لا يعني إلزام الناس بالصلاة في الجماعة ولم ينص عليه النظام وإنما نص على الإلزام بالإغلاق رعاية لشأن الصلاة مع حث الناس على المحافظة عليها، وفي ذلك مراعاة للحائض والمسافر والكافر ممن لا تجوز منهم الصلاة أو لا تجب في حقهم صلاة الجماعة.

6- طاعة ولاة الأمور تجب في أمرهم بالمباح فكيف بأمرهم بالمشروع بله الواجب.

7- كل ما يذكر من مفاسد بسبب إغلاق المحلات للصلاة المفروضة متوهمة أو يسيرة أو ضرورية توجب الرخصة بقدرها.











التوصيات:

يوصي الباحث بما يلي:

1- وجوب العناية بأمر الصلاة وكل ما من شأنه أن يعين في إقامتها من عموم المسلمين.

2- يتأكد على ولاة الأمور خاصة العناية بشأن الصلاة أعظم من غيرها، ومقتضى ولايتهم يحتم عليهم ذلك.

3- ينبغي إزالة العوائق المادية والمعنوية التي قد تحول بين الناس وبين المحافظة على صلاتهم وحسن تدينهم.

4- يوصي الباحث أن يشترط نظام البلديات لكل سوق عام يقام أن يقام معه مسجد متكامل الخدمات في وسطه ومحيطه.

5- يوصي البحث بتقليل المدة بين الأذان والصلاة في مساجد الأسواق.

6- أن يراعي أئمة مساجد الأسواق حاجة الناس فيخففوا عليهم في الصلاة التزاما لقوله e : " إذا أم أحدكم فليخفف، فإن وراءه المريض والضعيف وذا الحاجة".

7- ينبغي أن يهيأ في كل مسجد سوق مصلى لائق بالنساء متوافر الخدمات.

8- ينبغي إلزام الأسواق والمجمعات التجارية بتهيئة مستراح للحِيَّضِ والأطفال يستوعبهم أثناء أداء الناس لصلاتهم.

9- ينبغي وضع مصلَّيات داخلية في المتاجر الكبرى التي يتعذر الخروج منها أو يكون المسجد بعيدا عنها.

10- يوصي البحث بتمديد الوقت بين المغرب والعشاء إلى ساعتين في الصيف وثلاث ساعات في الشتاء مما يمكن الناس من قضاء حوائجهم بين الصلاتين وينقلبون بعدها إلى مساكنهم.




([1]) سورة التوبة 11 .
([2]) سورة التوبة 5..
([3]) سورة البينة، الآية: 5.
([4]) سورة النساء، الآية: 103.
([5]) أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، برقم 1395، ومسلم، الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين 1/50.
([6]) متفق عليه: البخاري، كتاب الإيمان، باب دعاؤكم إيمانكم، برقم 8، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام، برقم 16.
([7]) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب في من لم يوتر، 2/62، برقم 1420، وصححه الألباني – رحمه الله – في صحيح سنن أبي داود 5/161.
([8]) المغني 2/75، مواهب الجليل 2/70.
([9]) مسلم،كتاب الإيمان،باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة،1/86،برقم 76.
([10]) أخرجه الترمذي،كتاب الإيمان،باب ما جاء في ترك الصلاة، 1/14،برقم 2621، والنسائي،كتاب الصلاة،باب الحكم في تارك الصلاة، 1/231،وابن ماجه،كتاب الإقامة،باب ما جاء في من ترك الصلاة،برقم 1079،والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/6، 7.
([11]) سورة مريم، الآيتان: 54-55.
([12]) سورة المؤمنون، الآيات: 1-9.
([13]) سورة مريم، الآية: 59.
([14]) سورة النساء، الآية: 142.
([15]) سورة العنكبوت، الآية: 45.
([16]) متفق عليه: البخاري، كتاب التوحيد، باب وسمى النبي r الصلاة عملاً،8/265، برقم 7534، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، 1/89، برقم 85.
([17]) متفق عليه من حديث أنس t: البخاري، كتاب التوحيد، باب ما جاء في قوله U: ]وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيماً [، برقم 7517، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله r وفرض الصلوات، برقم 162.
([18]) المرجع السابق.
([19]) سورة طه، الآية: 132.
([20]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، 1/133، برقم 495، وأحمد، 2/180، 187، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 2/7، 1/266.
([21])متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها 1/166، برقم 597، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، 1/477، برقم 684.
([22]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب قول النبي r: (كل صلاة لا يتمها صاحبها تُتًمُّ من تطوعه) 1/228 برقم 864، ومن حديث أبي هريرة برقم 966، وابن ماجه، من حديث أبي هريرة في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أول ما يحاسب به العبد: الصلاة، 1/458، برقم 1425، وأحمد، 4/65، 103، 5/377، وصححه الألباني في صحيح الجامع ،2/353.
([23]) الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، 5/11، برقم 2616، وقال: ((حديث حسن صحيح ))،وأخرجه ابن ماجه، كتاب الفتن، باب كف اللسان في الفتنة، 2/1314، وأحمد، 5/231، وحسنه الألباني في إرواء الغليل، 2/138.
([24]) أحمد 5/251، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1/229.
([25]) أحمد، 6/290، 311، 321، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 7/238.
([26]) - حاشية ابن عابدين 2/340 ، مواهب الجليل 2/395، الحاوي 2/679، المجموع 4/183، الإنصاف 2/206 ط دار الكتب العلمية – بيروت لبنان 1413هـ.،شرح منتهى الإرادات 1/534.
([27]) - حاشية ابن عابدين 2/340 ،الإنصاف 2/206 ط دار الكتب العلمية – بيروت لبنان 1413هـ،، الحاوي 2/679.، المجموع 4/184، النجم الوهاج 2/326، شرح منتهى الإرادات 1/534.
([28]) - المحلى 4/122 ، الحاوي 2/679، النجم الوهاج 2/326، الإنصاف 2/206 ط دار الكتب العلمية – بيروت لبنان 1413هـ،شرح منتهى الإرادات 1/534.
([29]) - كما في حديث : « صَلاَةُ الرَّجُلِ فِى جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِى بَيْتِهِ وَصَلاَتِهِ فِى سُوقِهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً" متفق عليه : رواه البخاري ح 647 ، ومسلم ح 1538 عن أبي هريرة t.
([30]) - رواه أبو داود ، باب في فضل صلاة الجماعة 1/151 وحسنه الألباني في تعليقه على السنن..
([31]) - رواه ابن حبان في صحيحه ج 6/ ص 159 حديث رقم: 2399.
([32]) - النساء 102.
([33]) - مجموع فتاوى ابن تيمية 23/227.
([34]) - الحاوي 2/679.
([35]) - متفق عليه من حديث أبي هريرة : رواه البخاري ح 644 ، ومسلم ح 1513.
([36]) - الحاوي 2/681، المجموع 4/192، النجم الوهاج 2/326.
([37]) - مجموع فتاوى ابن تيمية 23/229.
([38]) - جاءت في رواية للبخاري ح 657.
([39]) - رواه مسلم ح 1517 من حديث ابن مسعود t.
([40]) - رواه أبو داود 1/215.
([41]) - مجموع فتاوى ابن تيمية 23/229.
([42]) - صحيح مسلم ح 1520.
([43]) - صحيح مسلم 1518.
([44]) - المجموع 4/190، مغني المحتاج 3/205.
([45]) - الجمعة 9، وانظر مواهب الجليل 2/590
([46]) - رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب يُكْتَبُ لِلْمُسَافِرِ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الإِقَامَةِ ح 2996.
([47]) - رواه ابن ماجه ح 793 ، والدارقطني ح 1555، وصحيح ابن حبان 5/415،وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة والإرواء2/337.
([48]) - رواه الدارقطني ح 1553، والحاكم في مستدركه ح 898 من طريق سليمان بن داود اليمامي وهو ضعيف جدا ، قال ابن حجر في تلخيص الحبير2/77 : ضعيف ليس له إسناد ثابت.السلسلة الضعيفة1/332، وهو عند البيهقي في سننه عن علي وعن أبي هريرة رضي الله عنهما موقوفا 3/57.
([49]) - متفق عليه من حديث أبي هريرة :رواه البخاري ح 756، ومسلم ح900.
([50]) - رواه أحمد في مسند أنس t ح 12406.
([51]) - مجموع فتاوى ابن تيمية 23/241.
([52]) - مجموع فتاوى ابن تيمية 23/241.
([53]) - رواه البخاري ح 1115 من حديث عمران بن الحصين t.
([54]) - مجموع فتاوى ابن تيمية 23/241.
([55]) - الجمعة 9.
([56]) - النور 30.
([57]) - التوبة 11.
([58]) - التوبة 11.
([59]) - الحج 41.
([60]) - تفسير ابن كثير 8/100.
([61]) - الحج 40.
([62]) - البقرة 114.
([63]) - النور37.
([64]) - سورة النساء102.
([65]) - المنافقون 9.
([66]) - المنافقون 9.
([67]) - تعظيم قدر الصلاة للمروزي 128.
([68]) - تفسير سورة المنافقون 22/670.
([69]) - الجمعة 9.
([70]) - تفسير ابن كثير 6/68.
([71]) - الإنصاف 4/234، وانظر شرح الزركشي 1/268.
([72]) - متفق عليه : رواه البخاري ح 663، ومسلم ح 1678.
([73]) - صحيح ابن خزيمة 3/67، سنن أبي داود 1/225 ، ورواه الترمذي وقال: حسن صحيح. سنن الترمذي 1/295، أبواب الصلاة، بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يُصَلِّي وَحْدَهُ ثُمَّ يُدْرِكُ الجَمَاعَةَ .
([74]) - صحيح مسلم ح 1497.
([75]) - عبد الله بن طهفة الغفاري. له ولأبيه صحبة. وهو من أصحاب الصفة، قد اختلف فيه العلماء اختلافاً كثيراً فقيل طهفة وقيل طخفة وقيل عبد الله بن طخفة أو طهفة عن أبيه، قال ابن الأثير :حديثه مضطرب جداً. أسد الغابة 2/128، الإصابة 3/544.
([76]) - مسند الإمام أحمد ح 23616، ورواه المقدسي في الأحاديث المختارة وهو لا يروي إلا الصحيح 3/243.
([77]) - صحيح ابن خزيمة 1/191.
([78]) - قد قال هذا أحدهم في مقالة له نشرت في موقع العربية على الشبكة العالمية.
([79]) - رواه أحمد في مسنده ح 17070 4/114، وقال شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح وهذا إسناد حسن.
([80]) - صحيح مسلم ح 1520.
([81]) - سورة النور 37.
([82]) - النور: 37. والحديث عند الطبراني في الكبير 8/149 ح 8981، شعب الإيمان 4/367.
([83]) - تفسير الطبري (18/113) ، تفسير ابن كثير 6/68.
([84]) - تفسير ابن كثير 6/68.
([85]) - تفسير ابن كثير 6/69.
([86]) - سورة النور: 37.
([87]) - المصدر السابق.
([88]) - تفسير ابن كثير 6/69.
([89]) - تفسير ابن كثير 6/68.
([90]) - سورة النور: 37.
([91]) - تفسير الطبري وابن كثير والدر المنثور في تفسير آية 37 من سورة النور،
([92]) - سورة النور37.
([93]) - سورة النور35.
([94]) - المستدرك 2/432 تفسير سورة النور وقال : هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص : صحيح .
([95]) - سورة النور37.
([96]) - صحيح البخاري، كتاب البيوع، الباب 8 : باب التِّجَارَةِ فِي الْبَرِّ.
([97]) - تعظيم قدر الصلاة للمروزي 129، شعب الإيمان4/368.
([98]) - مصنف ابن أبي شيبة 14/586.
([99]) - المعجم الكبير 1/75.
([100]) - سورة النور: 37.
([101]) - تعظيم قدر الصلاة للمروزي 128، تفسير آية 37 في سورة النور لابن جرير الطبري 17/321، وابن كثير 6/69وغيرهما.
([102]) - سورة مريم: 59.
([103]) - قوت القلوب (2/437).
([104]) - إحياء علوم الدين (2/85).
([105]) - مجموع الفتاوى (23/411).
([106]) - الطرق الحكمية 349.
([107]) - نصاب الاحتساب 222.
([108]) - الحسبة 15.
([109]) - الطرق الحكمية 349.
([110]) - سورة النحل 90.
([111]) - رواه أبو داود ح 4987وصححه الألباني.
([112]) - سورة فصلت 46.
([113]) - سورة النساء 59.
([114]) - متفق عليه: البخاري ح (6532) ، ومسلم ح (3427) .
([115]) - أخرجه: مسلم ح (1838) ؛ والترمذي ح (1706) عن أم الحصين الأحمسية .
([116]) - أخرجه : البخاري ح (6611) ، ومسلم ح (3423) .
([117]) - سورة: النساء:آية (59) .
([118]) - أخرجه البخاري ح (6529) .
([119]) - سورة: النساء:آية (59) .
([120]) - الموافقات 4/258.
([121]) - انظر هذا الرابط : http://www.saqifa.net/vb/showthread.php?t=38015.
([122]) - متفق عليه من حديث أبي هريرة : رواه البخاري ح 644 ، ومسلم ح 1513.
([123]) - مجمع الأنهر 1/218، البيان والتحصيل 1/476، روضة الطالبين 2/146، المغني 3/351.
([124]) - سورة الجمعة 9
([125]) - سورة النساء102.
([126]) - البحر الرائق شرح كنز الدقائق 2/41، الإنصاف 1/289،فتح العزيز للرافعي 4/286 .
([127]) - سورة النور37.
([128]) - متفق عليه، من حديث أبي هريرة: رواه البخاري ح 703 ، ومسلم ح 1074.
([129]) - سورة التوبة 111.
([130]) - سورة طه 132.
([131]) - سورة الطلاق 4.
([132]) - صحيح مسلم ح 1518.
([133]) - متفق عليه من حديث أبي هريرة : رواه البخاري ح 644 ، ومسلم ح 1513.
([134]) - سورة النساء 59.
([135]) - سورة النساء 59.
([136]) - رواه مسلم ح 1274.
([137]) - سورة الأنعام 116.
([138]) - سورة المؤمنون 71.
([139]) - سورة الجمعة 9.
([140]) - سورة النور 38.
([141]) - سورة المنافقون 9.

























ثبت المراجع :
1- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للعلامة محمد ناصر الدين الألباني طبعة المكتب الإسلامي - الطبعة الثانية 1405هـ.

2- إحياء علوم الدين - لمؤلف : محمد بن محمد الغزالي أبو حامد- الناشر : دار المعرفة – بيروت.

3- الأحاديث المختارة - تأليف :الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد الحنبلي المقدسي المشهور بالضياء المقدسي - ت: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش. - ط مكتبة النهضة الحديثة- مكة المكرمة.1410هـ.

4- الإصابة في تمييز الصحابة - المؤلف : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي - الناشر : دار الجيل – بيروت - الطبعة الأولى ، 1412 حقيق : علي محمد البجاوي.

5- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل - المؤلف : علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي الدمشقي الصالحي (المتوفى : 885هـ) - الناشر : دار إحياء التراث العربي بيروت ــ لبنان-الطبعة : الطبعة الأولى 1419هـ .

6- البحر الرائق شرح كنز الدقائق- المؤلف : زين الدين بن إبراهيم بن نجيم ، المعروف بابن نجيم المصري (المتوفى : 970هـ)-الناشر : دار المعرفة - مكان النشر : بيروت.

7- البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة - المؤلف : أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (المتوفى : 450هـ) - حققه : د محمد حجي وآخرون - الناشر : دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان - الطبعة : الثانية ، 1408 هـ - 1988 م.

8- تلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير- أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني - المدينة المنورة - 1384 - 1964- تحقيق/ السيد عبدالله هاشم اليماني المدني.

9- تعظيم قدر الصلاة - المؤلف : محمد بن نصر بن الحجاج المروزي أبو عبد الله [202 - 294] - المحقق : د. عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي - الناشر : مكتبة الدار - المدينة المنورة - الطبعة : الأولى ، 1406هـ.

10- تفسير القرآن العظيم - المؤلف : أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي [ 700 -774 هـ ] - المحقق : سامي بن محمد سلامة - الناشر : دار طيبة للنشر والتوزيع - الطبعة : الثانية 1420هـ - 1999 م.

11- جامع البيان في تفسير القرآن للطبري - المؤلف : أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (224 - 310) - المحقق : مكتب التحقيق بدار هجر.الناشر : دار هجر.

12- حاشية ابن عابدين 2/340 ط دار المعرفة – بيروت – لبنان 1428هـ.

13- الحاوى الكبير للماوردى - المؤلف : العلامة أبو الحسن الماوردى - دار النشر : دار الفكر ـ بيروت.

14- الحسبة لابن تيمية - المؤلف : تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى : 728هـ).

15- روضة الطالبين وعمدة المفتين - المؤلف : أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى : 676هـ) - الناشر : المكتب الإسلامي - سنة النشر : 1405 -مكان النشر : بيروت.

16- سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - المؤلف : محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني - دار النشر : دار المعارف - البلد : الرياض - الطبعة : الأولى - 1412 هـ / 1992 م.

17- سنن أبي داود - سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي - دار الفكر - تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد.

18- سنن ابن ماجه - المؤلف : ابن ماجه أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني - كتب حواشيه : محمود خليل - الناشر : مكتبة أبي المعاطي.

19- سنن الترمذي الجامع الصحيح - المؤلف : محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي -الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت- تحقيق : أحمد محمد شاكر وآخرون.

20- سنن الدارقطني- علي بن عمر أبو الحسن الدارقطني البغدادي- دار النشر - دار المعرفة - بيروت - 1386 - 1966- تحقيق/ السيد عبد الله هاشم يماني المدني.

21- السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي - المؤلف : أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي - الناشر : مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنة في الهند ببلدة حيدر آباد - الطبعة : الطبعة : الأولى ـ 1344 هـ.

22- شرح الزركشي على مختصر الخرقي -المؤلف : شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله الزركشي المصري الحنبلي - تحقيق قدم له ووضع حواشيه: عبد المنعم خليل إبراهيم - الناشر : دار الكتب العلمية - سنة النشر : 1423هـ - 2002م-مكان النشر : لبنان/ بيروت

23- شرح منتهى الإرادات للشيخ منصور بن يونس البهوتي ت/ عبد الله التركي ط / مؤسسة الرسالة.

24- شعب الإيمان - المؤلف : أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى : 458هـ) - حققه وراجع نصوصه وخرج أحاديثه : الدكتور عبد العلي عبد الحميد حامد أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه : مختار أحمد الندوي ، صاحب الدار السلفية ببومباي – الهند - الناشر : مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي بالهند - الطبعة : الأولى ، 1423 هـ - 2003 م.

25- صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان= المؤلف : محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى : 354هـ) - ترتيب : علي بن بلبان بن عبد الله، علاء الدين الفارسي، المنعوت بالأمير(المتوفى : 739هـ) - الناشر : مؤسسة الرسالة.

26- صحيح ابن خزيمة - المؤلف : محمد بن إسحاق بن خزيمة أبو بكر السلمي النيسابوري -ط المكتب الإسلامي - بيروت ، 1390 – 1970- تحقيق : د. محمد مصطفى الأعظمي.

27- صحيح البخاري ( الجامع الصحيح ) لمحمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري– ط دار ابن كثير , اليمامة – بيروت- 1407 – 1987- الطبعة :: الثالثة- ت / د. مصطفى ديب البغا.

28- صحيح الترغيب والترهيب - المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني - الناشر : مكتبة المعارف – الرياض.

29- صحيح سنن أبي داود للعلامة محمد ناصر الدين الألباني طبعة مكتبة المعارف – الرياض الطبعة الأولى 1419هـ.

30- صحيح أبي داود - المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى : 1420هـ) - الناشر : مؤسسة غراس للنشر والتوزيع ، الكويت - الطبعة : الأولى ، 1423 هـ - 2002 م.

31- صحيح مسلم بشرح النووي- أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي- دار الخير - بيروت – 1416هـ- الطبعة - الطبعة الثالثة- إعداد / علي عبد الحميد أبو الخير.

32- الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - المؤلف : محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى : 751هـ). مطبعة المدني – القاهرة - تحقيق : د. محمد جميل غازي.

33- فتح العزيز للرافعي 4/286فتح العزيز شرح الوجيز - المؤلف : الإمام أبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي المتوفى سنة 623 هـ - الناشر : دار الفكر.

34- قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد - المؤلف : محمد بن علي بن عطية الحارثي المشهور بأبي طالب المكي- ط دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان - 1426 هـ -2005 م-الطبعة : الثانية تحقيق : د.عاصم إبراهيم الكيالي.

35- مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لعبد الرحمن بن محمد بن سليمان الكليبولي المدعو بشيخي زاده -تحقيق : خرح آياته وأحاديثه خليل عمران المنصور - الناشر : دار الكتب العلمية - سنة النشر : 1419هـ - 1998م - مكان النشر : لبنان/ بيروت.

36- مجموع الفتاوى - المؤلف : أحمد عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس- جمع : عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي.

37- المحلى للإمام أبي محمد علي بن أحمد بن حزم المتوفى سنة 456هـ ت/أحمد شاكر طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت- لبنان - الطبعة الأولى 1418هـ.

38- المستدرك على الصحيحين - المؤلف : محمد بن عبدالله أبو عبدالله الحاكم النيسابوري- الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت - الطبعة الأولى ، 1411 – 1990 - تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا.

39- مسند الإمام أحمد طبعة وزار الشؤون الإسلامية – الرياض - تحقيق/ شعيب الأرنأووط وآخرون - الطبعة الثانية طبعة 1420هـ.

40- مُصنف ابن أبي شيبة - المصنف : أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي (159 ـ 235 هـ) - تحقيق : محمد عوامة.

41- المعجم الكبير - المؤلف : سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني (المتوفى : 360هـ)

42- المغني لابن قدامة – تحقيق /عبد الله التركي – طبعة دار عالم الكتب – 1417هـ.

43- الموافقات في أصول الفقه - إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي - دار المعرفة – بيروت - تحقيق : عبد الله دراز.

44- مواهب الجليل 2/395 طبعة دار عالم الكتب المحقق : زكريا عميرات 1423هـ.

45- النجم الوهاج في شرح المنهاج لمحمد بن موسى الدميري – طبعة دار المنهاج الأولى – 1425هـ.

46- نصاب الاحتساب - المؤلف : عمر بن محمد بن عوض السنامي.