أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


اختيار الشيخ الذي تطلب العلم على يده
يجب عليك أختيار الشيخ الذي تريد أن تدرس عنده أختاره من أهل المنهج الصحيح لامبتدع ولا يتبع الأهواء ويكون صاحب علمية وتسأل عنه أهل العلم الموجودين في زمانه وتقرأ تزكيته من العلماء الثقات وتقرأ الردود وتنظر الى مؤلفاته وتنظر الى نشاطه الدعوي وبعد أن اخترته وتأكت منه أنه سلفي صاحب عقيدة سليمة لامتبع لهواه ويجب أن يكون متبع قال أحمد بن أبي الحواري: "من عمل بلا إتباع سنة فباطل عمله " وأيضاً أن يكون صاحب دليل قال ابن تيمية : "من فارق الدليل ضلّ السبيل, ولا دليل إلا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم "
قال الإمام أحمد : " من علم طريق الحق سهل عليه سلوكه , ولا دليل على الطريق إلى الله إلا متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في أحواله وأقواله وأفعاله"
قال ابن المبارك "لا يظهر على أحد شيء من نور الإيمان إلا باتباع السنة ومجانبة البدعة"
فهنا بإمكانك الدراسة على يده وإذا تريد أن تكون مميز بين أقرانك من طلبة العلم ويعرفك شيخك ويفتقدك أذا غبت ويسأل عنك فعليك قبل أن تذهب الى الشيخ أن تدرس شخصيته مثلاً((تسأل الطلاب قبلك عند الشيخ تسألهم ماذا يحب الشيخ ؟ وماذا يغضبه ؟ وهل يحب الأسئلة الكثيرة أم لايحب ؟ وهكذا من دراسة شخصيته.
وضرورة الارتباط بعلماء أهل السنة والجماعة
لقد كان طلاب العلم في الصدر الأول يتلقَّون العلوم مباشرةً من أفواه العلماء و المشايخ، عبر الملازمة الطويلة لهم ، وكانوا يزاحمونهم بالركب .
ولقد سئل الإمام مالك -رحمه الله-: أيؤخذ العلم عمن ليس له طلبٌ ولا مجالسةٌ؟ ، فقال: لا، فقيل : أيؤخذ ممن هو صحيحٌ ثقةٌ غير أنَّه لا يحفظ ، ولا يفهم ما يحدِّث؟ فقال: "لا يكتب العلم إلا ممن يحفظ، ويكون قد طلب ، وجالس الناس ، وعرف وعمل ، ويكون معه ورعٌ ".
وإنَّ لملازمة الشيوخ أهميةٌ كبيرةٌ تتعدى العلم إلى تعلم الأدب والأخلاق أيضاً ، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : "من فقْه الرجل : ممشاه ، ومدخله ، ومخرجه مع أهل العلم".
وقد ذكر محمد بن الحسن الشيباني عن الإمام أبي حنيفة – رحمه الله - قال : "الحكايات عن العلماء ، ومجالستهم أحبُّ إليَّ من كثيرٍ من الفقه ، لأنَّها آداب القوم وأخلاقهم"، وذكر عن الإمام إبراهيم النخعي-رحمه الله- أنه قال : "كنا نأتي مسروقاً ، فنتعلَّم من هديه ودِلِّه"
وإنَّ من أعظم مظاهر التأكيد على أهمية ملازمة العلماء أنَّه لا تستقيم حياة المسلم بدونهم، وخاصةً في النوازل العامة والخاصة ، لذا قال العلماء: "إذا لم يوجد مفْتٍ في مكانٍ ما حرُم السكن فيه ، ووجب الرحيل منه إلى حيث يوجد من يفتيه في أحكام الدين وما ينزل به من نوازل"
و قال الإمام ابن حزم -رحمه الله تعالى- : "فرضٌ على كل جماعةٍ مجتمعةٍ في قريةٍ أو مدينةٍ أو حصنٍ أنْ ينتدب منهم من يطلب جميع أحكام الديانة أولها عن آخرها ، ويتعلم القرآن كله ، وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث الأحكام ... إلخ ، ثم يقوم بتعليمهم ، فإنْ لم يجدوا في محلتهم من يفقِّههم في ذلك كله ، ففرْضٌ عليهم الرحيل إلى حيث يجدون العلماء المجتهدين في صنوف العلم ، وإن بعدت ديارهم ، وإن كانوا بالصين" .
قال حمَّاد بن زيد : قال أيوب : إني أُخْبر بموت الرجل من أهل السنَّة فكأني أفقد بعض أعضائي ".
وقال شيخ الإسلام – رحمه الله –:" إذا انقطع عن الناس نور النبوة – أي العلم – وقعوا في ظلمة الفتن وحدثت البدع والفجور ووقع الشر بينهم "
وذلك لأنَّ العلماء هم كما جاء عن الإمام أحمد -رحمه الله – فيما سبق من خطبته التي صدّر بها كتابه الرد على الزنادقة ، يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيوه؟ وكم ضالٍ تائهٍ قد هدوه؟ فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عِقال الفتنة ...".
فالعلماء الذين يرجع إليهم ويحرص على ملازمتهم،هم علماء الهدى الذين يسيرون على الوحيين : كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهم الذين ينافحون ويلتزمون بالسنة، ويميتون البدع والفتن ، والذين يذبُّون عن الدين الحنيف ، وذلك لأنَّ سلوك غير هذا الطريق موقعٌ بالمزالق الشديدة والمخاطر العظيمة .
ولقد بيَّن الحافظ ابن رجب -رحمه الله- أنَّ السلامة في طريق العلم إنَّما هي سلوك طريق أهله المجمع على درايتهم وهدايتهم، كالشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيدٍ، ومن سلك سبيلهم، وأنَّ من سلك غير طريقتهم وقع في مفاوز ومهالك، وأخذ بما لا يجوز الأخذ به ،وترك ما يوجب العمل به
كما صرَّح الإمام ابن جرير الطبري أنَّ سلوك غير طريق الصحابة والتابعين إنَّما هو طريق أهل الشقاء ، إذْ قال – رحمه الله – خلال تقريره لمسألة القول في ألفاظ العباد للقرآن في كتابه صحيح السنة :" وأما القَوْلُ في ألفاظ العباد بالقرآن فلا أثر فيه نعلمه عن صحابيٍّ مضى ، ولا تابعي انقضى ، إلا عن من في قوله الفناء والشقاء رحمة الله عليه ورضوانه وفي اتباع الرشد والهدي ومن يقوم قوله لدينا مقام الأئمة الأولى أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى "
ولذا كان للتأسي بأئمة السنة والشَّبَه بهم أهميةٌ عظيمةٌ ، ومن ذلك ما جاء في ترجمة الإمام أبي داود صاحب السنن أنَّ بعض الأئمة قال: " كان أبو داوود يُشَبَّه بأحمد بن حنبل في هَدْيِهِ ودَلِّهِ وسَمْتِهِ، وكان أحمد يُشَبَّه في ذلك بوكيع، وكان وكيع يُشَبَّه في ذلك بسفيان، وسفيان بمنصور، ومنصور بإبراهيم، وإبراهيم بعلقمة، وعلقمة بعبد الله بن مسعود، وقال علقمة: كان ابن مسعودٍ يُشَبَّه بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه ودَلِّه."
وذلك لأنَّ الارتباط في الهدي والدّل والسّمْت ، يتبعه ارتباط بالمعتقد والمنهج ، ولذا جاء عن الإمام ابن سيرين- رحمه الله- : " كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم " ، ولعلَّه منْ هذا الوجه كان علماء السلف إذا مات عالم يقولون : "موت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسد "
وما أبلغ قول الإمام أبي جعفر الطحاوي -رحمه الله- في فضل علماء السلف ومن اقتفى أثرهم في قوله :
"وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوءٍ فهو على غير سبيلٍ".
ثم وضَّح ذلك العلامة ابن أبي العز الحنفي – رحمه الله - في شرحه للعقيدة الطحاوية بعد أنْ ذكر قول الله عز وجل:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً}النساء:115
بأنه يجب على كل مسلمٍ– بعد موالاة الله ورسوله - موالاة المؤمنين ، كما نطق به القرآن ، خصوصاً الذين هم ورثة الأنبياء ، الذين جعلهم الله بمنزلة النجوم ، يهتدى بهم في ظلمات البر والبحر ، وقد أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم ، إذ كل أمةٍ قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم علماؤها شرارها ، إلا المسلمين ، فإنَّ علماءهم خيارهم ، فإنَّهم خلفاء الرسول من أمته ، والمحيون لما مات من سنته ، فبهم قام الكتاب ، وبه قاموا ، وبهم نطق الكتاب ، وبه نطقوا"
فعليك أخي المسلم بلزوم درب العلماء، ممن يسير على طريق أهل السنة و الجماعة، وفق ما كان عليه السلف، بعيداً عن الفتن والقلاقل والمحن، إذ في ذلك النجاة والسلامة لك ولدينك وللأمة جميعاً .

المصدر كتابي: خمس وعشرون نصيحة لطلبة العلم


الصور المصغرة للصور المرفقة