أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمنالرحيم
السلام عليكم ورحمة اللهوبركاته ..
أخواتي في الله ..
للربط بين آيات سورة البقرة ... اقرأوا هذه الدروس..
حتى يسهل عليكم حفظها وفهمها بكل يسر وسهولة إن شاء الله ..
----------------×----
المصدر :- أضيفت هذه الدروس – بتصرف يسير – من كتب ( الزهراوان البقرة وآل عمران ) الذي هو أحد الأجزاء من سلسلة كتب ( سبيل عباد الرحمن لحفظ آيات القرآن تفسير وبيان / لرشاد محمود أحمد ) .
*تم نقل هذه الدروس من مشروع سبيل عباد الرحمن لفهم آيات سنام القرآن..
فريق العمل
Someone ,, [ S A R A B ] ,, Ǻĺďяέąмέя ,, المجـاهـدة
جزاهم الله الفردوس الأعلى
----------------×----
وأختكم أليـــن قامت بتجميعه وتنسيقه لكم على ملف وورد لاتحرموني من دعواتكم الطيبة في ظهر الغيب .. *-*
بسم الله وعلى الله نتوكل
أولاً .. سأذكر لكم موضوعات سورة البقرة كاملة ثم ابدأ بعرض الدروس إن شاء الله ..
[IMG]file:///C:\DOCUME~1\ADMINI~1\LOCALS~1\Temp\msohtmlclip1\01 \clip_image001.jpg[/IMG]
الدرس الأول
( الطوائف التي واجهتها الدعوة في المدينة المنورة )
من الآية ( 1 ) إلى الآية ( 29 )
· في هذا الدرس نجد الملامح الأساسية للطوائف التي واجهتها الدعوة في المدينة باستثناء طائفة اليهود التي ترد إشارة صغيرة لها ، ولكنها كافية .
وهنا وفي عدد قليل من الكلمات والعبارات في أول السورة ترتسم ثلاث صور لثلاثة أنماط من النفوس :
أولاً :المتقون : ويبين صفاتهم وهي صفة السابقين من المؤمنين إلى المدينة .
ثانياً :الكافرون : وهي صورة تمثل مقومات الكفر في كل أرض وفي كل حين .
ثالثاً :المنافقون : وهي صورة تتلوى في الحسن وتزوغ من البصر وتخفى وتبين .
فالصورة الأولى : شفافية وسماحة .
والصورة الثانية : عتامة وصفاقة .
والصورة الثالثة : وهي نموذج مكرر في أجيال البشرية جميعاً .
· وعندما يتم استعراض الصور الثلاث يرتد السياق في السورة نداء للناس كافة وأمراً للبشرية جمعاء أن تختار الصورة الكريمة المستقيمة {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } .
· ولقد كان اليهود يشككون في صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وكان المنافقون يرتابون فيها ... فههنا يتحدى القرآن الجميع بتجربة واقعية :
{ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ... } وما زال هذا التحدي قائماً إلى يومنا هذا ، والتحدي عجيب ، والجزم بعدم إمكانه أعجب .
· وهنا يعرض القرآن مشهداً مرعباً ، وهو صورة الناس والحجارة المعدة للكافرين { فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} ، ومشهد النعيم الذي ينتظره المؤمنون { وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا } .
· بعد ذلك يجيء الحديث عن الأمثال التي يضربها الله في القرآن الكريم فجاءت هذه الآيات بياناً لحكمة الله في ضرب الأمثال ... وتحذيراً لغير المؤمنين من عاقبة الاستدراج بها وتطميناً للمؤمنين أن ستزيدهم إيماناً {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ } .
· ثم يتوجه إلى الناس باستنكار كفرهم بالله المحيي المميت الخالق الرازق المدبر العليم { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ } .
وهكذا تنتهي الجولة الأولى في السورة وكلها تركز على الإيمان والدعوة إلى اختيار موكب المؤمنين المتقين .
------------------×----
الدرس الثاني
( قصة آدم عليه السلام – قصة البشرية الأولى )
من الآية ( 30 ) إلى الآية ( 39 )
· إن السياق يستعرض موكب الحياة ، بل موكب الوجود كله ، ثم يتحدث عن الأرض في معرض آلاء الله على الناس – فيقرر أن الله خلق كل ما فيهم لهم .
· ها نحن أولاء نسمع في ساحة الملأ الأعلى قصة البشرية الأولى :
{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً } : فهي المشيئة العليا .
{ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ } : فلقد خفيت عليهم حكمة المشيئة العليا .
{ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } : فجاءهم القرار من العليم بكل شيء .
· ثم يجيء التكريم في أعلى صورة لهذا المخلوق الذي يعيش في الأرض ويسفك الدماء :
{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا } .
وهنا تتبدى خليقة الشر مجسمة : عصيان الجليل سبحانه والاستكبار عن معرفة الفضل لأهله { فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } .
· ثم تجيء التجربة وينسى آدم عهده ويضعف أمام الغواية وعندئذ حقت كلمة الله :
{ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } .. ونسي آدم عهده وضعف أمام الغواية .
{ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ } . وكان الشيطان يزحزحهما عن الجنة .
{ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } .. وكانت بداية المعركة بين الشيطان والإنسان .
· ونهض آدم من عثرته بما رُكب في فطرته وأدركته رحمة ربه : { فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ } ..
· وتمت كلمة الله الأخيرة وعهده الدائم مع آدم وذريته : { قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى } ..
إن أبرز إيحاءات قصة آدم عليه السلام كما وردت في هذا الموضوع – هو القيمة الكبرى التي يعطيها التصور الإسلامي للإنسان ولدوره في الأرض .
ومن هذه النظرة للإنسان تنبثق جملة اعتبارات ذات قيمة كبيرة في عالم التصور وفي عالم الواقع على السواء .
وأول اعتبار هو أن الإنسان سيد هذه الأرض .
والاعتبار الثاني هو أن دور الإنسان في الأرض هو الدور الأول .
والاعتبار الثالث هو إعلاء القيم الأدبية في وزنه وتقديره .
والاعتبار الرابع هو إعلاء من شأن الإرادة في الإنسان .
والاعتبار الخامس : فكرة الإسلام عن الخطيئة والتوبة .. فالخطيئة فردية والتوبة فردية هذا طرف من إيحاءات قصة آدم عليه السلام . ومفرق الطريق فيه أن يسمع الإنسان ويطيع لما يتلقاه من الله ، أو أن يسمع الإنسان ويطيع لما يمليه عليه الشيطان ، وليس هناك طريق ثالث ، إما الله وإما الشيطان . إما الهدى وإما الضلال إما الحق وإما الباطل إما الفلاح وإما الخسران .
------------------×----
الدرس الثالث
( مواجهة بني إسرائيل )
من الآية ( 40 ) إلى الآية ( 74 )
·ابتداء من هذا المقطع في السورة يواجه السياق بني إسرائيل ، وأولئك الذين واجهوا الدعوة في المدينة مواجهة نكرة ، وقاوموها مقاومة خفية وظاهرة ، وكادوا لها كيدا موصولا ، لم يفتر لحظة منذ أن ظهر الإسلام بالمدينة ؛ وتبين لهم أنه في طريقه إلى الهيمنة على مقاليدها .
·هذه المعركة التي شنها اليهود على الإسلام والمسلمين منذ ذلك التاريخ البعيد ثم لم يخب أوارها حتى اللحظة الحاضرة .
· يبدأ هذا الدرس بنداء علوي جليل إلى بني إسرائيل ، يذكرهم بنعمته تعالى عليهم .
·ثم يبدأ في تذكيرهم بنعم الله التي أسبغها عليهم في تاريخهم الطويل .
· ويعاود تخويفهم باليوم الذي يخاف ، حيث لا تجزيء نفس عن نفس شيئا .
· ويستحضر أمام خيالهم مشهد نجاتهم من فرعون وملئه كأنه حاضر . ومشهد النعم الأخرى التي ظلت تتوالى عليهم .
·هذه الحملة كانت ضرورية أولاً وقبل شل شيء لتحطيم دعاوى اليهود وكشف كيدها وقد تخللت توجيهات ظاهرة وخفية للمسلمين لتحذيرهم من تلك المزالق .
· ثم أعقب هذه الجولة فذكر عهد الله معهم ونكثهم له ، ونعمته عليهم وجحودهم بها ، ورتب على هذا حرمانهم من الخلافة ، وكتب عليهم الذلة ،
وحذر المسلمين كيدهم ، كما حذرهم مزالقهم ، فكانت هناك صلة بين قصة استخلاف سيدنا آدم وقصة استخلاف بني إسرائيل .
· وأخيراً تجيء قصة الرجل الذي قتله ابن أخيه استعجالاً لإرثه وذهبوا لموسى يسألونه وكانت ( قصة البقرة ) .
· وقصة بني إسرائيل هي أكثر القصص وروداً في القرآن الكريم ، والعناية بعرض مواقفها وعبرتها ظاهرة ، توحي بحكمة الله في علاج أمر هذه الأمة المسلمة ، وتربيتها وإعدادها للخلافة الكبرى .
------------------×----
الدرس الرابع
( خطاب إلى الجماعة المسلمة )
من الآية ( 75 ) إلى الآية ( 103 )
· يأخذ السياق هنا في الاتجاه بالخطاب إلى الجماعة المسلمة يحدثها عن بني إسرائيل ويبصرها بأساليبهم في الكيد والفتنة ، ويحذرها من كيدهم ومكرهم على ضوء تاريخهم وجبلتهم ، فلا تنخدع بأقوالهم ودعاويهم ووسائلهم الماكرة في الفتنة والتضليل ، ويدل طول هذا الحديث وتنوع أساليبه على ضخامة ما كانت تعانيه وتلقاه الجماعة المسلمة من الكيد المنصوب لها المرصود لدينها من أولئك اليهود .
· يستعرض السياق جدالهم مع الجماعة المسلمة وحججهم ودعاويهم الباطلة ويُلقن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يفضح دعاويهم ،ويفند حججهم ويكشف زيف ادعاءاتهم ويرد عليهم كيدهم بالحق الواضح الصريح .
فلقد زعموا أن لن تمسهم النار ، فكان الرد عليهم : {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا } .
وكانوا إذا دُعوا إلى الإسلام قالوا : { قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ} .
وكانوا يدّعون أن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس : {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } .
وهكذا يمضي السياق في هذه المواجهة ، وهذا الكشف ، وهذا التوجيه ، ومن شأن هذه الخطة أن تُضعف أو تُبطل كيد اليهود في العمل والكيد والادعاء على ضوء ما وقع منهم في تاريخهم القديم .
وما تزال الأمة المسلمة تعاني من دسائس اليهود ومكرهم ما عاناه أسلافها من هذا المكر ومن تلد الدسائس .
------------------×----
الدرس الخامس
( كشف دسائس اليهود )
من الآية ( 104 ) إلى الآية ( 123 )
· يمضي هذا الدرس في كشف دسائس اليهود وكيدهم للإسلام والمسلمين وتحذير الجماعة المسلمة من ألاعيبهم وحيلهم ، وما تكنه نفوسهم للمسلمين من الحقد والشر وما يبيتون لهم من الكيد والضر ، ونهي الجماعة المسلمة عن التشبه بهؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب في قول أو فعل .
· ويبدو أن اليهود كانوا يتخذون من نسخ بعض الأوامر والتكاليف وتغييرها وفق مقتضيات النشأة الإسلامية الجديدة ذريعة للتشكيك في مصدر هذه الأوامر والتكاليف .
· واشتدت هذه الحملة عند تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة بعد ستة عشر شهراً من الهجرة فاتخذ اليهود من هذا التوجه حجة على أن دينهم هو الدين ، وقبلتهم هي القبلة ولذلك كان هذا التحول لدحض هذه الحجة فشنوا حملة دعائية ماكرة في وسط المسلمين وقالوا لهم : إن كان التوجه إلى بيت المقدس باطلاً فقد ضاعت صلاتكم وعبادتكم طوال هذه الفترة ، وإن كان صحيحاً ففيمَ التحول عنه ؟
· ويبدو أن هذه الحملة الخبيث الماكرة آتت ثمرتها الكريهة في بعض نفوس المسلمين .
· ثم يقطع نيتهم التي يخفونها من وراء قصة القبلة وهي منع الاتجاه إلى الكعبة بيت الله ومسجده الأول ويعده منعاً لمساجد الله أن يُذكر فيها اسمه وسعياً في خرابها .
· ويمضي السياق في هذا الدرس على هذا النحو حتى ينتهي إلى أن يضع المسلمين وجهاً لوجه أمام الهدف الحقيقي لأهل الكتاب من اليهود والنصارى .. إنه تحويل المسلمين من دينهم إلى دين أهل الكتاب ، ولن يرضوا عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتبع ملتهم ، وإلا فهي الحرب والكيد والدس إلى النهاية !
· وهذه هي حقيقة المعركة التي تكمن وراء الأباطيل والأضاليل وتتخفى خلف الحجج والأسباب المقنَّعة !!!!
------------------×----
الدرس السادس
(إبراهيم عليه السلام )
من الآية
( 124 )إلى الآية( 141 )
• الآن يرجع السياق إلى مرحلة تاريخية أسبق من عهد موسى ... يرجع إلى إبراهيم ...
وقصة إبراهيم عليه السلام تؤدي دوراً هاماً فيما شجر بين اليهود والجماعة المسلمة في المدينة
من نزاع حاد متشعب الأطراف .

• إن أهل الكتاب ليرجعون بأصولهم إلى إبراهيم عن طريق إسحاق عليهما السلام ويعتزون بنسبتهم إليه ..
ومن ثم يحتكرون لأنفسهم الهدى والقوامة على هذا الدين ، كما يحتكرون لأنفسهم الجنة أياً كانوا يعملون !!

• وإن قريشاً لترجع كذلك إلى إبراهيم عن طريق إسماعيل عليهما السلام وتعتز بنسبتها إليه وتستمد منها
القوامة على البيت ، وعمارة المسجد الحرام ، وتستمد كذلك بسلطانها الديني على العرب وفضلها وشرفها ومكانتها .

• والآن يجيء الحديث عن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق والحديث عن البيت الحرام وبنائه وعمارته وشعائره
في وجوه المناسب لتقرير الحقائق الخالصة في ادعاءات اليهود والنصارى والمشركين جميعاً حول هذا النسب
وهذه الصلات ولتقرير قضية القبلة التي ينبغي أن يتجه إليها المسلمون .

• كذلك تجيء المناسبة لتقرير حقيقة دين إبراهيم وهي التوحيد الخالص وبيان أن العقيدة تراث القلب المؤمن
لا تراث العصبية العمياء .

• عندئذ تسقط كل دعاوى اليهود والنصارى في اصطفائهم واجتبائهم لمجرد أنهم أبناء إبراهيم وحفدته
وهم ورثته وخلفاؤه .

• لقد سقطت عنهم الوراثة منذ أن انحرفوا عن هذه العقيدة ... وعندئذ تسقط كذلك دعاوى قريش في الاستئثار
بالبيت الحرام وشرف القيام عليه وعمارته لأنهم فقدوا حقهم في وراثة باني هذا البيت ورافع قواعده بانحرافهم عن عقيدته ..
ثم تسقط كل دعاوى اليهود فيما يختص بالقبلة التي ينبغي أن يتجه إليه المسلمون ، فالكعبة هي قبلتهم وقبلة أبيهم إبراهيم عليه السلام .
------------------×----

الدرس السابع
( تحويل القبلة )
من الآية (
142) إلى الآية (152)

الحديث في هذا الدرس يكاد يقتصر على حادث تحويل القبلة ، والملابسات التي أحاطت به والدسائس التي حاولها اليهود في الصف المسلم بمناسبته والأقاويل التي أطلقوها من حوله ، ومعالجة آثار هذه الأقاويل في نفوس بعض المسلمين وفي الصف المسلم على العموم .

وعلى أية حال فقد كان التوجه إلى بيت المقدس – وهو قبلة أهل الكتاب من اليهود والنصارى – سبباً في اتخاذ اليهود إياه ذريعة للاستكبار عن الدخول في الإسلام ، إذ أطلقوا في المدينة ألسنتهم بالقول بأن اتجاه محمد ومَن معه إلى قبلتهم في الصلاة دليل على أن دينهم هو الدين وقبلتهم هي القبلة وأنهم هم الأصل فأولى بمحمد ومَن معه أن يفيئوا عن دينهم لا أن يدعوهم إلى الدخول في الإسلام.

وفي الوقت ذاته كان الأمر شاقاً على المسلمين من العرب الذين ألفوا في الجاهلية أن يعظموا حرمة البيت الحرام وأن يجعلوه كعبتهم وقبلتهم ، وزاد الأمر مشقة ما كانوا يسمعون من اليهود من التبجح بهذا الأمر واتخاذه حجة عليهم .

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء متجهاً إلى ربه ، دون أن ينطق لسانه بشيء تأدباً مع الله وانتظاراً لتوجيهه بما يرضيه . ثم نزل القرآن يستجيب لما يعتمل في صدر الرسول صلى الله عليه وسلم : { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا } . عندئذ انطلقت أبواق اليهود تُلقي في صفوف المسلمين وقلوبهم بذور الشك واللقلق في قيادتهم وفي أساس عقيدتهم .

وتتبين لنا ضخامة ما أحدثته هذه الحملة في نفوس المسلمين وفي الصف الإسلامي من مراجعة ما نزل من القرآن في هذا الموضوع ، منذ قوله تعالى : { مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا } وقد استغرق درسين كاملين في الجزء الأول .

كلمة أخيرة : ( لقد كان اتجاه المسلمين فترة من الزمان إلى المسجد الأقصى الذي يتجه إليه اليهود والنصارى ، فقد كان هذا التوجه لحكمة خاصة وبعدما أراد الله وقد شاء أن يعهد بالوراثة إلى الأمة المسلمة يجئ تحويل القبلة في أوانه لتتميز للمسلمين كل خصائص الوراثة حسها وشعورها ؛ وراثة الدين ووراثة القبلة ووراثة الفضل من الله جميعاً .
------------------×----
الدرس الثامن
( توجيهات للأمة الإسلامية )
من الآية (
153 )إلى الآية ( 157 )

ذلك هو أول توجيه لهذه الأمة الإسلامية .. الاستعانة بالصبر والصلاة على تكاليف هذا الدور العظيم والاستعداد لبذل التضحيات التي يتطلبها هذا الدور من استشهاد الشهداء ونقص الأموال والأنفس والثمرات والخوف والجوع ومكابدة أهوال الجهاد لإقرار منهج الله في الأنفس وإقراره في الأرض ، وربط قلوب هذه الأمة بالله ورحمته وهدايته ، وهي وحدها جزاء ضخم للقلب المؤمن ، الذي يدرك قيمة هذا الجزاء .
علم الله تعالى ما سيلاقيه المؤمنون ، وما يقوله لهم الناس وما يقول الضعفاء في أنفسهم : كيف تبذل هذه النفوس وتستهدف للقتل بمخالفة الأمم كلها ؟ وما الغاية من قتل الإنسان نفسه لأجل تعزيز رجل في دعوته ؟ ... فعلمهم الله سبحانه وتعالى ما يستعينون به على مجاهدة الخواطر والهواجس ومقاومة الشبهات والوساوس ، فأمر بالاستعانة بالصبر والصلاة .
{ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } .
------------------×----

الدرس التاسع
( حول الصفا والمروة )
من الآية (
158 ) إلى الآية ( 177 )
في هذا الدرستصحيح عددمن القواعد التي يقوم عليها التصورالإيماني الصحيح .
مواجهة يهود المدينةوكل مَن يرصدون للدعوة .
يستهدف هذا الدرس عدداً من القواعد التي يقوم عليها التصور الإيماني الصحيح مع الاستمرار في مواجهة يهود المدينة الذين لا يكفون عن تلبيس الحق بالباطل في هذه القواعد ، وكتمان الحق الذي يعلمونه في شأنها ، وإيقاع البلبلة والاضطراب فيها .
ومن ثم نجد بياناً في موضوع الطواف بالصفا والمروة بسبب ما كان يلابس هذاالموضوع من تقاليد الجاهلية ،{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ } .
ويليه في السياق بيان في شأن أهل الكتاب الذين يكتمون ما أنزل الله .
· ثم بيان الوحدانية لله .
وبمناسبة ما كان يجادل فيه اليهود من الحلال والحرام تجيء دعوة الناس بالاستمتاعبالطيبات التي أحلها الله .
ومن ثم حملة عنيفة علىالذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناًقليلاً .
وفي نهاية الدرس يرد بيان عن حقيقة البر يتضمن قواعدالإيمان والعمل الصالح .
وهكذا نجد السياق ما زال في المعركة داخل النفوس لتصحيح التصورات والموازين ، والمعركة مع الكيد والدس والبلبلة التي يقوم بها أعداء الإسلام .
------------------×----
الدرس العاشر
( التنظيمات الاجتماعية للمجتمع المسلم)
من الآية ( 178 ) إلى الآية ( 188 )


هذا الدرس يتضمن جانباً من التنظيمات الاجتماعية للمجتمع المسلم كما يتضمن جانباً من العبادات المفروضة .
ففي هذا الدرس أيضاً :

حديث عن القصاص في القتلى وتشريعاته .
وحديث عن الوصية عند الموت .
وحديث عن فريضة الصيام ؛ وشعيرة الدعاء ؛ وشعيرة الاعتكاف .

وفي التعقيب على القصاص ترد إشارة إلى التقوى
{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } .

وفي التعقيب على الوصية ترد إشارة إلى التقوى :
{ كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } .

وفي التعقيب على الاعتكاف إشارة أخرى إلى التقوى :
{ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } .

ولا تتعدَ التعقيبات القليلة الباقية في الدرس عن معنى التقوى واستجاشة الحساسية والشعور بالله في القلوب فتجيء هذه التعقيبات :
{ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } . { فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } . { إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ ....... إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } .

وحدة واحدة تنظيمات اجتماعية ، وقواعد تشريعية ، وشعائر تعبدية كلها منبثقة من العقيدة فيه وكلها نابعة من التصور الكلي الذي تنشئة هذه العقيدة . وهذا الدرس بمجموعة الموضوعات التي يحتويها والتعقيبات التي يتضمنها نموذج واضح لهذا الترابط المطلق .
------------------×----
الدرس الحادي عشر
( فرائض وتكاليف)

من الآية (
189 ) إلى الآية ( 203 )
هذا الدرس كسابقه استطراداً في بيان فرائض هذه الأمة فيتضمن بياناً عن الأهلة( جمع هلال ) كما يتضمن تصحيحاً لعادة جاهلية هي إتيان البيوت من ظهورها بدلاً من أبوابها ثم بياناً عنأحكام القتال عامة ، وأحكام القتال في الأشهر الحرم ، وعند المسجد الحرام وفي النهاية بياناً لشعائر الحج والعمرة .
وهكذا نرى هنا ، كما رأينا في الدرس السابق :
·أحكاماً تتعلق بالتصور الاعتقادي .
· وأحكاماً تتعلق بالشعائر التعبدية .
· وأحكاماً تتعلق بالقتال .

كلها تتجمع في نطاق واحد ... وكل يعقب عليها تعقيبات
تذكِّر بالله وتقواه .

1-في موضوع إتيان البيوت من ظهورها يجيء تعقيب يصحح معنى البر{ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا } .
2-وفي القتال بصفة عامة يوجههم إلى عدم الاعتداء ويربط هذا بحب الله وكرهه { إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } .
3-وفي القتال في الشهر الحرام { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } .
4- وفي الإنفاق يعقب بحب المحسنين { وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } .
5- وفي التعقيب على بعض شعائر الحج{ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } .
6- وفي التعقيب على بيان مواقيبت الحج والنهي عن الرفث والفسوق والجدال { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } .
7- وحتى في توجيه الناس لذكر الله بعد الحج يجيء التعقيب : { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } .

وهناك ظاهرة في هذه السورة تطالعنا منذ هذا القطاع . تطالعنا في صورة مواقف يسأل عنها المسلمون عن شؤون شتى .
فهم يسألون عن الأهلة ... ما شأنها
؟ ما بال القمر يبدو هلالاً ثم يكبر ... ثم يختفي ؟ ويسألون ماذا ينفقون ؟ من أي نوع من مالهم ينفقون ؟ وأي قدر ؟ ويسألون عن القتال في الشهر الحرام .. وعند المسجد الحرام .. هل يجوز ؟
ويسألونك عن المحيض ؟ وما علاقتهم بنسائهم في فترته ؟
وقد وردت أسئلة في موضوعات متنوعة في سورة أخرى .


وهذه الأسئلة ذات دلالات شتى :
أولاً :دليل على تفتح وحيوية ونمو في صورة الحياة وعلاقتها وبروز أوضاع جديدة في المجتمع الذي جعل يأخذ شخصيته الخاصة .
ثانياً :دليل على يقظة الحس الديني . وتغلغل العقيدة الجديدة وسيطرتها على النفوس مما يجعل كل واحد يتحرج أن يتأتي أمراً في حياته اليومية قبل أن يستوثق من رأي العقيدة الجديدة فيه.
ثالثاً :بروز بعض الاستفهامات وضرورة الإجابة عليها لمواجهة حملات التشكيك التي يقوم بها اليهود في المدينة والمشركون في مكة .
إن هذا القرآن نزل لينشئ حياة كاملة ، يحركها ويقودها إلى شاطئ الأمان بين
الأشواك والعثرات ومشقات الطريق التي تتناثر فيها الشهوات كما تتناثر فيها العقبات .
------------------×----

الدرس الثاني عشر
( نماذج من نفوس البشر )
من الآية (
204 ) إلى الآية ( 214 )
في هذا الدرس نجد الملامحالواضحة لنموذجين من نماذج البشر :
الأول : نموذج المرائي الشرير ، الذلق اللسان، الذي يجعل شخصه محور الحياة كلها والذي يعجبك مظهره ويسوؤك مخبره .
والثاني : نموذج المؤمن الذي يبذلنفسه كلها لمرضاة الله لا يستبقي منها بقية ولا يحسب لذاته حساباً في سعيه وعمله لأنه يفنى في الله ويتوجه بكليته لله .
وعقب عرض هذين النموذجين نسمع هتافاً بالذين آمنوا ليستسلموا بكليتهم لله ، دونما تردد ، ودونما تلفت ، ودونما تجربة لله بطلب الخوارق والمعجزات كالذي فعلته بنو
إسرائيل حين بدلت نعمة الله عليه وكفرتها ويسمى هذا الاستسلام دخولاً في السلم{ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} .
وفي مواجهة نعمة الإيمان الكبرى وحقيقة السلام التي تنشر ظلالها على الذين آمنوا ... يعرض سوء تصور الكفار لحقيقة الأمر وسخريتهم من الذين آمنوا .
ثم بعد ذلك يجيء تلخيص لقصة اختلاف الناس
. وبيان للميزان الذي يجب أن يفيئوا إليه ليحكم بينهم فيما اختلفوا فيه .
وتقرير لوظيفة الكتاب الذي أنزله الله بالحق
{لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} .
- يتطرق من هذا إلى ما ينتظره القائمونعلى هذا الميزان من مشاق الطريق .
- ويخاطب الجماعة المسلمة فيكشف لها عما ينتظرها في طريقها الشائك من البأساء والضراء والجهد ... وهكذا نرى أطرافاً من المنهج الرباني في تربية الجماعة المسلمةوإعدادها .
------------------×----

الدرس الثالث عشر
( ظاهرة الأسئلة عن الأحكام)
من الآية ( 215 ) إلى الآية ( 220 )

هذه الظاهرة .. ظاهرة الأسئلة عن أحكام توحي بيقظة العقيدة واستيلائها على نفوس الجماعة المسلمة إذ ذاك ورغبة المؤمنين في معرفة حكم العقيدة في كل شأن من شؤون حياتهم ! فما أقره الإسلام كان دستورهم وقانونهم وما لم يقره كان ممنوعاً عليهم وحراماً .... وهذه الحساسية هي آية الإيمان .
كانت تثار بعض الأسئلة بسبب الحملات الكيدية التي يشنها اليهود والمنافقون والمشركون كذلك حول بعض التصرفات مما يدفع المسلم ليسأل عنها ، إما ليستيقن من حقيقتها وحكمتها ، وإما تأثراً بتلك الحملات والدعايات المسمومة ..، وتبطل الدسائس وتموت الفتن ويرتد كيد الكائدين إلى نحورهم .
وفي هذا الدرس جملة من هذه الأسئلة :
سؤال عن الإنفاق(مواضعه .. مقاديره .. نوع المال الذي يكون فيه النفقة)وسؤالعن القتال في الشهر الحرام ، وسؤال عن الخمر والميسر ، وسؤال عن اليتامى ، وستُستعرض بالتفصيل إن شاء الله
عند استعراض النصوص .
------------------×----
الدرس الرابع عشر
( دستور الأسرة المسلمة )
من الآية (
221 ) إلى الآية ( 242 )

نحن في هذا الدرس مع جانب من دستور الأسرة ، جانب من التنظيم للقاعدة الركينة التي تقوم عليها الجماعة المسلمة ويقوم عليها المجتمع الإسلامي . وينبثق نظام الأسرة في الإسلام من معين الفطرة ، وأصل الخلقة . وقاعدة التكوين الأولى للأحياء جميعاً وللمخلوقات كافة .

• والأسرة هي المحضن الطبيعي الذي يتولى حماية الفراخ الناشئة ورعايتها .

• والآيات الواردة في هذا المقطع تتناول بعض أحاكم الزواج ، والمعاشرة والإيلاء ، والطلاق ، والعدة ، والنفقة ، والمتعة ، والرضاعة ، والحضانة .

إن هذه الأحكام تذكر بدقة وتفصيل :

الحكم الأول :
يتضمن النهي عن زواج المسلم بمشركة وعن تزويج المشرك من مسلمة والتعقيب { أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ } .

والحكم الثاني : يتعلق بالنهي عن مباشرة النساء في المحيض .
والحكم الثالث : حكم الإيمان بصفة عامة تمهيداً للحديث عن الإيلاء والطلاق .

والحكم الرابع : حكم الإيلاء .

والحكم الخامس : حكم عدة المطلقة .

والحكم السادس : حكم عدد الطلقات .

والحكم السابع : حكم الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان بعد الطلاق .

والحكم الثامن : حكم الرضاعة والاسترضاع والأجر .

والحكم التاسع :
خاص بعدة المتوفي عنها زوجها .

والحكم العاشر : حكم التعريض بخطبة النساء في أثناء العدة .

والحكم الحادي عشر : حكم المطلقة قبل الدخول في حالة ما إذا فرض لها مهر وفي حالة
ما إذا لم يفرض .

والحكم الثاني عشر :حكم المتعة للمتوفي عنها زوجها وللمطلقة .

ويجئ التعقيب العام على هذه الأحكام
{ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } .


إنها عبادة الله في كل حركة وفي خطرة إن الإسلام يشرع لناس من البشر
لا الجماعة من الملائكة ، والإسلام يلاحظ كل ما فيهم ويتعامل معهم أنهم بشر ..

------------------×----
الدرس الخامس عشر
( تجارب الجماعات المسلمة )
من الآية (
243 ) إلى الآية ( 252 )

ندرك قيمة هذا الدرس وما يتضمنه من تجارب الجماعات السابقة والأمم الغابرة ونستحضر في أنفسنا أن القرآن هو كتاب هذه الأمة الحي ، ورائدها الفاصح ، وأنه هو مدرستها التي تلقت فيها دروس حياتها ...

إن هذا القرآن ليس مجرد كلام يتلى ولكنه دستور شامل .. دستور للتربية ، كما أنه دستور للحياة العملية ، وقدم تجارب الدعوة الإيمانية في الأرض من لدن آدم عليه السلام قدمها زاداً للأمة المسلمة في جميع أحوالها ، تجاربها في الأنفس ، وتجاربها في واقع الحياة كي تكون الأمة المسلمة على بينة من طريقها ، وهي تتزود لها بذلك الزاد الضخم ذلك الرصيد المنوع .

هذا الدرس يعرض تجربتين من تجارب الأمم السابقة يضمها إلى ذخيرة هذه الأمة من التجارب ويعد بها الجماعة المسلمة لما هي معرضة له في حياتها من المواقف بسبب قيامها بدورها الكبير بوصفها وارثة العقيدة الإيمانية ، ووارثة التجارب في هذا الحقل الخصيب .

التجربة الأولى :

لا يذكر القرآن أصحابها ، ويعرضها في اختصار كامل ولكنه وافٍ ، فهي تجربة جماعة { خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ } فلم ينفعهم الخروج والفرار والحذر وأدركهم قدر الله ، الذين خرجوا حذراً منه ، فقال الله : { مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ } لم ينفعهم الجهد في اتقاء الموت ولم يبذلوا جهداً في استرجاع الحياة ... وإنما هو قدر الله في الحالين .

التجربة الثانية :

تجربة في حياة بني إسرائيل من بعد موسى بعدما ضاع ملكهم ، ونهبت مقدساتهم وذلوا لأعدائهم وذاقوا الويل بسبب انحرافهم عن هدى ربهم وتعاليم نبيهم ، وعندما انتفضت في قلوبهم العقيدة واستيقظت واشتاقوا للقتال في سبيل الله
{ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } .
ومن خلال هذه التجربة – كما يعرضها السياق القرآني – تبرز جملة حقائق ، تحمل إيحاءات قوية للجماعة المسلمة في كل جيل ، فضلاً على ما كانت تحمله للجماعة المسلمة في ذلك الحين .
------------------×----
الدرس السادس عشر
( اتباع الرسل)
من الآية (
253 ) إلى الآية ( 257 )
هذه البقية الباقية من سورة البقرة وهي بداية الجزء الثالث هي استطراد في موضوعها الرئيسي الذي شرحناه في مطلع الجزء الأول .
هذه البقية تأتي بعد قول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في نهاية الجزء الثاني من السورة
{ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ } وذلك تعقيباً على قصة الملأ { مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } .

ومن ثم يبدأ الجزء الثالث بعد هذا حديثاً ملتحماً بما قبله من الرسل وتفضيل الله بعضهم على بعض وخصائص بعضهم ورفع بعضهم درجات ... وحديثاً عن اختلاف بعدهم من اتباعهم وقتال بعض لبعض :
{ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ . تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } .

تلك الرسل : إنهم جماعة خاصة ، ذات طبيعة خاصة وإن كانوا بشراً من البشر فمَن هم ؟ ما الرسالة ؟ وما طبيعتها ؟ كيف تتم ؟ لماذا كان هؤلاء وحدهم رسلاً ؟ وبماذا ؟.إن هؤلاء الرسل لم يجمعوا الشواهد والظواهر على قانون الوحدة في هذا الوجود عن طريق التجارب العلمية . ولكن لأنهم وُهبوا جهاز استقبال كاملاً مباشراً .. وكان هذا الجهاز اللدني في تلك الطبائع الخاصة الموهوبة أدق ، وأشمل ، وأكمل .

ولقد شاءت إرادة الله أن تبعث بالرسل بين الحين والحين لتصل البشرية بالحقيقة المطلقة التي ما كانت ملاحظتهم وتجربتهم لتبلغ إلى طرف منها إلا بعد مئات القرون . وقيمة هذا الاتصال هي استقامة خطاهم مع خطا الكون واستقامة حركاتهم مع حركة الكون واستقامة فطرتهم مع فطرة الكون .مصدر واحد هو مصدر الرسالات ، وما عداه ضلال وباطل ، لأنه يتلقى عن ذلك المصدر الوحيد الواصل الموصول .

------------------×----
الدرس السابع عشر
( سر الحياة والموت )
من الآية (
258) إلى الآية ( 260)

هذه الآيات الثلاث تتناول موضوعاً واحداً في جملة (سر الحياة والموت) وحقيقة الحياة والموت ، وهي بهذا تؤلف جانباً من جوانب التصور الإيماني .
إننا لا نعرف شيئاً عن حقيقة الحياة وحقيقة الموت حتى اللحظة الحاضرة ولكننا ندرك مظهرهما في الأحياء والأموات .
ونحن ملزمون أن نكل مصدر الحياة والموت إلى قوة ليست من جنس القوى التي نعرفها على الإطلاق . قوة الله .
والآية الأولى : تحكي حواراً بين إبراهيم عليه السلام وملك في أيامه – نمرود بابل – يجادله في الله .
{
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ ...} .
والآية الثانية : ترسم مشهداً قوياً واضحاً موحياً مشهد الموت والبلى والخواء يرتسمبالوصف { وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} .
{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} .
والتجربة الثالثة : تجربة إبراهيم أقرب الأنبياء إلى أصحاب هذا القرآن .
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} .
------------------×----
الدرس الثامن عشر
(قواعد النظام الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع المسلم)
من الآية (
261) إلى الآية (274)
منذ الآن إلى قرب نهاية السورة يتعرض السياق لإقامة قواعد النظام الاقتصادي والاجتماعي الذي يريد الإسلام أن يقوم عليها المجتمع المسلم ، وأن تنظم بها حياة الجماعة المسلمة . إنه نظام التكافل والتعاون الممثل في الزكاة المفروضة والصدقات المتروكة للتطوع وليس النظام الربوي الذي كان سائداً في الجاهلية .

ومن ثم يتحدث عن : آداب الصدقة ويلعن الربا ويقرر أحكام الدين والتجارة في الدروس الآتية في السورة وهي تكوّن في مجموعها جانباً أساسياً من نظام الاقتصاد الإسلامي والحياة الاجتماعية التي تقوم عليها .

وفي هذا الدرس نجد الحديث عن تكليف البذل والإنفاق ، ودستور الصدقة ،
والتكافل ، والإنفاق في سبيل الله هو صنو الجهاد الذي فرضه الله على الأمة المسلمة . ولقد تكررت الدعوة إلى الإنفاق في السورة فالآن يرسم السياق دستور الصدقة في تفصيل وإسهاب ، إلا أنه لا يفوتنا أن نلمح من ورائه أنه جاء تلبية لحالات واقعة كانت النصوص تواجهها في الجماعة المسلمة .
كان هناك مَن يضن بالمال فلا يعطيه إلا بالربا ! وكان هناك مَن ينفقه كارهاً أو مرائياً . وكان هناك مَن يُتبع النفقة بالمن والأذى ، وكان هناك مَن يقدم الرديء من ماله ويحتجز الجيد . وكل هؤلاء إلى جانب المنفقين في سبيل الله مخلصين له ، الذين يجودون بخير أموالهم وينفقون سراً في موضع السر وعلانية في موضع العلانية في تجرد وإخلاص ونقاء .

كان هؤلاء وكان أولئك في الجماعة المسلمة حينذاك . وإدراك هذه الحقيقة يفيدنا فوائد كثيرة .


يفيدنا أولاً : في إدراك طبيعة هذا القرآن ووظيفته فهو كائن حي متحرك ، ويواجه حالات واقعة فيدفع ويقر هذه ويدفع الجماعة المسلمة ويوجهها ، فهو في عمل دائب ، وفي حركة دائبة .

ويفيدنا ثانياً : في رؤية حقيقة الطبيعة البشرية الثابتة المطردة تجاه دعوة الإيمان وتكاليفها وينفعنا لأنه يدفع اليأس من أنفسنا .

ويفيدنا ثالثاً : في الاستقرار إلى هذه الحقيقة البسيطة التي كثيراً ما نغفل عنها وننساها : وهي أن الناس هم الناس ، والدعوة إلى الدعوة ، والمعركة هي المعركة .

وعليه فلا بد أن نرجع إلى استشارة القرآن في حركات حياتنا وملابساتها ، وإلى رؤيته يعمل ويتحرك في مشاعرنا
وفي حياتنا ، كما كان يعمل ويتحرك في حياة الجماعة الأولى .
------------------×----
الدرس التاسع عشر
( الـــربـــــا )
من الآية (
275 ) إلى الآية ( 281 )


الصدقة : عطاء وسماحة ، وطهارة ، وزكاة ، وتعاون وتكافل .
والـربـا : شح ، وقذارة ، ودنس ، وأثرة ، وفردية .
والصدقة :نزول عن المال بلا عوض ولا رد .
والـربـا : استرداد للدَّين ومعه زيادة حرام مقتطفة من جهد المدين أو من لحمه .
- والبشرية الضالة التي تأكل الربا تنصب عليها البلايا الماحقة الساحقة .
- والربا ينشئ في النهاية نظاماً يسحق البشرية سحقاً ويشقيها في حياتها أفراداً وجماعات ودولاً وشعوباً لمصلحة حفنة من المرابين .
- إن النظام الربوي نظام معيب من الوجهة الاقتصادية البحتة – وقد بلغ من سوئه أن تنبه لعيوبه بع أساتذة الاقتصاد الغربيين أنفسهم .

ونستعرض بعض الحقائق الأساسية عن الربا :

الحقيقة الأولى : أنه لا إسلام مع قيام نظام ربوي في مكان .
الحقيقة الثانية : أن النظام الربوي بلاء على الإنسانية ويمحق سعادة البشرية محقاً .
الحقيقة الثالثة : أن النظام الأخلاقي والنظام العملي في الإسلام مترابطان تماماً .
الحقيقة الرابعة : أن التعامل الربوي لا يمكن إلا أن يُفسد ضمير الفرد وخلقه .
الحقيقة الخامسة : أن الإسلام نظام متكامل فهو حين يحرم التعامل الربوي يقيم نظمه كلها على أساس الاستغناء عن الحاجة إليه .
الحقيقة السادسة : أن الإسلام حين يتاح له أن ينظم الحياة وفق تصوره ومنهجه الخاص لن يحتاج عند إلغاء التعامل الربوي إلى إلغاء المؤسسات والأجهزة اللازمة لنمور الحياة الاقتصادية العصرية نموها الطبيعي السليم ولكن فقط سيطهرها من لوثة الربا ودنسه . ثم يتركها تعمل وفق قواعد أخرى سليمة .
الحقيقة السابعة : ضرورة اعتقاد مَن يريد أن يكون مسلماً بأن هناك استحالة اعتقادية في أن يحرم الله أمراً لا تقوم الحياة البشرية ولا تقدم بدونه .
الحقيقة الثامنة : أن استحالة قيام الاقتصاد العالمي اليوم وغداً على أساس غير الأساس الربوي ليست سوى خرافة . أو هي أكذوبة .

فلننظر كيف كانت ثورة الإسلام على تلك الشناعة التي ذاقت منها البشرية ما لم تذق قط من بلاء .
------------------×----

الدرس العشرون
( القرض الحسن )
من الآية (
282) إلى الآية ( 284)

الحديث هنا عن القرض الحسن بلا ربا ولا فائدة وعن المعاملات التجارية الحاضرة المبرأة من الربا .
وإن الإنسان ليقف في عجب وفي إعجاب أمام التعبير التشريعي في القرآن الكريم ، حيث تتجلى الدقة العجيبة في الصياغة القانونية حتى ما يبدل لفظ بلفظ ولا تقدم فقرة عن موضوعها أو تؤخر وحيث يربط التشريع بالوجدان الديني .
ولولا الإعجاز ما حقق الدقة التشريعية المطلقة والجمال الفني المطلق على هذا النحو الفريد .
ذلك كله فقد سبق التشريع الإسلامي بهذه المبادئ التشريع المدني والتجاري بحوالي عشرة قرون . كما يعترف الفقهاء المحدثون !
وبعد ذلك يعقب على التشريع المدني البحت بتوجيه وجداني بحت ، ويربط بين التشريعات للحياة وخالق الحياة . بذلك الرباط الوثيق ، المؤلف ثم الخوف والرجاء في مالك الأرض والسماء . فالإسلام يصنع القلوب التي يشرع لها ، ويصنع المجتمع الذي يقنن له صنعة إلهية متكاملة متناسقة . تربيةً وتشريعاً وتقوى وسلطاناً ، ومنهجاً للإنسان من صنع خالق الإنسان .
ألا إنها الشقوة للبشرية في هذا الشرود عن منهج الله وشرعه ، الشقوة التي بدأت في الغرب هرباً من الكنيسة الطاغية الباغية هناك . ومن إلهها الذي كانت تزعم أنها تنطق باسمه . وتحرم على الناس أن يتفكروا وأن يتدبروا .
فأما نحن – نحن الذين نزع الإسلام – فما بالنا ؟ ما بالنا نشرد عن الله ومنهجه وشريعته وقانونه ؟ ما بالنا وديننا السمح القويم لم يفرض علينا إلا كل ما يرفع عنا الأغلال ، ويحط عنا الأثقال ، ويفيض علينا الرحمة والهدى واليسر والاستقامة على الطريق المؤدي إليه ، وإلى الرقي والفلاح .
------------------×----

الدرس الحادي والعشرون
( آيتان ومسك الختام )
من الآية (
285 ) إلى ( 286 )

هذا ختام السورة الكبيرة ... في آيتين اثنتين ولكنهما تمثلان بذاتهما تلخيصاً وافياً لمعظم قطاعات السورة ، يصلح ختاماً لها .
ختاماً متناسقاً مع موضوعاتها وجّوّها وأهدافها ، إنه الختام الذي يلخص ويشير ويتناسق مع خط السورة الأصيل .
وفي هاتين الآيتين كل كلمة لها موضعها ، ولها دورها ، ولها دلالاتها الضخمة وهي قائمة في العبارة لتمثيل ما وراءها وهو كبير .
نعم كل كلمة لها دورها الضخم العجيب بصورة عجيبة .
وبهذا اختتمنا دروسنا ، في أحد عشر درساً ، والحمد لله رب العالمين .