أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الفرار من أهل الكهف
يقول تعالى"لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا "(الكهف 18 )
الرعب متقدم على الفرار في الزمن ، كما أنه متقدم عليه بالطبع والعادة ،لأن الرعب يصيب الإنسان قبل الفرار ، وهو متقدم عليه بالسبب ،لأن الرعب سبب للفرار ،والسبب يتقدم على المسبب ، وكان الأصل تقدم الرعب على الفرار بالأهمية المعنوية عند المتكلم ، تقدم الخاص على العام ،لأنه حاز على أكثرية الأسباب الداعية للتقديم ، إلا أن الآية جاءت تقدم الفرار بالأهمية المعنوية عدولا عن الأصل ،من العام إلى الخاص، من أجل الهدف المعنوي ، وقد جرى تقديم الفرار على الرعب لأن الفرار هو المظهر الحسي الأوضح والأسرع والمعبر عن أثر الرؤية على الإنسان أكثر من تعبير الخوف ، والفرار يعبر عن مدى بشاعة منظر أهل الكهف أكثر من تعبير الخوف ، ولهذا قدم القرآن الفرار على الرعب ، ويمكننا القول أن التولية بالفرار والامتلاء بالرعب نتيجتان مبنيتان على الاطلاع على أهل الكهف ،وقد تقدمت التولية بالفرار ليكون الفرار النتيجة الأوضح لعملية الاطلاع على أهل الكهف .
واختصارا أقول :إن الكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية ،وإن الإنسان يقدم الكلمة ذات الأهمية العليا عنده في الأصل وفي العدول عن الأصل ،والمتقدم في المنزلة والمكانة متقدم في الموقع ،والمتأخر في المنزلة والمكانة متأخر في الموقع كذلك .