أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


إستشكلَ بعض أهل العلم في قوله عليه السلام- فيما أخرجه البخاري وغيره من حديث أنس بن مالك رض الله-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض في زكاة الغن" من كل خمس شاةً إذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين، ففيها بنت مخاض أنثى، فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى، لم زيدت لفظة (أنثى) مع ظهور المعنى ووضوحه ؟ وما السرُّ في الإتيان بها؟

أجاب عن هذا الإشكال المحدث الفقيه فضل الله التُوْرِبِشْتِي من أهل شيراز(660هـ تقريبا) - وهو ممن شرح مصابيح البغوي شرحا حسنا- فقال رحمه الله:
"فأما وجه قوله (بنت مخاض أنثى وبنت لبون أنثى) فلم أجد أحدا من أصحاب المعاني ذكر فيه ما شفى الغليل، وقد سئلتُ عنه فكان جوابي فيه أن الابن والبنت إنما يختصان بالذكر والأنثى عند الإطلاق في بني آدم، وأما في غير بني آدم فقد استعمل على غير هذا الوجه فقيل :ابن عرس وابن آوى وابن دأية وابن قترة وابن الماء وابن الغمام وابن ذكاء وابن الأرض وبنت الأرض وبنت الجبل وبنت الفكر ، وما أشبه ذلك من الأسماء، وكل ذلك مستعار لمعان غير التي تختص بالانسان، وكذلك تقول في ابن مخاض وابن لبون وبنت مخاض وبنت لبون
ويدل على صحة ما ادعيناه قولهم: بنات مخاض وبنات لبون وبنات آوى ولم يقولوا أبناء مخاض أبو بنو مخاضن وقد ذكر عن الأخفش بنو عرس وبنو نعش فأما ابن مخاض وابن لبون فلم يذكر في جمعهما اختلاف.
فالتقييد الذي ورد في الحديث (بنت مخاض أنثى وبنت لبون أنثى) لرفع الاشتباه بما ذكرناه من النظائر، انتهى .
ُ وقال أيضا:" ولقد استبهمَ عليَّ قوله (بنت لبون أنثى) ففتشتُ بطون الدفاتر، وفاوضتُ فيه من صادفته بصدد الفهم من أهل العلم فلم أصدر عن تلك الموارد ببلَّةٍ، ثم إن الله تعالى ألهمني فيه وجه الصواب على ما قرَّرتُه في باب الزكاة من الكتاب وبعد برهةٍ كنت أتصفَّحُ كتابا لبعض علماء المغرب فوجدته قد سبقني بالقول فيه عن نفسه أو عن غيره على شاكلة ما جئتُ به ".
قال السبكي معلقا عليه:" قلت ولعل المغربي الذي أشار إليه هو السهيلي فله تصنيف في ذلك ولابن الحاجب أيضا فيه كلام، أو لعله الإمام أبو عبد الله المازري المالكي فإنه نقل ذلك في شرح التلقين وزاد شيئا رآه هو فقال: (في ابن لبون ذكر وبنت مخاض أنثى) ، يقال حكي عن بعضهم: أن لفظ الذكر والأنثى هنا جاء تأكيدا وحسنه اختلاف اللفظين كما في قوله تعالى {وغرابيب سود} والغربيب لا يكون إلا أسود.
وقال آخرون هو : احتراز من قولهم ابن عرس وابن آوى ونحو ذلك مما ينطبق على الذكر والأنثى..." اهـ
من طبقات السبكي (8/350-352) .