أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


# من التقريرات العقدية النفيسة في تحرير العلاقة بين [خلق الله] و [كسب العبد] عند أهل السنة و الجماعة قول الطبري رحمه الله في تفسير قوله تعالى {وما رَميتَ إذ رَميتَ ولكنَّ اللهَ رَمى} :

فأضاف الرمي إلى نبي الله ، ثم نفاه عنه ، وأخبر عن نفسه أنه هو الرامي ، إذ كان جل ثناؤه هو الموصل المرمي به إلى الذين رموا به من المشركين ، والمسبب الرمية لرسوله .
فيقال للمنكرين ما ذكرنا قد علمتم إضافة الله رمي نبيه صلى الله عليه وسلم المشركين إلى نفسه ، بعد وصفه نبيه به ، وإضافته إليه ، وذلك فعل واحد ، كان من الله ((تسبيبه وتسديده)) ، ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الحذف والإرسال)) ، فما تنكرون أن يكون كذلك سائر أفعال الخلق المكتسبة : من الله الإنشاء والإنجاز ((بالتسبيب)) ، ومن الخلق الاكتساب ((بالقوى)) ؟ فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله. اهـ

# و أوجه مغايرة عقيدة الطبري و غيره من أهل السنة -كابن تيمية و الجويني من الأشاعرة في قوله الأخير- لعقيدة الأشاعرة في الكسب أن :
- الكسب عند الطبري له مفهوم عربي يفسر باللغة ، و بها فسره ، و هو الفعل أو الجمع أو الطلب أو العزم أو الاجتراح و ما شابه ذلك ، و لم يذكر في موضع واحد أنه عنده بمعنى الاصطلاح الحادث عند الأشاعرة الذي يرجع إلى مجرد اقتران القدرة الحادثة بالمقدور أو أيًا كان تعريفهم لها -و قد اختلفت التعاريف اختلافًا مؤثرًا-.
- الكسب عند الطبري تعلق وجودي بين القدرة و المقدور ، و ليس مجرد اقتران و ترتب عادي من غير ارتباط وجودي بينهما.
- الفعل المكتسب عند الطبري مخلوق لله بالتسبيب و توسط الأسباب ، فهي مؤثرة عنده و لا ينكر بهذا تأثير الأسباب كالأشاعرة
- خلق الله عند الطبري لا ينحصر بمحض الأمر أو التعلق التنجيزي المحض بين القدرة القديمة و المقدور ، و إنما يكون أيضًا بالتسبيب و الأسباب ، فتوسط الأسباب المؤثرة في الخلق -بالقوة المؤثرة التي جعلها الله فيها- غير ممتنع عنده و ليس فيه منافاة لقدرة الله على الخلق بغير الأسباب.
- الطبري يقول بالقدرة و القوة التي أودعها الله في عبده و لا ينفي عنها التأثير ، فالعبد يكتسب بقوة فيه ، لا أن فعله يكون (عند) أو (مع) أو (في محل) القدرة الحادثة التي لا مدخلية لها في الفعل المقدور القائم بالعبد.
- الطبري يثبت فاعلين غير الله على الحقيقة و لا ينحصر مسمى الفعل الحقيقي عنده في الخلق و الإيجاد من العدم أو التأثير المستقل بحيث يكون في فعل العبد مجاز ، بل العبد فاعل و إن لم يكن مستقلًا أو موجدًا من العدم.