أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


فهذا جزء من حوار بيني وبين أشعري في منتدى الدرر الشامية على هذا الرابط :
http://eldorar.com/info/showthread.php?13793
وقد كتبت فيه هذه المشاركة وارجو أن فيها فائدة إن شاء الله ..
أما الملل التي تقول أني أُثبته لله سبحانه وتعالى وتستنكر علي ذلك ، فنبيك محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي أخبر به عن ربه سبحانه وأثبته له ،فقال كما في البخاري ومسلم من حديث عائشة :"أكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا "، فنقول فيه كما قال صلى الله عليه وسلم ونحمله على ظاهره المفهوم من سياقه من غير تشبيه ولا تأويل كما سيأتي ، والنبي صلى الله عليه وسلم أعلم بما يجوز عليه وما لا يجوز وأعلم بما يكون كمالاُ وما لا يكون منك ،فإن الكمال لا يدرك بالعقل وإنما يدرك بالنقل والشرع ،فإذا أثبت الله لنفسه صفة أو أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم فليس لمثلك أن تقول أنها لا تجوز عليه ،ومن أنت حتى تقول ذلك وقد أجازه من لا ينطق عن الهوى ؟ وحاشاه صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الخلق بربه أن يصفه بما لا يجوز في العقل وصفه به أو يصفه بما يكون فيه نقص ، وكل ما تستعظمه وتستنكره فهو من سوء فهمك وحملك لألفاظ الكتاب والسنة على معاني خاطئة في عقلك ،ثم تنفيها عنه بدعوى أنك تنزه الرب سبحانه وتعالى عنها بزعمك ،فحقيقة الأمر أنت لم تنزهه عن نقص دل عليه لفظه ،وإنما نزهته عن نقص اعتقدته في نفسك وتشبيه قام في خاطرك كان أولى بك أن لا تعتقده ، ، وإنما تقوم مثل هذه الخواطر والخيالات عند أضعف الناس عقلاً وأنكسهم فطرة ممن لم يعظم الله حق تعظيمه ويجله حق إجلاله ، وقد قال أحمد بن حنبل : "ولا نزيل عنه صفة لتشنيع مشنع "،و صح أن شريحاً القاضي أنكر قراءة من قرأ "بل عجبتُ ويسخرون" وقال: إن الله لا يعجب، فبلغ ذلك إبراهيم النخعي إمام التابعين في زمانه، فقال: إنما شريح شاعر يعجبه علمه، كان عبد الله أعلم منه أو قال: أفقه منه ـ وكان يقرأ:" بل عجبتُ" فأنكر على شريح إنكاره، مع أن شريحاً هذا من أعظم الناس قدراً عند المسلمين ولكنه لما أخطأ رد عليه خطأه ...
- والعجب والملل والضحك والرحمة الغضب والرضى والإتيان والمجيئ والنزول كلها أفعال جاءت بإثباتها نصوص الكتاب والسنة، فبأي حجة لمسلم أن يقول بأنها لا تجوز على الله ؟!
- والفرق بين الفعل والصفة مع استوائهما في النسبة لله تبارك وتعالى أن الصفة لا تفارق ذاته سبحانه فهي من لوازمها لاتنفك عنه أزلاً وأبداً ،أما الفعل فهو متعلق بمشيئته وإرادته جل وعلا، يفعل ما يشاء كيف يشاء يضحك متى شاء وينزل متى شاء ويغضب متى شاء ،فعله كما يليق به ليس كفعل خلقه ،لا يُسأل عن فعله وهم يُسألون ،ولذلك فلا يُطلَق الوصف به بخلاف الصفة وإنما يثبت مقيداً حيث أثبته الله سبحانه وتعالى فلا يقال :إن من صفاته سبحانه المكر هكذا مطلقاً ، ولا يشتق من فعله اسماً له فيقال بأنه سبحانه ماكر ،بل يقال : يمكر بالكافرين الماكرين ،ولا يقال أن الله سبحانه يوصف بالغضب هكذا مطلقاً فيقال غاضب ،وإنما يقال يغضب على الكافرين وهكذا في جميع أفعاله التي أخبرنا أنه يقوم به فنثبتها حيث أثبتها سبحانه ،ونقف على ذلك حيث وقف ،فإن ذلك هو الكمال له في هذه الصفة ،وصفاته سبحانه كلها كمال وأسماؤه كلها حسنى وهو سبحانه ذو الجلال والإكرام ، فنقول إن الله يرضى على المؤمنين ، ويسخط على الكافرين ويحب المتقين ويمكر بالماكرين فنثبت ما جاء في الكتاب والسنة على وجهه لا نزيد ولا ننقص ، فالغضب على الكافرين كمال لكن الغضب على المؤمنين المطيعين نقص وحب المؤمنين كمال وحب الكافرين والمجرمين نقص ،وهكذا فلا تثبت هذه الأفعال إلا حيث جاءت ،فهذه جميعها من أفعاله سبحانه لا من صفاته ،وأفعاله تتعلق بمشيئته وإرادته وتصدر عن علمه سبحانه وحكمته ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" عليكم بما تطيقون، فوالله ؛ لا يمل الله حتى تملوا" كما في الصحيحين ، فنثبت ذلك كما أثبته رسوله وكما يليق به جل وعلا ،دون التعرض لحقيقة الملل وكيفيته فإن الكيف مما لا يعقل ونفهم كما يفهم عامة الناس من ظاهر هذا الخطاب أن الله سبحانه يترك ثواب عبده عندما يترك عبده العمل ولذا أرشدهم للاقتصاد في العبادة وفعل ما يطيقون من العمل فإن هذا أدعى لهم في الاستمرار فيه ، فهذا ما يدل عليه ظاهر الخبر وما يفهمه عامة الناس ولو سألت أبسط الناس عن معنى هذا الحديث لم يخرج عما ذكرته، ولن يدخل في معمعمات الأشاعرة ولا تعقيدات أهل الكلام في أن الملل هو الضجر والكراهة وأن هذا لا يجوز على الله وأنه يجب تأويل هذا اللفظ لأنه تجسيم وتشبيه .. كل هذا لا يخطر على بال سليمي العقل سويي الفطرة ...
- فإن قال قائل كيف تثبت الملل لله وهو وصف نقص عند المخلوق ، نقول ليس مقياس الكمال والنقص ما يثبت في حق المخلوق فكم من صفة كمال للمخلوق قد تنزه عنه الله سبحانه وتعالى كما في نسبة الولد له ، فإنه من كمال المخلوق ومع ذلك فهو نقص للخالق نزه سبحانه نفسه [/SIZE][/FONT]عنه فقال "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد "، فالذي ينفي الصفة بناء على أن هذا نقص عند المخلوق فهو المشبه حيث حمل الصفة التي اثبتها الله لنفسه أو أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم على الصفة نفسها التي لدى المخلوق ففهم منها ما يفهمه من صفة المخلوق ثم أخذ ينفيها وينزه اللهعنها فيقال له إنما أُتيت من قبل عقلك ! لأنا لا نثبت صفات الرب سبحانه على الكيفية التي عند المخلوق ،بل نثبتها له جل وعلا على ما يليق به ، فنثبت كما أثبت ونعتقد كما أخبر أنه ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ..
فإن قال : أخبرني إذن عن الملل ما معناه في قوله رسوله صلى الله عليه وسلم وما مراده به ، نقول أما حقيقته وكيفيته فالله أعلم به ، فالكيف عنا مرفوع والحقيقة مغيبة ،أما موجبه الذي نفهمه من ظاهره فهو أن الله لا يدع قبول عمل عبده وثوابه عليه حتى يدع العبد العمل ،هذا هو ظاهر الحديث وسياقه ...
فإن قال : هذا تأويل !!!
قلنا له : هذا ليس بتأويل بل هو ظاهر السياق ومعناه فهو تفسير لا تأويل ،وإنما منعنا من تفسيره بالحد واللفظ المرادف أن ذلك يستدعي ذكر الكيفيه والحقيقه وقاعدة أهل السنة وسلف الأمة في ذلك هي ما قالها الإمام مالك رحمه الله ( الاستواء معلوم والكيف مجهول) فهذه قاعدة في جميع ما جاء في الكتاب والسنة من نصوص الصفات فلا نتعرض للكيفية والحقيقة لأن هذا غيب لا يعرف ، وقولك في معنى الملل هو الشعور بالضجر والاستثقال والكراهة ،فهذا هو حقيقة الملل وكيفيته عند المخلوق وهذا ليس معنى الملل ، ونحن لا نفسر الصفة بما عند المخلوق بل نفسرها بما يليق به سبحانه، فلما كان ذلك كذلك علم أن هذا منفي عن الخالق سبحانه ضرورة ...
والفرق بين هذا وبين التأويل هو :
1- أن التأويل يبطل ظاهر النص ويجعله من التشبيه والتجسيم ،وأهل السنة تثبته
النص على ظاهره الائق به سبحانه .
2-أن التأويل ينفي الصفة أساساً، ويخترع محلها ما يزعم أنه تليق به سبحانه فيقول اليد معناها القدرة أو النعمة فإذا قلت له هل تثبت صفة اليد قال : لا ،، وكذلك هناإذا سألت المؤول : هي تثبت ظاهر النص وتقول :أن الله لا يمل حتى تملوا قال : لا ،، لأنه لا يجوز
على الله !!!
- أما التفسير فهو فهم الظاهر من السياق دون نفي الصفة أو تأويلها فهو تعريف لا ينفي أصل الصفة ،بل يثبتها ويشرح معناها بلوازمها وما يدل عليها ،إن لم يكن لها ما يرادفها من الألفاظ ،وإذا كان من بيان المعنى يستدعي ذكر الكيفية ، وهذه مسألة مهمة جداً ، يشغب بها كثيراً على أهل السنة ، فيقولون أنتم إذن توافقوننا على التأويل ،وهذا خطأ ! فإن التأويل ينفي الصفة ابتداءً وينفي الظاهر ابتداءً والتفسير لا ينفي شيئاً من ذلك وإنما نفى هؤلاء ما يظنونه أنه من الظاهر وهم مبطلون في ذلك مخطئون .....

- ففي هذا الحديث نقول كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم عن ربه إن الله لا يمل من إثابه عبده على عمله حتى يدع العبد هذا العمل ،ولذلك أرشدنا صلى الله عليه وسلم أن نكلف من العمل ما نطيق كي لا نمل فندع العمل فيقطع الرب سبحانه ثوابه عنا ،وقيل غير ذلك من التفاسير ،وكلها لا تنفي عنه ما جاء في الحديث بل تثبته وتفسره على ظاهره دون أن تستدعي معناه عند المخلوق بل تثبته على ما يليق به سبحانه ...

والله أعلم
[/B]